جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 104)

خصوصيّة وفضيلة في الآية ـ من الإذعان بأنّ الإرادة في آية التطهير ليست تشريعية بل تكوينية .
5 ـ ذكرنا آنفاً أنّ الآيات قسّمت عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى فريقين:
الأوّل: مجموعة زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وقد فرض عليهنّ برنامج تربوي معيّن ، وبيّنت الآيات أنّ العمل بهذا البرنامج هو السبيل لبقاء انتسابهنّ لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وارتباطهنّ به ، وإلاّ فمصيرهنّ الطرد والانفصال عنه .
الثاني: هو أهل البيت(عليهم السلام) الذين تُعدّ العدّة لهم ليتبوّؤا زعامة المسلمين وقيادة خط الهدى والدين ، وأنّ الله سبحانه هو الذي يتولّى هذا الإعداد وينهض باصطفائهم وهو يطهّرهم عن الرجس وينزّههم عن المعصية ، وعلى هذا فإنّ آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} جملة اعتراضية ـ كما أسلفنا ـ جاءت في وسط آيات النساء انصبت رسالتها ، ودار محورها على تسجيل ظاهرة معنويّة وحقيقيّة هي إرادة إذهاب الرجس عن هذا الفريق وتنزيهه .
إذن فالإرادة هنا لا علاقة لها بأيّ نحو بالأحكام التي سبق تشريعها في سائر الآيات ، ولا يمكن للآيات التي خاطبت زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) أن تكون قرينة على الإرادة التشريعيّة في آية التطهير ، بل هي باقية على معناها التكويني ، وتُحمل على أصلها وظاهرها الذي كانت عليه .

(الصفحة 105)

نعم ، قد يسأل سائل: كيف صنّفتم هذا التصنيف وعلى أيّ أساس جعلتم «أهل البيت» فريقاً خاصّاً منحصراً بالسادة الخمسة صلوات الله عليهم؟  . . . وفضلاً عمّا سبق بيانه ، فإنّ جواب هذا السؤال سيأتيك مفصّلاً .

حديث مع الآلوسي

مع أنّ شهاب الدين محمود الآلوسي ـ مفتي بغداد المتوفّى سنة 1270 ـ ذهب إلى أنّ «الإرادة» في آية التطهير إرادة تكوينية ، لكنّه في الوقت نفسه طرح إشكالاً على ذلك وتعاجز عن ردّه مكتفياً بالإثارة! إذ يقول:
« . . . وقد يُستدلّ على كون الإرادة هاهنا بالمعنى المذكور (التشريعية) لا المشهور (التكوينية) ، الذي يتحقّق عنده الفعل بأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال حين أدخل عليّاً وفاطمة والحسنين رضي الله تعالى عنهم تحت الكساء: «اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» فإنّه أيّ حاجة للدعاء لو كان ذلك مراداً بالإرادة بالمعنى المشهور (التكوينية) ، وهل هو إلاّ دعاء بحصول واجب الحصول؟»(1) .
وحتّى لا نكون مثل الآلوسي الذي ترك سؤاله معلّقاً دون إجابة! نقول:
سبق أن أثبتنا أنّ سياق الحديث وتركيب الكلام يُظهر أنّ عبارة
  • (1) روح المعاني في تفسير القرآن 22 : 18  .

(الصفحة 106)

«اللّهم هؤلاء . . .» في دعاء الرسول(صلى الله عليه وآله) جاءت لتحديد وبيان من هم المقصودون من «أهل البيت»(عليهم السلام) ، فهو(صلى الله عليه وآله) يخاطب ربّه ويحدّد في خطابه أنّ «هؤلاء هم أهل بيتي» حتّى يعرف الناس من هم أهل البيت ، ومن هم الذين أراد الله تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم(1)؟ وإلاّ فإنّ الإشكال (سؤال الآلوسي) نفسه ، بل ما هو أكبر منه سيرد على الدعاء إذا ما افترضنا أنّ الإرادة الإلهية في الآية تشريعيّة وليست تكوينيّة! فما معنى أن يقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) ويدعو (ويكون معنى دعائه على فرض الإرادة التشريعيّة): «اللّهم اجعل أهل بيتي مشمولين بأمرك ونهيك ، وأبعدهم عن الآثار السلبية للنواهي بتشريع النهي وفرضه عليهم!؟» أوليست الآيات متوجّهة بالأصل بالخطاب والتكليف إليهم؟ حتّى يأتي النبيّ(صلى الله عليه وآله)ويتوجّه بالدعاء لله سبحانه أن: إلهي أشمل أهل البيت بهذه التكاليف! أليس هذا هو الفرض (على القول بالإرادة التشريعيّة)؟

حديث آخر مع الآلوسي

مع ما يُلاحظ على صاحب تفسير «روح المعاني» من مستوى
  • (1) هذا هو غرض النبيّ(صلى الله عليه وآله) من هذا الدعاء ، وإلاّ فنتيجته وثمرته من حيث التحقّق تحصيل حاصل (وقد اُوفيَ المطلب حقّه في مواضع اُخرى من البحث ، فراجع الصفحات السابقة) ، وقد يكون هناك وجه آخر لمثل هذه الأدعية (المضمونة النتيجة) هو الإقرار بالفقر والحاجة لاستمرار الفيض ومواصلته ودوام العطاء الإلهي ، فالداعي يعلم أنّ الله خلع عليه الوجود وأفاض عليه الجوارح ووهبه النعم تكويناً ، ولكنّه يسأل الله ويدعوه استمرارها ومواصلة الإنعام بها وعدم زوالها ، وقد يُنزّل الدعاء في مثل هذه المواضع منزلة الشكر والحمد على النعمة .

(الصفحة 107)

علمي لا بأس به وما يُسجل له ـ عند مقارنته بعلماء العامة ـ من حظّ ونصيب في العلم والتحقيق ، لكن يظهر أنّ التعصّب يعمي الإنسان ويشطط به في متاهات غريبة! فالرجل يذهب إلى أنّ «الإرادة» في الآية تكوينية ، وأنّ عبارة «أهل البيت»(عليهم السلام) تعني وتشمل الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله عليهم ، وعندما يقف على مدلول الآية ومفادها ، وأنّ الثمرة والنتيجة العلمية التي تخلّص منها هي عصمة عليّ وبنيه(عليهم السلام)وطهارتهم وفضلهم ، فإنّ هذه الحقيقة الناصعة والآية الناطقة تهزّ الآلوسي وأضرابه بشدّة وتربكهم وتوقعهم في اضطراب! ومن هنا نجد كيف يورد التعصّب صاحبه المهالك ، وكيف يقع الآلوسي هنا فيما يفقده توازنه ورصانته ويخرجه عن طوره! فيسعى سعي العاجز ويتعسف في توجيه الآية ليصرف هذه الفضيلة عن أهل البيت(عليهم السلام)ويخرجهم عن غطائها!
خلاصة محاولته ، وموجز كلامه: « . . . لأنّ المعنى حسب ما ينساق إليه الذهن ويقتضيه وقوع الجملة موقع التعليل للنهي والأمر نهاكم الله تعالى وأمركم; لأنّه عزّوجلّ يريد بنهيكم وأمركم إذهاب الرجس عنكم وتطهيركم وفي ذلك غاية المصلحة لكم ، ولا يريد بذلك امتحانكم وتكليفكم بلا منفعة تعود إليكم ، وهو على معنى الشرط ، أي يريد بنهيكم وأمركم ليذهب عنكم الرجس ويطهّركم أن انتهيتم وائتمرتم ، ضرورة أنّ اسلوب الآية نحو اسلوب قول القائل لجماعة علم أنّهم إذا شربوا الماء أذهب عنهم عطشهم لا محالة ، يريد الله سبحانه بالماء ليذهب عنكم العطش ، فإنّه على معنى يريد سبحانه بالماء إذهاب العطش عنكم إن شربتموه ، فيكون المراد
(الصفحة 108)

إذهاب العطش بشرط شرب المخاطبين الماء لا الإذهاب مطلقاً . فمفاد التركيب في المثال تحقّق إذهاب العطش بعد شرب الماء ، وفيما نحن فيه إذهاب الرجس والتطهير بعد الانتهاء والائتمار; لأنّ المراد الإذهاب المذكور بشرطهما ، فهو متحقّق الوقوع بعد تحقّق الشرط وتحقّقه غير معلوم ، إذ هو أمر اختياري وليس متعلّق الإرادة»(1) .

جواب موجز :

1 ـ إنّ الاعتراف بكون «الإرادة» من القسم التكويني ، ثمّ تعليق ذلك على شرط الطاعة في الأوامر والنواهي هو تراجع وعدول عن هذا الإقرار والاعتراف ، وبعبارة اُخرى: فإنّ فرض تلازم بين الإرادة التكوينية والطاعة هو بمثابة تحايل على القول بالإرادة التكوينية ، ويُعدّ تقريراً وإمضاءً ضمنياً بأنّ الإرادة في الآية هي إرادة تشريعية ، إذ إنّ المعنى ـ بلحاظ ذلك الشرط ـ يغدو: إنّ الله كلّفكم بأوامر ونواه وتعلّقت إرادته في تطهيركم على عملكم بتلك التكاليف تماماً ، كما تتعلّق إرادة الله في سمو الإنسان وتكامله الروحي على أداء الصلاة ، فـ «الصلاة معراج المؤمن»(2) . إذن فالباري تعالى أراد «لأهل البيت»(عليهم السلام) الامتثال لأوامره ونواهيه حتّى يطهّرهم ، كما أراد للإنسان أن يصلّي حتّى يعرج إليه ، ولعمري هل تعني الإرادة التشريعيّة غير هذا؟! بناءً على ذلك فإنّ
  • (1) روح المعاني في تفسير القرآن 22 : 19  .
  • (2) بحار الأنوار 82 : 248 ح1 و ص 303 ح2  .