جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 61)

البيت وإنكار حقّهم؟!
نعم ، لا ريب في أنّ هدف النبيّ(صلى الله عليه وآله) من جمع تلك الثلّة تحت الكساء وتعقيب ذلك بعبارة «هؤلاء أهل بيتي» كان سلب أيّة صفة وعنوان يفيد التعميم من الآية ، وأنّ زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعموم أقربائه وعشيرته لا نصيب لهم في هذه الآية ولا اختصاص لهم بها ، ومن هنا جاء قول الصادق(عليه السلام): «لو سكت رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولم يبيّن مَنْ أهلُ بيته لادّعاها آل فلان وآل فلان . . .»(1) وهذا ممّا يؤكّد اهتمام النبيّ(صلى الله عليه وآله)وحرصه على حسم هذا الأمر ، فما اكتفى بالقول بل عمد إلى أسلوب مبتكر في تحديد المراد من أهل البيت(عليهم السلام) ، بحيث أخرج اُمّ سلمة ـ صاحبة البيت ـ قولاً وعملاً من ذلك النطاق المقدّس ، وحصره بالخمسة(عليهم السلام) .
7 ـ إنّ آية التطهير تشمل النبيّ(صلى الله عليه وآله) أيضاً ، ورواية أبي الجارود ، عن الإمام الباقر(عليه السلام) وأبي سعيد الخدري ، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)تصرّح بهذا المعنى ، وهذه النقطة ممّا يهمّنا التركيز عليها لدورها في بيان معنى أهل البيت الذي سنتناوله لاحقاً .

2 ـ موقع الآية في التدوين :

هنا سؤال يطرح نفسه ، بعد إثبات إنفصال آية التطهير واستقلاليتها في النزول وشأنه والدلالة وما إلى ذلك ممّا مرّ فيه الحديث ، وهو: لماذا جاء تدوينها في هذا الموضع بالذات ، في ذيل الآية الثالثة
  • (1) الكافي 1: 287 ، البرهان في تفسير القرآن 1: 382 .

(الصفحة 62)

والثلاثين من سورة الأحزاب ؟
قبل الدخول في جواب هذا السؤال والبحث في هذه النكتة الهامّة ، لابدّ من ملاحظة المنهج القرآني والقواعد التي تمّ وفقها تدوين القرآن الكريم وترتيب آياته .

ترتيب الآيات :

ممّا لا شكّ فيه أنّ الصورة الفعلية لنظم القرآن الكريم وتأليفه تمثّل القمّة والكمال المطلوب في هذا المقام ، وهي مطابقة لما أمر به رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأنّه دُوّن وجُمع بهذا الشكل الموجود عليه اليوم في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحياته .
وهناك شواهد كثيرة على هذا المدّعى ، وهو ممّا يقول به كبار العلماء من الشيعة والسنّة ، من قبيل شيخ الطائفة الطوسي ورئيس المحدّثين الشيخ الأقدم الصدوق القمّي والسيّد الجليل علم الهدى وصاحب مجمع البيان ، بل يصدق أنّ جميع القائلين بعدم تحريف القرآن ، الذين يشكّلون الأكثرية المطلقة من العلماء المحقّقين يذعنون لهذا المعنى ، أي أنّ القرآن الكريم جُمع واُلّفت آياته وسوره على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، كما يظهر من بعض استدلالاتهم ، وللوقوف على تفاصيل الموضوع نحيل القارئ إلى كتاب «البيان في تفسير القرآن» وإلى كتابنا «مدخل التفسير في علوم القرآن» . ولإثبات المطلوب نكتفي هنا بذكر مسألة ودليلين:

(الصفحة 63)

مسألة هامّة :

هناك حقيقة مشهودة وأمر ملموس في القرآن الكريم يكتشفه المتدبّر في آياته ، وهي أنّ لهذا الكتاب السماوي بدايةً وجذراً أصيلاً ومنبعاً واحداً ، وأنّ الآيات الكريمة تترى الواحدة تلو الاُخرى باتجاه هدف معيّن ، وتعود لتصبّ في مصبّ واحد ، بحيث يبتني منهج الاستدلال وكيفيّته ـ إلى حدّ ما ـ في كلّ آية على الآية التي سبقتها .
يبدأ كتاب الله العظيم ، القرآن الكريم بسورة الحمد ، التي تعرف بـ «فاتحة الكتاب» ، وهذا العنوان يكشف عن أنّ للقرآن بداية ونهاية ، وإذا لم يكن تدوين القرآن وجمعه قد تمّ على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)فلا محلّ ولا معنى لإطلاق هذه الصفة على سورة الحمد ـ التي احتلّت في عملية التدوين بداية هذا الكتاب السماوي ـ وأن يذكرها النبيّ(صلى الله عليه وآله)بهذا العنوان «الفاتحة» .
ولعلّ السرّ في البدء بهذه السورة وافتتاح القرآن بها أنّها تمثِّل فهرساً وقائمةً مركزةً ومختصرةً لمطالب ورسالة القرآن الكريم .
فالقرآن الكريم بصدد رسالتين أساسيّتين في طريق هداية البشرية وسعادتها: «الإيمان بالله والإقرار بالمعاد ويوم الجزاء» وتأتي قصص الأنبياء في القرآن مثلاً لتحكي وتبيّن ردود فعل الاُمم السابقة ، وكيف أنّ الرقي الإنساني والسعادة والنعم الربانية كانت قرينة الاستجابة لدعوات الأنبياء والإيمان بهم ، وأنّ التعاسة والشقاء والانحطاط كان حليف الكفر وإنكار الرسالات والنبوّات ، وإنّ سورة الحمد تضمّ خلاصة مواضيع أساسية من هذا القبيل ، وتشكّل عصارة الأهداف المقدّسة للقرآن الكريم .

(الصفحة 64)

ولمّا كانت هذه السورة فهرساً لمواضيع الكتاب ، وتمثّل أبرع مستهلّ ، حقّ أن تكون لها الصدارة وأن يبدأ بها الكتاب ، ولا يمكن فرض احتمال أن يكون ذلك من قبيل الصدفة ، ودون إرشاد ممّن اُرسل بالكتاب الكريم صلوات الله عليه وآله ، إذ هو الوحيد الذي يمكنه الوقوف على جميع أسرار هذا السفر المقدّس ورموزه الغيبية ، ونترك متابعة البحث في هذا الموضوع لمقام آخر .

الدليل الأوّل

الدليل الأوّل على أنّ القرآن الكريم جُمع واُلّف على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)عموم الأحاديث النبويّة الشريفة ، التي أرجعت المسلمين إلى القرآن ، مثل حديث الثقلين ، والأحاديث التي أرشدت المسلمين وطالبتهم بعرض ما يُنسب لرسول الله(صلى الله عليه وآله) على القرآن ، ودلالتها على وجود كتاب محدّد يحوي بين دفتيه ما أنزل من القرآن الكريم ، هناك روايات يرتكز ظهورها في خصوص تأليف القرآن وجمعه ووجوده على عهد رسول  الله(صلى الله عليه وآله) .
منها: ما نقله صاحب تفسير «البيان»(1):
روى الطبراني وابن عساكر عن الشعبي قال: جمع القرآن على
عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)
ستّة من الأنصار: اُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت
  • (1) المرحوم آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي .

(الصفحة 65)

ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبادة وأبو زيد(1) . وروى قتادة قال: سألت أنس بن مالك: مَنْ جمع القرآن على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؟ قال: أربعة كلّهم من الأنصار: اُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد (2) . وأخرج النسائي بسند صحيح عن عبدالله بن عمر قال: جمعت القرآن فقرأت به كلّ ليلة ، فبلغ النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقال: اِقرأه في شهر(3) . ويذهب مؤلّف البيان ، استناداً لهذه النصوص إلى أنّ القرآن جُمع في عصر النبيّ(صلى الله عليه وآله)  ، وللمزيد من التفاصيل يُراجع هذا الكتاب(4) .
ويظهر من مفاد بعض الروايات أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) كان يحدّد لكتّاب الوحي موضع ومكان كلّ آية بعد نزولها ، ويعيّن ترتيبها في السور وبين الآيات ، فقد ورد في تفسير الدرّ المنثور: أخرج أحمد ، عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) جالساً إذ شَخَصَ بصرُه ثمّ صوّبه حتّى كاد أن يلزقه بالأرض . قال: ثمّ شخص ببصره فقال: أتاني جبريل(عليه السلام) فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} إلى قوله{تَذَكَّرُونَ}(5) ، وروى جماعة ، منهم: أحمد والترمذي والنسائي وابن حبّان والحاكم والبيهقي عن ابن
  • (1) المعجم الكبير للطبراني 2 : 261 ح2092 ، كنز العمّال 2: 589 ح4797 .
  • (2) صحيح البخاري 6: 125 ، باب القرّاء من أصحاب النبيّ ح5003 .
  • (3) الإتقان (للسيوطي) النوع 20 ج1 : 72 ، لم نجده في سنن النسائي ، بل وجدناه في حلية الأولياء 1: 285 .
  • (4) البيان في تفسير القرآن: 269 .
  • (5) المسند لأحمد بن حنبل 6: 272 ح17940 ، الدرّ المنثور 4: 128 ، الميزان في تفسير القرآن 12: 349 .