جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 247)

«كامل الزيارات» ، وقد ذكرنا سابقاً أنّ أحاديث هذا الكتاب معتبرة وموثوقة لا  يمكن الطعن في سندها . قال: حدّثني أبي (رحمه الله) وجماعة مشايخي عن سعد بن عبدالله ، عن علي بن إسماعيل بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزيّات ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كتب الحسين بن علي من مكّة إلى محمّد بن علي: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى محمّد بن علي ومَن قِبله من بني هاشم ، أمّا بعد فإنّ من لحق بي استشهد ، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام»(1) .
وقد نقل صاحب كتاب «بصائر الدرجات» عن الإمام الصادق (عليه السلام) نظير هذه الرواية ، حدّثنا أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن مروان بن إسماعيل ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: ذكرنا خروج الحسين وتخلف ابن الحنفية عنه ، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «يا حمزة إنّي ساُحدّثك في هذا بحديث لا  تسأل عنه بعد مجلسنا هذا: إنّ الحسين لمـّا فصل متوجّهاً دعا بقرطاس وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي بن أبي طالب إلى بني هاشم ، أمّا بعد فإنّه من لحق بي منكم استشهد معي ، ومن تخلّف لم يبلغ الفتح والسلام»(2) .

ما ينبغي الالتفات إليه في الحديثين:

1 ـ ماذا يفهم من كلمة «استشهد»؟
2 ـ الرسالة إلى محمّد بن الحنفية وسائر بني هاشم هل تتضمّن الإخبار

  • (1) كامل الزيارات: 157 ح195 ، وعنه بحار الأنوار 45: 87 ح 23 .
  • (2) بصائر الدرجات: 502 ، وعنه إثبات الهداة 2: 577 ح 18 وعن كامل الزيارات والملهوف: 28 ومختصر بصائر الدرجات: 42 ح 25، وفي بحار الأنوار 42: 81 ح 12 عنه وعن مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام) لابن شهر آشوب 4: 76.

(الصفحة 248)

باستشهاد كلّ من يقف في صفّ المجاهدين ، أم شهادة من يلتحق فيما بعد بالإمام من بني هاشم؟
3 ـ كيف يمكن الجمع بين هذه الرسالة وعدم قتل طائفة من بني هاشم؟
1 ) كلمة «استشهد» :
كلمة «استشهد» بصيغة المجهول ، وإن كانت بصيغة المعلوم فهي تعني طلب الشهادة ، وقد وردت بالمعنى الأخير في آيتين من القرآن ،
الاُولى في سورة البقرة {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجَالِكُمْ}(1) .
والاُخرى في سورة النساء {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}(2) . وإن جاءت بصيغة المجهول بمعنى القتل والشهادة في سبيل الله .
وفي المنجد اُستشهد: «قتل في سبيل الله»(3) ولعلّ مناسبة اللفظ لهذا المعنى الوارد في الآيات القرآنية «قَتيل في سبيل الله» هو الشهود ودرك المحضر الربوبي للحقّ جلّ جلاله ، والشهيد لا يموت أبداً ، بل يحيا في شهادته يفيض حياة وحيوية .
ولا يبعد القول بأنّ الشُهداء لا برزخ لهم ، بل تبدأ آخر مراحل حياتهم الملكوتيّة بمجرّد موت الجسد . وهذه هي الحقيقة التي ظهرت في ميدان كربلاء ، فهذا علي الأكبر ينادي أباه الحسين في لحظة الوداع قائلا: «هذا جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد سقاني بكأسه الأوفى» (4).
وعلى كلّ حال كلمة «استشهد» في عبارة الإمام (عليه السلام) ظاهرة بمعنى القتل في سبيل الله ، وصرف المعنى عن هذا الظهور ـ دون مسوّغ ـ إنّما يتعارض والعرف السائد في المكالمات والمحاورات المتداولة في الأزقّة والأسواق ، وفي حالة الشكّ في

  • (1) سورة البقرة: الآية 282 .
  • (2) سورة النساء ، الآية: 15 .
  • (3) المنجد في اللغة: 406 .
  • (4) بحار الأنوار 45: 44.

(الصفحة 249)

أنّ المراد المعنى الحقيقي للشهادة أم المعنى المجازي بمعنى التعرّض للشهادة؟ فيوجد أصل مسلّم يسمّى أصالة الحقيقة حيث يعيّن ويشخّص المعنى الحقيقي ، ناهيك عن عدم صحة صرف الكلمة إلى المعنى المجازي دون وجود علاقة ، والعلاقة التي يمكن تصوّرها هنا هي علاقة المشارفة ، وعلاقة المشارفة تكون في الموارد التي يكون تحقّقها شيئاً قطعياً تقريباً . ولا تطلق علاقة المشارفة على الأشياء التي يكون وقوعها على نحو الاحتمال . وعليه فليس هنالك من دليل على صحّة استعمال «استشهد» بمعنى التعرّض للشهادة واحتمالها .

دليل آخر:

لو كانت «استشهد» بمعنى احتمال الشهادة لكانت عبارة الإمام توضيحاً للواضح ; لأنّ احتمال الشهادة قائم بالنسبة لكلّ فرد يقوم ضدّ الحكومة الظالمة والحاكم الغاشم ، ويهدف إلى الإطاحة بالحكومة وإنشاء الحكومة الإسلامية ، ولأنّ مثل هذا القيام إنّما يصحبه صِدام عسكري يؤدّي إلى حالة القتل والاقتتال .
إذن ، فلو كانت «استشهد» بمعنى إمكانية الشهادة ، فهذا المعنى ليس بخاف على محمّد بن الحنفية وبني هاشم ولا يحتاج إلى تذكير الإمام ، وعليه : فليس أمامنا من سبيل سوى القول بأنّ «استشهد» إنّما تعني الشهادة الحتمية ، والإخبار الذي صدر عن الإمام (عليه السلام) كان إخباراً عن أمر مخفي ومصير مجهول .
2 ـ ماذا نفهم من العبارة «مَن لحق بي استشهد» .
هل المراد أن كلّ من يلحق بنا يُقتل؟ أم أنّ العبارة إخبار بشهادة قوم على الخصوص؟
لا يمكننا أن نقبل الاحتمال الأوّل ، وذلك للأسباب التالية:
1 ـ لو كان الأمر كذلك فلو افترضنا التحاق جميع أهل المدينة ومكّة والكوفة
(الصفحة 250)

والبصرة وسائر المدن بقافلة الإمام ، فإنّهم سيُقتلون ، والحال لا يمكن تصوّر هذا المعنى أبداً .
2 ـ يلزم من هذا الاحتمال أن يستشهد جميع أفراد ركب الحسين (عليه السلام) بما فيهم الصبية والنساء والكهول ، بينما لم يُقتل من النساء والصبية سوى ثلاث أو أقلّ ، وعليه : نسأل مؤلّف كتاب «شهيد جاويد» لماذا يستدلّ بتجاوز المعنى الحقيقي لكلمة «استشهد» بسبب بقاء عشرة أفراد من الأصحاب وبني هاشم؟ بل الشاهد الأفضل هو بقاء جميع النسوة و . . .
ومن هنا يتّضح أنّ معنى الحديث ليس إخبار الإمام (عليه السلام) بمعنى أنّ جميع الركب ومن يلحق به سيستشهد حتى يعترض على المعنى الحقيقي ، بل المعنى هو أنّ كلّ مَن يلحق بنا من بني هاشم سكنة المدينة سيُقتل ويستشهد . والواقع أنّ هذا الإخبار يختصّ فقط بمحمّد بن الحنفية وبني هاشم من أهل المدينة ممّن لم يلتحق بالإمام حين حركته ، وبالطبع فإنّ الأفراد الذين أرادوا أن يلحقوا منهم إنّما كانوا أفراداً بالغين مكلّفين ، والدليل على ذلك:
1 ـ ما ورد في رواية بصائر الدرجات التي أردفت عبارة «من لحق بي» بكلمة «منكم» أي كلّ من يلحق بي منكم يا بني هاشم فإنّه ينال الشهادة ، إذن فالخبر في بني هاشم و كلمة «منكم» مختّصة بهم .
2 ـ ما ورد في كامل الزيارات حول هذه الرواية ، أنّ الرسالة من الحسين إلى محمّد بن الحنفية وسائر بني هاشم ، أي هؤلاء هم المرادون بالرسالة ، فهل يسعنا بعد ذلك أن نقول بأنّ الخبر وارد بشأن جميع الناس؟!

نتيجة البحث :

نخلص ممّا سبق إلى أنّ العبارة «من لحق بي استشهد» تدلّ على شهادة كلّ من
(الصفحة 251)

بقي من بني هاشم في المدينة إن التحق بركب الحسين  (عليه السلام) ، وعليه : فعدم قتل أمثال: غلام عبدالرحمن بن عبد ربّه ، والضحّاك بن عبدالله المشرقي ، وعقبة بن سمعان ، والعشرة الذين ذكرهم صاحب كتاب «شهيد جاويد» لا يقدح بأصالة معنى الإخبار الغيبي للإمام ، وكان الاُحرى بالمؤلّف أن يتأمّل أكثر ويرى أنّ هذا الإخبار لم يشمل أولئك الأفراد من بني هاشم الذين لحقوا به منذ البداية ، فالرسالة قد كتبت من مكّة كما ورد في حديث كامل الزيارات أو أثناء الخروج من المدينة كما صرّحت رواية بصائر الدرجات .
وعلى كلّ حال الرسالة واردة بشأن الأفراد الذين لم يكونوا مع الركب ويمكنهم اللحاق به في ما بعد . إذن فالإمام (عليه السلام) لم يخبر عن شهادة الأفراد من بني هاشم الذين لم يتخلّفوا عن الركب وواكبوا الإمام منذ بداية الأمر .

مفاد الروايتين :

كلّ مَن التحق بي من بني هاشم ـ سكنة المدينة ـ حين الحركة سيُقتل في سبيل الله وسبيل التوحيد ، ومن تخلّف عنّي لأيّ من الأسباب لم يدرك الفتح ، وعليه : يمكن القول بأنّ الهدف الأصلي للإمام (عليه السلام) لا يقتصر على الإخبار بعاقبة الملتحقين فحسب ، بل في نفس الوقت الذي ورد الإخبار من أنّ طريقنا هو الشهادة ; فإنّه كان ينطوي على تحريض بني هاشم سكنة المدينة على اتّباع الإمام من أجل نيل الدرجات الرفيعة: لا يظفر المتخلّفون بشيء ولمن صحبني الجنّة والشهادة ، فقوموا وانهضوا يابني هاشم لتنالوا الشهادة في هذه النهضة العظيمة .
وهذا ما جعل الإمام الصادق (عليه السلام)  ، وفي هذه الرواية يصرّح خاصّة بعدم استقامة تخلّف محمّد بن الحنفية ويصفه بأنّه حرم من درك السعادة ; لأنّ الذي يفهم