جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 145)

شأنهم ، ومن شملتهم ـ كما ثبت في محلّه ـ من أئمّة الهدى(عليهم السلام) ، ولمّا كانت كلمة «أهل البيت» عنواناً للتفوّق والكمال ، و اسماً حاكياً عن الطهر والقداسة والفضيلة ، فإنّ كلّ من يتحلّى ويتّصل بهذا العالم فإنّه ينسب إلى أهل البيت ، ولعلّ هذا هو الوجه في قول النبيّ(صلى الله عليه وآله)ـ المتقدّم ـ : «سلمان منّا أهل البيت»(1) ، مع أنّ البون بين سلمان والمقام الأرفع للإمام الصادق(عليه السلام)شاسع جدّاً .

جولة في النصوص

قلنا: إنّ عبارة «أهل البيت» إنّما عُرفت بعد نزول آية التطهير ، وأنّه لم يجر تداولها واستعمالها في أحاديث النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام)قبل ذلك ـ على قدر ما توصّلنا إليه من البحث والاستقصاء ـ  .
نعم ، كانت عبارة «أهل بيتي» كثيراً ما تتكرّر على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ولكن تعبير «أهل البيت» لم يجر على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلاّ في أواخر عمره الشريف ـ ووفقاً لاستنباطنا السابق فإنّ نزول الآية كان في أواخر حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله) ـ وهذا ممّا يدلّ على أنّ هذا التعبير العظيم شاع بعد نزول الآية ، حيث سرى شيئاً فشيئاً حتّى صار في إطلاقات واستعمالات بقيّة أئمّة الهدى(عليهم السلام)  .
استعمل أمير المؤمنين(عليه السلام)عبارة «أهل البيت» وفقاً لما جاء في «نهج البلاغة» في أربعة مواضع:
1 ـ في الخطبة الثالثة والتسعين ، في معرض بيانه لفتنة تولّي بني
  • (1) تقدّم في ص142 .

(الصفحة 146)

اُميّة زعامتهم المشؤومة ، قال من جملة ما قال: «نحن أهل البيت منها بمنجاة ، ولسنا فيها بدُعاة» .
2 ـ في الخطبة المائة والعشرين: «وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر» .
3 ـ في الخطبة الرابعة والعشرين بعد المائتين: «أصِلة أم زكاة أم صدقة ، فذلك محرّم علينا أهل البيت» .
4 ـ وفي الحكمة الثانية عشرة بعد المائة يقول(عليه السلام): «من أحبّنا أهل البيت فليستعد للفقر جلباباً» .
وخطب الحسن السبط(عليه السلام) عندما ولي الخلافة ، وكان من جملة كلامه: «وأنّا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس . . .»(1) ، وفي خطبة للحسين(عليه السلام) في مكّة ، قال: «رضا الله رضانا أهلَ البيت»(2) .

  • (1) تأويل الآيات الظاهرة: 450 .
  • (2) اللهوف على قتلى الطفوف للسيّد ابن طاووس : 126 .

(الصفحة 147)


نظرة في عطاء آية التطهير



إلى هنا جرى البحث مُسهباً وفق متطلّبات التحقيق في آية التطهير كلمة بكلمة ، وما تناولناه من نكات تاريخية دقيقة ، وهكذا المسيرة التي طواها عنوان «أهل البيت» على مدى تاريخ الإسلام ، وكانت الخلاصة الموجزة:
إنّ الآية تختصّ بأهل البيت(عليهم السلام) ، وأهل البيت هم أصحاب الكساء ، بمعنى أنّ شأن نزول الآية هم النبيّ الأكرم وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) ، وأنّ بقيّة الأئمّة الأطهار مشمولون بخصائص هذه الآية عن طريق آخر .
وإنّ الإرادة التكوينية للبارئ عزّوجلّ قضت أن يكون هناك فاصل أبدي بين الأرجاس وأهل بيت النبوّة(عليهم السلام)  .
وإنّ هذا اللطف والتوفيق الإلهي الكبير جاء استجابة لطاعتهم وإخلاصهم واستحقاقهم .
ويبلغ البحث هنا موقع دراسة مفاد مجموع الآية لنحدّد عطاءها لأهل البيت وسائر أئمّة الهدى(عليهم السلام) ، الذين هم بالنتيجة من أهل البيت(عليهم السلام) ، ماذا تريد الآية أن تهبهم وتخلع عليهم؟
إنّ الإرادة الأزلية للبارئ تعالى التي قضت الفصل بين الأئمّة الأطهار وجميع الذنوب والأرجاس ، وحكمت لهم بالمزيد من الطهارة
(الصفحة 148)

والنزاهة ، جعلت ذلك للنبيّ الأعظم وابنته العزيزة والأئمّة الاثنى عشر ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ دون سائر الخلق ، ولمّا كان المراد لايتخلّف عن الإرادة الإلهية فهو متحقّق لا محالة ، فمن المؤكّد أنّك ستجد هذه الصوفة الطاهرة تتمتّع بروح عالية ونفس منيعة وصدر رحب يتّسع للهموم والمشكلات ، وقلب متّقد وضّاء مفعم بالعلم ، خال من موانع وحواجز إدراك الحقائق وفهم القرآن .
إنّهم بعيدو المدى ، مطّلعون على خفايا الحوادث ، واقفون على أسرار الدين ورموز القرآن وإشاراته ، لا يقربون الفواحش ولا يدنون الأرجاس من حقد وبخل وحسد وجهل وشكّ وخرافة ، لا يعتريهم شك ولا يأخذهم ضعف ولا وهن ، إذ يتمتّعون بروح عالية وعظمة تنأى بهم عن القبائح والذنوب ، بل تأبى مجرّد توهّم ذلك وقصده! إنّها قلوب طاهرة مطمئنّة لا تخفق إلاّ بحبّ الله ولا يخترق سماءها ذرّة من الهوى وحبّ الشهوات ، إنّ الأئمّة (عليهم السلام) يمثِّلون القمّة في التسليم لله والغاية في الإخلاص له ، وفي رحاب النبيّ والأئمّة(عليهم السلام)لا تجد للحقد والبخل والحسد محلاًّ ، بل ما هي إلاّ الرحمة والرأفة بالناس ، وكرم وعطاء لا يقف عند حدود ، يهب البشرية الخير وهو يرسم لها طريق السعادة ، ويحدّد لها ما يُنجيها ، ويحقّق لها الخلاص بما عرفوه ووقفوا عليه من علوم القرآن وأسراره ، وما استلهموه من مدرسة الوحي والتنزيل ، فهم المعدّون لهداية الناس وإرشادهم وتوجيههم وقيادتهم لسعادة الدارين .
إنّ الرسول الأكرم وآله الأطهار(عليهم السلام) يمتلكون روحيات تحلّق فوق القداسة والطهر ، وهكذا عيّنات ونماذج طاهرة مطهّرة هي التي يمكنها أن تأخذ بيد المجتمع وتقوده نحو الطهارة والسعادة . إنّهم من الطهارة
(الصفحة 149)

بمكان لا يدنوه ذنب ولا يقربه رجس ، فلا تعلّق بأذيالهم ذرّة غبار من معصية ، ولا تؤثر على أرواحهم النزيهة ، ولا شكّ في أنّ أمثال هؤلاء الرجال يسيرون بالاُمّة إلى الطهارة الفكرية والعملية .
إنّها مشيئة الربّ وإرادته جلّ وعلا ، التي قضت أن لا يعتلي عرش الفضيلة إلاّ «أهل البيت»(عليهم السلام) ، ولا يتربّع على قمّة المجد والطهارة غيرهم ، فيتمتّعون بالقلوب السليمة ، التي تولّى الله رياضتها والأنفس العالية التي تنعكس فيها الحقائق الربانية ، ولا يعتريها شكّ ولا يؤثر فيها حدث مهما كبر وعظم .
إنّهم العالمون بجميع شرائع وأحكام الدين ، الواقفون على رموز التكوين ، والمكنون من أسرار القرآن العظيم ، لا لبس في حياتهم ولا إبهام ولا جهل ، ولم يفسحوا الطريق لأدنى شكّ أو ريبة لتحول بينهم وبين دوام إخلاصهم وتوجّههم لباريهم الحيّ القيّوم .
وهؤلاء هم «أهل البيت»(عليهم السلام) فقط ، الذين شاء الله أن يفصل بينهم وبين الذنوب والمعاصي والرذائل و وساوس الشيطان بمساحة شاسعة لا تقطعها ملايين الفراسخ ، وهذا الفاصل هو الذي أمّن حصانتهم وحصّل لهم العصمة من الخطأ والزلل ، فهم لا يزلّون كيلا يزلّ المجتمع ، ولا يتزلزلون أمام الدنيا وزخرفها كيلا تتزلزل أمّة بكاملها .
هذا هو مفاد آية التطهير الكريمة ، الذي جاءت به إرادة الحصر ، وإطلاق كلمة «الرجس» ، ومعنى تعلّق إرادة الحقّ تعالى بإذهاب الرجس عنهم ، وتأكيد الطهارة ، على صورة جملة {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرَاً} .
من هنا يتّضح السرّ وتظهر الحكمة الإلهية جليّة في هذه الإفاضات الخاصّة ، التي جعلت هذه الثلّة المباركة تسبح فوق قمم الفضيلة