جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 131)

عود إلى شرائط الإمامة المستفادة من القرآن



آية الاصطفاء


نتابع دراسة الآيات القرآنية في إطار التعرّف على شرائط الإمامة:
فقد ورد في سورة آل عمران قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
يقوم الاستدلال بهاتين الآيتين على اُمور هي:

الأمر الأوّل :

لقد استعملت كلمة «الاصطفاء» على أربعة أنحاء ، حيث يختلف معناها في كلّ قسم من هذه الأقسام ، فأحياناً تستعمل دون حرف ، واُخرى مع «من ، على واللام» والاصطفاء كما ذكرنا سابقاً على وزن الافتعال ، وأصلها من «صفو» بمعنى الخالص ، فالاصطفاء هو الانتخاب والاختيار الخالص .
فإن استعملت بدون حرف كان معناها الخالص ، وهكذا وردت في سورة
(الصفحة 132)

آل عمران: {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَيكِ وَطَهَّرَكِ}(1) والدليل هو وحدة السياق في الآية الشريفة ، وإذا جاء معها الحرف «من» فهي تعني الانتخاب من بين جماعة ، وهذا ما نلمسه في سورة فاطر: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}(2) . أمّا إذا استعملت مع «على» فإنّها تفيد ترجيح المنتخب . فهي وإن اشتركت مع المعنى المُراد في القسم الثاني ; أي الانتخاب الخالص ، إلاّ أنّها تفرق عنه بأنّها تتضمن ترجيح المنتخب ، وهذا ما ورد في قصّة طالوت التي أشرنا إليها آنفاً {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَيهُ عَلَيْكُمْ} (3). ولذلك وردت استفهامية في سورة الصافّات {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}(4) أي ليس هنالك من ترجيح وانتخاب في هذا الأمر .

رفع إشكال :

لقد تضمّن معنى «الاصطفاء» رفع إشكال من شأنه تشويش أذهان العوامّ ، فقد صرّح القرآن بشأن مريم قائلا: {وَاصْطَفَيكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}(5) . يعتقد البعض أ نّ مريم مصطفاة على كافّة نساء العالم ، والحال أنّ الآية لا تفيد أيّ اصطفاء بالنسبة لعامّة نساء العالم ولا امتياز عليهنّ «أنت مصطفاة وممتازة من بين نساء العالم» . فهي ليست منتخبة على جميع النساء وليس لها من امتياز على الجميع ، بل هي مصطفاة من بين نخبة النساء ، ونعلم أنّ مريم من المصاديق العُليا للنساء الجليلات: مريم عابدة ومطهّرة ، وهذا لا يتنافى ووجود سائر النساء الجليلات الاُخريات في هذا الجنس البشري ، والكلام يختصّ بكونها

  • (1) سورة آل عمران: الآية 42 .
  • (2) سورة فاطر: الآية 32 .
  • (3) سورة البقرة: الآية 247.
  • (4) سورة الصافّات: الآية 153.
  • (5) سورة آل عمران: الآية 42 .

(الصفحة 133)

منتخبة ، ولاسيّما أنّ هذا الانتخاب والترجيح يتعلّق بأمر غير طبيعي ، وهو الحمل دون وجود الزوج ، فقد خلق الله مريم على درجة من الطهر والعفاف بحيث إنّ الأذهان لا تتصوّر أيّ طعن في طهرها وعفافها من جرّاء هذا النوع من الحمل ، وهناك رواية تؤيّد ما ذهبنا إليه(1) .
الأمر الثاني : هل أنّ اصطفاء آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين إلى الأبد على ضوء الآية {إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}؟

الجواب :

ذكرنا سابقاً أنّ كلمة «الاصطفاء» إذا استعملت مع حرف الجرّ «على» أفادت معنى الترجيح في انتخاب فرد أو أكثر على الآخرين ، فمعنى الآية أنّ الله انتخب آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران ـ الذين يمثّلون الصفوة ـ من بين سائر أفراد العالم .
إذن ، فالانتخاب من بين العالمين ، وأنّ المنتخبين من أصفياء العالم ، لا أنّ الانتخاب على جميع العالم وأنّ للمنتخبين امتياز على العالم ، والله أعلم .
ويؤيّد ذلك المعنى الآيات من سورة الأنعام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}(2) .

  • (1) راجع مجمع البيان 2: 289 ذيل الآية الشريفة «وَاصْطَفَيكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ»  .
  • (2) سورة الأنعام الآيات 84 ـ 86  .

(الصفحة 134)

ونعلم أنّ هؤلاء الأنبياء ليسوا مصطفين على العالم ، وقد انتخبوا بالتفضيل الإلهي من بين العموم ، ومن أراد المزيد فليراجع تفسير أحد الكاتِبَيْن(1) .

جواب آخر :

قد يُقال بأنّ آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران قد اصطفوا على العالمين ، إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّ نوحاً مثلا قد اصطُفِي على جميع العالمين . نعم ، آدم ونوح و . . . مصطفون على العالمين بمعنى عدم خروج آل الرسالة المصطفين من هؤلاء .
المصطفى الأوّل هوآدم (عليه السلام) الذي اصطفاه الله على عالمه آنذاك ، ثمّ نوح وهكذا آل إبراهيم وآل عمران ، حيث إنّ كلّ واحد في هذه الآل مصطفى على عالم زمانه . و محمّد (صلى الله عليه وآله) النبي العربيوهو من آل إبراهيم مصطفى منذ زمان بعثته المُباركة حتّى الأبد .
وبعبارة أوضح: فإنّ المصطَفين على عالم البشرية منذ بدء الخليقة يبتدئون بآدم (عليه السلام) ويختتمون بآل إبراهيم (عليه السلام) بحيث إنّ كلّ واحد منهم مصطفى الله على أهل زمانه ، حتّى ظهور النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي يُعتبر مصطفى من قبل الله منذ انطلاقة البعثة إلى الأبد ما دام عالم البشرية قائماً ، فليس هنالك من نبوّة لكافّة العالمين وفي كافّة أدوار التأريخ من غير هؤلاء وإن اختصّ كلّ واحد منهم بزمانه ، أمّا من حيث المجموع فهم المصطَفون على العالمين على مدى التأريخ ، والله اعلم .
أمّا مريم فهي تشتمل على مزية تميّزها على سائر النساء ، وهي مزية الحمل من دون الزوج ، وهو الحمل الذي لا ينطوي على أيّ مساس بعفّة مريم وطهرها .
الأمر الثالث : من هم آل إبراهيم وآل عمران؟
جاء في المنجد: «أنّ آل الرجل أهله ، ولا يستعمل إلاّ في ما فيه شرف»(2) لا

  • (1) تفسير كلام الحقّ للشيخ شهاب الدين الإشراقي .
  • (2) المنجد في اللغة: 21 ، مادّة «آل» .

(الصفحة 135)

كلّ أهل وأينما كانت كلمة «أهل» لتقيّد صفة المضاف إلى المضاف إليه ، فيُقال مثلا: «أهل العلم» أي الأفراد الذين يتّصفون بصفة العلم ، وأهل قم ، وحيث إنّ الآل هي صفوة الأهل فإنّ آل إبراهيم تعني الخواصّ والصفوة من أهل إبراهيم (عليه السلام)  .
لإبراهيم (عليه السلام) ولدان هما إسماعيل وإسحاق ، والمُراد بآل إبراهيم خلفه وولده المصطَفون من قِبل الله ، فهل هم الأنبياء والمصطَفون من ذريّة إسماعيل والأنبياء من ذريّة إسحاق أيضاً؟
ولعمران ولدان هما عمران والد موسى (عليه السلام) وعمران والد مريم (عليهما السلام)  ، وربّما كان المُراد بعمران التي أضيفت إلى الآل في الآية الكريمة والد مريم ، فآل عمران في هذه الحالة هم المصطفون من هذه الطائفة ، ويؤيّد ذلك الآيات اللاحقة من هذه السورة المُباركة التي ذكرت مريم مشيرة إلى أصالتها . كما يمكن أن تكون آل عمران شاملة للطائفتين ; لأنّ كلمة عمران رغم أنّها إسم علم لكنّها تنطبق على مسمّيين أيضاً ، إلاّ أنّ هذا الاحتمال ليس معتبراً علميّاً .

مَنْ هُم آل إبراهيم ؟

آل عمران كلّ واحد من الطائفتين أو الطائفة الخاصّة من والد مريم ، أمّا آل إبراهيم فتقتصر على ذريّة إسماعيل ، لأنّ العطف دليل على المغايرة ، ويؤيّد كون آل إبراهيم هم ذريّة إسماعيل قوله عزّوجل في الآية 58 من سورة مريم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ} فقد فصّل ذريّة إبراهيم عن ذريّة إسرائيل ، في حين أنّ إسرائيل هو يعقوب وهو من أولاد إسحاق بن إبراهيم .
ومن هنا يعلم بأنّ القرآن لم يرد بذرّية إبراهيم سوى أولاد إسماعيل ، والدليل الأوضح على ذلك ما نحن بصدده من الآية {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض} لأنّ الذريّة