جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 105)

أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَةً لَكُمْ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ} . ثمّ إنّا وقد استفدنا من الآية الكريمة ماذكرناه وقلنا: إنّ ظاهر الآية الشريفة تدلّ على المطلوب، لكن مع غضّ النظر عن ذلك نشير إلى رواية واردة حول تفسير الآية الشريفة .

حديث أبي بصير:

علي بن إبراهيم قال: حدّثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إنّ بني إسرائيل بعد موت موسى عملوا بالمعاصي وغيّروا دين الله وعتوا عن أمر ربّهم ، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه ، فسلّط الله عليهم جالوت ; وهو من القبط ، فأذلّهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأموالهم واستعبد نساءهم ـ إلى أن قال ـ فقال لهم نبيّهم: «إنّ آية ملكه . . .» وكان التابوت الذي أنزل الله على موسى فوضعته فيه اُمّه وألقته في اليمّ ، فكان في بني إسرائيل معظّماً يتبرّكون به ، فلمّا حضرت موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوّة وأودعه يوشع وصيّه ، فلم يزل التابوت بينهم حتّى استخفّوا به ، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام التابوت عندهم ، فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفّوا بالتابوت رفعه الله عنهم ، فلمّا سألوا النبيّ بعث الله تعالى طالوت عليهم ملكاً يُقاتل معهم ردّ الله عليهم التابوت»(1) .
ونفهم من هذا الحديث ما يلي:
1 ـ اهتمّ القرآن الكريم اهتماماً كثيراً بقضية الإمرة والزعامة ، وليس لأيّ فرد النهوض بهذه المهمّة .

  • (1) تفسير القمّي 1: 81ـ 82 ، وعنه بحار الأنوار 13: 438 ح 4 .

(الصفحة 106)

2 ـ ينبغي أن يكون الزعيم الديني عالماً ومقتدراً ، أي يمتلك العلم والقدرة .
3 ـ لابدّ أن يكون بصيراً ملمّاً حتّى بفنون القتال .
4 ـ يجب أن يتمتّع بقدرة بدنية مرموقة .
5 ـ لابدّ أن يتحلّى بحنكة الزعامة .
6 ـ يجب أن يرد ميدان الحرب بنفسه إذا اقتضت ذلك مصالح الأُمّة .
7 ـ لابدّ أن يكون شجاعاً باسلا في الحروب .
8 ـ يجب أن يحفظ استقلال البلاد ويستأصل جذور الاستعمار .
9 ـ لابدّ أن يعيد إلى الأذهان أمجاد الماضي التي اعتراها النسيان .
وعليه : فخلاصة الشروط التي يراها القرآن الكريم في منصب الزعامة تتمثّل بالجدارة ، العلم ، القدرة ، الخبرة بأوضاع المجتمع ، سلامة الجسم ، الإحاطة بفنون القتال ، الشجاعة والإقدام والتدبير ، كما يفهم من الآيات أنّ الزعامة منصب إلهي ، والله هو الذي ينصّب الزعيم .

قولنا أم قول المفسّرين؟

نحن نقول بأنّ التابوت كان بيد جيش جالوت ، وكان باستطاعة طالوت أن يستعيده ، وهذه العملية المعقّدة كانت دليلا على صلاحيّته لإمرة الجيش والزعامة ، إلاّ أنّ القرآن الكريم يقول: يأتيكم التابوت . أوليست هذه العبارة تؤيّد تلك الطائفة من المفسّرين التي قالت بأنّ التابوت قد رفع إلى السماء وإنّ رجوعه من السماء معجزة تبيّن صحّة قول النبي بشأن إمرة طالوت؟ فقد جاء التابوت ورآه بنو إسرائيل فأذعنوا لزعامة طالوت وتأهّبوا للقتال ، وهلاّ كانت عبارة «وتحمله الملائكة» تؤيّد أقوال المفسّرين؟

(الصفحة 107)

الجواب :

يبدو أنّ هذا القول ليس بتام ـ والله أعلم ـ لأنّ عبارة «يأتيكم التابوت» «التابوت» فاعل للفعل «يأتي» دليل على أنّ القوم كانوا منزعجين جدّاً من فقدان التابوت الذي يحتوي آيات المجد والعظمة ، وأنّهم كانوا يتطلّعون إلى الظفر به ثانية . وجملة «يأتيكم التابوت» تشعر بأنّ نبيّهم قد بشّرهم بعودة التابوت ، حيث قال لهم: «يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربّكم» وهذا وعد من نبيّهم ليس أكثر ، أمّا القطعي فهو قول النبي الذي يستند إلى كفاءة طالوت بحيث قال: إنّ التابوت يأتيكم ، وهو كاشف عن مدى جدارة وأهلية طالوت ، وهو الأمر الذي ينسجم والدلالة على زعامته ، وإلاّ فإنّ مجيء التابوت من السماء ليس له من علاقة بكفاءة طالوت من قريب أو بعيد ، بل هو دليل على صدق نبيّ بني إسرائيل ، بينما نعلم أنّهم طالبوه بآية بحقّ طالوت ، لا آية تثبت صحّة قوله . فالآية واردة بشأن مَن يستعيد التابوت .
وبناءً على هذا فإنّ العبارة «يأتيكم التابوت» وعد قطعي باسترداد التابوت من قبل طالوت الجدير بهذه المهمّة ، والآية اللاحقة تكشف أنّ هذا الأمل هو الذي دفعهم لقبول إمرته والتأهّب للقتال ، ولذلك صدّر القرآن الجملة اللاحقة بالفاء «فلمّا فصل طالوت» ، أي أنّهم استعدّوا لاسترداده على ضوء ذلك الأمل .
وقد نسب شيخ الطائفة ـ وهو أحد جهابذة الفقهاء والمحقّقين والمفسّرين ـ في تفسيره المعروف «التبيان» هذا المعنى إلى ابن عباس، كما نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: «وقيل: إنّ التابوت كان في أيدي أعداء بني إسرائيل من العمالقة الذين غلبوهم عليه على قول ابن عباس ووهب ، وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السلام) »(1) .

  • (1) التبيان في تفسير القرآن 2: 292 .

(الصفحة 108)

ولا ينبغي أن يفهم من كلمة «وروي» التي أوردها الشيخ في الرواية عن الصادق (عليه السلام) توحي بعدم الوثوق بها ; لأنّ كلّ من له معرفة بتفسير التبيان ، يعلم أ نّ عصر الشيخ (رحمه الله) كان يقتضي مثل هذه التعبيرات في الروايات المعتبرة ، فقد كان يحتاط ويفهم الآخرين بعدم انطواء تفسيره على التعصّب ، ولذلك كان يتعرّض في تفسيره إلى أقوال العامّة ويحاكمها بأُسلوب علمي رصين بعيداً عن التعصّب .
أمّا الرواية الأُخرى التي تؤيّد ذلك ، فما ورد في تفسير نور الثقلين عن عيون الأخبار ، أنّ شاميّاً قد سأل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في مسجد الكوفة عدّة أسئلة ومنها: «يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيّرنا منه وثقله وأيّ أربعاء هو؟ قال: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه  ـ إلى أن قال : ـ ويوم الأربعاء أخذت العمالقة التابوت (1). فالرواية واضحة بأنّ التابوت كان بيد العمالقة(2) ، إلاّ أنّه كان في السماء واستعاده طالوت .

زبدة الكلام:

اتّضح من هذه الآيات ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار المؤيّدات والروايات ـ أنّ الزعامة من وجهة نظر القرآن قائمة على أساس بعض الشرائط ، فالزعيم لابدّ أن يمتلك العلم والتجارب المريرة في الحياة ، لابدّ أن يكون ذا قدرة بدنية تؤهّله لإدارة

  • (1) تفسير نور الثقلين 2: 374 ، نقلاً عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 247 .
  • (2) نتيجة التحقيقات التي أوردناها تفيد بما لا يقبل الشك أنّ التابوت كان بيد العمالقة وجلاوزة جالوت الطاغي ، ولعلّه يقال: لم يأت طالوت بالتابوت ، بل كان ذلك آية وقعت قبل التأهّب للقتال ودليل من أجل تقبّل إمرة طالوت ، أي أنّ الله جعل الإتيان بالتابوت آية لزعامة وإمرة طالوت حتّى تنصاع الأُمّة لأوامره ، وربّما كانت علاقة الحكم بالموضوع تتفق وهذا الأمر ، وذلك لأنّه ما لم يكن هناك اطمئنان لزعامة طالوت ، سوف لن يكون هناك تأهّب للقتال ، وعليه فمن الضروري حصول هذه الآية ابتداء ، وهذا لا يتنافى وعظمة التابوت من وجهة نظر بني إسرائيل ، ولا يخدش المراد بقضية الإمامة استناداً للآيات الشريفة .

(الصفحة 109)

شؤون الحكومة والحفاظ على استقلال البلاد ، وما إلى ذلك من الشرائط والمقومّات التي ذكرناها كراراً ومراراً .
ولكن قد يبرز هنا هذا السؤال:

سؤال :

أوّلا : لقد ذكر القرآن الكريم هذه الشرائط بالنسبة للقيادة العسكرية ، أي أنّ قائد الجيش ينبغي أن يكون صاحب رأي سديد ومقتدر وذا قوّة بدنيّة وعالماً بفنون القتال . وليس في هذه الشرائط ما يدعو للغرابة ، فجميع العُقلاء والمفكّرين يتفقون على هذا الأمر ، إلاّ أنّ البحث كان في الإمامة . فكيف يستدلّ عليها بهذه الآيات؟
ثانياً : القصّة واردة في بني إسرائيل وزعامة طالوت في ذلك الزمان ، فكيف يمكن تعميمها لتشمل زعماء الإسلام في أنّه لابدّ أن يكونوا جامعين لهذه الشرائط؟ وإلاّ للزم من ذلك أن نقول بكلّ شرط إلهي ورد في زعامة موسى وأمثاله ، بالنسبة لزعماء وأئمّة الإسلام!

جواب :

يمكن طرح هذا السؤال بصيغتين:
1 ـ هل أنّ شرائط الإمامة في بني إسرائيل ذاتها في الإسلام ، وكلّ شرط للزعامة في بني إسرائيل لابدّ أن نراه شرطاً في الإسلام أيضاً؟
2 ـ تنطوي إمرة الجيش على بعض الشرائط الطبيعية والعقلائية ، وهذا ما أشارت إليه الآيات الكريمة ، فهل الإمامة كذلك في أنّها تتوقّف على الموازين العُقلائية والطبيعية؟ أم أنّ تلك القيود مختصّة بقائد الجيش ، فمثلا قائد الجيش لابدّ