جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 121)

المعنوية العالية هي رجس .
والآن ، بعد أن اتّضح معنى الرجس بالاصطلاح القرآني نرى أنّ جميع عوامل الشقاء قد اُطلق عليها الرجس ، فهو العلّة الاُولى لجميع الأمراض الروحية التي تحول بين المرء وإدراكه الحقائق ، وتدفعه للتمرّد والطغيان والمكابرة على الرضوخ للحقّ ، وعدم الإذعان للقيم المعنوية حتّى ينتهي الأمر به إلى الكفر والإلحاد ، إنّ «الرجس» يعرّي الإنسان عن جميع الفضائل ويخلفه روحاً مُشبعة بالآفات والأسقام ، وقد جعل القرآن «ضيق الصدر» عنواناً جامعاً لهذه العلل .
على هذا فإنّ مؤدّى آية التطهير هو أنّ الله سبحانه شرح صدور «أهل البيت»(عليهم السلام) ، ولم يبتلهم بضيق الصدر ، وصوّر قلوبهم سليمة معافاة من الأمراض الروحية التي جعل بينها وبينهم فاصلاً وبوناً لا يسمح بسريان الداء وتسرّبه إليهم .
إنّ «أهل البيت»(عليهم السلام) الذين انفصلوا عن الآفات والأمراض التي تحول بين المرء والإذعان للحقّ وتدفعه للتمرّد عليه ، تجدهم بتلك القلوب النقيّة والصدور الرحبة في حالة من الانقياد المحض لإرادة الباري تعالى ، والاستعداد التام لتلقّي القيم المعنوية وفهم دقائق أسرارها ، وقد سلكت بهم تلك الفاصلة وهذه الرحابة إلى قمّة الإنسانية الشامخة ، وجعلتهم صفوة الله التي تسبح في بحر الفضائل والكمالات . وما هذا الفاصل وتلك الرحابة إلاّ من فضل الله {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسلامِ . . .}(1) .

  • (1) الأنعام : 125  .

(الصفحة 122)

لذا فإنّ عدم تلوّثهم بالذنوب معلول لسعة صدورهم ورحابتها وامتلاء أرواحهم بالفضائل والكمالات وتعلّقها ، هكذا يتبيّن أنّ آية التطهير شاهد صدق على عظمة أرواح هذه الصفوة ، وبرهان حقّ على سمو أفكارهم وتحرّرهم من قيود الآفات الروحية وخلاصهم من تبعات الأمراض الأخلاقية ، وما هذه العظمة إلاّ موهبة إلهية ، وهي التي نزّهتهم عن الذنوب وطهّرتهم عن المعاصي ، وهي التي فتحت أبواب الفضائل والخيرات أمامهم لينهلوا منها الغاية والحدّ الأقصى ، فالإنسان العظيم لا يجاور الرذائل ، والفكر السليم لا يستمدّ من الخرافات والأباطيل ، والنفوس القويّة والهمم العالية لا تتمكّن منها الاضطرابات الروحية ولا يمكنها أن تصبوا إلى المعاصي ، وآية التطهير عنوان وعلامة على تمتّع «أهل البيت»(عليهم السلام)بهذه الكمالات الروحية الدافعة إلى الخير والمانعة للشرّ ، فلعمري إن كانت هذه المواهب الجمّة والفيوضات الزاخرة التي نزلت على «أهل البيت»(عليهم السلام) جبراً فأيّ الفيض لا يكون كذلك ومتى وفيمن تتحقّق حالة الإرادة والاختيار؟!
فعندما نرى عليّاً(عليه السلام) يمثِّل القمّة في التقوى ، فلأنّه ينطلق من تلك الركائز ، وإذا كان يقول: «والله لو اُعطيتُ الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته» (1) ، وإذا كانت الدنيا عنده أزهد من عفطة عنز(2) وأهون من ورقة في فم
  • (1) نهج البلاغة: 473 ، الخطبة 224 ، بحار الأنوار 75 : 360 ح76 .
  • (2) نهج البلاغة: 30 ، الخطبة 3  .

(الصفحة 123)

جرادة تقضمها(1) ، وكعراق خنزير في يد مجذوم(2) ، وكانت قيمة الرئاسة والإمرة عنده دون شسع نعل بالية(3)! فكلّ ذلك لما أشارت إليه آية التطهير من المنح والمواهب الإلهية التي منّ الله بها على أمير المؤمنين(عليه السلام) ، فنوّره بالعلم والمعرفة ، وأذهب عنه الرجس وطهّره تطهيراً ، فتسامى على هذا العالم وتعالى عن هذه الدنيا وحلّق في سماء المجد والعظمة في الآفاق التي أرادها الله له وللعترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين . وهكذا إذا وجدنا ابنه الحسين(عليه السلام) يقدّم رضيعه ذا الأشهر الستّة وفتاه ذا الثمانية عشر ربيعاً قرابين على طريق محبّة الله وفي سبيل إنقاذ عباده من جور يزيد وتحريرهم من استبداده ، ويتلو ذلك بسوق نسائه وعقائل بيته الشريف اُسارى لبني اُمية وابن آكلة الأكباد ، فذلك لتلك المواهب والنعم التي سبقت له من الباري عزّوجلّ وجعلته ـ كنتيجة للابتعاد عن الرجس ـ عاشقاً لله ، مسلّماً لأمره وإرادته ، هائماً في حبّه ومؤثره على التعلّق بالدنيا وحبّ فلذات كبده!

تقرير حقيقة

وما كان هذا اللطف الخاصّ ليأتي عبثاً وخبطاً مزاجياً لا يخضع لقاعدة وأساس ومعيار ، ولا يظنّن أحد أنّ العناية الإلهية تنصب دون حكمة وبشكل عشوائي لا يراعي استعداد الإنسان وقابليته لتلقّي هذا
  • (1) نهج البلاغة: 473 ، الخطبة 224 .
  • (2) نهج البلاغة : 702 ، الحكمة 236 . بحار الأنوار 40 : 337 ح21 و 73 : 130 ح135 .
  • (3) انظر نهج البلاغة: 70 ، الخطبة 33  .

(الصفحة 124)

العطاء الكبير ، وأنّ الأمر شمل «أهل البيت»(عليهم السلام)لمجرّد كونهم أهل بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله) وقرابته! كلاّ إنّ هذا التصوّر وهم باطل . إذ إنّ أرضية العطاء والاستعداد لتلقّي العناية واللطف الخاصّ أمر بيد الإنسان ورهن رغبته وإرادته ، فهو الذي يصنع نفسه ويهيّئ حاله لتكون على ذلك المستوى ، وهذا بحث يطول نتركه لمقام آخر ونكتفي بالإشارة إلى آية قرآنية أومأت إلى السرّ في العطاء الإلهي الخاصّ والعناية المتميّزة ، تفتح آفاق التحقيق والبحث أمام القارئ الكريم: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً* ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيماً}(1) ، فالآيتان تقرّران أنّ سرّ الإنعام الإلهي ومفتاح تلقي الفضل الخاصّ هو طاعة الإنسان وعمله في سبيل حياة خالدة ، وذلك بامتثاله أوامر الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) . إذن مردّ السعادة والتكرّم بالفيض الإلهي يعود للإنسان نفسه ومدى سعيه لتحقيق أرضية أكثر استعداداً لتلقّي المزيد من الفيض والعطاء الإلهي غير المجذوذ ولا المحظور .

  • (1) النساء : 69 ـ 70  .

(الصفحة 125)


النكتة الخامسة:



المقصود من «أهل البيت» في آية التطهير



تُرى هل هو البيت العتيق (الكعبة) وجميع المسلمين (أهل القبلة) هم أهله ، أم هو بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهله هم عشيرته وعائلته ، أم هم كلّ من يمتّ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بصلة قرابة أو نسب ممّن لا يُستقبح اجتماعهم تحت غطاء واحد ، ويصحّ تواجدهم وعيشهم في نفس البيت ، فيشمل هذا العنوان نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأبناءه بالإضافة إلى أمير المؤمنين الإمام عليّ(عليه السلام)؟ أم أنّ «أهل البيت» ينصرف إلى المعني العرفي المتداول الذي يطلق على عيال المرء وأزواجه ، فلا يعدو بذلك نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، أم أنّ هناك معنى آخر صرفت إليه هذه العبارة؟
هذه أقوال ممّا طرحه وذهب إليه كبار المفسِّرين ، ولكنّنا نرى أنّها لا تنطبق مع المعنى الواقعي لكلمة «أهل البيت» في الآية الكريمة .
إنّ كلمة «أهل البيت» هي عنوان مشير وتحكي عن حادثة وقعت .
وبعبارة اُخرى: إنّ كلمة «البيت» تشير إلى بيت من بيوت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، والألف واللام عهدية ، وأهل البيت هم الذين كانوا مجتمعين في الزمان والمكان المعيّنَيْن (حين نزول الآية وفي بيت اُمّ سلمة وفقاً لتعيين الروايات) ، فنزلت الآية في شأن ذلك الجمع تقريراً لفضلهم