جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 150)

والطهارة ، وما هي إلاّ خطّة وضعت لتحقيق نتائج غاية في الأهمّية جعلت أهل البيت يبدون على هذا القدر من الجمال والكمال ، إنّها مسألة زعامة المسلمين وقضية قيادة الاُمّة الإسلامية . فما خلعه البارئ عزّوجلّ على «أهل البيت»(عليهم السلام) من الطهارة والعصمة ، وما سلّحهم به من سعة الصدر وسلامة النفس وعظمة الروح ، وزوّدهم به من علم بالواقع وبصيرة ثاقبة سيعود بالنفع على الاُمّة أوّلاً وآخراً ، وهو من أتمّ مظاهر لطف الله بهذه الأمّة المرحومة ، إذ منَّ الله بهم علينا فجعلهم {فِي بُيُوت أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُه}(1) ، فيغترف المسلمون من معين علومهم الزلال ، وينهلون من فيض عدالتهم وكرمهم وطهارتهم ، فيسري شعاعهم ويعمّ الأمّة فترقى في طريق الطهارة والتقى ، وتسلك درب السعادة الأبدية وتحقّق لنفسها النجاة في الدارين . فتربية «أهل البيت»(عليهم السلام) تربية للأمّة وعطاء الله سبحانه وتعالى الذي اختصّهم به هو عطاء سيشمل الأمّة ويعمّها خيره إن هي أحسنت وامتثلت أمر باريها باتباع سبيلهم ، وبقيت مسؤولية الأمّة في الاتباع واستثمار هذا اللطف والعناية الإلهية التي وضعت هذه الخطّة لقيادة الأمّة وتحقيق خلاصها .

إثبات ولاية أهل البيت(عليهم السلام) بالآية

أنّ آية التطهير تثبت ولاية «أهل البيت»(عليهم السلام) وتقرّر زعامتهم ، بل
  • (1) عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2: 275 قطعة من ح1 ، بحار الأنوار 102 : 130 ح4 ، والآية في سورة النور آية 36 .

(الصفحة 151)

هي بصدد طرح قضية الإمامة والزعامة ولفت الأنظار إليها ، وإلاّ لما كان لإرادة البارئ عزّوجلّ أن تصبّ كلّ هذا الاهتمام وتولّي كلّ هذه العناية ، ولتوضيح هذا المطلب الجوهري نشير إلى أمرين:
الأوّل: رأينا كيف أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) استند إلى آية التطهير في إثبات إمامته وحقّه وصلاحيته في خلافة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في قصّة السقيفة والشورى . وأنّ الإمام الحسن(عليه السلام) طرح الآية ولفت الأنظار إليها في أوّل مؤتمر عام عقد لإعلان خلافته ، أمّا الإمام الصادق(عليه السلام)فقد قال بشأن آية التطهير: «نزلت هذه الآية في النبيّ وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام) ، فلمّا قبضَ الله عزّوجلّ نبيّه(صلى الله عليه وآله) كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين(عليهم السلام)  . . . فطاعتهم طاعة الله عزّوجلّ ومعصيتهم معصية الله»(1) . وقد قرأنا في رواية الحلبي عن الإمام الصادق(عليه السلام)(2) أنّه تكلّم في تفسير الآية فتطرّق إلى الإمامة والولاية .
ويستفاد من مجموع كلام الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الصادق(عليهم السلام) أنّ آية التطهير إنّما كانت في معرض بيان حكم الإمامة والولاية ، وأنّها تثبته لأهل هذا البيت .
الثاني: لقد أوضحنا فيما مضى من البحث أنّ مجموع الآيات التي تحدّثت عن نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) رسمت المنهج الذي يجب عليهنّ أن يعملن
  • (1) علل الشرائع: 205 ب 156 ح2 ، تفسير نور الثقلين 4 : 273 رواية عبد الرحمن بن كثير .
  • (2) تقدّمت في ص142 .

(الصفحة 152)

به ، وأنّ آية التطهير التي تخلّلت تلك الآيات في مقام التدوين وضّحت موقع «أهل البيت»(عليهم السلام) ، وهذه الصيغة الصريحة في البلاغ تعكس أهمّية الموقف وخطورته ، فمستقبل الإسلام يفرض أن تعلم زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله)بتكاليفهنّ ويعملن ويتقيّدن بها ، وفي المقابل أن يعلم عموم المسلمين موقع «أهل البيت»(عليهم السلام) وخصوصيّتهم والدور المناط بهم .
إذن هذه الآيات كانت تلحظ وتضع الخطة لمستقبل الإسلام ، وهي تحسم أمر عائلة الرسول(صلى الله عليه وآله) ككلّ في موقع واحد ، فقسم عليه أن يبقى في الخدر وراء الحجاب ، بعيداً عن شؤون السياسة والدولة ، وثلّة خاصّة اُنيط بها حفظ الإسلام وقيادته وهداية المسلمين وإمامتهم ، وقد أولاهم البارئ المدبِّر عزّوجلّ المنزلة الرفيعة وبلغ بهم حدّاً محيّراً وعجيباً من الطهارة والعصمة في سبيل أن يبقى الدين منزّهاً عن الزلل والخطأ ، بعيداً عن التلوّث والانحراف ، الذي قد يلحقه به أدعياء الإمامة ومغتصبو الخلافة من عبدة الشهوات .
وقد زوّدهم سبحانه وتعالى بصدور رحبة وهمم عالية وقلوب منيعة ، ليتمكّنوا من الاستقامة والصمود أمام ما ينتظرهم من حوادث مرعبة ، ومقاومة الأحداث القاهرة التي ستأتي على الإسلام والمسلمين ، فلا ينثنوا عن مسؤوليّتهم ولا يستسلموا . لقد حباهم الله علماً جمّاً وبصيرة نافذة ليمكِّنهم من الدفاع عن حياض دينه والنهوض باحتجاجات ومخاصمات الأعداء ويردّوهم على أعقابهم خائبين مفحَمين ، وبما يمكِّنهم من وضع منهج ديني متوافق مع مبادئ القرآن الكريم ، وبوقوفهم على أسرار الوحي يمكنهم أن يحيلوا كلّ عسير من مشاكل الاُمّة سهلاً يسيراً ، ويخرجوا الناس من متاهات الحيرة
(الصفحة 153)

والأوهام إلى نور الحقّ والصواب ، ويقدّرهم الله سبحانه بما أطلعهم عليه من غيبه من معالجة الحوادث والقضايا برؤية عميقة وبصيرة نافذة تحيط بالحيثيّات الظاهرة والخفيّة; ليأمن الناس ويسكنوا إلى قيادة واعية تحقّق لهم الأمن والاستقلال عن السقوط في مهاوي الغرباء والأجانب ، والسلامة والحفظ من ويلات الجهل وعواقب الانحراف ، وينهلوا من العطاء المتجدّد الذي يتجلّى في كلّ عصر وفق مقتضيات الزمان بما لا يمسّ أصالة الدين ونقاء الإسلام المبين . لقد نزّههم الله وطهّرهم من جميع الآفات النفسية والأغراض والأهواء ، وحصّنهم من جميع الأمراض الروحية والأخلاقية حتّى لا يسري شيء من هذه الأخطار إلى الأمّة ويجرّها إلى الفساد فيضمحلّ الإسلام وتزول الشريعة ، وحتّى لا يتحوّل قادة المسلمين وزعماء الدين إلى طغاة متعطشين للحكم والتسلّط على الرقاب ، تحدوهم الشهوات وتدفعهم الملذّات لنيل السلطة بالبطش وملئ الزنزانات بالمظلومين .
نعم ، لم يردها الله دكتاتورية منمّقة بأسماء رنّانة واستبداداً يستمدّ ظلمه وطغيانه من عناوين مزخرفة ، فتنصب المشانق وتفتح السجون ويُسلب الناس الحرية الفكرية التي هي من أوّليات الحياة الكريمة . فمنح القادة الحقيقيّين العصمة وطهّر قلوبهم من الغلّ والحسد والحرص ومن جميع بواعث الظلم ودوافع الاستبداد .

ملاحظة

يجب أن نُعيد إلى الأذهان أن ما تناولناه بالبحث حول دور النساء إنّما يتعلّق بزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) على الخصوص ، وذلك في الآيات المعيّنة
(الصفحة 154)

التي صدّرنا بها البحث ، فقلنا: إنّها ناظرة إلى دور نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)والمنهج الذي عليهنّ اتّباعه من لزوم الخدر والحجاب ، والبقاء في البيت بعيداً عن القضايا السياسية والاجتماعية ، وهكذا عرضنا لخصوصيّتهن بلحاظ الأجر المضاعف الذي ينتظر المحسنة منهنّ ، والعذاب والعقوبة المضاعفة التي اُعدّت للمسيئة منهنّ ممّا صرّحت به الآية: {لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ}(1) .
من هنا فإنّ البحث تعلّق بزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) دون غيرهنّ من النساء ، أمّا بخصوص دور المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية الإسلامية فهذا ما لم نتعرّض له ، وهو بحث مستقلّ خارج عن نطاق الكتاب ولا تتحمّله هذه العجالة .

ماذا عن الزهراء(عليها السلام) ، ودورها وموقعها ؟

وهنا نختم البحث بسؤال يطرح نفسه: إنّ آية التطهير تحدّثت عن خمسة أشخاص من أولياء الله ، اتّخذهم الله وأعدّهم وهيّأهم بالعلم والعصمة والتطهير ورشّحهم لمقام قيادة المسلمين وإمامتهم ، وإنّ موضوع بحث الآية هم «أهل البيت»(عليهم السلام) ، وهم خمسة أشخاص ، والسيّدة الزهراء صلوات الله عليها وحيدة أبيها وعزيزته هي من هؤلاء الخمسة ، فهل كان لها أن تشارك في أعمال الدولة الإسلامية وشؤون إمامة المسلمين وأن تتولّى زعامتهم؟

  • (1) الأحزاب : 32  .