جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 184)

4 ـ {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الْصَّلَوةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَوةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}(1) .
لقد أفادت هذه الآيات أنّ الزعيم هو صاحب الملك المصطفى من الله والذي يحظى بعنايته الخاصّة وإرشاده وتوجيهه من أجل الإحاطة والعلم بالمغيّبات ، وحيث ثبت في محلّه أنّ الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) هم زُعماء الأُمّة إلى الأبد ، فلابدّ من الإذعان بأنّهم مشمولون بلطف الله وفضله ; ليتمكّنوا بزعامتهم من الأخذ بيد الناس إلى السعادة والفلاح ، ويزيلوا بقدرتهم العلمية ما يعترض سبيلهم من مشاكل وصعوبات وأزمات .

الدليل الثاني:

دلّ القرآن الكريم على أنّ زعماء الدين المنصّبون يسلكون الصراط المستقيم ويهدون إليه {أَفَمَنْ يَهدِى . . .} وأنّهم يهدون إلى الواقع الذي لا يتسلّل إليه الخطأ والزلل ، وأنّ استهلال الآية الكريمة بالاستفهام هو تقرير واضح بأنّ هداية هؤلاء الزعماء مطابقة للواقع وتامّة كاملة لا يشوبها الخطأ ، واستنتجنا أنّ من لوازم الهداية الواقعية الصائبة استناد الزعماء إلى العلم الغيبي والإحاطة بالحوادث الخفيّة المحجوبة عن أنظار الناس ، وعليه : فالأئـمّة الأطهار زعماء كِرام من وجهة نظر القرآن ، والصواب ما يقولونه وليس للخطأ من سبيل إلى زعامتهم ، ولمـّا كانت زعامتهم أبديّة فإنّهم مطّلعون على جميع الأحداث إلى الأبد .
وعلى ضوء ذلك بحثنا رواية الإمام الباقر (عليه السلام) ـ التي قال فيها: «الإمام يسمع الصوت ولا يرى ولايعاين الملك»(2) ـ التي تفيد استناد الإمام إلى الغيب في زعامته .

  • (1) سورة الأنبياء : الآية 73 .
  • (2) تقدمت في ص 167 .

(الصفحة 185)

الدليل الثالث :

ويدور حول محور الاستنباط القرآني أيضاً ، حيث يفيد القرآن وجود صفوة مجتباة من الناس تتمتّع برؤية وبصيرة ثاقبة لآفاق العلم ، وأنّ الله قد أفاض عليهم من فضله ورحمته ما نوّر به قلوبهم ، بحيث خرقوا الحُجب وأحاطوا بجميع الأحداث والأسرار .
وكانت أهمّ آية طالعتنا في هذا الفصل هي الآية الأخيرة من سورة الحجّ {لِيَكُونَ الْرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى الْنَّاسِ}(1) فقد كانت هذه الآية إلى جانب القرائن الثلاث القطعية صريحة في أنّ الُمخاطب بها صفوة من أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) أبناء إبراهيم الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) وقد مرّ شرح ذلك . فالآية تفيد إبلاغ الوحي للنبي بآفاق الغيب ، وهو ينقلها بدوره إلى الأئـمّة بما لا يدع مجالا للشكّ بعلمهم بأعمال الخلائق والإدلاء بالشهادة عليهم في محكمة العدل الإلهي .
وقد تعرّضنا(2) لرواية الإمام الباقر (عليه السلام) التي تناولت الآية الشريفة ، والرواية سالمة السند ولا بأس بذكر رجالها: علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد العجلي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام)  . . . فالرواية موثوقة السند والرواة من الثقات ، ونوكل الخوض في التفاصيل ـ الخارجة عن بحث الكتاب ـ إلى اُصول الكافي باب «إنّ الأئـمّة شُهداء على خلقه» .
فقد جاء في الرواية: قلت قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ، قال: إيّانا عنى ونحن المجتبون {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} إيّانا عنى خاصّة و {سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} الله سمّانا المسلمين {مِن قَبْلُ} في الكتب التي مضت {وَفِى هَذَا}

  • (1) سورة الحجّ، الآية: 78 .
  • (2) في ص 168 .

(الصفحة 186)

القرآن {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}(1) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله تبارك وتعالى ، ونحن الشُهداء على الناس ، فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه ، ومن كذّب كذّبناه (2).
فالأئـمة (عليهم السلام) على رؤية واسعة وبصيرة ثاقبة بحيث لا تخفى عليهم خافية من أعمال الناس ، وما هذه إلاّ عناية ورحمة إلهية .
واستناداً لما تقدّم يمكن الجزم بأنّ الأئـمّة (عليهم السلام) عالمون بالغيب ، محيطون بخفايا الحوادث ، بصيرون بشؤون الأُمّة ، وهذا ما يستشفّ بوضوح من دلالة الآية ولا  سيّما من خلال تأييدها بقول الإمام .
أمّا الآية الأُخرى التي تدلّ على أنّ هذه الصفوة مشمولة بلطف الله وعنايته فهي: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}(3) .
لقد مررنا سابقاً مرور الكِرام على هذه الآية ، وهي تكشف بعمق عن مدى عظمة الإمام ، بحيث خشينا من كثرة الاستعراض فيها أن نكون في زمرة «فمنهم ظالم لنفسه» .

دراسة الآية :

سبقت هذه الآية بقوله سبحانه: {وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ* ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}(4) . نفهم من الآية أنّ المُراد بالكتاب هو «القرآن» ; لأنّ

  • (1) سورة الحجّ: الآية 78 .
  • (2) الكافي 1: 191 ح 4 .
  • (3) سورة فاطر: الآية 32 .
  • (4) سورة فاطر : الآيتان 31 ـ 32 .

(الصفحة 187)

الخطاب للنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) والكتاب الذي أوحي إليه هو القرآن ، ثمّ شرعت الآية الثانية بقوله : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} ، فالكتاب هو القرآن ، والتعريف إشارة إلى ذلك الكتاب العزيز ، ثمّ حرف عطف يفيد التراخي وظهور الثاني بعد الأوّل ، فالمعنى ثمّ أودعنا القرآن تلك الطائفة المصطفاة من العباد ، وبناءً على هذا فإنّ وارثي الكتاب وحافظي الوحي السماوي هم صفوة مختارة من عباد الله .

عباد ، أم صفوة مصطفاة من العباد ؟

هل أودع الكتاب صفوة مصطفاة من العباد ، أم كافّة العباد؟ بعبارة اُخرى: هل الكتاب إرث عامّ تتولّى جميع الأُمّة مسؤولية حفظه وتطبيق تعاليمه وأحكامه فهو وديعة عامّة ، أم تقتصر هذه الوظيفة والمسؤولية على صفوة خاصّة مصطفاة من بين خلّص العِباد؟ ما الذي نفهمه من قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}؟ لا نشكّ أنّ هذه الوظيفة الخطيرة إنّما ينهض بها المصطفون ; لأنّ الآية تفيد نقل الكتاب إلى نخبة من العباد لا جميعهم .

مَنْ هُم المصطفون من العباد ؟

ذكرنا سابقاً أنّ {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} هم صفوة مختارة من بين العباد لإخلاصهم وتسليمهم وعبوديتهم المحضة لله وخلوّهم من كلّ عيب ونقص ، وقلنا في حينه: إنّ هذه الصفوة هم الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام)  . ولا يسعنا إلاّ أن نذكر دليلا واضحاً في إثبات هذا الأمر بغية طمأنة الآخرين .

الدليل الدامغ :

تبيّن ممّا أوردناه بشأن الآية 32 و33 من سورة آل عمران {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى
(الصفحة 188)

آدَمَ وَنُوحَاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} أ نّ الذي يكون على رأس سلسلة آل إبراهيم في آخر الزمان من التأريخ البشري هو الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ومن بعده الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، فالآية كاشفة عن الصفوة المختارة «المصطَفين» ولابدّ من القول على ضوء هذا المصداق: {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} أنّها لا تعني سوى أئـمّة الدين ، وأنّ هذه الآية هي المفسّرة والحاكمة علمياً على الآية التي نحن بصددها ، أي أنّها تفصح عن أنّ مصداق {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} هم الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام)  . وهنا لابدّ من التأكيد على أنّها خاصّة في الأئـمّة (عليهم السلام) فقط ; لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وإن كان من ذرّية آل إبراهيم ، إلاّ أنّ الآية 30 قد حدّدت وضعه ، والآية اللاحقة تعيّن الصفوة المختارة بعد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله)  .

سؤال:
إذا كان الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) هم {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} فما مناسبة اختتام الآية بقوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} أي أنّ بعض هؤلاء المصطفين ظلمة ، فهل يظلم الأئـمّة أنفسهم؟

جواب:
الضمير في «منهم» يعود إلى العباد لا إلى المصطفين ، ويؤيّده كلام المحقّق الطوسي في تفسيره للآية في إطار إثباته لرجوع الضمير «منهم» إلى العباد ، حيث قال: «لأنّ من اصطفاه الله لا يكون ظالماً لنفسه» (1)، إذن فهل من الممكن فرض كون المصطفين ظالمين لأنفسهم؟(2) .

  • (1) تفسير التبيان 8: 394.
  • (2) قد تبدو كلمة «عبادنا» واسعة تشمل كافّة عباد الحق تعالى ، إلاّ أنّ إضافة العباد إلى ضمير الجمع «نا» تفيد خصوصية معيّنة: «عبادنا» ، فلا يستبعد القول بأنّها طائفة واسعة من أهل الرسالة والتي تستوعب «أهل البيت» ، ومن ينكر ذلك فلا يسعه أن ينكر روايتين بل عدّة روايات بهذا الشأن . فمعنى الآية بتفسير الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) : أورثنا الكتاب صفوة من عبادنا من أهل البيت ، إلاّ أنّ أهل البيت على ثلاث طوائف: طائفة تظلم نفسها وهي التي تتجاهل نسبها وتقلّد نخبتها من هذه الطائفة ، فهذه لا تكون من الأئمّة الأطهار ، وطائفة معتدلة ، وثالثة سابقة بالخيرات هادية في حركتها وهي تلك النخبة .
  • هذا هو المراد من الآية بالاستناد إلى الأحاديث المُعتبرة ، ولكن نظرة اُخرى إلى القرآن تفيد أنّ الآية الكريمة دراسة لجماعة واسعة باسم «عبادنا» وهم أهل البيت ، وأنّ الكتاب ورّث فيهم ، وهم على طائفتين: 1ـ  النخبة 2ـ  سائر الطائفة ، فالنخبة هُم الأئمّة الأطهار  (عليهم السلام) ، وجميع بني هاشم هم سائر الطائفة ، فهم قد يظلمون أنفسهم ولكن ليس على الدوام والشاهد هو الآية اللاحقة {جَنَّاتُ عَدْن يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَب وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}
  • وعلى فرض أنّ هذا الكلام خلاف ظاهر الآية وأنّ كلمة «عبادنا» تشمل جميع المسلمين ، لكن مع هذا الفرض وهو أنّ «المصطفين من عبادنا» ليس سوى أهل بيت الرسالة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، وقد لاحظتم شرح ذلك ، حيث كان الاستدلال مبتنياً على كلمة «المصطَفين من العباد» لا كلمة عبادنا .