جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 26)

خير شاهد على فضلها ومنزلتها ، وكما سيأتي في البحث حول المراد من البيت في «أهل البيت» هو بيت أمّ سلمة رضوان الله تعالى عليها ، وهو أحد بيوت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وقد ذكر في الآيات محلّ البحث في موردين بصيغة الجمع ، وكيف كان فقد عدّ هذا البيت المبارك منبعاً وأساساً لإطلاق هذا العنوان «أهل البيت» ، الذي تحوّل بعد ذلك إلى مصطلح خاصّ(1) ، بحيث اُضيفت الثلّة الخاصّة من أسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله)المشمولة بآية التطهير إلى ذلك البيت ، وهذا بحدّ ذاته أفضل شاهد على مكانة ومنزلة أمّ سلمة .
ويكفي لإثبات تمتّعها بروح مطمئنّة ونفس مذعنة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)أنّها كانت تصرّح بقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) لها أنّ هذه الآية لا تشملها ، وأنّها ليست من أهل البيت الذين أرادتهم الآية الشريفة .
ويسعنا القول: إنّها كانت من الوثاقة والعدالة والمنزلة بحيث كانت أحاديثها مستنداً لكثير من أعلام الشيعة ورجالاتها فيما اتخذوه من مواقف تجاه أمير المؤمنين(عليه السلام) ، وعلى سبيل المثال نذكر زيد بن صوحان ، الذي استشهد في حرب الجمل ، وقد حضر أمير المؤمنين مصرعه فلقّاه مضرّجاً بدمه وهو في حال النزع يجود بنفسه ، فقال له: رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة ، فرفع زيد رأسه وأخذ يقول بصوت خافت: «وأنت فجزاك خيراً يا أمير المؤمنين ، فوالله ما علمتك إلاّ بالله عليماً وفي اُمّ الكتاب عليّاً حكيماً ، وأنّ الله في
  • (1) بحيث انصرف المدلول المكاني للكلمة «البيت» إلى معنى علمي ومقصود معنوي ونوري خاص . . . وسيأتي البحث في ذلك لاحقاً .

(الصفحة 27)

صدرك لعظيم ، والله ما قاتلت معك على جهالة ، ولكنّي سمعت أمّ سلمة زوج النبيّ(صلى الله عليه وآله) تقول: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «مَنْ كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله» فكرهت والله أن أخذلك فيخذلني الله»(1) .
وتُعدّ الرسالة التي كتبتها إلى عائشة في واقعة الجمل أفضل شاهد على علمها وفضلها ومعرفتها بالقرآن ، إلى جانب بلاغتها وفصاحتها ، وأنّها امرأة عالمة عارفة بالقرآن ، مطيعة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ، آمرة بالمعروف ، ناهية عن المنكر ، معلنة للحق وساعية له ، لا مغرضة ولا طامعة ، تكنّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) خالص الولاء والوفاء ، متحرّقة لنصرة الإسلام وإنقاذ الأمّة من الفتنة ، كتبت لعائشة تقول:
«إنّك جُنّة بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين اُمّته ، وإنّ الحجاب دونك لمضروب على حرمته ، وقد جَمَعَ القرآن ذيلك فلا تَنْدَحيه ، وسكّن عُقَيراك فلا تُصحريها ، لو أذكرتك قولةً من رسول الله(صلى الله عليه وآله) تعرفينها لنُهشت بها نَهْشَ الرقشاء المطرقة ، ما كنت قائلةً لرسول الله(صلى الله عليه وآله) لو لقيك ناصّة قَلُوص قعودك من منهل إلى منهل قد تركت عُهَيْداه وهتكت ستره ، إنّ عمود الدين لا يقوم بالنساء ، وصَدْعه لا يُرأبُ بهنّ ، حُمادَيات النساء خفض الأصوات وخَفرُ الأعراض ، اجعلي قاعدة البيت قبرك حتّى تلقينه وأنت على ذلك»(2) .

  • (1) اختيار معرفة الرجال ، المعروف برجال الكشي: 66 ـ 67 الرقم 119 . قاموس الرجال 4: 557 ـ 558 ، بحار الأنوار 32: 187 ح138 .
  • (2) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 6 : 219 ـ 220 .

(الصفحة 28)

رأي زيد بن صوحان :

عندما وصلت عائشة مع صحبها إلى البصرة لإثارة الفتنة وإشعال الحرب ، كتبت إلى زيد بن صوحان تؤلّبه على أمير المؤمنين(عليه السلام) ، (وقد أثبت ابن الأثير هذه الرسالة وجوابها في الكامل في التاريخ) وقد أدرجها صاحب قاموس الرجال أيضاً في ترجمة زيد(1) ، وهكذا سائر كتب التراجم مع اختلاف يسير ، ونحن هنا ننقل نص «الكامل»:
«من عائشة اُمّ المؤمنين حبيبة رسول الله(!) إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان: أمّا بعد ، فإذا أتاك كتابي هذا فأقدم فانصرنا ، فإن لم تفعل فخذّل الناس عن عليّ» .
أمّا زيد ، وهو أخو صعصعة ومن كبار التابعين ، وهو كاُويس القرني ، الذي لم يحظ بصحبة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولكن الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله)بشّره بالجنّة(2) ، وقد أبلى بلاءً حسناً في الدفاع عن أمير المؤمنين(عليه السلام)في جهاده الناكثين في حرب الجمل ، فقد كتب في جوابها:
«أمّا بعد ، فأنا ابنك الخالص ، لئن اعتزلت ورجعت إلى بيتك وإلاّ فأنا أوّل من نابذك»(3) .
وهذا الجواب يكشف بوضوح إحاطة عموم المسلمين بوظيفة

  • (1) قاموس الرجال 4: 558 .
  • (2) قال فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) : يسبقه عضو منه إلى الجنّة ، فقطعت يده يوم مؤتة ، وقتل مع عليّ(عليه السلام) يوم الجمل (ج1 من الأحاديث الغيبية / مؤسسة المعارف الإسلامية ، وقد ذَكر له عشرين مصدراً) .
  • (3) الكامل في التاريخ 3 : 216 .

(الصفحة 29)

وبواجب كلّ فئة منهم ، ففي رؤية زيد كان يمكن لعائشة أن تكون اُمّاً للمؤمنين وتتمتّع بمميّزات هذا اللقب ، إذا ما قرّت في بيتها وانشغلت بدور ربة البيت ، وإن لم تفعل فليست للمؤمنين باُمّ ولا يمكن لزيد أن يكون ابناً لها .
لقد أشار زيد إلى ما رسمه القرآن الكريم في آيات النساء وخطّه كمنهج وبرنامج عملي لنساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وذكّر عائشة به ، فطالبها بالرجوع إلى بيتها ، وأن تترك أمر الرجال للرجال ، ودون ذلك فلا حرمة لها ولا حقّ لها بالافتخار بلقب «اُمّ المؤمنين» ، بل إنّ زيداً أشار إلى وظيفة اُخرى تترتّب على عموم المسلمين في مثل هذه الحالات ، وهي الأخذ على يد الناكث ، وسل السيف في وجه عائشة ومنابذتها حتّى يردّها إلى بيتها ويجتثّ الفتنة . ويذكر الطبري أنّ زيداً كان يقول عقب هذه الرسالة:
«رحم الله اُمّ المؤمنين ، اُمرت أن تلزم بيتها واُمرنا أن نقاتل ، فتركت ما اُمرت به وأمرتنا به ، وصنعت ما اُمرنا به ونهتنا عنه»(1) .
ونرى هنا أنّ زيداً يعلم بأنّ الآية الكريمة
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ }تأبى لعائشة ما تكلّفته من دور ، وتحظر عليها ما تصدّت له من مهمّة ادّعت أنّ الوظيفة والواجب الشرعي يمليه عليها ، فركبت جملها وخرجت تدّعي الطلب بدم عثمان! وهو يعلم كذلك أنّ آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ . . .} أوكلت أمر زعامة الاُمّة وإمامتها لأمير المؤمنين الذي هو من «أهل البيت(عليهم السلام) » ، وأنّ عليه نصرة هذا الإمام والدفاع
  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري 4: 477 .

(الصفحة 30)

عنه حينما تشتدّ المحنة ويحتدم الصراع في ميادين الحروب .
إنّ حديث وفعل زيد ، كلامه وموقفه العملي ، يكشف عن علمه بأنّ قضايا الإسلام المصيرية لم توكل إلى النساء ، وبأنّ آية التطهير {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ . . .} لم تطهّر عائشة ولم تنزّهها; لأنّها ما نزلت في شأنها ، لذا فهو عَجِبٌ ومذهول ، عَجَبُ استنكار وذهولُ رفض من تصرّفات عائشة .
فما كان لزيد أن يتردّد ويرتاب في موقف عائشة لو أنّه كان يرى أنّ آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ . . .} قد نزلت في اُمّهات المؤمنين وشملتهنّ ، وأنّ الإرادة التكوينيّة لله سبحانه وتعالى عصمتهنّ عن الرجس والعيب والخطأ ، وما كان ليصنّف عملها هتكاً لحدود الله ومخالفة لأحكامه ، وكأنّي به يقول: إنّ عمل عائشة هو حجّة على الآخرين إذ نزّهها الله ، وأراد إرادة تكوينية أزلية أن لا ترتكب خطيئةً ولا خطأً ، فلا يصحّ أن نشكّ في أعمالها ونتردّد في مواقفها ، ولكنّنا نجد في المقابل أنّ جملة واحدة مختصرة من اُمّ سلمة أقنعته بتولّي أمير المؤمنين(عليه السلام) وطاعته ما قاله حال استشهاده . لماذا يعتمد زيد بن صوحان رضوان الله عليه حديث اُمّ سلمة في حقّ عليّ(عليه السلام)ويبادر في اتخاذه حجّة ، وفي المقابل يصنِّف سلوك عائشة هتكاً لحرمات الإسلام ومخالفة للشريعة الغرّاء؟ هل الأمر إلاّ رؤيته وفهمه بأنّ آية التطهير لا تشمل عائشة وزوجات النبي(صلى الله عليه وآله) ، وأنّ الرعاية الربّانيّة في العصمة والتنزيه تشمل عليّاً(عليه السلام) وبقية أهل البيت(عليهم السلام)فقط ، وأنّ اُمّ سلمة رضي الله عنها صارت أهلاً للثقة والاعتبار; لتمسّكها بالوظائف وعملها بالواجبات التي شرعها القرآن الكريم لخصوص نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، فبلغت