جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 138)

وكأنّ التعبير بآل إبراهيم الذي يسلّط الضوء على نبوّة إبراهيم ـ وبالالتفات لما ذكرنا من أنّ آل إبراهيم مختصّة بذريّة إسماعيل ـ يشير إلى زعماء الإسلام وعلى رأسهم زعامة محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) وخلفه الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، فهم من آل إبراهيم ، وأنّهم حقّاً جديرون بهذا الانتساب ، أي الانتساب بصفتهم آل إبراهيم إلى هذه الطائفة من زعماء الدين للعالم .
وبناءً على ما تقدّم فإنّ القرآن قد طرح أساس الزعامة العالمية للبشرية منذ بدء الخليقة على الأرض حتّى انتهائها ، فقد تزعّم آدم (عليه السلام) العالم في بدايته ، ثمّ تجدّد هذا الأساس من قبل نوح بعد انقراض البشرية في الطوفان ، كما أنّ الزعماء الأصليين لعالم الأمس واليوم والغد هم آل عمران وآل إبراهيم . وأنّ زعيم طائفة آل إبراهيم في العالم منذ ألف وثلاثمائة وبضع سنوات قبل إلى القيامة هو محمّد (صلى الله عليه وآله) ومن بعده زعماء الإسلام من آل محمّد وآل إبراهيم; وذلك لأنّه كما ذكرنا سابقاً أنّ آل إبراهيم الذين ينتمون إلى ذريّة إسماعيل ، وآل محمّد الذين ينتمون إلى آل إبراهيم ليسوا إلاّ الصفوة من بني هاشم .

هدف الآية :

تهدف هذه الآية إلى تثبيت أصالة الإسلام وأئمّة المسلمين ، فقد أوضح القرآن بإعجازه في آية قصيرة زعامة العالم منذ نشوء الخليقة إلى القيامة . فكما انتخب الله آدم ونوحاً ، فإنّه انتخب واصطفى آل عمران وآل إبراهيم ، وقد جمع الزعامة العالمية في ذانك النبيّين العظيمين وهاتين الطائفتين .
وعليه : فإنّ عالم المسيحية واليهودية وإن نظر إلى آدم ونوح وآل عمران على أنّهم مصطَفون من قبل الله ، لابدّ أن ينظر أيضاً إلى أنّ آل إبراهيم وأئمّة الإسلام ـ الذين ينسبون إلى محمّد ـ على رأس هذه السلسلة من الزعماء ، ومع هذا
(الصفحة 139)

الفارق وهو أ نّ إبراهيم يمثّل منشأ التوحيد الخالص ، وأنّ استمرار هذا الهدف السامي سينتهي إلى ولد إسماعيل .
وبناءً على هذا فإنّ ذريّة إسماعيل هي الحافظة لمركز التوحيد الذي بناه إبراهيم وإسماعيل ، وأنّ صفوة هذه الذريّة هم محمّد وآل محمّد .

نتيجة هذه الأبحاث :

كنّا نروم من هذه الأبحاث الدلالة التامّة للآية على الزعامة المطلقة لأئمة بني هاشم ، فالآية تدلّ على أنّ الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) هم الزعماء بلا منازع ، كما دلّت ضمنياً على أنّ زعماء الإسلام وأئمّة الهدى مصطَفون من قِبل الله ، وأنّ البشرية تحتاج إلى أولياء الله من زعماء آل إبراهيم والأئمّة الأطهار في عرض النبوّة وكونهم يمثّلون الإمتداد الحقيقي لهذه النبوّات .
وفي الآية دلالة ضمنية في أنّ هؤلاء الأئمّة إنّما يواصلون تحقيق هدف إبراهيم في إشاعة التوحيد والعبودية الخالصة لله ، وأنّهم صفوة مصطفاة على غرار مصطفي الوحي من الأنبياء ، وأنّ الله قد رجّحهم على ما سواهم ; لاشتمالهم على الكمالات التي تميّزهم عن غيرهم .
إذن ، فهؤلاء ممّن جمعت فيهم شرائط الإمامة من قبيل الطهارة والبصيرة بالأوضاع الاجتماعيّة والعلم بأسرار القرآن والوحي وخفايا عالم الخليقة ، وبُعدهم عن الظلم والشرك والخرافات والجهل ، بل هم على درجة من الاقتدار والعلم والإحاطة بعالم الآخرة ، بحيث اتّصفوا بجدارتهم وصلاحيتهم لزعامة وحفظ دعوة إبراهيم ، وبالتالي فقد جمعوا ما يؤهّلهم لاصطفائهم من قِبل الله على الناس ، فقد كانوا الصفوة الطاهرة التي اصطفاها الله لزعامة الأُمّة .

(الصفحة 140)

الحسين (عليه السلام) والآية الكريمة:

لقد تلا الإمام الحسين (عليه السلام) هذه الآية المباركة: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً . . .}(1) لمّا برز ولده علي الأكبر للقتال . لقد سمعنا مقالة الإمام أو قرأناها في المقاتل(2) ، إلاّ أنّنا لم نلتفت لسبب استشهاد الإمام (عليه السلام) بها ، فقد طرح الإمام حقّانيته في زعامة الأُمّة والهدف من نهضته تجاه حكومة وزعامة يزيد الفاجر ، ليعلم الناس بأنّ حركة الإمام ودعوته في إمامة المسلمين إنّما تستند لمنطق القرآن الكريم . وليدرك العرب بأنّ القرآن الكريم هو الذي صرّح ونصّ على زعامته ، فإذا تعرّض إلى ما تعرّض له من جور يزيد وظلمه فليس له من ذنب سوى ذلك! وليعلم سلطة اليزيدية الحاكمة وجلاوزتها بأنّ الحقّ مع الإمام ، وأنّ الفرد المصطفى من آل إبراهيم لزعامة الأُمّة هو الإمام المظلوم سيّد الشهداء (عليه السلام)  ، وليعلم الباحثون والمحقّقون الضالعون في القرآن الكريم أ نّ إمامة المسلمين إنّما تعيّن من قِبل الله لا الشورى والانتخابات . وليعلم العالم بأنّ الحسين (عليه السلام) صفوة المخلصين لله الحائز على شرائط إمامة المسلمين والجدير بهذا المنصب . هذه هي الحقائق التي رام الإمام إيصالها إلى الآخرين بتلاوته للآية الشريفة .

الآية المُباركة وأحاديث الإمامية:

لقدجمع الفيض الكاشاني ـ العالم والمحقق الجليل ـ عدّة روايات مُعتبرة وأطلق عليها إسم «نوادر الأخبار في ما يتعلّق باُصول الدين» . ومن بينها رواية مفصّلة هي عبارة عن حديث دار بين ابن عباس وأمير المؤمنين (عليه السلام) بشأن وصيّة النبي (صلى الله عليه وآله) بعلي (عليه السلام)  ، جاء فيها : إنّ علياً (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «ثمّ أنت يا عليّ من أئمّة

  • (1) سورة آل عمران: الآية 33 .
  • (2) لواعج الأشجان  ، للعلاّمة العاملي ص 136 .

(الصفحة 141)

الهدى، وأولادك منك ، فأنتم قادة الهدى والتقى ، والشجرة التي أنا أصلها وأنتم فرعها ، فمن تمسّك بهافقدنجا ، ومن تخلّف عنها فقد هلك وهوى ، وأنتم الذين أوجب الله ـ تعالى ـ مودّتكم وولايتكم ، والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده ، فقال عزّوجلّ من قائل: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً . . .} فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران، وأنتم الاُسرة من إسماعيلوالعترة الهادية من محمّد (صلى الله عليه وآله) »(1).
فالحديث الشريف أشار استناداً إلى الآية الشريفة إلى عدّة أُمور ، منها: أنّ عليّاً (عليه السلام) وولده هم أئمّة الدين وزعماء الأُمّة وكهف الورى ، وهم الفروع لشجرة الإسلام المُباركة ، وأنّ الله هو الذي حباهم بهذه المقامات من بين آل إبراهيم ، وقد استدلّ النبي (صلى الله عليه وآله) لاثبات هذه المقامات بالآية الشريفة: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى  . . . .} .
وبناءً على ما تقدّم فإنّ آل إبراهيم لا يقتصرون على محمّد (صلى الله عليه وآله) وولد إبراهيم ، بل الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) هم آل إبراهيم ، وأنّ آل إبراهيم المصطَفون إنّما ينتهون إلى هذه السلسلة الجليلة والعترة الهادية .
فقد استدلّ النبي (صلى الله عليه وآله) بهذه الآية وقال: أنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل إبراهيم . فعليّ وأولاده صفوة الله ، ولمّا كانوا كذلك فهم أهل الإمامة والزعامة المتوفّرة فيهم شرائطها .
ونفهم من ذلك أنّهم مبرّأون من كلّ عيب ونقص وجهل ، بل ليس في هذه الشجرة إلاّ الإخلاص والاصطفاء الإلهي ، وهنا لابدّ من القول بأنّ آل محمّد (صلى الله عليه وآله) يمثّلون قمّة السموّ والكمال والرفعة العلمية والتقوى والورع والطهارة وكافّة الفضائل الإنسانية ، من قبيل الشجاعة والإقدام والعلم والزهد والكرم وسائر الصفات ; لأنّهم صفوة الله .

  • (1) تأويل الآيات الظاهرة 1: 106 ح 13، نوادر الأخبار: 126 .

(الصفحة 142)

خلاصة الآيات والروايات :

لقد تعرّضت هاتان الآيتان {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى . . . ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض . . .} إلى تأريخ الإنسان منذ ظهوره حتّى انقراضه ، كما خاضتا بصورة مقتضبة في زعامة البشرية وأبطالها من الصفوة الذين حازوا شرائطها حتّى تزعّم كلّ واحد منهم عالمه المعاصر ، حيث ابتدأت هذه الزعامة بآدم (عليه السلام) واختتمت بآل إبراهيم (عليه السلام)  .
وقد كانت خلاصة آل إبراهيم قد تمثّلت بالإمامة الإسلامية التأريخية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي اُختتمت به النبوّة ، وقد كان الهدف الأصيل لإبراهيم (عليه السلام) واستمرار دعوته قد تمثّل بظهور الصفوة من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)  ، حيث لم تختتم الزعامة بالنبي (صلى الله عليه وآله) من آل إبراهيم ، بل استمرّت في عقبة من بعده من أهل بيت النبوّة الذين عيّنوا من قِبل الله لمواصلة خطّ النبي (صلى الله عليه وآله)  ، ولم يكن هؤلاء سوى الأئمّة الهداة (عليهم السلام)  ، ولا يمثّل هذا الكلام استظهاراً للآيتين الكريمتين ، بل هذا ما عهده الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)  ، إذ قال له: أنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل إبراهيم . . . الذين خصّكم الله بالآية {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى . . .} .
وعليه فزعماء المسلمين بعد النبي (صلى الله عليه وآله) هم الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، وحيث كانوا الصفوة المختارة على مدى التأريخ ، كان لابدّ من القول أنّهم مطهّرون مبرّأون من كلّ عيب ودنس ، وهم في مستوى الأنبياء في الإخلاص والإحاطة بالغيب ، بل لمّا كانوا استمراراً لهدف إبراهيم وزعماء الأُمّة إلى الأبد . ينبغي الإذعان بأنّهم الأعلم والأقدر من سائر الزعامات على مرّ العصور ، وهم الجديرون بتطبيق المبادئ الحقّة لرسالة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)  .
وعلى ضوء ما تقدّم فقد اتّضحت شرائط الإمامة وصفاتها العالية ، وأنّ الأئمّة (عليهم السلام) هم خُلّص عباد الله العالمون بأسرار الدنيا والآخرة ، البعيدون عن كلّ عيب ونقص ، والمتّصفون بالزهد والورع والتقوى والعلم والشجاعة والسماحة ،