جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 107)

الجواب :

يبدو أنّ هذا القول ليس بتام ـ والله أعلم ـ لأنّ عبارة «يأتيكم التابوت» «التابوت» فاعل للفعل «يأتي» دليل على أنّ القوم كانوا منزعجين جدّاً من فقدان التابوت الذي يحتوي آيات المجد والعظمة ، وأنّهم كانوا يتطلّعون إلى الظفر به ثانية . وجملة «يأتيكم التابوت» تشعر بأنّ نبيّهم قد بشّرهم بعودة التابوت ، حيث قال لهم: «يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربّكم» وهذا وعد من نبيّهم ليس أكثر ، أمّا القطعي فهو قول النبي الذي يستند إلى كفاءة طالوت بحيث قال: إنّ التابوت يأتيكم ، وهو كاشف عن مدى جدارة وأهلية طالوت ، وهو الأمر الذي ينسجم والدلالة على زعامته ، وإلاّ فإنّ مجيء التابوت من السماء ليس له من علاقة بكفاءة طالوت من قريب أو بعيد ، بل هو دليل على صدق نبيّ بني إسرائيل ، بينما نعلم أنّهم طالبوه بآية بحقّ طالوت ، لا آية تثبت صحّة قوله . فالآية واردة بشأن مَن يستعيد التابوت .
وبناءً على هذا فإنّ العبارة «يأتيكم التابوت» وعد قطعي باسترداد التابوت من قبل طالوت الجدير بهذه المهمّة ، والآية اللاحقة تكشف أنّ هذا الأمل هو الذي دفعهم لقبول إمرته والتأهّب للقتال ، ولذلك صدّر القرآن الجملة اللاحقة بالفاء «فلمّا فصل طالوت» ، أي أنّهم استعدّوا لاسترداده على ضوء ذلك الأمل .
وقد نسب شيخ الطائفة ـ وهو أحد جهابذة الفقهاء والمحقّقين والمفسّرين ـ في تفسيره المعروف «التبيان» هذا المعنى إلى ابن عباس، كما نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: «وقيل: إنّ التابوت كان في أيدي أعداء بني إسرائيل من العمالقة الذين غلبوهم عليه على قول ابن عباس ووهب ، وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السلام) »(1) .

  • (1) التبيان في تفسير القرآن 2: 292 .

(الصفحة 108)

ولا ينبغي أن يفهم من كلمة «وروي» التي أوردها الشيخ في الرواية عن الصادق (عليه السلام) توحي بعدم الوثوق بها ; لأنّ كلّ من له معرفة بتفسير التبيان ، يعلم أ نّ عصر الشيخ (رحمه الله) كان يقتضي مثل هذه التعبيرات في الروايات المعتبرة ، فقد كان يحتاط ويفهم الآخرين بعدم انطواء تفسيره على التعصّب ، ولذلك كان يتعرّض في تفسيره إلى أقوال العامّة ويحاكمها بأُسلوب علمي رصين بعيداً عن التعصّب .
أمّا الرواية الأُخرى التي تؤيّد ذلك ، فما ورد في تفسير نور الثقلين عن عيون الأخبار ، أنّ شاميّاً قد سأل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في مسجد الكوفة عدّة أسئلة ومنها: «يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيّرنا منه وثقله وأيّ أربعاء هو؟ قال: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق ، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه  ـ إلى أن قال : ـ ويوم الأربعاء أخذت العمالقة التابوت (1). فالرواية واضحة بأنّ التابوت كان بيد العمالقة(2) ، إلاّ أنّه كان في السماء واستعاده طالوت .

زبدة الكلام:

اتّضح من هذه الآيات ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار المؤيّدات والروايات ـ أنّ الزعامة من وجهة نظر القرآن قائمة على أساس بعض الشرائط ، فالزعيم لابدّ أن يمتلك العلم والتجارب المريرة في الحياة ، لابدّ أن يكون ذا قدرة بدنية تؤهّله لإدارة

  • (1) تفسير نور الثقلين 2: 374 ، نقلاً عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 247 .
  • (2) نتيجة التحقيقات التي أوردناها تفيد بما لا يقبل الشك أنّ التابوت كان بيد العمالقة وجلاوزة جالوت الطاغي ، ولعلّه يقال: لم يأت طالوت بالتابوت ، بل كان ذلك آية وقعت قبل التأهّب للقتال ودليل من أجل تقبّل إمرة طالوت ، أي أنّ الله جعل الإتيان بالتابوت آية لزعامة وإمرة طالوت حتّى تنصاع الأُمّة لأوامره ، وربّما كانت علاقة الحكم بالموضوع تتفق وهذا الأمر ، وذلك لأنّه ما لم يكن هناك اطمئنان لزعامة طالوت ، سوف لن يكون هناك تأهّب للقتال ، وعليه فمن الضروري حصول هذه الآية ابتداء ، وهذا لا يتنافى وعظمة التابوت من وجهة نظر بني إسرائيل ، ولا يخدش المراد بقضية الإمامة استناداً للآيات الشريفة .

(الصفحة 109)

شؤون الحكومة والحفاظ على استقلال البلاد ، وما إلى ذلك من الشرائط والمقومّات التي ذكرناها كراراً ومراراً .
ولكن قد يبرز هنا هذا السؤال:

سؤال :

أوّلا : لقد ذكر القرآن الكريم هذه الشرائط بالنسبة للقيادة العسكرية ، أي أنّ قائد الجيش ينبغي أن يكون صاحب رأي سديد ومقتدر وذا قوّة بدنيّة وعالماً بفنون القتال . وليس في هذه الشرائط ما يدعو للغرابة ، فجميع العُقلاء والمفكّرين يتفقون على هذا الأمر ، إلاّ أنّ البحث كان في الإمامة . فكيف يستدلّ عليها بهذه الآيات؟
ثانياً : القصّة واردة في بني إسرائيل وزعامة طالوت في ذلك الزمان ، فكيف يمكن تعميمها لتشمل زعماء الإسلام في أنّه لابدّ أن يكونوا جامعين لهذه الشرائط؟ وإلاّ للزم من ذلك أن نقول بكلّ شرط إلهي ورد في زعامة موسى وأمثاله ، بالنسبة لزعماء وأئمّة الإسلام!

جواب :

يمكن طرح هذا السؤال بصيغتين:
1 ـ هل أنّ شرائط الإمامة في بني إسرائيل ذاتها في الإسلام ، وكلّ شرط للزعامة في بني إسرائيل لابدّ أن نراه شرطاً في الإسلام أيضاً؟
2 ـ تنطوي إمرة الجيش على بعض الشرائط الطبيعية والعقلائية ، وهذا ما أشارت إليه الآيات الكريمة ، فهل الإمامة كذلك في أنّها تتوقّف على الموازين العُقلائية والطبيعية؟ أم أنّ تلك القيود مختصّة بقائد الجيش ، فمثلا قائد الجيش لابدّ
(الصفحة 110)

أن يكون ذا قدرة بدنية وإحاطة بفنون الحرب والقتال ، فلم يكن طالوت على ضوء الآية أكثر من قائد للجيش .
للردّ على السؤال الأوّل نقول:
النقطة الأُولى : أنّ أُصول الأديان واحدة من حيث البنية العقائدية ، وليس هنالك من دين ناسخ لآخر من هذه الناحية ، فنسخ أُصول الدين ليس بمعقول ، ولمّا كان الكلام عن النسخ ، لا بأس ببحث هذه المسألة لتتضّح حقيقة الموضوع .

النسخ :

النسخ يعني إزالة الشيء واستبداله بآخر بحيث يحلّ الثاني بدل الأوّل ، فالعرب تقول: «نسخت الشمس الظلّ» و «نسخ الشيب الشباب»(1) .
وعليه فهناك أمران معتبران في مفهوم النسخ إلى جانب إزالة المنسوخ ، وهما:
1 ) اعتبار ما يحلّ محلّ المنسوخ .
2 ) اعتبار النقل والتبديل .
ويؤيّد ما ذهبنا إليه استعمال كلمة «المناسخة» في باب الإرث ، فكلّما مات وارث وحلّ محلّه وارث آخر ، أو مات هذا الثاني وحلّ مكانه ثالث استعملت لفظة المناسخة بهذا الشأن ، ونلاحظ هنا بأنّ وارثاً قد خلّف وارثاً آخر ، وقد حدث انتقال وتبديل في الإرث من يد إلى أُخرى . وقد عبّر القرآن بالتبديل عن نسخه بعض الأحكام والآيات ، فقد قالت الآية الشريفة: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَر بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}(2) . فالآية الثانية تزيل الاُولى وتحلّ محلّها ، وهذا هو النسخ .

  • (1) انظر التبيان في تفسير القرآن 1: 393، مجمع البيان 1: 300 .
  • (2) سورة النحل : الآية 101  .

(الصفحة 111)

وعلى كلّ حال ، في القرآن الكريم آيات ناسخة لآيات أُخرى ، والآية المنسوخة باقية على حالها مدوّنة في القرآن ، والنسخ لا يعني إزالة صورتها من كونها آية ، فهي باقية ومحفوظة من حيث النزول ، ولكن لم يعدّ لها من أثر ، وفقدان الشيء لأثره يعني في الواقع زواله وتساوي وجوده وعدمه . . .
إذن ، فالنسخ لا يعني شيئاً أكثر من زوال الأثر . وبعبارة أوضح: فإنّ نسخ الآية هو عبارة عن إزالة حكمها واستبداله بحكم الآية الثانية «الناسخة» . ونخلص من هذا إلى أنّ نسخ الآيات إنّما يقتصر على الآيات المتعلّقة بالأحكام ، ولا يسري هذا النسخ أبداً إلى الآيات التي تتعرّض إلى الحقائق المسلّمة التي لا يعتريها التغيير . أفيمكن تصوّر النسخ بحقّ الآية الشريفة {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ}؟ أو يمكن زوال الحقائق الثابتة والدائمة؟
ولمّا كانت الأديان واحدة في العقائد ، وقد نهض جميع الأنبياء بمهمّة هداية الاُمم لهذه العقائد ، فإنّه يمكننا القول بأنّه ليس هنالك من دين ينسخ آخر من حيث الاُصول العقائدية ، فالاعتقاد بالله والثواب والعقاب والحساب وصفات الجمال والكمال إنّما هي من الحقائق المسلّمة التي تأبى التغيير والزوال ، ولذلك فإنّ النسخ إنّما يكون في الشرائع .
وبعبارة أُخرى : لابدّ من الإذعان بأنّ الدين الإسلامي ليس بناسخ لنبوّة ورسالة من كان قبله من الأنبياء ، بل القرآن ناسخ لشرائع سائر الأنبياء ، فهذا القرآن لا ينفكّ يؤكّد أنّ الكتاب السماوي الإسلامي {مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ}(1){مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ}(2) . {مُصَدِّقُ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ}(3) . {مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ}(4)

  • (1) سورة البقرة : الآية 89  ، 101  .
  • (2) سورة آل عمران : الآية 81  .
  • (3) سورة الأنعام: الآية 92  .
  • (4) سورة البقرة : الآية 41 ; سورة النساء : الآية 47  .