جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 251)

بقي من بني هاشم في المدينة إن التحق بركب الحسين  (عليه السلام) ، وعليه : فعدم قتل أمثال: غلام عبدالرحمن بن عبد ربّه ، والضحّاك بن عبدالله المشرقي ، وعقبة بن سمعان ، والعشرة الذين ذكرهم صاحب كتاب «شهيد جاويد» لا يقدح بأصالة معنى الإخبار الغيبي للإمام ، وكان الاُحرى بالمؤلّف أن يتأمّل أكثر ويرى أنّ هذا الإخبار لم يشمل أولئك الأفراد من بني هاشم الذين لحقوا به منذ البداية ، فالرسالة قد كتبت من مكّة كما ورد في حديث كامل الزيارات أو أثناء الخروج من المدينة كما صرّحت رواية بصائر الدرجات .
وعلى كلّ حال الرسالة واردة بشأن الأفراد الذين لم يكونوا مع الركب ويمكنهم اللحاق به في ما بعد . إذن فالإمام (عليه السلام) لم يخبر عن شهادة الأفراد من بني هاشم الذين لم يتخلّفوا عن الركب وواكبوا الإمام منذ بداية الأمر .

مفاد الروايتين :

كلّ مَن التحق بي من بني هاشم ـ سكنة المدينة ـ حين الحركة سيُقتل في سبيل الله وسبيل التوحيد ، ومن تخلّف عنّي لأيّ من الأسباب لم يدرك الفتح ، وعليه : يمكن القول بأنّ الهدف الأصلي للإمام (عليه السلام) لا يقتصر على الإخبار بعاقبة الملتحقين فحسب ، بل في نفس الوقت الذي ورد الإخبار من أنّ طريقنا هو الشهادة ; فإنّه كان ينطوي على تحريض بني هاشم سكنة المدينة على اتّباع الإمام من أجل نيل الدرجات الرفيعة: لا يظفر المتخلّفون بشيء ولمن صحبني الجنّة والشهادة ، فقوموا وانهضوا يابني هاشم لتنالوا الشهادة في هذه النهضة العظيمة .
وهذا ما جعل الإمام الصادق (عليه السلام)  ، وفي هذه الرواية يصرّح خاصّة بعدم استقامة تخلّف محمّد بن الحنفية ويصفه بأنّه حرم من درك السعادة ; لأنّ الذي يفهم
(الصفحة 252)

من عبارة الإمام الحسين (عليه السلام) هو أنّ من لحق بي فاز بالشهادة ، هذه السعادة الكبرى التي تُعتبر فرصة ذهبية لا تسنح دائماً للإنسان ، وقد حرم ابن الحنفية نفسه من هذه النعمة العظيمة .
وعلى ضوء ما تقدّم لنا أنّ نطرح هذا السؤال: هل تقدح عدم شهادة اُولئك الأفراد العشرة ـ على فرض الصحّة ـ بالخبر الغيبي للإمام (عليه السلام) ؟ إذا قال الإمام (عليه السلام) : كلّ من لحق بنا من بني هاشم في المدينة فإنّه يستشهد ، فهل هذا القول لا ينسجم وعدم شهادة اُولئك الأفراد العشرة؟ لنضطرّ لحمل كلمة «استشهد» على معناها المجازي في احتمال الشهادة؟

3 ـ الجمع بين الرسالة وعدم قتل جماعة :

اتّضح ممّا مرّ سابقاً أنّ عدم استشهاد جماعة من أصحاب الإمام ـ على فرض الصحّة ـ لا يضرّ بصحّة إخبار الإمام ، وذلك لأنّ إخبار الإمام مختصّ ببني هاشم من سكنة المدينة الذين لم يلحقوا بركب الإمام منذ بداية الأمر ، ولم يكن أحد ممّن لم يستشهد من بني هاشم من المتخلّفين ، بل كانوا ممّن لحقوا بركبه منذ البداية ، ولقد كان بإمكان مؤلّف كتاب «شهيد جاويد» أن يأتي بشاهد أفضل لحمل الرواية على معناها المجازي ، وهو أنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان في القافلة ولم يستشهد . إذن ، لمَ يذكر بعض الأفراد الذين لم تتّضح أوضاعهم؟ وجوابنا على السؤال هو أنّ الإخبار الغيبي مختصّ بجماعة معيّنة .

افتراض آخر :

نفرض أنّ رسالة الحسين (عليه السلام) تشمل عامّة بني هاشم ولا تختصّ بالمتخلّفين ، وعلى ضوء هذا الفرض يكون الجمع بين الرواية وعدم شهادة البعض من بني
(الصفحة 253)

هاشم ـ وفي مقدّمتهم علي بن الحسين (عليهما السلام) ـ بهذا الشكل: مَن تبقّى من ذريّة الإمام الحسن هم:
1ـ عمرو بن الحسن .
2ـ زيد بن الحسن .
3ـ الحسن بن الحسن .
أمّا عمرو بن الحسن ; فإنّه وإن قال المفيد بعدم قتله في الإرشاد وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين (1)، إلاّ أنّ الطبري صرّح بأنّه لم يقتل لكونه صبيّاً ، ومن المعلوم أنّ رسالة الإمام كانت موجّهة للمكلّفين دون غيرهم . وعليه : فعدم قتل عمرو لا يطعن بالخبر الغيبي للإمام  (عليه السلام) .
وأمّا زيد بن الحسن ، فبناءً على المشهور كما ذكر المحدّث القمي (رحمه الله) أنّه لم يكن ملازماً لعمّه في حركته إلى العراق (2).
وأمّا الحسن بن الحسن ففيه خلاف ، فلم يعدّه الطبري من القتلى لصغر سنّه(3) ، أمّا المفيد فقال في الإرشاد: «حضر مع عمّه الحسين (عليه السلام) الطفّ ، فلمّا قتل الحسين وأسرالباقون من أهله ، جاءه أسماءبن خارجة فانتزعه من بين الأسرى وقال: والله لا يوصل إلى ابن خولة أبداً ، فقال عمربن سعد: دعوا لأبي حسّان ابن اُخته»(4) .
وعلى كلّ حال فإنّ الحسن المثنّى رغم بلوغه وتكليفه لم يستشهد ، وهو الفرد الوحيد البالغ مع علي بن الحسين الذي لم يقتل من بني هاشم ، فلو كانت الرسالة موجّهة لعامّة بني هاشم ، لابدّ أن نقول بأنّ قصد الإمام (عليه السلام) : أنّ سبيلنا هو الشهادة ،

  • (1) مقاتل الطالبيّين: 119 .
  • (2) منتهى الآمال: 459.
  • (3) تاريخ الطبري 4: 359 .
  • (4) الإرشاد للمفيد 2: 25 .

(الصفحة 254)

وعليه : فمن نجى فليس ذلك بمستبعد .
بعبارة اُخرى ليس هناك من منافاة بين الخطاب العام في اللحاظ العام باستثناء فرد أو فردين .
إذن ، ففحوى رسالة الإمام: قافلتنا تتّجه إلى ميدان الحرب والقتال الذي سيخوضه الغيارى والأحرار من أجل الدفاع عن الحقّ ، هؤلاء الغيارى شهداء أدركوا الحقّ ، ومن لم يقم ويُدافع عن القرآن لا ينبغي أن يرجو أيّ نصر آخر .

الحديث الرابع :

قال ابن قولويه في كامل الزيارات أيضاً: حدّثني أبي (رضي الله عنه) وعلي بن الحسين جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن أبي الصهبان ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن فضيل الرسان ، عن أبي سعيد عقيصا قال: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) وخلا به عبدالله بن الزبير وناجاه طويلا ، قال: ثمّ اُقبل الحسين بوجهه إليهم وقال: «إنّ هذا يقول لي: كن حماماً من حمام الحرم ، ولأن اُقتل وبيني وبين الحرم باع أحبّ إلي من أن اُقتل وبيني وبينه شبر ، ولأن اُقتل بالطفّ أحبّ إليّ من أن اُقتل بالحرم»(1) .

تحقيق مختصر :

يرى ابن الزبير أنّ الخطر محدق بالإمام ، وهذا ما طرحه على الإمام ، غير أنّه يظنّ بأنّ الحرم من شأنه أن يدفع عنه هذا الخطر ، وهذا ما عبّر عنه بقوله: كن حماماً من حمام الحرم ، حيث يتمّع الحمام بالأمن في الحرم ، وابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى بهذا الأمان . إذن فالبقاء في ذلك الموضع المقدّس هو السبيل الأخير للأمان من المخاطر .

  • (1) كامل الزيارات: 151 ح182 ، وعنه بحار الأنوار 45: 85 ح 16 .

(الصفحة 255)

أمّا الإمام (عليه السلام) فيرفض هذه النظرية ويطلع ابن الزبير على حتمية وقوع حادثة دون أن يُعرف للمكان من معنى في الحرم أم في موضع آخر . فقد اتّفقت كلمة الظلمة على قتلي وليس بإمكان حتى الحرم أن يمنحني الأمان ، وليس من الصواب أن أستجب لوقوع هذه الحادثة في الحرم الإلهي وأنتهك حرمته ، بل أنا حريص على عدم انتهاك حرمته ولو على بعد شبر ، وعليه : فسأغادر الحرم سريعاً لأدفع بهذه الحادثة الحتمية إلى كربلاء وأضرّج تربتها بدمي ، إنّي لأحب أن أستقبل هذه الحادثة التي لا مناص منها في الطفّ ، إنّي لأرغب بالشهادة في سبيل اعتلاء الحقّ وكلمة الإسلام على يد الجبابرة فَلِمَ لا أستشهد في كربلاء؟
هذه خلاصة من الحوار الذي دار بين الإمام (عليه السلام) وابن الزبير ، ونبذة عن نظرية الإمام بشأن الحركةوالحادثة الحتمية ،فهل يسعنا القول بأنّ الإمام كان يرجو النصر بفعل وجود الجيش الكوفي المقتدر والقوات الشعبية؟ لم اختار الإمام كربلاء من بين سائر مئات الأماكن والمواضع المحتملة؟ هناك مسافة شاسعة تمتدّ لمئات الأميال بين مكّةوكربلاء ،إمكانوقوع هذه الحادثة على بعد شبر من الحرم حتّى كربلاء قائم .
إذن ، فهناك مئات الأماكن التي يحتمل فيها وقوع مثل هذه الحادثة ، لم اختار الإمام (عليه السلام) من بينها ذلك المكان الذي لا يخالج ذهن أيّ فرد؟ لم تكن كربلاء آنذاك أكثر من أرض عادية ، وكان لابدّ أن تقع ـ على ضوء الأوضاع الطبيعية ـ تلك الحادثة في الكوفة التي تمثّل آنذاك مركز الخلافة ، فلِمَ أحبّ الحسين (عليه السلام) أن يدفن جسده الطاهر في كربلاء؟ لقد أشار (عليه السلام) إلى موضع بعيد عن الأذهان ، الأمر الذي يكشف أنّ الإمام كان مطّلعاً على تفاصيل الحادثة وما سيواجهه فيها من مصير . فوا أسفاه ، ينبري أحدهم ليصرّح أو يحتمل بأنّ الإمام لم يكن عالماً بتلك الأحداث . اللهمّ اجعل في قلوبنا نوراً وبصراً وفهماً وعلماً .