جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 59)

عمد بعد نزول الآية مباشرة إلى ذويه وجمعهم تحت الكساء ودعا بدعاء «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي . . .» ، وكأنّه صلوات الله عليه وآله أراد تأكيد مضمون الآية وتحديد مصداقها على وجه الحصر ، ودفع أيّ وهم قد يعتري أحداً من أنّها تشمل غيرهم .
وبعبارة اُخرى: يظهر أنّ للنبيّ(صلى الله عليه وآله) هدفاً عظيماً وغايةً ساميةً من وراء عملية جمع أهله وذويه تحت الكساء ، وهي حصر واختصاص المقام الإلهي الشامخ الذي ناله المخاطبون في آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ . . .}بهؤلاء المجموعين تحت الكساء ، حتّى لا يدّعي في الحاضر أو المستقبل أحد أنّه من المشمولين بالآية وينتحل لنفسه ذلك المقام الخطير; مقام العصمة والطهارة ، الذي ما أراده الباري عزّوجلّ إلاّ لقادة دينه وأئمّة خلقه وورثة رسوله ، فجاء فعل النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، بل قوله أيضاً ـ إذ ما اكتفى بجمعهم تحت الكساء بل صرّح وهو يشير إليهم: «هؤلاء أهل بيتي . . .» ـ المباشر لنزول الآية; ليحسم الأمر ويقطع أيّ نزاع حاضر أو مستقبل حول دلالتها والمخاطبين فيها .
ثمّ هلمّ لنرى التحامل والجهل كيف يصوّران واقعة الكساء والتجمّع الخاصّ المعين أمراً طبيعياً لم يكن يعني أكثر من استلقاء للراحة أعقب تناول وجبة دسمة من الطعام! وكيف أنّ تقادم الأيّام حوّل هذه الحادثة الطبيعية إلى فضيلة ومنقبة تُساق دليلاً ومستنداً للاستحواذ على زعامة المسلمين والتصدّي لمقام القيادة .
ولعمري ماذا عسانا أن نقابل هذا الزعم الأجوف والقول الأعمى؟ ترى هل انحصر وقوع هذا الحدث «الطبيعي» مرّةً واحدةً فقط على مدى تلك السنين المتمادية؟ ترى هل اجتماع النبيّ(صلى الله عليه وآله)مع بقيّة
(الصفحة 60)

أصحاب الكساء(عليهم السلام) لتناول الطعام لم يتحقّق إلاّ في مرّة واحدة ، وأنّ الحاجة إلى الاستلقاء والاستراحة بعد تناول الطعام لم يكن إلاّ في ذلك اليوم؟ أيّ تقاليد وأعراف «طبيعية» تسمح بالتقاء خمسة أشخاص من الأقرباء على ذلك النحو وبتلك الكيفية؟!
ثمّ كيف يمكن للزمن وتقادم الأيّام أن يؤثّر في تحوير أمر طبيعيّ وتحويله إلى منقبة وفضيلة خاصّة؟! كيف يمكن لأمير المؤمنين(عليه السلام) أن يستند إلى «قضيّة طبيعيّة» ويحتجّ بها في مراحل متعدّدة من المعترك العسير ، الذي كانت التيّارات السياسية المتنافسة تتناهب فيه الزعامة وتتجاذبها ، فيتّخذها عروة وثقى ويتمسّك بها دون غيرها ، وهو عليّ(عليه السلام)الذي يقول «ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير . . .»(1)؟! لعمري كم الحقيقة مُرّة ، والإذعان لها عسير بحيث يعمد الإنسان إلى طمسها وإسدال ستار الوهم عليها ، ويعمل على إضلال جمع ممّن خفيت عليهم!
هل كلّ ما شطح به الخيال ورسمه قلم الكاتب على الأوراق هي حقائق؟ فما هو الفيصل بين الحقّ والباطل إذن؟ وما هو السبيل لتمييز الصلاح عن الفساد؟
لماذا نقلّب الحقيقة ونجحدها ونحن نصوّر فضيلة عظيمة طرحت منذ البداية كعنوان مُعرّف لثلّة وجماعة خاصّة ، وترسّخت عبر أقوال وممارسات متكرّرة ، نطرحها كحدث طبيعي وأمر عادي يذهب بالمدلول ويمحوه؟ ترى هل لهذا الفعل المشين من تسمية غير ظلم أهل
  • (1) نهج البلاغة: 26 ، الخطبة 3 (الخطبة الشقشقية) .

(الصفحة 61)

البيت وإنكار حقّهم؟!
نعم ، لا ريب في أنّ هدف النبيّ(صلى الله عليه وآله) من جمع تلك الثلّة تحت الكساء وتعقيب ذلك بعبارة «هؤلاء أهل بيتي» كان سلب أيّة صفة وعنوان يفيد التعميم من الآية ، وأنّ زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعموم أقربائه وعشيرته لا نصيب لهم في هذه الآية ولا اختصاص لهم بها ، ومن هنا جاء قول الصادق(عليه السلام): «لو سكت رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولم يبيّن مَنْ أهلُ بيته لادّعاها آل فلان وآل فلان . . .»(1) وهذا ممّا يؤكّد اهتمام النبيّ(صلى الله عليه وآله)وحرصه على حسم هذا الأمر ، فما اكتفى بالقول بل عمد إلى أسلوب مبتكر في تحديد المراد من أهل البيت(عليهم السلام) ، بحيث أخرج اُمّ سلمة ـ صاحبة البيت ـ قولاً وعملاً من ذلك النطاق المقدّس ، وحصره بالخمسة(عليهم السلام) .
7 ـ إنّ آية التطهير تشمل النبيّ(صلى الله عليه وآله) أيضاً ، ورواية أبي الجارود ، عن الإمام الباقر(عليه السلام) وأبي سعيد الخدري ، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)تصرّح بهذا المعنى ، وهذه النقطة ممّا يهمّنا التركيز عليها لدورها في بيان معنى أهل البيت الذي سنتناوله لاحقاً .

2 ـ موقع الآية في التدوين :

هنا سؤال يطرح نفسه ، بعد إثبات إنفصال آية التطهير واستقلاليتها في النزول وشأنه والدلالة وما إلى ذلك ممّا مرّ فيه الحديث ، وهو: لماذا جاء تدوينها في هذا الموضع بالذات ، في ذيل الآية الثالثة
  • (1) الكافي 1: 287 ، البرهان في تفسير القرآن 1: 382 .

(الصفحة 62)

والثلاثين من سورة الأحزاب ؟
قبل الدخول في جواب هذا السؤال والبحث في هذه النكتة الهامّة ، لابدّ من ملاحظة المنهج القرآني والقواعد التي تمّ وفقها تدوين القرآن الكريم وترتيب آياته .

ترتيب الآيات :

ممّا لا شكّ فيه أنّ الصورة الفعلية لنظم القرآن الكريم وتأليفه تمثّل القمّة والكمال المطلوب في هذا المقام ، وهي مطابقة لما أمر به رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأنّه دُوّن وجُمع بهذا الشكل الموجود عليه اليوم في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحياته .
وهناك شواهد كثيرة على هذا المدّعى ، وهو ممّا يقول به كبار العلماء من الشيعة والسنّة ، من قبيل شيخ الطائفة الطوسي ورئيس المحدّثين الشيخ الأقدم الصدوق القمّي والسيّد الجليل علم الهدى وصاحب مجمع البيان ، بل يصدق أنّ جميع القائلين بعدم تحريف القرآن ، الذين يشكّلون الأكثرية المطلقة من العلماء المحقّقين يذعنون لهذا المعنى ، أي أنّ القرآن الكريم جُمع واُلّفت آياته وسوره على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، كما يظهر من بعض استدلالاتهم ، وللوقوف على تفاصيل الموضوع نحيل القارئ إلى كتاب «البيان في تفسير القرآن» وإلى كتابنا «مدخل التفسير في علوم القرآن» . ولإثبات المطلوب نكتفي هنا بذكر مسألة ودليلين:

(الصفحة 63)

مسألة هامّة :

هناك حقيقة مشهودة وأمر ملموس في القرآن الكريم يكتشفه المتدبّر في آياته ، وهي أنّ لهذا الكتاب السماوي بدايةً وجذراً أصيلاً ومنبعاً واحداً ، وأنّ الآيات الكريمة تترى الواحدة تلو الاُخرى باتجاه هدف معيّن ، وتعود لتصبّ في مصبّ واحد ، بحيث يبتني منهج الاستدلال وكيفيّته ـ إلى حدّ ما ـ في كلّ آية على الآية التي سبقتها .
يبدأ كتاب الله العظيم ، القرآن الكريم بسورة الحمد ، التي تعرف بـ «فاتحة الكتاب» ، وهذا العنوان يكشف عن أنّ للقرآن بداية ونهاية ، وإذا لم يكن تدوين القرآن وجمعه قد تمّ على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)فلا محلّ ولا معنى لإطلاق هذه الصفة على سورة الحمد ـ التي احتلّت في عملية التدوين بداية هذا الكتاب السماوي ـ وأن يذكرها النبيّ(صلى الله عليه وآله)بهذا العنوان «الفاتحة» .
ولعلّ السرّ في البدء بهذه السورة وافتتاح القرآن بها أنّها تمثِّل فهرساً وقائمةً مركزةً ومختصرةً لمطالب ورسالة القرآن الكريم .
فالقرآن الكريم بصدد رسالتين أساسيّتين في طريق هداية البشرية وسعادتها: «الإيمان بالله والإقرار بالمعاد ويوم الجزاء» وتأتي قصص الأنبياء في القرآن مثلاً لتحكي وتبيّن ردود فعل الاُمم السابقة ، وكيف أنّ الرقي الإنساني والسعادة والنعم الربانية كانت قرينة الاستجابة لدعوات الأنبياء والإيمان بهم ، وأنّ التعاسة والشقاء والانحطاط كان حليف الكفر وإنكار الرسالات والنبوّات ، وإنّ سورة الحمد تضمّ خلاصة مواضيع أساسية من هذا القبيل ، وتشكّل عصارة الأهداف المقدّسة للقرآن الكريم .