جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 134)

ونعلم أنّ هؤلاء الأنبياء ليسوا مصطفين على العالم ، وقد انتخبوا بالتفضيل الإلهي من بين العموم ، ومن أراد المزيد فليراجع تفسير أحد الكاتِبَيْن(1) .

جواب آخر :

قد يُقال بأنّ آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران قد اصطفوا على العالمين ، إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّ نوحاً مثلا قد اصطُفِي على جميع العالمين . نعم ، آدم ونوح و . . . مصطفون على العالمين بمعنى عدم خروج آل الرسالة المصطفين من هؤلاء .
المصطفى الأوّل هوآدم (عليه السلام) الذي اصطفاه الله على عالمه آنذاك ، ثمّ نوح وهكذا آل إبراهيم وآل عمران ، حيث إنّ كلّ واحد في هذه الآل مصطفى على عالم زمانه . و محمّد (صلى الله عليه وآله) النبي العربيوهو من آل إبراهيم مصطفى منذ زمان بعثته المُباركة حتّى الأبد .
وبعبارة أوضح: فإنّ المصطَفين على عالم البشرية منذ بدء الخليقة يبتدئون بآدم (عليه السلام) ويختتمون بآل إبراهيم (عليه السلام) بحيث إنّ كلّ واحد منهم مصطفى الله على أهل زمانه ، حتّى ظهور النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي يُعتبر مصطفى من قبل الله منذ انطلاقة البعثة إلى الأبد ما دام عالم البشرية قائماً ، فليس هنالك من نبوّة لكافّة العالمين وفي كافّة أدوار التأريخ من غير هؤلاء وإن اختصّ كلّ واحد منهم بزمانه ، أمّا من حيث المجموع فهم المصطَفون على العالمين على مدى التأريخ ، والله اعلم .
أمّا مريم فهي تشتمل على مزية تميّزها على سائر النساء ، وهي مزية الحمل من دون الزوج ، وهو الحمل الذي لا ينطوي على أيّ مساس بعفّة مريم وطهرها .
الأمر الثالث : من هم آل إبراهيم وآل عمران؟
جاء في المنجد: «أنّ آل الرجل أهله ، ولا يستعمل إلاّ في ما فيه شرف»(2) لا

  • (1) تفسير كلام الحقّ للشيخ شهاب الدين الإشراقي .
  • (2) المنجد في اللغة: 21 ، مادّة «آل» .

(الصفحة 135)

كلّ أهل وأينما كانت كلمة «أهل» لتقيّد صفة المضاف إلى المضاف إليه ، فيُقال مثلا: «أهل العلم» أي الأفراد الذين يتّصفون بصفة العلم ، وأهل قم ، وحيث إنّ الآل هي صفوة الأهل فإنّ آل إبراهيم تعني الخواصّ والصفوة من أهل إبراهيم (عليه السلام)  .
لإبراهيم (عليه السلام) ولدان هما إسماعيل وإسحاق ، والمُراد بآل إبراهيم خلفه وولده المصطَفون من قِبل الله ، فهل هم الأنبياء والمصطَفون من ذريّة إسماعيل والأنبياء من ذريّة إسحاق أيضاً؟
ولعمران ولدان هما عمران والد موسى (عليه السلام) وعمران والد مريم (عليهما السلام)  ، وربّما كان المُراد بعمران التي أضيفت إلى الآل في الآية الكريمة والد مريم ، فآل عمران في هذه الحالة هم المصطفون من هذه الطائفة ، ويؤيّد ذلك الآيات اللاحقة من هذه السورة المُباركة التي ذكرت مريم مشيرة إلى أصالتها . كما يمكن أن تكون آل عمران شاملة للطائفتين ; لأنّ كلمة عمران رغم أنّها إسم علم لكنّها تنطبق على مسمّيين أيضاً ، إلاّ أنّ هذا الاحتمال ليس معتبراً علميّاً .

مَنْ هُم آل إبراهيم ؟

آل عمران كلّ واحد من الطائفتين أو الطائفة الخاصّة من والد مريم ، أمّا آل إبراهيم فتقتصر على ذريّة إسماعيل ، لأنّ العطف دليل على المغايرة ، ويؤيّد كون آل إبراهيم هم ذريّة إسماعيل قوله عزّوجل في الآية 58 من سورة مريم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ} فقد فصّل ذريّة إبراهيم عن ذريّة إسرائيل ، في حين أنّ إسرائيل هو يعقوب وهو من أولاد إسحاق بن إبراهيم .
ومن هنا يعلم بأنّ القرآن لم يرد بذرّية إبراهيم سوى أولاد إسماعيل ، والدليل الأوضح على ذلك ما نحن بصدده من الآية {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض} لأنّ الذريّة
(الصفحة 136)

وردت بدل من آل إبراهيم وآل عمران ، أي أ نّ آل إبراهيم وآل عمران ذرّية واحدة ; لأنّ والد الآلين هو إبراهيم . أمّا {بَعْضُهَا مِنْ بَعْض} فمعناه انفصال وتفرّع البعض من ذريّة والبعض الآخر من ذريّة أُخرى .
وبعبارة أيسر: أنّ معنى العبارة رغم أنّ آل إبراهيم وآل عمران ذرّية واحدة ، غير أنّ آل عمران من ولد وآل إبراهيم من ولد آخر ، وعليه فآل عمران من يعقوب بن إسحاق وهو إسرائيل ، وآل إبراهيم من إسماعيل بن إبراهيم .

هدف سام :

لِمَ عبّر القرآن الكريم عن ذريّة إسماعيل بآل إبراهيم ، وعن أولاد إسحاق بآل عمران؟
لعلّ المغزى في هذا التعبير رغم أنّ الاثنين هما آل إبراهيم ، هو هدف سام وبقصد إفادة مطلب أساسي . فآل إسحاق قد انقطعوا عن مقام النبوّة السامي وسيحلّ اليوم الذي يزول فيه دين إسحاق ، وبالتالي فإنّ الدين الإسلامي العالمي سيستوعب جميع القوانين السماوية .
إذن ، فالذرّية الحقيقية لإبراهيم الحافظة لهدفه السامي القائم على أساس التوحيد والتسليم لله إنّما تنحصر في ولد إسماعيل ، وبالنهاية فإنّ النبي العربي محمّداً (صلى الله عليه وآله) هو الحافظ لدعوة إبراهيم (عليه السلام)  ، وقد لفت القرآن الأنظار لهذه الحقيقة ، حيث قال: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ}(1) .
وبناءً على هذا يمكن القول بأنّ آل إبراهيم منحصرون في الصفوة من ولد إسماعيل ، إضافة إلى أنّ أتباع سائر الأديان كالنصرانية واليهودية قد أحدثوا من

  • (1) سورة آل عمران : الآية 68  .

(الصفحة 137)

الخرافات والخزعبلات والتحريفات في الدين الأصيل لموسى وعيسى ، بحيث زالت معالم الدين بالمرّة ولم يبق منه سوى الأوهام والخرافات ، وذهبت الجهود المضنية لإبراهيم (عليه السلام) والتوحيد الخالص لله أدراج الرياح .
ولذلك فصل الحقّ سبحانه عنواني النصرانية واليهودية عن أتباع عيسى وموسى (عليهما السلام)  ، وسلخ إبراهيم (عليه السلام) عنهما ، فقال عزّوجل: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(1) . ونوكل الخوض في التفاصيل إلى محلّ آخر .
الأمر الرابع : الأمر المهمّ الذي يمثّل الهدف الأساسي في الآية هو كيفيّة تعبير القرآن الكريم ، فقد نسب الاصطفاء لشخصين وطائفتين {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} . فقد ذكر الله إسم هؤلاء المنتخبين من بين عباده ، فالفرد المخلص الأوّل هو آدم ، والفرد المخلص الثاني هو نوح ، والطائفة الخالصة الأُولى هي آل إبراهيم ، والثانية آل عمران .
فنرى إسم نوح قد ذكر بعد آدم رغم قدوم عدّة أنبياء ، كما اقتصر الحديث على آل عمران من بين آل إسحاق ، فآدم أوّل أنبياء الله ، وقد ركّز القرآن عليه حتّى أسهب في الحديث عنه في سورة البقرة ، كما أنّ لنوح عدّة مزايا ، ربّما منها كونه يمثّل آدم الثاني بالنسبة للبشرية إثر انقراض البشرية في زمانه وتجديد الحياة ثانية .
أمّا السؤال المهمّ هنا هو لِمَ هذا الاهتمام بآل عمران؟ ولعلّ سبب ذلك يعود إلى ظهور أنبياء عظام في هذه الآل ، بحيث ما زال أغلب الناس ينسب نفسه إليهم ، فمنهم موسى وعيسى (عليهما السلام)  ، وقد راعى القرآن جانب الاختصار في تعبيره بآل عمران عن نبوّات ولد إسحاق ، الأمر الذي يطول شرحه .
والسؤال الأهمّ: ما السبب في التعبير بآل إبراهيم؟

  • (1) سورة آل عمران : الآية 67  .

(الصفحة 138)

وكأنّ التعبير بآل إبراهيم الذي يسلّط الضوء على نبوّة إبراهيم ـ وبالالتفات لما ذكرنا من أنّ آل إبراهيم مختصّة بذريّة إسماعيل ـ يشير إلى زعماء الإسلام وعلى رأسهم زعامة محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) وخلفه الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، فهم من آل إبراهيم ، وأنّهم حقّاً جديرون بهذا الانتساب ، أي الانتساب بصفتهم آل إبراهيم إلى هذه الطائفة من زعماء الدين للعالم .
وبناءً على ما تقدّم فإنّ القرآن قد طرح أساس الزعامة العالمية للبشرية منذ بدء الخليقة على الأرض حتّى انتهائها ، فقد تزعّم آدم (عليه السلام) العالم في بدايته ، ثمّ تجدّد هذا الأساس من قبل نوح بعد انقراض البشرية في الطوفان ، كما أنّ الزعماء الأصليين لعالم الأمس واليوم والغد هم آل عمران وآل إبراهيم . وأنّ زعيم طائفة آل إبراهيم في العالم منذ ألف وثلاثمائة وبضع سنوات قبل إلى القيامة هو محمّد (صلى الله عليه وآله) ومن بعده زعماء الإسلام من آل محمّد وآل إبراهيم; وذلك لأنّه كما ذكرنا سابقاً أنّ آل إبراهيم الذين ينتمون إلى ذريّة إسماعيل ، وآل محمّد الذين ينتمون إلى آل إبراهيم ليسوا إلاّ الصفوة من بني هاشم .

هدف الآية :

تهدف هذه الآية إلى تثبيت أصالة الإسلام وأئمّة المسلمين ، فقد أوضح القرآن بإعجازه في آية قصيرة زعامة العالم منذ نشوء الخليقة إلى القيامة . فكما انتخب الله آدم ونوحاً ، فإنّه انتخب واصطفى آل عمران وآل إبراهيم ، وقد جمع الزعامة العالمية في ذانك النبيّين العظيمين وهاتين الطائفتين .
وعليه : فإنّ عالم المسيحية واليهودية وإن نظر إلى آدم ونوح وآل عمران على أنّهم مصطَفون من قبل الله ، لابدّ أن ينظر أيضاً إلى أنّ آل إبراهيم وأئمّة الإسلام ـ الذين ينسبون إلى محمّد ـ على رأس هذه السلسلة من الزعماء ، ومع هذا