جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 147)


نظرة في عطاء آية التطهير



إلى هنا جرى البحث مُسهباً وفق متطلّبات التحقيق في آية التطهير كلمة بكلمة ، وما تناولناه من نكات تاريخية دقيقة ، وهكذا المسيرة التي طواها عنوان «أهل البيت» على مدى تاريخ الإسلام ، وكانت الخلاصة الموجزة:
إنّ الآية تختصّ بأهل البيت(عليهم السلام) ، وأهل البيت هم أصحاب الكساء ، بمعنى أنّ شأن نزول الآية هم النبيّ الأكرم وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) ، وأنّ بقيّة الأئمّة الأطهار مشمولون بخصائص هذه الآية عن طريق آخر .
وإنّ الإرادة التكوينية للبارئ عزّوجلّ قضت أن يكون هناك فاصل أبدي بين الأرجاس وأهل بيت النبوّة(عليهم السلام)  .
وإنّ هذا اللطف والتوفيق الإلهي الكبير جاء استجابة لطاعتهم وإخلاصهم واستحقاقهم .
ويبلغ البحث هنا موقع دراسة مفاد مجموع الآية لنحدّد عطاءها لأهل البيت وسائر أئمّة الهدى(عليهم السلام) ، الذين هم بالنتيجة من أهل البيت(عليهم السلام) ، ماذا تريد الآية أن تهبهم وتخلع عليهم؟
إنّ الإرادة الأزلية للبارئ تعالى التي قضت الفصل بين الأئمّة الأطهار وجميع الذنوب والأرجاس ، وحكمت لهم بالمزيد من الطهارة
(الصفحة 148)

والنزاهة ، جعلت ذلك للنبيّ الأعظم وابنته العزيزة والأئمّة الاثنى عشر ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ دون سائر الخلق ، ولمّا كان المراد لايتخلّف عن الإرادة الإلهية فهو متحقّق لا محالة ، فمن المؤكّد أنّك ستجد هذه الصوفة الطاهرة تتمتّع بروح عالية ونفس منيعة وصدر رحب يتّسع للهموم والمشكلات ، وقلب متّقد وضّاء مفعم بالعلم ، خال من موانع وحواجز إدراك الحقائق وفهم القرآن .
إنّهم بعيدو المدى ، مطّلعون على خفايا الحوادث ، واقفون على أسرار الدين ورموز القرآن وإشاراته ، لا يقربون الفواحش ولا يدنون الأرجاس من حقد وبخل وحسد وجهل وشكّ وخرافة ، لا يعتريهم شك ولا يأخذهم ضعف ولا وهن ، إذ يتمتّعون بروح عالية وعظمة تنأى بهم عن القبائح والذنوب ، بل تأبى مجرّد توهّم ذلك وقصده! إنّها قلوب طاهرة مطمئنّة لا تخفق إلاّ بحبّ الله ولا يخترق سماءها ذرّة من الهوى وحبّ الشهوات ، إنّ الأئمّة (عليهم السلام) يمثِّلون القمّة في التسليم لله والغاية في الإخلاص له ، وفي رحاب النبيّ والأئمّة(عليهم السلام)لا تجد للحقد والبخل والحسد محلاًّ ، بل ما هي إلاّ الرحمة والرأفة بالناس ، وكرم وعطاء لا يقف عند حدود ، يهب البشرية الخير وهو يرسم لها طريق السعادة ، ويحدّد لها ما يُنجيها ، ويحقّق لها الخلاص بما عرفوه ووقفوا عليه من علوم القرآن وأسراره ، وما استلهموه من مدرسة الوحي والتنزيل ، فهم المعدّون لهداية الناس وإرشادهم وتوجيههم وقيادتهم لسعادة الدارين .
إنّ الرسول الأكرم وآله الأطهار(عليهم السلام) يمتلكون روحيات تحلّق فوق القداسة والطهر ، وهكذا عيّنات ونماذج طاهرة مطهّرة هي التي يمكنها أن تأخذ بيد المجتمع وتقوده نحو الطهارة والسعادة . إنّهم من الطهارة
(الصفحة 149)

بمكان لا يدنوه ذنب ولا يقربه رجس ، فلا تعلّق بأذيالهم ذرّة غبار من معصية ، ولا تؤثر على أرواحهم النزيهة ، ولا شكّ في أنّ أمثال هؤلاء الرجال يسيرون بالاُمّة إلى الطهارة الفكرية والعملية .
إنّها مشيئة الربّ وإرادته جلّ وعلا ، التي قضت أن لا يعتلي عرش الفضيلة إلاّ «أهل البيت»(عليهم السلام) ، ولا يتربّع على قمّة المجد والطهارة غيرهم ، فيتمتّعون بالقلوب السليمة ، التي تولّى الله رياضتها والأنفس العالية التي تنعكس فيها الحقائق الربانية ، ولا يعتريها شكّ ولا يؤثر فيها حدث مهما كبر وعظم .
إنّهم العالمون بجميع شرائع وأحكام الدين ، الواقفون على رموز التكوين ، والمكنون من أسرار القرآن العظيم ، لا لبس في حياتهم ولا إبهام ولا جهل ، ولم يفسحوا الطريق لأدنى شكّ أو ريبة لتحول بينهم وبين دوام إخلاصهم وتوجّههم لباريهم الحيّ القيّوم .
وهؤلاء هم «أهل البيت»(عليهم السلام) فقط ، الذين شاء الله أن يفصل بينهم وبين الذنوب والمعاصي والرذائل و وساوس الشيطان بمساحة شاسعة لا تقطعها ملايين الفراسخ ، وهذا الفاصل هو الذي أمّن حصانتهم وحصّل لهم العصمة من الخطأ والزلل ، فهم لا يزلّون كيلا يزلّ المجتمع ، ولا يتزلزلون أمام الدنيا وزخرفها كيلا تتزلزل أمّة بكاملها .
هذا هو مفاد آية التطهير الكريمة ، الذي جاءت به إرادة الحصر ، وإطلاق كلمة «الرجس» ، ومعنى تعلّق إرادة الحقّ تعالى بإذهاب الرجس عنهم ، وتأكيد الطهارة ، على صورة جملة {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرَاً} .
من هنا يتّضح السرّ وتظهر الحكمة الإلهية جليّة في هذه الإفاضات الخاصّة ، التي جعلت هذه الثلّة المباركة تسبح فوق قمم الفضيلة
(الصفحة 150)

والطهارة ، وما هي إلاّ خطّة وضعت لتحقيق نتائج غاية في الأهمّية جعلت أهل البيت يبدون على هذا القدر من الجمال والكمال ، إنّها مسألة زعامة المسلمين وقضية قيادة الاُمّة الإسلامية . فما خلعه البارئ عزّوجلّ على «أهل البيت»(عليهم السلام) من الطهارة والعصمة ، وما سلّحهم به من سعة الصدر وسلامة النفس وعظمة الروح ، وزوّدهم به من علم بالواقع وبصيرة ثاقبة سيعود بالنفع على الاُمّة أوّلاً وآخراً ، وهو من أتمّ مظاهر لطف الله بهذه الأمّة المرحومة ، إذ منَّ الله بهم علينا فجعلهم {فِي بُيُوت أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُه}(1) ، فيغترف المسلمون من معين علومهم الزلال ، وينهلون من فيض عدالتهم وكرمهم وطهارتهم ، فيسري شعاعهم ويعمّ الأمّة فترقى في طريق الطهارة والتقى ، وتسلك درب السعادة الأبدية وتحقّق لنفسها النجاة في الدارين . فتربية «أهل البيت»(عليهم السلام) تربية للأمّة وعطاء الله سبحانه وتعالى الذي اختصّهم به هو عطاء سيشمل الأمّة ويعمّها خيره إن هي أحسنت وامتثلت أمر باريها باتباع سبيلهم ، وبقيت مسؤولية الأمّة في الاتباع واستثمار هذا اللطف والعناية الإلهية التي وضعت هذه الخطّة لقيادة الأمّة وتحقيق خلاصها .

إثبات ولاية أهل البيت(عليهم السلام) بالآية

أنّ آية التطهير تثبت ولاية «أهل البيت»(عليهم السلام) وتقرّر زعامتهم ، بل
  • (1) عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2: 275 قطعة من ح1 ، بحار الأنوار 102 : 130 ح4 ، والآية في سورة النور آية 36 .

(الصفحة 151)

هي بصدد طرح قضية الإمامة والزعامة ولفت الأنظار إليها ، وإلاّ لما كان لإرادة البارئ عزّوجلّ أن تصبّ كلّ هذا الاهتمام وتولّي كلّ هذه العناية ، ولتوضيح هذا المطلب الجوهري نشير إلى أمرين:
الأوّل: رأينا كيف أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) استند إلى آية التطهير في إثبات إمامته وحقّه وصلاحيته في خلافة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في قصّة السقيفة والشورى . وأنّ الإمام الحسن(عليه السلام) طرح الآية ولفت الأنظار إليها في أوّل مؤتمر عام عقد لإعلان خلافته ، أمّا الإمام الصادق(عليه السلام)فقد قال بشأن آية التطهير: «نزلت هذه الآية في النبيّ وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام) ، فلمّا قبضَ الله عزّوجلّ نبيّه(صلى الله عليه وآله) كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين(عليهم السلام)  . . . فطاعتهم طاعة الله عزّوجلّ ومعصيتهم معصية الله»(1) . وقد قرأنا في رواية الحلبي عن الإمام الصادق(عليه السلام)(2) أنّه تكلّم في تفسير الآية فتطرّق إلى الإمامة والولاية .
ويستفاد من مجموع كلام الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الصادق(عليهم السلام) أنّ آية التطهير إنّما كانت في معرض بيان حكم الإمامة والولاية ، وأنّها تثبته لأهل هذا البيت .
الثاني: لقد أوضحنا فيما مضى من البحث أنّ مجموع الآيات التي تحدّثت عن نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) رسمت المنهج الذي يجب عليهنّ أن يعملن
  • (1) علل الشرائع: 205 ب 156 ح2 ، تفسير نور الثقلين 4 : 273 رواية عبد الرحمن بن كثير .
  • (2) تقدّمت في ص142 .