جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 172)

وحدة الموضوع:

كان البحث بشأن الأخبار والآيات التي كشفت عن المرتبة العلمية للأئمة (عليهم السلام)  ، وقد اتّضح لدينا خلال الأبحاث أنّ أئـمّة المسلمين هم الصفوة من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) الذين حظوا بلطف الله وعنايته ببصيرة ثاقبة جعلتهم يقفون على جميع أسرار القرآن وخفايا الحوادث ومكنونات قصص الماضين ومصير المسلمين ، وللوقوف أكثر على منزلتهم العلمية نتابع ما ورد في الخبر عن الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) أنّهما قالا: قال أمير ألمؤمنين (عليه السلام) : «علمتُ علم المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب ، فلم يفتني ما سبقني ، ولم يعزب عنّي ما غاب عنّي»(1) .
ولا تقتصر هذه المنزلة على علي (عليه السلام) ، بل هي لجميع الأئمّة (عليهم السلام)  ، فقد قال الإمام الرضا (عليهم السلام) : «عندنا علم البلايا والمنايا وأنساب العرب ومولد الإسلام»(2) .

الذهول والدهشة!!

لعلّ مثل هذه الكلمات أثارت اضطراب البعض وجعلته يشعر بالدهشة والذهول ، ولا غرو ولا عجب!
إنّنا نرى العجائب في العالم ونشاهد الغرائب ، إلاّ أنّنا نمرّ مرّ الكِرام ، فنرى المرتاضين الذين جعلهم الارتياض يصيبون في بعض ما يتكهّنون ومن خلف الحجب والكواليس يتحدّثون ، أو نلتقي بعض الأفراد الورعين الذين يتحدّثون أحياناً عن أسرار حياتنا فلا نتعجّب ممّا يقولون . فقد فتحت بعض نوافذ العلم بوجه تلك الطائفة من المرتاضين إثر رياضتهم ولو كانت بالباطل . وهذه الطائفة من العارفين السالكين حصلوا على ذلك إثر اتّباعهم الحقّ وهجرهم الشهوات ، في

  • (1) الكافي 1: 197 ـ 198 باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) هم أركان الأرض ح 2 و 3 .
  • (2) الكافي 1: 223 باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) ورثوا علم النبيّ . . . ح1 .

(الصفحة 173)

حين تتلمذ الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) في مدرسة الرسالة ، وقد نالوا الإخلاص في العبودية بدعوة إبراهيم  (عليه السلام) ، ثمّ جدّوا في الورع والتقوى والتسليم والرضا والجهاد في الحقّ وطهارة المولد ، حتّى حظوا بعناية واهب العلم والعقل والنور ، فهم تلامذة الوحي ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة .
أفمن العجب أن تكون للأئمة مثل تلك الرؤية والبصيرة بحيث يرون جميع الأشياء ويحيطون بكافّة أسرار القرآن ومكنونات الخلقة ومصير المسلمين؟ فإن كان القرآن صرّح بأنّهم شُهداء على الناس ، فمن الطبيعي أن يفيض عليهم الرحمن بحارالعلم ومحيطات الحلم ويزوّدهم بالبصر والبصيرة ، بحيث لا يخفى عليهم شيء .
لقد ذهل عبدالله بن أبان الزيّات ـ الذي يتمتّع بمكانة خاصّة عند الإمام الرضا (عليه السلام)  ـ حين قال له الإمام (عليه السلام) : «والله إنّ أعمالكم لتُعرض عليّ في كلّ يوم وليلة»(1) .
فلمّا أحسّ الإمام (عليه السلام) منه ذلك قال له: ألم تقرأ الآية {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}(2) . وهنا التفت ابن الزيّات ليدرك القيمة الحقيقية للإمام ، وأن ليس هناك ما يدعو إلى الدهشة والعجب في أن يفيض الله على عالم الوجود بمثل هؤلاء العِباد فيلبسهم من حلل الكرامة والعلم ، والقرآن يقود إلى هذه الحقيقة . وقد ورد عن أمير المؤمنين ، وعلي بن الحسين زين العابدين ، وجعفر بن محمّد الصادق (عليهم السلام)  ، أنّهم قالوا: نحن شجرة النبوّة ، وبيت الرحمة ، ومفاتيح الحكمة ، ومعدن العلم ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وموضع سرّ الله(3) .

  • (1) الكافي 1: 219 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) ح4 .
  • (2) سورة التوبة : الآية 105  .
  • (3) الكافي 1: 221 باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) معدن العلم وشجرة النبوّة ح 1 ـ 3 .

(الصفحة 174)

لقد شاء الله لهذا البيت أن يرتفع ، فقد رفع إبراهيم بيت الله فسأله أن يرفع مقابل ذلك بيته بأن يُظهر تلك الصفوة التي تعيش التسليم والانقياد والطاعة والعبودية لله ، وقد استجاب الله دعوته . وقد قال القرآن بهذا الشأن: {فِى بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ* رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ}(1) .
وقال الصادق (عليه السلام) : «إنّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول: لا أدري»(2) .

خلاصة هذا الفصل :

1 ـ اعترف ابن أبي الحديد بعلم أمير المؤمنين (عليه السلام) بحوادث المستقبل حتّى قال: «ولقد امتحنّا إخباره فوجدناها موافقة ، فاستدللنا بذلك على صدق الدعوى المذكورة» (3).
2 ـ تبيّن من مجموع الآيات والروايات أنّ للأئمة (عليهم السلام) شخصية بارزة في العِلم لدرجة الإحاطة بالغيب والحوادث إلى جانب التبحّر في علم الكتاب وأسرار الدين ، بحيث إنّ الله جعلهم شهوداً على أعمال الناس بنصّ القرآن ، ولم يصطفيهم الله إلاّ لإخلاصهم وتسليمهم وعبوديتهم له سبحانه ، وهم عيبة علم الله ونوره ، الأمر الذي برّأهم من كلّ عيب ونقص وجهل ، وهذا ما جعلهم يلهمون العلم بكافّة الحوادث وخفايا الخليقة والإحاطة بما كان ويكون ، كما وقفنا على حديث الإمام الرضا (عليه السلام) حين قال: إنّ أعمال الناس تُعرض عليّ في اليوم والليلة ،

  • (1) سورة النور : الآيتان 36 ـ 37  .
  • (2) الكافي 1: 227 باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) عندهم جميع الكُتب ح1 .
  • (3) تقدّم في ص 165 .

(الصفحة 175)

مستدلاًّ بجوابه لابن الزيّات بالآية الشريفة: {وَقُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} .

ثمرة هذه الخلاصة :

ليست هنالك من ثمرة لهذه الخلاصة سوى أنّ الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) إنّما ينظرون بنور خاص إلى العالم وبصيرة ثاقبة بالغيب وخبرة بمتطلّبات الأُمّة الإسلامية والمسلمين إلى الأبد . ولعلّ هذه الاُمور قد تبادرت إلى أصحاب الأئـمّة (عليهم السلام) ليؤمنوا بأنّ أئـمّة الإسلام عالمون بالغيب ، ويسرّنا هنا أن نستشهد على ذلك بشاهد حيّ لترى كيف يفصح الإمام عن وقوفه على علم الغيب في الوقت الذي ينفيه عن نفسه .

رواية عميقة :

وردت هذه الرواية في أُصول الكافي في باب «نادر فيه ذكر الغيب» عن سدير ، قد يبدو تردّد البعض في سندها ، إلاّ أنّ متنها يشهد بصحّة صدورها ، فقد قال: كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزّاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبدالله (عليه السلام)  ، إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلمّا أخذ مجلسه قال: «يا عجباً لأقوام يزعمون أنّا نعلم الغيب ، لا يعلم الغيب إلاّ الله عزّوجل ، لقد هممتُ بضرب جاريتي فلانة فهربت منّي ، فما علمت في أيّ بيوت الدار هي .
قال سدير: فلمّا أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسّر وقلنا له: جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنّك تعلم علماً كثيراً ولا ننسبك إلى علم الغيب؟
قال: فقال: يا سدير ألم تقرأ القرآن؟ قلت: بلى ، قال: فهل وجدت فيما قرأت
(الصفحة 176)

من كتاب الله عزّوجلّ: {قَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} (1)، قال: قلت: جعلت فداك قد قرأته ، قال: فهل عرفت الرجل ، وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: أخبرني به ، قال: قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر ، فما يكون ذلك من علم الكتاب؟ قال: قلت: جعلت فداك ما أقلّ هذا .
فقال: يا سدير ما أكثر هذا أن ينسبه الله ـ عزّوجلّ ـ إلى العلم اُخبرك به ، يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزّوجل أيضاً {قُل كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ، قال: قلت: قد قرأته جعلت فداك ، قال: أفمن عنده علم الكتاب كلّه أفهم ، أَم من عنده علم الكتاب بعضه؟ قلت: لا ، بل من عنده علم الكتاب كلّه . قال: فأومأ بيده إلى صدره وقال: علم الكتاب والله كلّه عندنا ، علم الكتاب والله كلّه عندنا»(2) .
سدير : هو سدير بن حكيم المُكنّى بأبي الفضل من أصحاب الإمام السجّاد والباقر والصادق (عليهم السلام)  ، وقد اعتبرته كتب الرجال ثقة (3)، وكانت له منزلة عند الإمام (عليه السلام)  . وقد حُبس فدعا له الإمام (عليه السلام) فخرج من السجن ببركة الدعاء (4).
داود بن كثير : هو ابن خالد الرقّي ، ومن ثقات الأصحاب (5)، وقد قال الصادق (عليه السلام) : «أنزلوا داود الرقّي منّي منزلة المقداد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) »(6) وعدّه الشيخ المفيد في إرشاده من ثقات أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام)  ، وقال: هو من خاصّته

  • (1) سورة النمل، الآية: 40.
  • (2) الكافي 1: 257 باب نادر فيه ذكر الغيب ح3 .
  • (3) معجم رجال الحديث: 8 / 34 ـ 37 .
  • (4) اختيار معرفة الرجال، المعروف بـ«رجال الكشي»: 210 رقم 372 .
  • (5) معجم رجال الحديث: 7 / 123 .
  • (6) مشيخة الفقيه، طريقه إلى داود الرقي، الاختصاص: 216 .