جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 22)

والقدرة والكفاءة . . .
ففي جملة قصيرة ـ تغيّر فيها ضمير جمع المؤنث إلى جمع المذكر «كُم» ـ يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} .
فقد قضت إرادة الله أن يكون أهل البيت(عليهم السلام) ـ الصفوة من بيت النبوّة ـ هم الوحيدين المنزّهين عن كلّ نقص وعيب وسوء ورجس ، وأن تشع في نفوسهم وأرواحهم أنوار الطهارة والصفاء التي لا تزول ، نزاهة وطهارة تمكن الدين القيم من العطاء النقي الخالص إلى الأبد .
إذن نحن هنا أمام الكلام في الإرادة التكوينية والقضاء المحتوم ، إرادة انبعاث بيت وأسرة ، في أعلى مستويات الإنسانية البعيدة عن الزلل والخطأ والانحراف والتحريف والأمراض النفسية والخصال القبيحة ، وكلّ عيب أو نقص . . . المتحلّية بجميع الكمالات من الصفاء والطهارة والتقى والزهد ، وكلّ فضيلة وكمال نفسي وروحي . . .
ومن البديهي أنّ قضاء الله وإرادته الأزلية لم تتعلّق بهذا الأمر عبثاً ولغواً ، بل هي مقدّمة لإعداد هذه الوجودات القدسية لدور إسلامي خطير ما هو إلاّ قيادة المسلمين وهدايتهم(1) .

  • (1) لا يخفى بأنّ المقصود هو النهوض بدور رسالي في هداية الاُمّة ، وهو أعمّ من الإمامة والقيادة السياسية ، وهذا الدور يتطلّب العصمة والطهارة ، فالزهراء(عليها السلام)لم تكن إماماً ولكن الآية شملتها للدور الذي أوكل بها على صعيد الدفاع عن الإمام بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله)والنهوض بمخاصمة القوم ومحاججتهم ، أو بلحاظ كونها الوعاء الطبيعي لاستمرارية خط الهدى عبر الأئمّة(عليهم السلام) من ولدها . . . وسيشير المؤلِّف ـ حفظه الله ـ إلى شيء من خصوصيات الزهراء(عليها السلام)وموقعها في الآية الشريفة في آخر الكتاب .

(الصفحة 23)

وعلى هذا ، فإنّ هذا الخطاب لا يمكن أن يشمل نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)بدليلين ـ فضلاً عن الأدلّة الأخرى التي سيأتي بيانها لاحقاً ـ هما:
1 ـ لا دلالة في الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) على إرادة الله سبحانه تنزيههنّ ، بل إنّها صرّحت من خلال كلمة «تُردن» بأنّ أمر بلوغ مرتبة الأجر المضاعف أو نيل العقوبة المضاعفة منوط بهنّ وبإرادتهنّ الخاصّة ، فإنّ إرادتهنّ لها المدخلية التامّة في مصيرهنّ ، ومع ثبوت هذا الأمر لا يعود لفرض دور في تدخّل الإرادة الربّانية بشكل تكويني خصوصاً لصالح نزاهتهنّ وطهارتهنّ أيّ معنى .
وبعبارة أوضح: كيف يمكن أن تتعلّق الإرادة الإلهية المحتومة بنزاهة نساء النبي(صلى الله عليه وآله) وطهارتهنّ من كلّ الخبائث والأرجاس ، مع أنّ الآيات صرّحت باحتمال انصرافهنّ إلى الدنيا وسقوطهنّ في حبائل زينتها ممّا لا يجتمع وشأنية الاقتران برسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ بحيث طالبتهنّ تلك الآيات الشريفة بالتخلّي عن رداء الفخر والاعتزاز ، الذي نلنه بمقام الزوجية إذا ما اخترن طريق الدنيا; ليصبح شأنهنّ كسائر نساء المسلمين دون امتياز وفخر يضفيه لقب «اُمّ المؤمنين» ، هل يتوافق هذان الأمران ويقبلان الاجتماع والالتقاء في موضوع واحد؟ كلاّ  . . . ومن هنا يُعلم أنّ نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) خارج دائرة إرادة الباري التكوينية ، التي قضت بطهارة أهل البيت(عليهم السلام) ، وأنّ مصيرهنّ يتعلّق بإرادتهنّ الخاصّة وسلوكهنّ الشخصي لا غير .
2 ـ إنّ رسالة هذه الآيات الشريفة من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النبي
(الصفحة 24)

قُلْ لاَِزْوَاجِكَ} حتّى قوله: {وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ}(1) هي بيان واجب وتكليف نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وانحصاره بدور ربة البيت المتديّنة العفيفة ، لا التدخّل في أمور المجتمع والخوض في القضايا السياسية ، أمّا آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} فهي حاكية عن إرادة الباري عزّوجلّ في خلق وإيجاد بيت وأسرة طاهرة مطهّرة ليُوكّل إليها دور وتُناط بها وظيفة اجتماعية سياسية غاية في الأهمّية ، كيف يمكن إذن أن يكون هذا القسم من الآية شاملاً لزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؟ مع أنّنا نلاحظ تغيّراً واضحاً في أسلوب الخطاب الذي تحوّل فجأةً إلى ضمير «عنكم» بعد تتالي عشرين ضميراً لجمع المؤنّث!
كانت هذه إشارة موجزة إلى أن آية التطهير لا تدلّ على طهارة زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ونزاهتهن .
وهذه النتيجة تنسجم مع رؤية العارفين بالقرآن الكريم وأسلوبه ومنهجه ، فقد خلصوا إلى أنّ دور زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) لا يتجاوز مدلول هذه الآيات التي بحثناها من التزام بيوتهنّ والقيام بشؤونها والتحلّي بلباس التقوى .
وسنتناول هنا بعض النماذج من آراء هذه الطبقة الممتازة ، ومن الأنسب أن تكون الرؤية الأولى لواحدة من هذه النسوة أنفسهنّ اللاتي توجّه إليهنّ الخطاب في تلك الآيات ، ونرى أن نقدّم شيئاً في ترجمة شخصية هذه المرأة العظيمة .

  • (1) الأحزاب : 28 ـ 33 .

(الصفحة 25)

رأي اُمّ سلمة :

لابدّ لنا قبل عرض رأي هذه المرأة الصالحة في هذه القضية الحسّاسة من نقل بعض صفاتها وخصائصها دفعاً لأيّ وهم قد
يخدش بموضوعيتها في تبنّي رأيها من الآيات ومن هذه القضية ، ولا  يحمل الرغبة التي أبدتها في قصّة حديث الكساء محمل الهوى
ورغبات النساء .
بعد اُمّ المؤمنين خديجة الكبرى(عليها السلام) تأتي أمّ سلمة رضوان الله عليها على رأس قائمة النساء اللآتي كنّ يلقن زوجات للنبي(صلى الله عليه وآله) ،
لقد كانت أكثرهنّ أمانة حتّى إنّها استُودعت أمانات وودائع الإمامة ، وقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «أفضلهنَّ ـ نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)  ـ خديجة بنت خويلد ، ثمّ اُمّ سلمة بنت الحارث»(1) ، لقد كانت الوحيدة من بين نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) التي ما توانت عن نصرة
أمير المؤمنين(عليه السلام)والدفاع عنه ، ولم تدّخر وسعاً في كشف الحقائق
وإعلانها .
وكان أهل البيت(عليهم السلام) يرونها أهلاً لاطّلاعها وائتمانها على أسرارهم، وهي نفسها التي نقلت عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أحاديث زاخرة بفضائل أمير المؤمنين(عليه السلام) ، ولم يكن تعصّب هذا وذاك ليمنعها عن الصدع بالحقّ .
ولعلّ نزول هذه الآية «آية التطهير» في بيتها ـ باتّفاق الفريقين ـ
  • (1) الخصال 2: 419 ح13 ، بحار الأنوار: 22 / 194 ح7 .

(الصفحة 26)

خير شاهد على فضلها ومنزلتها ، وكما سيأتي في البحث حول المراد من البيت في «أهل البيت» هو بيت أمّ سلمة رضوان الله تعالى عليها ، وهو أحد بيوت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وقد ذكر في الآيات محلّ البحث في موردين بصيغة الجمع ، وكيف كان فقد عدّ هذا البيت المبارك منبعاً وأساساً لإطلاق هذا العنوان «أهل البيت» ، الذي تحوّل بعد ذلك إلى مصطلح خاصّ(1) ، بحيث اُضيفت الثلّة الخاصّة من أسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله)المشمولة بآية التطهير إلى ذلك البيت ، وهذا بحدّ ذاته أفضل شاهد على مكانة ومنزلة أمّ سلمة .
ويكفي لإثبات تمتّعها بروح مطمئنّة ونفس مذعنة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)أنّها كانت تصرّح بقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) لها أنّ هذه الآية لا تشملها ، وأنّها ليست من أهل البيت الذين أرادتهم الآية الشريفة .
ويسعنا القول: إنّها كانت من الوثاقة والعدالة والمنزلة بحيث كانت أحاديثها مستنداً لكثير من أعلام الشيعة ورجالاتها فيما اتخذوه من مواقف تجاه أمير المؤمنين(عليه السلام) ، وعلى سبيل المثال نذكر زيد بن صوحان ، الذي استشهد في حرب الجمل ، وقد حضر أمير المؤمنين مصرعه فلقّاه مضرّجاً بدمه وهو في حال النزع يجود بنفسه ، فقال له: رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة ، فرفع زيد رأسه وأخذ يقول بصوت خافت: «وأنت فجزاك خيراً يا أمير المؤمنين ، فوالله ما علمتك إلاّ بالله عليماً وفي اُمّ الكتاب عليّاً حكيماً ، وأنّ الله في
  • (1) بحيث انصرف المدلول المكاني للكلمة «البيت» إلى معنى علمي ومقصود معنوي ونوري خاص . . . وسيأتي البحث في ذلك لاحقاً .