جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 63)

مسألة هامّة :

هناك حقيقة مشهودة وأمر ملموس في القرآن الكريم يكتشفه المتدبّر في آياته ، وهي أنّ لهذا الكتاب السماوي بدايةً وجذراً أصيلاً ومنبعاً واحداً ، وأنّ الآيات الكريمة تترى الواحدة تلو الاُخرى باتجاه هدف معيّن ، وتعود لتصبّ في مصبّ واحد ، بحيث يبتني منهج الاستدلال وكيفيّته ـ إلى حدّ ما ـ في كلّ آية على الآية التي سبقتها .
يبدأ كتاب الله العظيم ، القرآن الكريم بسورة الحمد ، التي تعرف بـ «فاتحة الكتاب» ، وهذا العنوان يكشف عن أنّ للقرآن بداية ونهاية ، وإذا لم يكن تدوين القرآن وجمعه قد تمّ على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)فلا محلّ ولا معنى لإطلاق هذه الصفة على سورة الحمد ـ التي احتلّت في عملية التدوين بداية هذا الكتاب السماوي ـ وأن يذكرها النبيّ(صلى الله عليه وآله)بهذا العنوان «الفاتحة» .
ولعلّ السرّ في البدء بهذه السورة وافتتاح القرآن بها أنّها تمثِّل فهرساً وقائمةً مركزةً ومختصرةً لمطالب ورسالة القرآن الكريم .
فالقرآن الكريم بصدد رسالتين أساسيّتين في طريق هداية البشرية وسعادتها: «الإيمان بالله والإقرار بالمعاد ويوم الجزاء» وتأتي قصص الأنبياء في القرآن مثلاً لتحكي وتبيّن ردود فعل الاُمم السابقة ، وكيف أنّ الرقي الإنساني والسعادة والنعم الربانية كانت قرينة الاستجابة لدعوات الأنبياء والإيمان بهم ، وأنّ التعاسة والشقاء والانحطاط كان حليف الكفر وإنكار الرسالات والنبوّات ، وإنّ سورة الحمد تضمّ خلاصة مواضيع أساسية من هذا القبيل ، وتشكّل عصارة الأهداف المقدّسة للقرآن الكريم .

(الصفحة 64)

ولمّا كانت هذه السورة فهرساً لمواضيع الكتاب ، وتمثّل أبرع مستهلّ ، حقّ أن تكون لها الصدارة وأن يبدأ بها الكتاب ، ولا يمكن فرض احتمال أن يكون ذلك من قبيل الصدفة ، ودون إرشاد ممّن اُرسل بالكتاب الكريم صلوات الله عليه وآله ، إذ هو الوحيد الذي يمكنه الوقوف على جميع أسرار هذا السفر المقدّس ورموزه الغيبية ، ونترك متابعة البحث في هذا الموضوع لمقام آخر .

الدليل الأوّل

الدليل الأوّل على أنّ القرآن الكريم جُمع واُلّف على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)عموم الأحاديث النبويّة الشريفة ، التي أرجعت المسلمين إلى القرآن ، مثل حديث الثقلين ، والأحاديث التي أرشدت المسلمين وطالبتهم بعرض ما يُنسب لرسول الله(صلى الله عليه وآله) على القرآن ، ودلالتها على وجود كتاب محدّد يحوي بين دفتيه ما أنزل من القرآن الكريم ، هناك روايات يرتكز ظهورها في خصوص تأليف القرآن وجمعه ووجوده على عهد رسول  الله(صلى الله عليه وآله) .
منها: ما نقله صاحب تفسير «البيان»(1):
روى الطبراني وابن عساكر عن الشعبي قال: جمع القرآن على
عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)
ستّة من الأنصار: اُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت
  • (1) المرحوم آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي .

(الصفحة 65)

ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبادة وأبو زيد(1) . وروى قتادة قال: سألت أنس بن مالك: مَنْ جمع القرآن على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؟ قال: أربعة كلّهم من الأنصار: اُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد (2) . وأخرج النسائي بسند صحيح عن عبدالله بن عمر قال: جمعت القرآن فقرأت به كلّ ليلة ، فبلغ النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقال: اِقرأه في شهر(3) . ويذهب مؤلّف البيان ، استناداً لهذه النصوص إلى أنّ القرآن جُمع في عصر النبيّ(صلى الله عليه وآله)  ، وللمزيد من التفاصيل يُراجع هذا الكتاب(4) .
ويظهر من مفاد بعض الروايات أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) كان يحدّد لكتّاب الوحي موضع ومكان كلّ آية بعد نزولها ، ويعيّن ترتيبها في السور وبين الآيات ، فقد ورد في تفسير الدرّ المنثور: أخرج أحمد ، عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) جالساً إذ شَخَصَ بصرُه ثمّ صوّبه حتّى كاد أن يلزقه بالأرض . قال: ثمّ شخص ببصره فقال: أتاني جبريل(عليه السلام) فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} إلى قوله{تَذَكَّرُونَ}(5) ، وروى جماعة ، منهم: أحمد والترمذي والنسائي وابن حبّان والحاكم والبيهقي عن ابن
  • (1) المعجم الكبير للطبراني 2 : 261 ح2092 ، كنز العمّال 2: 589 ح4797 .
  • (2) صحيح البخاري 6: 125 ، باب القرّاء من أصحاب النبيّ ح5003 .
  • (3) الإتقان (للسيوطي) النوع 20 ج1 : 72 ، لم نجده في سنن النسائي ، بل وجدناه في حلية الأولياء 1: 285 .
  • (4) البيان في تفسير القرآن: 269 .
  • (5) المسند لأحمد بن حنبل 6: 272 ح17940 ، الدرّ المنثور 4: 128 ، الميزان في تفسير القرآن 12: 349 .

(الصفحة 66)

عبّاس أنّ عثمان قال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان ممّا يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذوات العدد ، وكان إذا نزل عليه شيء يدعو بعض من يكتب عنده ، فيقول: ضعوا هذا في السورة التي يُذكر فيها كذا وكذا(1) .
يتّضح من هذين الحديثين أنّ القرآن في عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) كان على شكل سور ، والسورة عبارة عن مجموعة متتالية من الآيات تبدأ بـ «بسم الله» وتمضي على ترتيب معيّن ، ويتّضح أيضاً أنّ الآيات المختلفة النازلة في مختلف السور إنّما أخذت مواقعها الخاصّة ، بناءً على أوامر من رسول الله(صلى الله عليه وآله) عيّن فيها هذه المواقع وحدّدها . وعلى هذا فإنّ تحديد السور ومواضع الآيات وترتيبها كان ممّا تمّ واُنجز على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهذان الأمران يشيران إلى أنّ تدوين الكتاب تمّ بإشراف النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعلمه .
أضف إلى ذلك أنّ التاريخ والروايات تؤكّد أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) كان يتلو في صلواته سوراً معيّنةً ، ممّا يعني أنّ هذه السور كانت قد أخذت شكلها وإطارها الذي تحدّدت فيه بدايتها ونهايتها وتتالي الآيات فيها ، ويؤيّد ذلك الأحاديث المرويّة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في فضيلة قراءة السور(2) ، بل إنّ القرآن الكريم ذاته يذكر أحياناً هذا العنوان «سورة» كقوله تعالى: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا}(3) والمقصود بها سورة النور ، وفي معرض التحدّي
  • (1) كنز العمّال 2: 579 ح4770 ، البيان في تفسير القرآن: 268 .
  • (2) راجع بحار الأنوار ج92  .
  • (3) النور : 1  .

(الصفحة 67)

والإعجاز يقول عزّ من قائل: {فَأْتُوا بِسُورَة مِنْ مِثْلِهِ}(1) أو {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَر مِثْلِهِ}(2) فإن لم تكن «السورة» معيّنة وآياتها وبدايتها ونهايتها محدّدة ومشخّصة ، وكانت آيات مبعثرة على جريد النخل والصحائف واللحف والعسب وصدور الرجال ، كيف صحّ أن يقول القرآن: فأتوا بسورة من مثله ، أو عشر سور مثله؟
وهناك شواهد كثيرة على هذه الحقيقة ، وإذا ما اُمعن النظر في الروايات وأقوال كبار المحقّقين لتبدّدت جميع الشكوك ، وقُطع بأنّ هذا القرآن الموجود بين أيدينا اليوم هو ذاته المصحف الذي جمعه رسول الله(صلى الله عليه وآله) وألّف بين آياته وسوره ، وكمثال على هذه الشواهد ننقل كلام أحد أعاظم الشيعة ، السيد المرتضى علم الهدى أعلى الله مقامه .
ينقل الشيخ الطبرسي ـ وهو من أجلّة علماء الإمامية في القرن السادس الهجري ـ في مقدّمة تفسيره «مجمع البيان» وهو من التفاسير الشيعيّة القيّمة ، عن السيّد الأجلّ علم الهدى مقالة في جمع القرآن وتدوينه ، وذكر أنّ المقالة جاءت في جوابه المعروف عن «المسائل الطرابلسيات» ، ونحن نذكر منه هنا مقدار الحاجة ممّا يتعلّق بموضوعنا فقال: «إنّ القرآن ـ الموجود بين ظهرانينا اليوم هو نفسه القرآن الذي ـ كان على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) مجموعاً مؤلّفاً على ما هو عليه الآن ، ودليل ذلك أنّه كان يدرس ويُحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتّى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنّه كان يعرض
  • (1) البقرة : 23  .
  • (2) هود : 13  .