جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 88)

وختم ببيان زيفهم وحالة الملامة والتوبيخ المتبادلة بين أفرادهم ، ولكن بين مثل هذه البداية والخاتمة نرى عبارة (كأنّها بين قوسين) جاءت كتذكرة للمسلمين: أن لا تأملوا أبداً في إيمان هؤلاء واقطعوا الرجاء في ذلك . إذن فالقرآن الذي ينصب جزء من إعجازه على البُعد البلاغي فيه عمد إلى الاستطراد في كثير من المواضع بأن بدأ حديثاً وختمه في موضوع واحد في حين تخلّلته عبارات وجمل خارج الموضع وغريبة عنه ، ويكفينا ذكر هذه الشواهد الثلاثة ، ولننتقل للبحث في علل الاستطراد وأسبابه .

حول الاستطراد :

يُعدّ الاستطراد من الأساليب البلاغية المتداولة في الكتابة ، المعمول بها في الخطابة والتحدّث ، وهو إدراج عبارة أو إقحام جملة في موضوع غريب عنها أو لا يندمج فيها كلّ الاندماج ، ويهدف إلى التأكيد على تلك الجملة وإلفات النظر إليها ، بحيث ما كان لها هذا البريق والوقع على القارئ أو المستمع لو لم تكن نافرة عن سياق غريب عنها ، وهكذا قد يُراد بالاستطراد تأكيد المعنى فيؤتى بالجملة المقتطعة في وسط الحديث الغريب عنها ترسيخاً له وإمعاناً في بيانه . وممّا لا شكّ فيه أنّ آية التطهير الشريفة {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} هي من هذا القبيل ، الذي يلجأ إليه المتحدِّث بهدف إلفات النظر إليه وتركيزه في الأذهان وبقائه في الذاكرة لأهمّيته وخصوصيّته . ففي سياق يلفّه الوعد والوعيد لزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ويحفّه إثارة إمكان انحرافهنّ وسقوطهنّ في المعصية والتمرّد على الرسول(صلى الله عليه وآله) ، كانت ذهنية المستمع ستخلط ـ على الأكثر ـ وتحتمل
(الصفحة 89)

الفرض نفسه في «أهل البيت»(عليهم السلام)أيضاً ، هنا كان لابدّ من خطاب يأخذ وقع الهاتف والنداء الخالد الذي يمسح جميع الاحتمالات الباطلة ويقلب المعاني المحتملة ، وما كان لهذا الخطاب إلاّ أن يكون على نحو الاستطراد الذي يتخلّل موقع الشبهة نفسه ويقحمه في عقر داره! فيعلم الجميع أنّ هذه الثلّة مطهّرة منزّهة لا ينتابها شكّ ولا يعتريها باطل ، وأنّهم مقولة اُخرى من سنخية ونسيج آخر لا علاقة له بالنساء ولا ارتباط لهنّ به ، فلا ينبغي القياس ولا تصحّ المقارنة والربط ، ليعلم الجميع أن «لا يُقاس بآل محمّد(صلى الله عليه وآله) من هذه الاُمّة أحد»(1) وهكذا الأمر في آيات سورة البقرة التي تناولت وضع اليهود ونفسيّاتهم ، إذ كان القرآن في معرض بيان سُبل فلاح المسلمين وسعادتهم ، وكيف أنّ اليهود هم أكبر مانع في طريق تحقّق ذلك ، وأنّ الرجاء في هدايتهم إلى الدين رجاء عقيم والأمل في إذعانهم للحقّ أمل خائب ، من هنا جاءت عبارة في وسط العبارات التي تشرح أحوال اليهود ، وُجّه فيها الخطاب للمسلمين مباشرة تحثّهم على هذا المعنى ، وهو أفضل أسلوب وأتمّ صيغة لإلفات النظر إلى ذلك المعنى وترسيخه في نفوسهم .
وبالجملة إنّ إشكال كون «الاستطراد» مخلاًّ بالبلاغة خادشاً بالفصاحة ـ لتكون النتيجة بطلانه ودخول عموم عائلة النبيّ(صلى الله عليه وآله) أي زوجاته أيضاً في مدلول الآية بدليل وحدة السياق وعدم الإخلال به لقطع وغيره ـ مردود ، بل إنّه من الأساليب البلاغية المطلوبة
  • (1) نهج البلاغة: 25 ، الخطبة الثانية .

(الصفحة 90)

والمستحسنة لما ثبت من استعمالاته القرآنية في عدّة موارد اُخرى(1) . هكذا يثبت أنّ الآيات محلّ البحث قسمت عائلة الرسول(صلى الله عليه وآله) إلى قسمين: زوجاته وذريّته ، وثبت أنّ المقصود من «أهل البيت»(عليهم السلام) هم الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله عليهم أجمعين .

  • (1) عدّ صاحب جواهر البلاغة الاستطراد من المحسنات المعنوية ، وقال: الاستطراد هو أن يخرج المتكلّم من الغرض الذي هو فيه إلى غرض آخر لمناسبة بينهما ، ثمّ يرجع فينتقل إلى إتمام الكلام الأوّل ، كقول السمؤل:
  • وإنّا لقوم لا نرى القتل سبة إذا ما رأته عامر وسلول
  • يقرّب حبّ الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطول
  • فسياق القصيدة للفخر بقومه ، وانتقل منه إلى هجو قبيلتي عامر وسلول ، ثمّ عاد إلى مقامه الأوّل وهو الفخر بقومه . جواهر البلاغة للسيّد أحمد الهاشمي : 358 .

(الصفحة 91)

النكتة الثالثة:



المقصود من الإرادة



في قوله تعالى : {إنّما يريد الله  . . .}

في هذا الفصل سنتناول دراسة معنى «الإرادة» والمقصود منها في الآية الشريفة ، وسنعرض في البداية لتوضيح معنى الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية ، ثمّ نبحث هل جاء في القرآن الكريم نوعا الإرادة هذان أم لا؟

الإرادة التكوينية

الإرادة التكوينية ـ كما هو ظاهر من اسمها ـ عبارة عن حقيقة الإرادة والحمل الشائع لها(1) ، بمعنى أنّ ذات الباري سبحانه وتعالى أو الفاعل المريد من البشر له إرادة واقعية على إنجاز عمل ما .
فالشخص له إرادة لتناول الطعام ، ومنشأ هذه الإرادة هو تصوّر الشيء المراد والتصديق بالفائدة والنتيجة ، ووجود الميل والرغبة ثمّ النيّة
  • (1) الشائع الصناعي: أي المتعارف في المحاورات والعلوم والصناعات ، مثل «الإنسان كاتب» ويكون عند اتحاد الموضوع والمحمول في المصداق وتغايرهما من جهة المفهوم ، ويقابله الحمل الذاتي الأوّلي: فالاتحاد بين الموضوع والمحمول في المفهوم ، لكن المغايرة اعتبارية كالإجمال والتفصيل ونحوه ، مثل «الإنسان حيوان ناطق» . . .

(الصفحة 92)

والعزم ، وبعد ذلك الاندفاع وإرادة الشيء . فهو عندما تخطر في ذهنه فكرة تناول الطعام يستحضر فائدة هذا العمل ، من شبع أو لذّة أو غرض صحيّ وطبّي ، ثمّ يصدّق على صحّة ذلك أي يتحقّق من سلامة الفكرة ، وتأتي النيّة والعزم على إثر هذه الرغبة النفسية ، وحينما تبلغ الرغبة قمّتها ويصل الشوق(1) مداه فهو «يريد» الأكل . فـ «الإرادة» أمر يظهر بعد المقدّمات الخمسة المذكورة التي بعضها جزء من المبادئ التصوّرية ، والبعض الآخر هو جزء الغايات .
وحقيقة هذه الإرادة التكوينية أمر ممكن على الباري تعالى(2) ، ومن صفات تلك الذات المقدّسة . ونقول: إنّ الله مريد ، ولكن لا على تلك المقدّمات التي ابتنت عليها إرادة البشر ، إذ يلزم ترتّب الإرادة الإلهية على تلك المقدّمات إنفعال ذاته المقدّسة وتأثّرها ، وهو ممّا مردّه إلى النقص تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ، ولكن حقيقة الإرادة التي هي عين العلم وعين الذات ـ على حدّ تعبير المحقّقين ـ فهي من صفات ذاته المقدّسة .

  • (1) وقد يتعلّق الشوق بنتيجة الفعل لا به ، كما في تناول الدواء المرّ جدّاً أو في تحمّل عملية جراحية خطرة .
  • (2) ذكر العلاّمة الطباطبائي في نهاية الحكمة ص361 : «وقد تحقّق أنّ كلّ كمال وجودي في الوجود فإنّه موجود للواجب تعالى في حدّ ذاته ، فهو (تعالى) عين القدرة الواجبية ، لكن لا سبيل لتطرّق الشوق عليه ، لكونه كيفية نفسانية تلازم الفقد ، والفقد يلازم النقص ، وهو تعالى منزّه عن كلّ نقص وعدم . (ثمّ يقول): وكذلك الإرادة التي هي كيفية نفسانية غير العلم والشوق ، فإنّها ماهية ممكنة والواجب تعالى منزّه عن الماهية والإمكان» .