جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 130)

حين نزول الآية ، فأطلّت برأسها من المخدع وسألت انضمامها وشمولها بالعناية الإلهية . وهذا يعني أنّ أمّ سلمة انتزعت من عبارة «أهل البيت» في الآية أنّ المجتمعين تحت ذلك السقف حظوا بالمكرمة ، فأرادت غيضاً من فيض ، فأطلّت برأسها وسألت النبيّ(صلى الله عليه وآله) : وأنا معكم؟ فإن لم تكن آية التطهير تشمل كلّ من كان في ذلك البيت ، وتحت ذلك السقف ما كانت أمّ سلمة لتطمع وتطمح في أن تشملها الآية هي أيضاً . إذن كلمة «البيت» في الرواية تُعدّ قرينة على أنّ المراد من «أهل البيت» في الآية هو عنوان أهل البيت المجتمعين في دار اُمّ سلمة والمتواجدين تحت ذلك السقف(1) .
ب ) جاء في رواية ابن جرير أنّ اُمّ سلمة قالت: «وأنا جالسة على باب البيت فقلت أنا: يارسول الله ألست من أهل البيت؟» (2) ترى لِمَ كان سؤال اُمّ سلمة هذا؟ هل كانت في شكّ من كونها إحدى زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله)؟! كلاّ بطبيعة الحال ، ولكن وجه الاستفهام في سؤال اُمّ سلمة يفهم من كلامها ـ رضي الله عنها ـ حيث قالت: وأنا جالسة على باب البيت فقلت: يارسول الله أَلست من أهل البيت؟» تعني الساكنين والمجتمعين في تلك الدار وتحت سقف واحد .
وعلى هذا الأساس فهمت اُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ من كلمة «أهل البيت» هذه المجموعة المتواجدة تحت غطاء واحد . وبما أنّها كانت قريبة
  • (1) راجع المراد من مصطلح «العنوان المشير» الذي جاء توضيحه في الصفحة 15 هامش 1 ، وسيأتي لاحقاً تفصيله .
  • (2) جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري 22: 7 ، تفسير ابن كثير 3: 493 .

(الصفحة 131)

منهم ومجاورة لهم; لذلك استفسرت بأنّ الآية التي نزلت في هذه المجموعة تشملها أم لا .

احتمال وجيه في خروج اُمّ سلمة عن مورد الآية

يستفاد من الروايتين المذكورتين أنّ خروج اُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ عن مورد الآية لم يكن خروجاً تعبّدياً ، بل التقدير الإلهي والمشيئة الربّانية اقتضت أن تكون هذه المرأة خارج الدار في وقت نزول الآية المباركة «آية التطهير» ، وبالفعل كانت المرأة في ذلك الوقت خارج الدار أو مجاورة لها ، الأمر الذي دعاها أن تبذل جميع الجهود وتتوسّل بكلّ شيء لعلّها تحظى بهذا الشرف العظيم وتدخل ضمن عِداد المجتمعين تحت الكساء!
ولكن لا رادّ لقضاء الله ، حيث لم تكن اُمّ سلمة رغم عظمتها مؤهلة لحمل هذا الوسام الفاخر; ولذا كان الأجدر بها أن تنسحب من هذا الميدان وتتوجّه إلى الدعاء والتوسّل ، والشاهد الحي لهذا الاحتمال حديث جابر بن عبدالله الأنصاري ، هذا الرجل العظيم الذي كان يحمل بعض أسرار القرآن والعترة ، الذي يقول: «نزلت هذه الآية على النبيّ(صلى الله عليه وآله) وليس في البيت إلاّ فاطمة والحسن والحسين وعليّ(عليهم السلام): {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): اللّهم هؤلاء أهلي»(1) .
على هذا ، فإنّ زوجة النبيّ الفاضلة ليست من «أهل البيت»(عليهم السلام)
  • (1) شواهد التنزيل 2: 29 ح648 ، مجمع البيان 8 : 138 ، تفسير نور الثقلين 4: 277 .

(الصفحة 132)

«والعاقل تكفيه الإشارة» ، إذ لم تكن في الدار التي نزلت فيها الآية ، كما ظهرت في هذه الرواية أيضاً لفظة «البيت» كقرينة على أنّ المراد من أهل البيت هو بيت اُمّ سلمة .

تسمية جديدة

لقد كان هذا مفاد عبارة «أهل البيت» عند نزول الآية هو: «النازلون دار اُمّ سلمة ، المجتمعون في بيتها» ، ولكن بمرور الزمان وتقادم الأيّام أخذت العبارة لنفسها عنواناً تاريخياً .
فالحادثة في يومها الأوّل وقعت ـ باتفاق جميع العلماء المحقّقين من السنّة والشيعة ـ عندما اجتمع أربعة أشخاص بدعوة من النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) في دار زوجته الفاضلة ، ولم تكن لائحة المدعوّين تتجاوز الأسماء المباركة ، لـ «عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)» ، ولم يكن من سبيل لتحديدهم وتعريفهم إلاّ إطلاق هذه الأسماء النورانية عليهم ، ولكن مع نزول الآية الشريفة بأمر البارئ عزّوجلّ وإرادته فقد خلع على هذه الثلّة المباركة أعظم فضيلة ومنقبة ، وصارت الألسن تتناقل تسميتهم الجديدة «أهل البيت»(عليهم السلام) شيئاً فشيئاً حتّى تعيّن كعنوان أساسي لهم .
إنّ عبارة «أهل البيت» التي انبثقت كمعنى تاريخي من حادثة معيّنة ، تحوّلت بمرور الزمان إلى عنوان ولافتة مفعمة بالفخر والفضيلة ، وأصبحت متعيّنة في النبيّ وصهره وأبنائه ، ومن مختصّات ألقابهم صلوات الله عليهم أجمعين . وما هذا وذاك إلاّ لأهمّية الموقف والعظمة التي سجّلتها آية التطهير!

(الصفحة 133)

إنّ العبارة بحدّ ذاتها وبصرف النظر عن مدلولها المقترن بالمناسبة ، لا تحمل أيّة فضيلة ولا تعني أيّ تفوّق وكمال ممّا تحمله كلمات من قبيل «عالم ، عادل ، شجاع» ، ولكن مفاد آية التطهير المتدفّقة نوراً وفضيلة هو الذي خلع الفخر والعظمة على مصطلح «أهل البيت» وبلغ به قمّة تحكي معنى أكثر رقياً وسموّاً حتّى من تلك القمّة! وهذا هو السرّ في تحوّل الكلمة إلى عَلَم لهذه الثلّة المباركة .
إذن ، مع مرور الزمن ، بدأت تحفّ بهذه العبارة حيثية أخرى ، وصارت لها موضوعية مستمدّة من موضوع إثبات الفضيلة التي نطقت بها آية التطهير ، وصار «أهل البيت» اللقب الخاص لصفوة الله وخاصّته . ولم تجر كلمة أهل البيت على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله) كعنوان لأسرته قبل نزول آية التطهير في نطاق ما تحرّيناه ، ولكن بعد نزولها فقد تكرّر إطلاقه(صلى الله عليه وآله)هذا اللقب «أهل البيت» عند إرادته ذكر عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) ، وكأنّه(صلى الله عليه وآله) كان من البهجة والسرور بنزول آية التطهير بحيث كان يتحيّن الفرص ليستعيد ذكراها ويجدّد العهد بها ، فيكرّر ذكر عبارة «أهل البيت»! أو كأنّه يريد إخراج هذا المسمّى وما يعنيه من فضيلة وفخر لأعزائه الأربعة من خلال تكرار النداء والتصريح بهذا اللقب السامي والوسام الربّاني ، اللقب الذي يعادل الدنيا وما فيها ، ومن خلال ترديد الآية التي تضع عترته(صلى الله عليه وآله) في قمّة الهرم الإنساني ، حيث نشاهده(صلى الله عليه وآله وسلم) ومن حين نزول الآية ولمدّة ستّة أشهر أو أكثر ، وحينما كان يخرج لأداء صلاة الصبح يجعل طريقه على دار
(الصفحة 134)

فاطمة(عليها السلام) وينادي بذلك النداء العظيم: «الصلاة يا أهل البيت»(1) .
نعم ، إنّ الادّعاء بأنَّ تقادم الزمن وحركة التاريخ لم يضفيا على أحد ـ ومن خلال آية التطهير ـ أيَّ فضيلة ولم يلبسا حُلّة الفخر والعزّ لأحد مهما كان ، ولم يظهرا له أيّ امتياز . نعم إنّ مثل هذا الادّعاء الواهي والتفكير المتشتّت والمبعثر بعيد عن روح الفضيلة وطلب الحقيقة ، إضافة إلى أنّه بعيد عن منهج العلماء ومنطق المحقّقين ، بل الواقع أنّ مرور الزمن وتعاقب الأيّام أزالا الستار عن الفضيلة التي اُريد لها أن تُحجب ، وأبرزاها على أحسن صورها وأجمل حالاتها . كما أظهر كلمة «أهل البيت» كعنوان ذهبي يزيّن صفحة التاريخ البشري . لقد كان الرسول(صلى الله عليه وآله)ومن خلال ترديده للآية المباركة يهدف إلى تحقيق عدّة أغراض:
الأوّل: لكي لا يطمس هذا العنوان الذهبي والوسام الإلهي .
الثاني: صيانة لهذا العنوان من سطو الطامعين ولصوص السياسة الذين يحاولون أن يتبرقعوا ويتزيّنوا بهذا الوسام العظيم والشرف الرفيع والذي لم يكونوا أهلاً له .
الثالث: وليعلم الجاهلون بالحقائق القرآنية مَنْ هم أصحاب هذا العنوان الرفيع .

  • (1) ذكر العلاّمة المجاهد عبد الحسين شرف الدين في رسالته «الكلمة الغرّاء» ص20 أنّه قد أخرج الإمام أحمد في ص568 ح14042 من الجزء الرابع من مسنده عن أنس بن مالك: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمرّ بباب فاطمة ستّة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)وعن أبي الحمراء سبعة أشهر (جامع البيان في تفسير القرآن 22 : 6) ، وفي رواية ذكرها النبهاني وغيره ثمانية أشهر (الدرّ المنثور 5: 199) .