جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 68)

على النبيّ(صلى الله عليه وآله) ويتلى عليه ، وأنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود وأُبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبيّ(صلى الله عليه وآله) عدّة ختمات . وكلّ ذلك يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتور ولا مبثوث ، ومن خالف في ذلك من الإمامية والحشَوية لا يُعتد بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحّتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته»(1) .
كان هذا قول عالم محقّق جليل يعود لألف سنة خلت ، وبملاحظة مبنى هذا العَلَم (السيّد المرتضى) في عدم حجّية أخبار الآحاد ، وتصريحه بأنّ دليله في القول على جمع القرآن وتأليفه في حياة رسول  الله(صلى الله عليه وآله) وجود روايات مقطوع بصحّتها ، فمن المؤكّد أنّ هذه الروايات لا ينالها أيّ شكّ وترديد ، من هنا فنحن نتعامل مع رأي هذا السيّد الجليل كمستند معتبر ، ونكتفي بهذا المقدار من البحث في الدليل الأوّل .

الدليل الثاني :

الدليل الثاني على جمع القرآن وتأليفه على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، دليل اعتباري يمكن تعقّله وقبوله:
لا يمكن احتمال وتصوّر أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) الذي كان يبذل غاية جهده ، ويولّي كلّ اهتمامه للآيات القرآنية الشريفة سواء في نزولها أو حفظها ،
  • (1) مجمع البيان في تفسير القرآن ، المقدّمة: 15 ـ 16  .

(الصفحة 69)

كان سلبياً تجاه تنظيم هذه الآيات القرآنية وجمعها ، وأنّه ـ والعياذ بالله ـ كان مهملاً لذلك! وهو المعجزة الخالدة لبعثته والكتاب السماوي الخاتم وآخر رسالات الله للبشرية .
إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) الذي قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين»(1) ثم اعتبر «الكتاب» الثقل الأكبر والأوّل ، لا يمكن القول: بأنّه(صلى الله عليه وآله) كان يقصد من الثقل الأكبر تلك الآيات المبثوثة في الصحائف أو المحمولة في الصدور ، وأنّه أوكل جمعها وفوّض تنظيمها في مصحف مرتّب يعني تمام «الكتاب» إلى غيره ، فيخضع الأمر للأمزجة والرغبات والاجتهادات الخاصّة ، إن لم نقل للميول والأهواء والأغراض والمصالح الخاصّة! إنّ هذا التوكيل والتفويض يستلزم المساس بالقرآن والإخلال به ، ممّا يعني التفريط بأمر حيوي وأساسي يوقع الأمّة في فوضى وضياع ، ومنع ذلك والحؤول دون وقوعه هو دور ومهمّة المرسل بالكتاب ، وحاشا أن يخلّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) بواجباته ووظائفه . وعلى هذا فإنّ العقل يأبى بشدّة فرضية عدم جمع وتدوين القرآن على عهد النبيّ ، وأنّه(صلى الله عليه وآله) لم ينهض بهذا الدور بل أوكله إلى غيره .
وإن قلنا: بأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) أناط هذه المهمّة بأمير المؤمنين(عليه السلام)وهو ربيب بيت الرسالة ورضيع درّ الوحي ، والعليم بمواقف التنزيل ومواضع الآيات ومواقع السور ، وأنّ عليّاً(عليه السلام) نفسه كان يعلن أنّه يحتفظ لديه
  • (1) الكافي 1: 233 ، الخصال 1: 65 ح97 ، المسند لأحمد بن حنبل 4: 30 ح11104 ، المعجم الكبير للطبراني 3: 65 ح2679 ، ورواها المجلسي بطرق عديدة في بحار الأنوار 23: 106 ـ 152 .

(الصفحة 70)

بالقرآن النازل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنّه مودّع عنده . فإنّ مقصود عليّ(عليه السلام) هو القرآن المحتوى على التفسير والتأويل ، المشتمل على تحديد أسباب النزول وكشف الغوامض والأسرار ، وبيان حقائق ما أرادتها مجملات الآيات وتخصيص عموماتها ، ممّا خصّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) به ابن عمّه وخليفته من بعده من علوم . وبعبارة أخرى: أنّ قرآن عليّ(عليه السلام)ما هو إلاّ شرح للقرآن المؤلف المجموع على عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ومثل هذا الكتاب لا يوجد إلاّ عند عليّ وأئمّة الهدى(عليهم السلام)من بعده ، وهو من شأن «الذين عندهم ما نزلت به رسل الله وهبطت به ملائكته وإلى أخيه أوجدّهم بُعث الروح الأمين»(1) الذين لا يمكن لغيرهم حمله ، يتوارثونه كابراً عن كابر مع بقية ودائع النبوّة ومواريث الإمامة ، وهو اليوم محفوظ عند إمام العصر المهدي من آل محمّد الحجّة ابن الحسن عجّل الله تبارك وتعالى فرجه ، الذي سيملأ الأرض بعدل الكتاب وهو يطبقه آية بآية ويحكمه حرفاً بحرف .

كلام علي(عليه السلام) حول القرآن :

ولبيان صحّة ما ذهبنا إليه آنفاً ، نحيل القارئ الكريم إلى كتاب «الاحتجاج» للطبرسي ، وفيه حديث مفصّل لحوار بين عليّ(عليه السلام)وطلحة حول هذه الوديعة السماوية ، ننقل مختصراً منها ممّا نحن بصدده . يقول(عليه السلام):
«يا طلحة ، إنّ كلّ آية أنزلها الله جلّ وعلا على محمّد(صلى الله عليه وآله) عندي
  • (1) راجع عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2 : 276 ، بحار الأنوار 102 : 132 ح4 .

(الصفحة 71)

بإملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) وخطّ يدي ، وتأويل كلّ آية أنزلها الله على محمّد(صلى الله عليه وآله) وكلّ حرام وحلال ، أو حدّ أو حكم أو شيء تحتاج إليه الاُمّة إلى يوم القيامة ، مكتوب بإملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) وخطّ يدي حتّى أرش الخدش . قال طلحة: كلّ شيء من صغير وكبير أو خاصّ أو عام كان أو يكون إلى يوم القيامة فهو عندك مكتوب؟ قال: نعم ، وسوى ذلك ، إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أسرّ إليّ في مرضه مفتاح ألف باب من العلم يفتح من كلّ باب ألف باب ، ولو أنّ الاُمّة منذ قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله) اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم . . . ثمّ قال طلحة: فأخبرني عمّا في يدك من القرآن وتأويله وعلم الحلال والحرام إلى من تدفعه ومن صاحبه من بعدك؟ قال: إنّ الذي أمرني رسول  الله(صلى الله عليه وآله) أن أدفعه إليه وصيّي وأولى الناس بعدي بالناس ابني الحسن ، ثمّ يدفعه ابني الحسن إلى ابني الحسين ، ثمّ يصير إلى واحد بعد واحد من ولد الحسين حتّى يرد آخرهم حوضه»(1) .
إذن فالكتاب الذي لدى عليّ(عليه السلام)يحمل مواصفات ، هي:
1 ـ مدوّن فيه كلّ ما نزل على النبيّ(صلى الله عليه وآله) بخط عليّ(عليه السلام) .
2 ـ فيه تأويل كلّ آية .
3 ـ فيه جميع الأحكام من الحلال والحرام: الواجبات والمستحبّات ، والحدود ، وكلّ ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة ، وهو من الدقّة والتفصيل بحيث فيه حتّى أرش الخدش .
4 ـ لا ينبغي لهذا الكتاب أن يقع في أيدي عامّة الناس ، ولا أن
  • (1) الاحتجاج للطبرسي 1 : 223 ـ 225 .

(الصفحة 72)

يطّلعوا عليه ، بل إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أوصى عليّاً(عليه السلام) وأمره بالاحتفاظ به عنده وتسليمه إلى ابنه الحسن(عليه السلام) من بعده ، ومن ثمّ إلى الحسين(عليه السلام)وهكذا حتّى آخر الأئمّة والأوصياء ، أي الإمام المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
بعد بيان هذه الأوصاف ، هل يمكن لأحد الزعم بأنّ هذا الكتاب هو ذاته القرآن الواقعي المنزّل على رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ من الواضح أنّ جواب هذا السؤال منفيّ ـ بناءً على قول أمير المؤمنين(عليه السلام)ـ لأنّ في هذه المجموعة تفصيل كلّ حكم ، أعمّ من الخاصّ والعام ، الكلّي والجزئي ، فأنت لا تشاهد في هذا الكتاب الآيات المنزلة على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فحسب ، بل تجد تأويلها أيضاً ، إنّه وديعة يجب أن تبقى بأيدي أوصياء النبيّ; ليكونوا محيطين مطّلعين على جميع أسرار الدين ومآل الأمور ونتائجها .
فالقرآن هو مجموع الآيات التي نزلت على قلب النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، بينما كتاب عليّ(عليه السلام) يحوي إضافة إلى ذلك تأويل الآيات ، وهو شيء آخر غير الآيات نفسها بطبيعة الحال ، والقرآن ينبغي أن يكون في متناول عامّة الناس ، حيث كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يتلوه ويعلّمه الناس ، كما أخبر القرآن نفسه بذلك في قوله تعالى: {يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ . . .}(1) ، بينما يجب أن تبقى آيات الكتاب المستودع عند عليّ(عليه السلام) وأحكامه محفوظة لديه ولدى الأوصياء من ولده(عليهم السلام) ، بعيدة عن تناول الناس . وعلى هذا لا يمكن القول: إنّهما كتاب واحد ، ولا مناص من القول: إنّ
  • (1) آل عمران: 164 .