جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 31)

ذلك المستوى من الوثاقة بحيث ضحّى الرجل بنفسه وبلغ الشهادة في سبيل الدفاع عن أمير المؤمنين(عليه السلام)اعتماداً على حديث نقلته رضوان الله عليها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حقّ عليّ(عليه السلام)وفضله؟

موقف ابن عبّاس :

لمّا هزم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) أصحاب الجمل بعث عبدالله بن عبّاس إلى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلّة العرجة .
قال ابن عبّاس: «فأتيتها وهي في قصر بني خلف في جانب البصرة ، فطلبت الإذن عليها فلم تأذن ، فدخلت عليها من غير إذنها ، فإذا بيت قفار لم يعدّ لي فيه مجلس! فإذا هي من وراء سترين فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رحل عليه طنفسة ، فمددت الطنفسة فجلست عليها ، فقالت من وراء الستر: يا ابن عبّاس أخطأت السنّة! دخلت بيتنا بغير إذننا وجلست على متاعنا بغير إذننا ، فقال ابن عبّاس(رحمه الله): نحن أولى بالسنّة منك ، ونحن علّمناك السنّة وإنّما بيتك الذي خلّفك فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) فخرجت منه ظالمة لنفسك غاشية لدينك عاتبة على ربّك عاصية لرسول الله(صلى الله عليه وآله) فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلاّ بإذنك ، ولم نجلس على متاعك إلاّ بأمرك . . .»(1) .
إنّ قول ابن عبّاس هذا ـ وهو حبر الأمّة ومفسِّر القرآن ـ يبيّن أنّ الآيات الواردة في نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) حظرت عليهنّ التدخّل في القضايا
  • (1) اختيار معرفة الرجال ، المعروف برجال الكشي: 57 ـ 58 الرقم 108 ، قاموس الرجال 6 : 419 ـ 420 ، بحار الأنوار 32: 269 ح210  .

(الصفحة 32)

السياسية ، وأنهنّ يفقدن اعتبارهنّ بل ويفقدن حتّى ما للمرأة المسلمة العادية من احترام إذا ما تخلّفن عن الالتزام بهذه الآيات والأحكام .
كانت هذه نماذج من فهم وانتزاع وعمل بعض رموز الطبقة الاُولى من شخصيات الإسلام حول آيات نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ذكرناها على سبيل المثال لا الحصر توخّياً للاختصار وحذراً من الإطالة .

المهمّة والدور الآخر :

سبق أنْ بيّنا أنّ ممّا أرادته آية التطهير هو إناطة دور ومهمّة خاصّة بأهل البيت(عليهم السلام) ، مهمّة تتطلّب الطهارة والنزاهة في أعلى سطوحها وأرفع مستوياتها ، وسنرى أنّ هذه المهمّة ليست إلاّ إمامة المسلمين وقيادتهم بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)  ، هذا ما صرّح به أهل البيت(عليهم السلام)مراراً وتكراراً ، وهنا سنذكر بعض النماذج التي ذكر فيها أئمّة الحقّ والهدى آية التطهير في معرض استدلالهم على حقّهم فيما تناولوه وتصدّوا له من مناظرات ومحاججات حول الخلافة:

1 ـ في سقيفة بني ساعدة:

بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله) تنازع المهاجرون والأنصار ، وكان أوّل من تجمّع في السقيفة عدّة من الأنصار من الذين نهضوا بنصرة رسول الله(صلى الله عليه وآله)عند هجرته إلى المدينة ، وكان سعد بن عبادة أكثرهم سعياً لتولّي الخلافة والاستحواذ عليها ، ولكن أبا بكر وعمر لم يدّخرا
(الصفحة 33)

وسعاً في إيصال أنفسهما سريعاً إلى السقيفة(1) حتّى لا تذهب جهود سنين متمادية قضياها في التخطيط والعمل لهذا اليوم ، تذهب أدراج الرياح باستباق الأنصار! وفي ذلك الجمع الغاصّ والمحفل الملتهب والأجواء المضطربة بدأ أبو بكر الكلام فخطب ، وكان آخر ما اقترحه أن تكون الإمرة للمهاجرين والوزارة للأنصار ، ولكن اقتراحه هذا سقط بمعارضة حبّاب بن منذر الذي كان من زعماء الأنصار ، وكاد الأمر أن يتمّ على هوى سعد بن عبادة ووفقاً لمراده ، لولا تدخّل ابن عمّه بشير بن سعد الخزرجي في موقف مفاجئ رجّح فيه أن تكون الزعامة للمهاجرين ، وأن يوكل الأمر إلى أحد رؤوس قريش ، ولم يكن بشير هذا على ما يرام مع ابن عمّه سعد ، وما كان موقفه يخلو من دواعي المنافسة والحسد له ، وبعد جدل ومناظرة وخبط ولغو امتدّ طويلاً ووسط غوغاء وفوضى ومعارضة هذا وذاك خُلعت الخلافة على أبي بكر . . .
طرب عمر لهذا الحدث وانتشى ، ورأى أنّ أحلامه السعيدة في طريقها للتحقّق من خلاله ، وأنّه سيكون فارس الميدان وله فرس السبق في الساحة الإسلامية ، ولكن في الوقت نفسه كان هاجس عليّ(عليه السلام)يقضّ مضجعه ، ترى هل يشمّر ابن أبي طالب(عليه السلام) عن ساعده ويطالب بحقّه؟ وحسماً لهذا القلق عمد إلى دار عليّ(عليه السلام) واقتاده إلى أبي بكر(2) ، فامتنع
  • (1) اُنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 : 7  .
  • (2) هذا قول ابن أبي الحديد ، والكلام ليس في معرض البحث حول بتر التاريخ وتحريفه ، وإلاّ فالمقام ملي بما ينبغي بيانه حول هذه الواقعة الأليمة . . .

(الصفحة 34)

عليّ(عليه السلام) عن البيعة وأصرّ على امتناعه ، ولم يكن عمر ليخلّي سبيل أمير المؤمنين(عليه السلام) ، فما كان من شبل ابن أبي طالب(عليه السلام) إلاّ أن فجّرها في وجهه: «احلب يا عمر حلباً لك شطره! اشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غداً ، ألا والله لا أقبل قولك ولا اُبايعه»(1) .
وهنا نعق المرتزق الأجير أبو عبيدة ، ولم يكن يملك من دليل لدفع الخلافة عن أمير المؤمنين(عليه السلام) إلاّ حداثة سنّه! وفي ردّ هذه الأباطيل والترّهات نهض أمير المؤمنين(عليه السلام) باحتجاجه القاصم ، وكان ممّا استدلّ به آية التطهير ، وهذا نصّ حديثه صلوات الله عليه: «يا معشر المهاجرين ، الله الله ، لا تُخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقّه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحنُ أهلَ البيت أحقُّ بهذا الأمر منكم . أما كان منّا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بالسنّة ، المضطلع بأمر الرعية ، والله إنّه لفينا ، فلا تتّبعوا الهوى فتزدادوا من الحقّ بُعداً» فقال بشير بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعَتْه منك الأنصار يا عليّ قبل بيعتهم لأبي بكر ، ما اختلف عليك اثنان ، ولكنّهم قد بايعوا(2) .

إلتفاتة أدبية :

يرتكز الاستدلال هنا على نقطة أدبية لطيفة جاءت في كلام أمير المؤمنين(عليه السلام) ، إذ يقول سلام الله عليه: «نحنُ أحقُّ بهذا الأمر» وهي جملة
  • (1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 : 11  .
  • (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 : 12  .

(الصفحة 35)

اسمية ذات مبتدأ وخبر تخلّلتهما عبارة «أهل البيت» وقد وردت في حديث أمير المؤمنين(عليه السلام) بفتح «أهلَ» على ما ورد في نقل ابن أبي الحديد ، خلافاً للقاعدة النحوية التي توجب رفع «أهل» على البدلية ، وهذا ممّا يدلّ على الاختصاص وإشارتها للآية الكريمة {لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ . . .} كما جاءت في الآية منصوبة للاختصاص ، من قبيل قوله «نحن معاشرَ الأنبياء . . .»(1) حيث جاءت «معاشرَ» منصوبة للاختصاص وإفادة الحصر .
من هنا يصبح معنى قول أمير المؤمنين(عليه السلام) هو: إنّنا أهل البيت ـ  ولا غير ـ أحقّ منكم أيّها المهاجرون بالزعامة والخلافة ، وأنّه ثوب لا يليق إلاّ بنا على نحو الحصر ووجه التعيّن ، كما ذهبت الآية فيما قرّرته من أنّ الطهارة وبالتالي الزعامة محصورة ومختصّة بأهل البيت ، وهكذا نجد أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) وهو في معرض الاستدلال والمحاججة على أحقّيته بالخلافة في ذلك المحفل المُصطنع وأمام ترّهات أبي عبيدة ، يكتفي بالاحتجاج بآية التطهير لإثبات حقّه ، مع المندوحة والسعة وما هو مبذول لديه ومبثوث في أيدي المسلمين من فضائل وكمالات ومرجّحات تشكِّل شهادات وبراهين قاطعة على أعلميته وأعدليّته وأقربيّته من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وبالتالي وجوب وضرورة تقدّمه وتأخّر غيره . . . مع كلّ ذلك نجده سلام الله عليه يكتفي بسوق هذه الآية والاحتجاج بها ، وقد كانت دلالة هذه الآية من الوضوح والتسالم بحيث عقّب بشير بن سعد قائلاً: لو كان هذا الكلام سمعَتْه منك الأنصار يا عليّ
  • (1) بحار الأنوار 67 : 231 ح47  .