جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 91)

النكتة الثالثة:



المقصود من الإرادة



في قوله تعالى : {إنّما يريد الله  . . .}

في هذا الفصل سنتناول دراسة معنى «الإرادة» والمقصود منها في الآية الشريفة ، وسنعرض في البداية لتوضيح معنى الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية ، ثمّ نبحث هل جاء في القرآن الكريم نوعا الإرادة هذان أم لا؟

الإرادة التكوينية

الإرادة التكوينية ـ كما هو ظاهر من اسمها ـ عبارة عن حقيقة الإرادة والحمل الشائع لها(1) ، بمعنى أنّ ذات الباري سبحانه وتعالى أو الفاعل المريد من البشر له إرادة واقعية على إنجاز عمل ما .
فالشخص له إرادة لتناول الطعام ، ومنشأ هذه الإرادة هو تصوّر الشيء المراد والتصديق بالفائدة والنتيجة ، ووجود الميل والرغبة ثمّ النيّة
  • (1) الشائع الصناعي: أي المتعارف في المحاورات والعلوم والصناعات ، مثل «الإنسان كاتب» ويكون عند اتحاد الموضوع والمحمول في المصداق وتغايرهما من جهة المفهوم ، ويقابله الحمل الذاتي الأوّلي: فالاتحاد بين الموضوع والمحمول في المفهوم ، لكن المغايرة اعتبارية كالإجمال والتفصيل ونحوه ، مثل «الإنسان حيوان ناطق» . . .

(الصفحة 92)

والعزم ، وبعد ذلك الاندفاع وإرادة الشيء . فهو عندما تخطر في ذهنه فكرة تناول الطعام يستحضر فائدة هذا العمل ، من شبع أو لذّة أو غرض صحيّ وطبّي ، ثمّ يصدّق على صحّة ذلك أي يتحقّق من سلامة الفكرة ، وتأتي النيّة والعزم على إثر هذه الرغبة النفسية ، وحينما تبلغ الرغبة قمّتها ويصل الشوق(1) مداه فهو «يريد» الأكل . فـ «الإرادة» أمر يظهر بعد المقدّمات الخمسة المذكورة التي بعضها جزء من المبادئ التصوّرية ، والبعض الآخر هو جزء الغايات .
وحقيقة هذه الإرادة التكوينية أمر ممكن على الباري تعالى(2) ، ومن صفات تلك الذات المقدّسة . ونقول: إنّ الله مريد ، ولكن لا على تلك المقدّمات التي ابتنت عليها إرادة البشر ، إذ يلزم ترتّب الإرادة الإلهية على تلك المقدّمات إنفعال ذاته المقدّسة وتأثّرها ، وهو ممّا مردّه إلى النقص تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ، ولكن حقيقة الإرادة التي هي عين العلم وعين الذات ـ على حدّ تعبير المحقّقين ـ فهي من صفات ذاته المقدّسة .

  • (1) وقد يتعلّق الشوق بنتيجة الفعل لا به ، كما في تناول الدواء المرّ جدّاً أو في تحمّل عملية جراحية خطرة .
  • (2) ذكر العلاّمة الطباطبائي في نهاية الحكمة ص361 : «وقد تحقّق أنّ كلّ كمال وجودي في الوجود فإنّه موجود للواجب تعالى في حدّ ذاته ، فهو (تعالى) عين القدرة الواجبية ، لكن لا سبيل لتطرّق الشوق عليه ، لكونه كيفية نفسانية تلازم الفقد ، والفقد يلازم النقص ، وهو تعالى منزّه عن كلّ نقص وعدم . (ثمّ يقول): وكذلك الإرادة التي هي كيفية نفسانية غير العلم والشوق ، فإنّها ماهية ممكنة والواجب تعالى منزّه عن الماهية والإمكان» .

(الصفحة 93)

وفي الإرادة التكوينية تتعلّق الإرادة بفعل المريد والطالب نفسه لا الغير ، فالله يريد خلق العالم ، أو إحداث زلزال ، أو إفاضة الوجود على إنسان . والشخص يريد أن يأكل ، أو يمشي ، أو يتعلّم أو . . . ولكن هناك تفاوت بين إرادة الله وإرادة الإنسان ، ففي الإرادة الأزليّة للبارئ تعالى لا يتخلّف المُراد عن الإرادة ، ولابدّ من تحقّق كلّ ما أراده المريد ، أمّا في الإنسان فالإرادة والمراد قابلة للتفكيك ، وقد يتخلّف المراد عن الإرادة ولا يتحقّق لعلّة ما .

الإرادة التشريعية

الإرادة التشريعيّة هي إرادة شخص إنجاز عمل ما وفقاً لرضاه واختياره ، كأن يريد الأب من ابنه أن يدرس ، وحتّى يبلغ هذا الأمر مرحلة التطبيق والتنفيذ ، فإنّه يطوي مقدّمات ، فالأب تحكمه رغبة وشوق مؤكّد لأن ينشغل ابنه بالدرس ، أو يعيش هاجس المحافظة على ابنه من التسكع واللهو وبالتالي الفساد ، وصنع مستقلّ جيّد له ، هذه الرغبة تدفعه لإصدار أمر الانشغال بالدراسة والنهي عن التسكع واللهو المنجرّ إلى الفساد .
هذه الرغبة الملحّة وهذا الشوق المؤكَّد الذي يستتبعه الأمر والنهي هو الإرادة التشريعية ، وفي ضوء الدراسة التي تمّت حول الإرادة التكوينية للباري تعالى نقول: إنّ الإرادة التشريعية لله سبحانه هي الأوامر والنواهي الشرعية .

(الصفحة 94)

الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية في القرآن الكريم

نلمح في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تضمّنت الإرادتين ، نستعرض بعضها باختصار ، ونذكر أوّلاً بعض التي تشير إلى الإرادة التكوينية:
1 ـ {إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}(1) . والإرادة في لفظة «يريد» في الآية الكريمة من قبيل الإرادة التكوينية ، والمعنى أنّ إرادة الباري غير قابلة للتخلّف ، وأنّ كلّ ما يريده الله سبحانه وتعالى متحقّق لا محالة .
2 ـ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(2) . وهذه الآية في غاية الوضوح على الإرادة التكوينية ، وكيف أنّ الشيء يرتدي حلّة الوجود ، والمراد يكتسب نور التحقّق بمجرّد توجّه العناية والرغبة الربّانية إليه .
3 ـ { . . . إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}(3) ، {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}(4) . وجملة «فعّال لما يريد» من مصاديق الإشارة إلى الإرادة الربانية التكوينية ، إذ بمجرّد انبعاثها يتحقّق المراد ، وما يريده الباري فهو ما سيقع ويتحقّق .
كانت هذه نماذج من آيات مستفيضة تشير إلى وجود إرادة لله سبحانه ، وأنّ هذه الإرادة مُنجزّة ومُتحقّقة قطعاً .

  • (1) الحج : 14  .
  • (2) يس : 82  .
  • (3) هود : 107  .
  • (4) البروج : 15 ـ 16  .

(الصفحة 95)

ومن الآيات التي تتضمّن وجود إرادة تكوينية للإنسان وإمكان تخلّف المراد عن الإرادة في هذه الحالة ، نذكر جملة منها:
1 ـ {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(1) .
2 ـ {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}(2) .
وفي هذه الآيات يتّضح معنى أنّ الإرادة التكوينية للبشر ورغبتهم لا تتحقّق دائماً ، وبطبيعة الحال فهي ليست نافذة بالضرورة ، ويستفاد كذلك من هذه الآيات أنّ هذه الإرادة البشرية محكومة ومقهورة بالإرادة الأزلية للباري تعالى ، وعندما تصطدم وتتعارض الإرادتان ، فإنّ ما يريده الله هو ما سيجري ويتحقّق لا ما يريده الناس .

أمّا الآيات التي تشير إلى الإرادة التشريعية ، فمنها:

1 ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج
  • (1) الصفّ : 8  .
  • (2) المائدة : 37  .