جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 249)

أنّ المراد المعنى الحقيقي للشهادة أم المعنى المجازي بمعنى التعرّض للشهادة؟ فيوجد أصل مسلّم يسمّى أصالة الحقيقة حيث يعيّن ويشخّص المعنى الحقيقي ، ناهيك عن عدم صحة صرف الكلمة إلى المعنى المجازي دون وجود علاقة ، والعلاقة التي يمكن تصوّرها هنا هي علاقة المشارفة ، وعلاقة المشارفة تكون في الموارد التي يكون تحقّقها شيئاً قطعياً تقريباً . ولا تطلق علاقة المشارفة على الأشياء التي يكون وقوعها على نحو الاحتمال . وعليه فليس هنالك من دليل على صحّة استعمال «استشهد» بمعنى التعرّض للشهادة واحتمالها .

دليل آخر:

لو كانت «استشهد» بمعنى احتمال الشهادة لكانت عبارة الإمام توضيحاً للواضح ; لأنّ احتمال الشهادة قائم بالنسبة لكلّ فرد يقوم ضدّ الحكومة الظالمة والحاكم الغاشم ، ويهدف إلى الإطاحة بالحكومة وإنشاء الحكومة الإسلامية ، ولأنّ مثل هذا القيام إنّما يصحبه صِدام عسكري يؤدّي إلى حالة القتل والاقتتال .
إذن ، فلو كانت «استشهد» بمعنى إمكانية الشهادة ، فهذا المعنى ليس بخاف على محمّد بن الحنفية وبني هاشم ولا يحتاج إلى تذكير الإمام ، وعليه : فليس أمامنا من سبيل سوى القول بأنّ «استشهد» إنّما تعني الشهادة الحتمية ، والإخبار الذي صدر عن الإمام (عليه السلام) كان إخباراً عن أمر مخفي ومصير مجهول .
2 ـ ماذا نفهم من العبارة «مَن لحق بي استشهد» .
هل المراد أن كلّ من يلحق بنا يُقتل؟ أم أنّ العبارة إخبار بشهادة قوم على الخصوص؟
لا يمكننا أن نقبل الاحتمال الأوّل ، وذلك للأسباب التالية:
1 ـ لو كان الأمر كذلك فلو افترضنا التحاق جميع أهل المدينة ومكّة والكوفة
(الصفحة 250)

والبصرة وسائر المدن بقافلة الإمام ، فإنّهم سيُقتلون ، والحال لا يمكن تصوّر هذا المعنى أبداً .
2 ـ يلزم من هذا الاحتمال أن يستشهد جميع أفراد ركب الحسين (عليه السلام) بما فيهم الصبية والنساء والكهول ، بينما لم يُقتل من النساء والصبية سوى ثلاث أو أقلّ ، وعليه : نسأل مؤلّف كتاب «شهيد جاويد» لماذا يستدلّ بتجاوز المعنى الحقيقي لكلمة «استشهد» بسبب بقاء عشرة أفراد من الأصحاب وبني هاشم؟ بل الشاهد الأفضل هو بقاء جميع النسوة و . . .
ومن هنا يتّضح أنّ معنى الحديث ليس إخبار الإمام (عليه السلام) بمعنى أنّ جميع الركب ومن يلحق به سيستشهد حتى يعترض على المعنى الحقيقي ، بل المعنى هو أنّ كلّ مَن يلحق بنا من بني هاشم سكنة المدينة سيُقتل ويستشهد . والواقع أنّ هذا الإخبار يختصّ فقط بمحمّد بن الحنفية وبني هاشم من أهل المدينة ممّن لم يلتحق بالإمام حين حركته ، وبالطبع فإنّ الأفراد الذين أرادوا أن يلحقوا منهم إنّما كانوا أفراداً بالغين مكلّفين ، والدليل على ذلك:
1 ـ ما ورد في رواية بصائر الدرجات التي أردفت عبارة «من لحق بي» بكلمة «منكم» أي كلّ من يلحق بي منكم يا بني هاشم فإنّه ينال الشهادة ، إذن فالخبر في بني هاشم و كلمة «منكم» مختّصة بهم .
2 ـ ما ورد في كامل الزيارات حول هذه الرواية ، أنّ الرسالة من الحسين إلى محمّد بن الحنفية وسائر بني هاشم ، أي هؤلاء هم المرادون بالرسالة ، فهل يسعنا بعد ذلك أن نقول بأنّ الخبر وارد بشأن جميع الناس؟!

نتيجة البحث :

نخلص ممّا سبق إلى أنّ العبارة «من لحق بي استشهد» تدلّ على شهادة كلّ من
(الصفحة 251)

بقي من بني هاشم في المدينة إن التحق بركب الحسين  (عليه السلام) ، وعليه : فعدم قتل أمثال: غلام عبدالرحمن بن عبد ربّه ، والضحّاك بن عبدالله المشرقي ، وعقبة بن سمعان ، والعشرة الذين ذكرهم صاحب كتاب «شهيد جاويد» لا يقدح بأصالة معنى الإخبار الغيبي للإمام ، وكان الاُحرى بالمؤلّف أن يتأمّل أكثر ويرى أنّ هذا الإخبار لم يشمل أولئك الأفراد من بني هاشم الذين لحقوا به منذ البداية ، فالرسالة قد كتبت من مكّة كما ورد في حديث كامل الزيارات أو أثناء الخروج من المدينة كما صرّحت رواية بصائر الدرجات .
وعلى كلّ حال الرسالة واردة بشأن الأفراد الذين لم يكونوا مع الركب ويمكنهم اللحاق به في ما بعد . إذن فالإمام (عليه السلام) لم يخبر عن شهادة الأفراد من بني هاشم الذين لم يتخلّفوا عن الركب وواكبوا الإمام منذ بداية الأمر .

مفاد الروايتين :

كلّ مَن التحق بي من بني هاشم ـ سكنة المدينة ـ حين الحركة سيُقتل في سبيل الله وسبيل التوحيد ، ومن تخلّف عنّي لأيّ من الأسباب لم يدرك الفتح ، وعليه : يمكن القول بأنّ الهدف الأصلي للإمام (عليه السلام) لا يقتصر على الإخبار بعاقبة الملتحقين فحسب ، بل في نفس الوقت الذي ورد الإخبار من أنّ طريقنا هو الشهادة ; فإنّه كان ينطوي على تحريض بني هاشم سكنة المدينة على اتّباع الإمام من أجل نيل الدرجات الرفيعة: لا يظفر المتخلّفون بشيء ولمن صحبني الجنّة والشهادة ، فقوموا وانهضوا يابني هاشم لتنالوا الشهادة في هذه النهضة العظيمة .
وهذا ما جعل الإمام الصادق (عليه السلام)  ، وفي هذه الرواية يصرّح خاصّة بعدم استقامة تخلّف محمّد بن الحنفية ويصفه بأنّه حرم من درك السعادة ; لأنّ الذي يفهم
(الصفحة 252)

من عبارة الإمام الحسين (عليه السلام) هو أنّ من لحق بي فاز بالشهادة ، هذه السعادة الكبرى التي تُعتبر فرصة ذهبية لا تسنح دائماً للإنسان ، وقد حرم ابن الحنفية نفسه من هذه النعمة العظيمة .
وعلى ضوء ما تقدّم لنا أنّ نطرح هذا السؤال: هل تقدح عدم شهادة اُولئك الأفراد العشرة ـ على فرض الصحّة ـ بالخبر الغيبي للإمام (عليه السلام) ؟ إذا قال الإمام (عليه السلام) : كلّ من لحق بنا من بني هاشم في المدينة فإنّه يستشهد ، فهل هذا القول لا ينسجم وعدم شهادة اُولئك الأفراد العشرة؟ لنضطرّ لحمل كلمة «استشهد» على معناها المجازي في احتمال الشهادة؟

3 ـ الجمع بين الرسالة وعدم قتل جماعة :

اتّضح ممّا مرّ سابقاً أنّ عدم استشهاد جماعة من أصحاب الإمام ـ على فرض الصحّة ـ لا يضرّ بصحّة إخبار الإمام ، وذلك لأنّ إخبار الإمام مختصّ ببني هاشم من سكنة المدينة الذين لم يلحقوا بركب الإمام منذ بداية الأمر ، ولم يكن أحد ممّن لم يستشهد من بني هاشم من المتخلّفين ، بل كانوا ممّن لحقوا بركبه منذ البداية ، ولقد كان بإمكان مؤلّف كتاب «شهيد جاويد» أن يأتي بشاهد أفضل لحمل الرواية على معناها المجازي ، وهو أنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان في القافلة ولم يستشهد . إذن ، لمَ يذكر بعض الأفراد الذين لم تتّضح أوضاعهم؟ وجوابنا على السؤال هو أنّ الإخبار الغيبي مختصّ بجماعة معيّنة .

افتراض آخر :

نفرض أنّ رسالة الحسين (عليه السلام) تشمل عامّة بني هاشم ولا تختصّ بالمتخلّفين ، وعلى ضوء هذا الفرض يكون الجمع بين الرواية وعدم شهادة البعض من بني
(الصفحة 253)

هاشم ـ وفي مقدّمتهم علي بن الحسين (عليهما السلام) ـ بهذا الشكل: مَن تبقّى من ذريّة الإمام الحسن هم:
1ـ عمرو بن الحسن .
2ـ زيد بن الحسن .
3ـ الحسن بن الحسن .
أمّا عمرو بن الحسن ; فإنّه وإن قال المفيد بعدم قتله في الإرشاد وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين (1)، إلاّ أنّ الطبري صرّح بأنّه لم يقتل لكونه صبيّاً ، ومن المعلوم أنّ رسالة الإمام كانت موجّهة للمكلّفين دون غيرهم . وعليه : فعدم قتل عمرو لا يطعن بالخبر الغيبي للإمام  (عليه السلام) .
وأمّا زيد بن الحسن ، فبناءً على المشهور كما ذكر المحدّث القمي (رحمه الله) أنّه لم يكن ملازماً لعمّه في حركته إلى العراق (2).
وأمّا الحسن بن الحسن ففيه خلاف ، فلم يعدّه الطبري من القتلى لصغر سنّه(3) ، أمّا المفيد فقال في الإرشاد: «حضر مع عمّه الحسين (عليه السلام) الطفّ ، فلمّا قتل الحسين وأسرالباقون من أهله ، جاءه أسماءبن خارجة فانتزعه من بين الأسرى وقال: والله لا يوصل إلى ابن خولة أبداً ، فقال عمربن سعد: دعوا لأبي حسّان ابن اُخته»(4) .
وعلى كلّ حال فإنّ الحسن المثنّى رغم بلوغه وتكليفه لم يستشهد ، وهو الفرد الوحيد البالغ مع علي بن الحسين الذي لم يقتل من بني هاشم ، فلو كانت الرسالة موجّهة لعامّة بني هاشم ، لابدّ أن نقول بأنّ قصد الإمام (عليه السلام) : أنّ سبيلنا هو الشهادة ،

  • (1) مقاتل الطالبيّين: 119 .
  • (2) منتهى الآمال: 459.
  • (3) تاريخ الطبري 4: 359 .
  • (4) الإرشاد للمفيد 2: 25 .