جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 81)

امتياز الفريق الثاني

الفريق الثاني المنشعب من الأسرة الكبيرة هو «أهل البيت(عليهم السلام) » وقد مرّ أن أيّاً من الآيات لم يشر إلى نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)ـ أي الفريق الأوّل ـ على أنّهنّ من {أهل البيت} إذ نسب بيوتهنّ إلى أنفسهنّ ، وركز القرآن الكريم هذا المعنى في آيتين من قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(1)  {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ}(2) . ولعلّ الأمر كان على هذه الكيفية حتّى يفقدن في المستقبل ، أي انتساب أو إضافة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)أو ارتباط به ، سوى كونهنّ أزواجه . وبملاحظة البرنامج الذي اُلزمن بتنفيذه والعمل به ، عليهنّ حفظ بيوتهنّ وفق البنود والشروط التي نصّ عليها البرنامج (اللائحة التنظيمية لهذه البيوت) بالبقاء فيها ، وتجنّب الخوض في القضايا الإسلامية العامّة ، إذ لا صفة ولا دور أو سمة رسمية تسمح لهنّ بالدخول في هكذا قضايا ، وفي حال التخلّف عن هذا البرنامج وعدم مراعاة شروطه ، فإنّ الانتساب والإضافة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)ستسقط عنهنّ أيضاً .
من هنا كان جواب زيد بن صوحان لعائشة في الرسالة التي ذكرناها(3) واعتباره لها اُمّاً للمؤمنين ما دامت في بيتها ملتزمةً بالعمل بـ {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ، وكان كتاب اُمّ سلمة لعائشة المتضمّن للمعنى نفسه من توقّف تحلّيها بلقب اُمّ المؤمنين على التزامها البيت ، وعدم الخوض في القضايا السياسية العامّة وإثارة الفتن والحروب ، وخلع
  • (1) الأحزاب: 33.
  • (2) الأحزاب: 34 .
  • (3) في ص 28 ـ 29 .

(الصفحة 82)

اللقب عنها عند تمرّدها ونكوصها (اللائحة التنظيمية الداخلية لبيوت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله))(1) .
أمّا الفريق الثاني «أهل البيت»(عليهم السلام) فهو موكّل بمهمّة ودور ناهض بمسؤولية ووظيفة حفظ الإسلام وقيادة المسلمين وزعامتهم ، من هنا خلّيت النسوة (الفريق الأوّل) ومشيئتهنّ في عدم اجتراح الآثام وارتكاب الفواحش ، والالتزام بالبرنامج القرآني المرسوم لهنّ ، وبالتالي طهارتهنّ ونزاهتهنّ ، أمّا {أهل البيت} صلوات الله عليهم فقد نزّههم الله وطهّرهم تطهيراً ، وأراد بأمره أن لا يعتري نفوسهم السامية كدر الذنب بل حتّى التفكير بالذنب ، أو ينال أرواحهم العالية لوث المعاصي ، فيبقون معادن خالصة مصفّاة يحقّ لها ويليق بها أن تتولّى دور الهداية وتخلف رسولَ الله(صلى الله عليه وآله) فيه(2) .
أمّا الآيات التي تحدّثت عن نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) فلا يستشم منها ريح التميّز والاصطفاء ، ولكنّك تجد تلك النفحة الإلهية في قمّة تجلّيها في {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ  . . .} وتجد كيف تسطع شمس الكمال وتتلألأ درر الفضيلة في صفوة محدّدة وثلّة مذكورة على وجه الحصر والتخصيص بـ  «إنّما» ، وبتقديم «عنكم» على أهل البيت(عليهم السلام) ، وبفتح «أهل» فالله أراد لهؤلاء ، لا للنساء ولا لغيرهنّ ، بل لهؤلاء الخمسة البعد عن الأهواء والأمراض الروحية ، أراد لهذه الطبقة المتميّزة وهذا النبع والجذر الطهارة والنزاهة والعصمة .

  • (1) راجع ص27 .
  • (2) يبقى بحث هنا حول فضل الأئمّة فيما أراده الله لهم تكويناً وما يُثار من شبهة الجبر ، وسيأتي الكلام في ذلك  .

(الصفحة 83)

ويلاحظ من وقوع هذه الآية بين تلك الآيات أنّ السلبية التي تعاملت بها العناية الربّانية مع زوجات النبي اقتُطعت واستُثني منها الفريق الثاني «أهل البيت»(عليهم السلام) ، فإمكان صدور الذنب وارتكاب الفواحش ومعصية الرسول ، والخروج من البيت والتدخّل المنهيّ عنه والخاطئ في قضايا المسلمين العامّة ممّا كانت تطفح به الآيات التي خاطبت زوجات النبي(صلى الله عليه وآله) ، قد اختفت واستُعيض عنها بإفاضة روحية ملكوتية تنزّه وتبرئ الفريق الثاني «أهل البيت(عليهم السلام)» من كلّ ذنب ونقص .
فنساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) لهنّ الخيار في اتّخاذ طريق السعادة أو الشقاء ، أمّا أنشودة الرحمة الإلهية والعناية الربانية الخاصة وفيوضاتها القدسية فقد رتّلت ألحانها الغيبية في مسامع أهل البيت خاصة ، وناجتهم أن لا يظنّن أحد أنّكم كنساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، اُرخي لهنّ عنان الشطح واُلقي حبل الأهواء على غاربه ، اللّهم إلاّ لمن أرادت الفوز والنجاة فاعتصمت بسبيله . إنّه ظنّ باطل وخيال زاهق . {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ . . .} .
وعلى هذا ، فإنّ مفاد آية التطهير يختلف كلّياً عن مفاد بقيّة الآيات ، فلا يمكن أن يتوجّه الخطاب فيها إلى زوجات النبيّ الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين .

العلّة في ترتيب وتدوين الآية في هذا الموضع

مع أنّ آيات البرنامج القرآني لزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) كانت تشير إلى عدم تمتّعهنّ بالخصوص بأيّ مقتض وأولوية ، ولم تكن تحكي أيّ نوع من الاستحقاق والكفاءة لهنّ ، ولم تمنحهنّ أيّ فضيلة أو مزيّة ، مع أنّ
(الصفحة 84)

كلّ هذا نزل بخصوصهنّ ، كان من الممكن أن يتوهّم البعض أنّ هذا يشمل جميع أقرباء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وأنّهم جميعاً على هذه الشاكلة والنحو من الكفاءة والاستعداد والمنزلة والمقام . ولم يكن من سبيل لرفع هذا التوهّم ودفع هذا الاحتمال إلاّ بأن تُقحم جملة معترضة في وسط هذه الآيات على نحو الاستطراد ، لتبدو كأنّها عبارة مقتطعة وضعت بين قوسين لئلاّ يبقى أيّ هامش للاحتمال ، وهذا من شواهد البلاغة القرآنية التي تظهر في قدرته على نقل خطابه وتغيير مخاطبه بشكل مفاجئ وسريع ، ففي حين توجّه بالخطاب إلى فئة معيّنة (نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)) بالوعد والوعيد والتحذير من السقوط في المعصية والهوى ، ينتقل بتمام التأكيد وغاية الإتقان ليخاطب فئة اُخرى «أهل البيت»(عليهم السلام) ، وكأنّه يقول: كلاّ ، ليس الحال كذلك معكم أنتم ، ليست كلّ الأسرة من أصل واحد ، وليست نفوسهم من نسيج واحد ، لا ليس كذلك ، إنّما «أهل البيت»(عليهم السلام)مستثنون ، فقد طهّرهم الله من الدنس وعصمهم من الزلل .

حقائق كشفها البحث

1 ـ انتظام الآيات ، أي وجود ترابط بين آية التطهير وآيات نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)  .
2 ـ السرّ في وقوع آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} في آخر الآيات وأنّ آية {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} هي بمثابة ملحق بالبنود التي سجلتها الآيات السابقة لها .
3 ـ دلالة آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} على انصباب العناية الإلهية الخاصة ، وتعلّق الرعاية الربانية على تنزيه وطهارة وعلوّ شأن ثلّة
(الصفحة 85)

خاصّة من أقرباء النبيّ(صلى الله عليه وآله) اُطلق عليهم «أهل البيت»(عليهم السلام) .
4 ـ وقوع الآية في نهاية تلك الآيات كان لدفع وهم قد يطرحه بعض من في قلوبهم مرض .

إشكال على الاستطراد :

إذا افترضنا أنّ آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ  . . .} مثلها مثل بقيّة الآيات تخاطب جميع عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأسرته من نساء وذريّة وصهر ، فلن يعكر سياق الكلام ووحدة الموضوع شيء وستجده منساباً على رؤية واحدة ، ولكن إذا قلنا: بأنّ المعنيين في آية التطهير هم فئة خاصّة من أسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) استُثنيت من عموم عائلته ، فهذا ممّا يلزمه الاستطراد (ويعني تخلّل عبارة خارجة عن كلام يحكي موضوعاً واحداً)(1) وحمل
  • (1) الاستطراد: هو أن يأخذ المتكلِّم في معنى ، وقبل أن يتمّه يأخذ في معنى آخر . ويسمّيه ابن المعتزّ «حُسن الخروج» ، وذلك كقول حسّان بن ثابت(1):
    إن كنت كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجا الحارث بن هشام
    ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم ونجا برأس طمرّة ولجام

    فقبل أن يأتي بجواب الشرط استطرد ، فأخذ يحكي ما فعله الحارث بن هشام ، وبعبارة أخرى: خرج من الغزل إلى هجاء الحارث بن هشام .
    والاستطراد أيضاً نوع من تجميل الكلام يتلخّص في إدخال مادّة لا تتصل بالموضوع إلاّ اتّصالاً غير مباشر ، وقد تكون وظيفتها الاستعطاف أو إثارة الغضب أو تفنيد حجج المعارضة . والاستطراد قد ينطوي على الاتهام أو النقد أو السخرية أو المدح أو إثارة الكبرياء أو أي موضوع آخر يستطيع أن يزيد اهتمام المستمعين أو يخفّف من قلقهم(2) .