جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 17)

النكتة الاُولى:



علاقة الآية بزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله)

لا ريب في أنّ هذه الآيات نزلت في المدينة; لأنّ جميع آيات سورة الأحزاب مدنية ، خصوصاً الآيات التي كانت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)هنّ المخاطب فيها; لأنّهنّ إنّما دخلن في عصمة النبيّ(صلى الله عليه وآله)وأصبحن أزواجه في المدينة .
إذن ثمّة ظنّ قويّ هنا بأنّ الآية نزلت في أواخر حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله)حين كان(صلى الله عليه وآله) ذا أزواج عديدة ، الأمر الذي اتّفق للنبيّ(صلى الله عليه وآله) في أواخر أيّامه ، وعلى القاعدة فإنّ جميعهنّ أو أكثرهنّ بقين في عصمته ، ثمّ حظيت وتشرّفت كلّ واحدة منهنّ بعد وفاته بلقب «أمّ المؤمنين» .
من الواضح أنّ هذه الآيات التي تخاطب الزوجات لقضية هامّة وتوجّه إليهنّ نصائح قيّمة ، وتذكّرهنّ باُمور مفيدة ، تريد رسم منهج تربوي خاصّ لهذه النسوة يحصّنهنّ من الإضرار بالإسلام والمسلمين ، لما يمكن أن يؤدّينه من دور في مستقبل الإسلام بعد رحيل النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ولما يحتمل أن يؤثّر فيهنّ من عناصر التخريب في ظلّ الاعتداد والتمتّع بلقب «أمّ المؤمنين» ، فيُضللن الاُمّة التي لم تواكب وقائع عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)عن قرب ، وظلّت تعاني الجهل بحقائق تلك الفترة . إذ إنّ التوجّه إلى هذه الآيات والعمل بالنصائح والإرشادات التي تحويها سيحدِّد
(الصفحة 18)

تكليفهنّ الصحيح ، ويحُول دون ارتكابهنّ ما يعرقل المسيرة ويعيق دور الزعماء الواقعيين للإسلام ، فلا يكنّ سبباً لانفصام عرى الدين واُسسه .
تبدأ الآية الاُولى بمخاطبة نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) بتذكرهنّ أنّ حبّ الدنيا ، والافتتان بالحياة المادّية وزينتها لا يتناسب ومقام الزوجية لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وتدعوهنّ لعدم التشبّث بالافتخار بهذا المقام ، واتخاذ موقف عملي وواقعي بالانفصال عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالحسنى . {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا}(1) .
وتذكّرهنّ الآية الثانية إن كنّ على استعداد لمجاراة رسول الله(صلى الله عليه وآله)في حياته المنقطعة إلى الله والتي أوقفها للآخرة ، وأردن مواصلة الحياة الزوجية معه(صلى الله عليه وآله) على هذا الأساس ، فإنّ هذا مدعاة فخر واعتزاز لهنّ وباعث لبلوغ أعظم الأجر . {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاْخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}(2) .
ثمّ تستعرض الآية الثالثة حساسية وخطورة أفعالهنّ ، والموقع المتميّز الذي اختصّت به أعمالهنّ ، فليس شأنهنّ وحسابهنّ مثل غيرهنّ من النساء إن أتين بالمعصية أو الفاحشة المبيّنة ، بل إنّ موقعهنّ من رسول الله(صلى الله عليه وآله) يجعل الحساسية مضاعفة ، وبالتالي فالعقاب مضاعف أيضاً . {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا
  • (1) الأحزاب : 28  .
  • (2) الأحزاب : 29  .

(الصفحة 19)

الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً}(1) .
وتبيّن الآية الرابعة الجانب المقابل لما جاءت به الآية الثالثة ، فالتزام التقوى وخلوص العبودية لله سبحانه والامتثال المطلق لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وعمل الصالحات يوجب الأجر والثواب المضاعف أيضاً ، كما أوجب اجتراح الفواحش والانصراف إلى الدنيا وزينتها العقاب المضاعف . {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ للهِِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً}(2) .
أمّا الآية الخامسة فإنّها تصرّح بالتحذير والتذكرة ، فلا ينبغي لهنّ أن يقسن أنفسهنّ بغيرهنّ من النساء في أمر الحياة المعيشية ، فإن اتّقين الله وتجنّبن معصيته ولم يلجأن إلى الحيل والأساليب الملتوية فإنّ الله هو المثيب والمجازي . ولا ينبغي لهنّ بحال أن يقارن أنفسهنّ بغيرهنّ ، ويجب أن يسلكن الغاية في الاحتياط حتّى في أُسلوب وطريقة الكلام التي يجب أن تتنزّه عن الخضوع في القول ، وما قد يبعث على طمع مَنْ في قلبه مرض ، فالحرمة مضاعفة والحظر والتقييد ينبغي أن يكون مضاعفاً {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفاً}(3) .
وفي الخاتمة يحدِّد مطلع الآية السادسة دورهنّ الاجتماعي وواجبهنّ تجاه المجتمع الإسلامي ، فليس من دورهنّ الظهور في المحافل
  • (1) الأحزاب : 30  .
  • (2) الأحزاب : 31  .
  • (3) الأحزاب : 32  .

(الصفحة 20)

العامّة ، ولا التدخّل في القضايا السياسية للمسلمين ، بل عليهنّ التزام بيوتهنّ وإطاعة الله ورسوله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة .{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ}(1) .
إذن فالآيات الموجّهة إلى نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) لا تثبت لهنّ أيّة فضيلة بل تحرّضهنّ على كسب الفضائل ، وتقوم بتعريفهنّ بما يجب على امرأة مسلمة تريد أن تكون زوجة للنبيّ(صلى الله عليه وآله) وتتمتّع إلى يوم القيامة بهذا الشرف ، وقد جاءت هذه الإرشادات لتقطع الطريق على تماديهنّ وتدخّلهنّ في القضايا الإسلامية العامّة والحسّاسة ممّا أوكله الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) إلى رجال الإسلام في مستقبله ، فلا تذهب بهنّ الظنون وتسوِّل لهنّ أنفسهنّ أنّهنّ ورثن الملك وحقّ سياسة الدولة الإسلامية لكونهنّ أزواج النبيّ(صلى الله عليه وآله)  .
وهذه الآيات لا تعني بأيّ حال تعلّق الإرادة التكوينية(2) للباري عزّوجلّ بطهارة نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو عصمتهنّ أو نزاهتهنّ واستقامتهنّ ، حيث دفعت كلمة «تُردن» في الآية أي احتمال للإرادة الإلهية التكوينية بهذا الصدد ، وألقت عبء اكتساب الكمالات التي وعدت بها الآيات على عواتقهنّ وسعيهنّ ، إذ عرضت عليهنّ: إن كنّ يردن عَرَض الدنيا المهلك فعليهنّ الانفصال عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فإنّهنّ لا يلقن بشرف الاقتران به ، وإن كنّ يردن الله ورسوله فإنّ لهنّ أجراً عظيماً ، فالذات
  • (1) الأحزاب : 33  .
  • (2) سيأتي البحث مفصّلاً في معنى الإرادة التكوينية في ص91 .

(الصفحة 21)

الإلهية المقدّسة إذن ليست لها إرادة استثنائية بالنسبة إلى نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، والأمر راجع إليهنّ وإرادتهنّ الخاصّة في الوضع والحال الذي يكن عليه من السعادة أو الشقاء ، بل أرشدهنّ إلى اتّباع سبيل الخير والصلاح ليحظين بالأجر المضاعف ، وحذّرهنّ إن سلكن طريق الإعوجاج فإنّ لهنّ عقاباً مضاعفاً ، فالأمر إذن إليهنّ في تحديد المنهج الذي يبنين حياتهنّ على أساسه .
وعلى ما سبق نستخلص من هذه الآيات الشريفة نتيجتين مهمّتين:
1 ـ فصل وعزل نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) عن أيّ دور في القضايا الاجتماعية الحسّاسة وشؤون المسلمين العامّة ، وأمرهنّ بانتهاج خطّ سلمي يمضي بالتي هي أحسن ، واتّخاذهنّ دور ربّة البيت المنصرفة إلى شؤون بيتها وتهذيب نفسها بالفضائل بعيداً عن الأهواء الدنيوية الشيطانية .
2 ـ انتفاء الدلالة على تعلّق الإرادة الإلهية بنزاهة نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وكونهنّ حالة متميّزة ومتفوّقة ، ففي هذا المضمار لهنّ الخيار ، إلاّ أنهنّ إن أرَدْنَ الاحتفاظ بشرف اللقب فعليهنّ اتّخاذ طريق الصلاح .

الآية الخاصّة ، آية التطهير:

في معرض هذه الآيات نلتقي بجملة معترضة تحكي تعلّق المشيئة والإرادة الربّانيّة بأمر عظيم ، فيتغيّر أسلوب الحديث وشكل الخطاب الإلهي في هذه الجملة ، فالحديث يدور حول مشيئة الباري تعالى وإرادته التكوينية ، ومفاد هذه الجملة هو: حَتَم القضاء وحَكَم بوجود بيت وأسرة تسمّو فوق قمم الفضيلة والطهارة وأعلى مراقي الإنسانية