جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 222)

مفسّرون للقرآن ولهم معرفة تامّة بالغيب وأسرار وبطون القرآن والأحكام والسنّة النبويّة؟
2 ) هل الإمام عالم بالموضوعات وتفاصيلها أم لا؟ والاعتقاد بهذا الأمر جزء من ضروريات المذهب أم لا؟ وهل الموضوعات على درجة واحدة ، أم هنالك فوارق بينها؟
3 ) إذا افترضنا عدم علم الإمام بالموضوعات ، ولم يكن الاعتقاد بهذا الأمر من ضروريات الدين ، فهل الإمام الحسين (عليه السلام) كان عالماً بوقائع حادثة كربلاء في نهضته أم لا؟
هذه أسئلة يبدو أنّ دراستها وتحقيقها في غاية الأهمّية ، وأهمّها هو السؤال الثالث الذي يجب دراسته حتّى تنكشف حقيقة الأمر ويزال الالتباس عن ذهنيّة الاُمّة المسلمة المناصرة لرسالة الإمام وإبعاد الشبهات عن نهضة سيّد الشهداء  (عليه السلام) ، التي ـ لا سمح الله ـ ستؤدّي إلى التقليل من أهمّية مقام الولاية .
وإليك جواب السؤال الثالث:

جواب السؤال الثالث :

أوّلا: إذا افترضنا جدلا بعدم علم الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) بالحوادث والموضوعات ، وقلنا من وجهة نظر المباني الدينيّة: إنّ الاعتقاد به ليس ضروريّاً ، ولكن لا يمكن هنا إنكار حقيقة ، وهي أنّه لا يمكن إخضاع كافّة الموضوعات لمقياس واحد ، فإذا افترضنا أ نّ الإمام لا يعلم اسم الشخص الفلاني ، أو أين تقع الأرض الفلانية ، أو وجود الكهرباء ، فهذه الاُمور لا تمتّ بصلة من قريب أو بعيد إلى أساس الإسلام ومصير الاُمّة الإسلامية . ولكن هل لنا أن نفترض عدم علم الإمام بالموضوعات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسعادة المسلمين وحياتهم وتؤثّر
(الصفحة 223)

مباشرة على المسيرة الإسلامية؟ وهل يمكننا القول بصراحة بأنّه لايجب أن يحيط الإمام (عليه السلام) علماً بمثل هذه الاُمور؟
بالاستناد إلى هذا التفكيك في الموضوعات ، يبدو من الواضح ضرورة الاعتقاد من وجهة نظر الدين بأنّ مثل هذه الحوادث ليست بخافية على الإمام (عليه السلام) وإلاّ تعرّض كيان الإسلام إلى خطر السقوط والزوال ، وعليه : فلا يمكن إصدار نفس الحكم بشأن كافّة الموضوعات .
فإن قُلنا أيضاً بعدم امتلاكنا للدليل على علم الإمام بهذه الحوادث وتشخيصه لها ، فإنّنا لابدّ أن نعتقد بأنّ إمكان خطأ الإمام في تشخيصه لمثل هذه الحوادث من شأنه أن يسدّد بعض الضربات الموجعة إلى الإسلام والمسلمين ، فهل تجب طاعة واتّباع مثل هذا الإمام؟ أولا تنصرف الآية {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الاَْمْرِ مِنكُمْ}(1) إلى شيء آخر؟ أو لا تجب طاعة اُولي الأمر في الحوادث؟ هل تجب الطاعة للولي الذي يجوز عليه الخطأ؟
والآن نسأل هذا السؤال: واقعة كربلاء مِصداق لأيّ من الحوادث والموضوعات المذكورة آنفاً؟ هل هذه الواقعة المأساوية أمر جزئي لا مساس له بالإسلام والعالم الإسلامي؟ وهل كانت مصادمة عاديّة بين زعيم صالح وزعيم جبّار؟ أم أنّها كانت حادثة جوهرية ذات تأثير بالغ على مصير الإسلام؟
الجواب واضح تماماً ، فلا شكّ أنّ حادثة كربلاء كانت حادثة بالغة الخطورة على الإسلام والمسلمين ، وعلى ضوء ما أوردناه فإنّ علم الإمام (عليه السلام) بهذه الحادثة يبدو منطقياً تماماً ، كيف ينسب الجهل إلى الإمام وأنّه ورد ميداناً لم يتكهّن به حتّى سبّب ذلك ضرراً على الإسلام حسب رأي البعض! وكيف يحمل يزيد وزر تلك الأضرار والخسائر ؟! وكيف تجب طاعة الإمام في هذه الحركة التي لم يكن

  • (1) سورة النساء: الآية 59 .

(الصفحة 224)

يعلم  بعاقبتها؟!
يرى المؤلّف أنّ الإمام لم يكن على علم بعاقبة تلك الأُمور! ثمّ حذا حذو الطبري في أنّه لو سُئل: أين نذهب؟ أين سننزل؟ ما عاقبة هذا الأمر؟ لما أجابهم إلاّ بالقول: «لا ندري على ما تتصرّف بنا وبهم الأُمور» . كما يرى المؤلّف أنّ عاقبة الأمر لم تكن سوى تلك الخسارة العظيمة التي سدّدها يزيد الفاسق إلى الإسلام والمسلمين .
إذن ، فهو يعتقد بأنّ الإمام قد ارتكب عملا لا عن علم انطوى على تلك النتيجة الخاسرة ، إلاّ أ نّ الخسارة يتحمّلها يزيد وهو المسؤول عنها!
وعلى هذا فإنّ الأفراد الذين تخلّفوا عن الركب وعلى ضوء ذلك المصير معذورون في تركهم الإمام! هل هنالك من مسؤولية تقع على عبيدالله بن الحرّ الجعفي! طبعاً ليس أمامنا من سبيل سوى الإذعان باطّلاع الإمام (عليه السلام) وعلمه بكافّة تفاصيل الحوادث .

طريق مغلق ؟!

لعلّ هنالك من يسألنا : لم تحشرون أنفسكم في طريق مسدود ، فأنتم تقولون بأنّ الإمام (عليه السلام) كان عالماً بعاقبة النهضة ، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يلقي بنفسه في تلك التهلكة المميتة؟ كيف أقدم الإمام على تلك الحادثة ولم يتريّث رغم إضرارها بالإسلام والمسلمين؟ لِمَ لَمْ يستجب لنصائح ابن عباس ومحمّد بن الحنفية؟ ولِمَ لَمْ يتمكّن من التقى الإمام في مسيره عن ثني الإمام عن عزمه؟ فنقول في الجواب:
أوّلا: أنّ حادثة كربلاء ليس فقط لم تضرّ بالإسلام والمسلمين ، بل ـ سنثبت في الفصل القادم إن شاء الله ـ أنّ هذه الحادثة كانت الخطوة الاُولى لاستعادة الإسلام حيويّته ، كما كانت الضربة الموجعة التي وجّهت لحكومة يزيد الغاشمة .
(الصفحة 225)

وعليه : فالنهضة الحسينية كانت اللبنة الأساس لإقامة الحياة الإنسانية القائمة على أساس مفردات العزّة والكرامة والشجاعة ورفعة الإسلام والمسلمين .
ومن هنا فإنّ طاعة الإمام  (عليه السلام) واجبة على كلّ مسلم وإنسان حرّ غيور ، والتخلّف عنه وعدم الالتحاق به يعدّ أسوأ أنواع إلقاء النفس في التهلكة والقضاء على كيان الإسلام والمسلمين ، والموت معه هو الموت من أجل العدل والحرية والإسلام والقرآن والتوحيد .
فحركة الحسين (عليه السلام) أنصع صفحة ذهبية في التأريخ علّمت الناس دروس التضحية والكفاح ، وفضحت أساليب الأعداء وما يضمرون من شرٍّ وعدوان للإسلام ، ولذلك فإنّ عزمه الذي يستند فيه إلى المصلحة الإسلامية التي رسمها له الحقّ والنبيّ وأمير المؤمنين لم يكن ليضعف لأقوال ابن عباس وأمثاله ، فهؤلاء لا يعلمون خطورة وظيفة الحسين (عليه السلام) ؟ أمّا الإمام (عليه السلام) فقد كان يعلم أين يتّجه وماذا سيحدث .
ثانياً: هناك بعض الأسناد والوثائق التأريخية التي استدلّ بها المؤلّف ، ونذكرها بأجمعها:
1) لقد نقل الطبري في تاريخه عن أبي مخنف لقاء الإمام لزهير بن القين وقال: «قال زهير لصحبه حين رجع من عند الإمام: مَن أَحبّ منكم أن يتبعني ، وإلاّ فإنّه آخر العهد . إنّي ساُحدّثكم حديثاً: غزونا بلنجر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الباهلي: أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟ فقلنا: نعم ، فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم بما أصبتم من الغنائم ، فأمّاأنافإنّي أستودعكم الله ، قال: ثمّ والله ما زال في أوّل القوم حتّى قُتل»(1) .
إنّ هذا النقل من الطبري جدير بالتأمّل ، فهو موثوق تماماً من حيث السند ;

  • (1) تاريخ الطبري 4: 299 .

(الصفحة 226)

لأنّه يروي عن أبي مخنف الذي يرى البعض أنّه يأبى الخدش والطعن ، وزهير هو ذلك الرجل الذي كان يتحاشى لقاء الإمام حين رجع من مكّة بعد أن أدّى مراسم الحجّ ، إلاّ أنّه التقى الإمام صدفة ، كان زهير يأبى لقاء الإمام والالتحاق بركبه ، فما الذي سمعه خلال ذلك اللقاء؟ وماذا رأى؟ حتّى يعود إلى خيمته ويودّع صحبه ، أو لم يكن يدرك بأنّه سيرد ميداناً يحصل فيه على الشهادة؟ ألم يذكّره الإمام (عليه السلام) بتلك القصّة ويبيّن له حقيقة الأمر؟ أفقال له الإمام (عليه السلام) : إذا وقفت إلى جانبي فإنّي لأرجو أن أنتصر وأستولي على الكوفة وستصبح من أعيانها وأشرافها في الحكومة؟ لو كان هذا ما قاله الإمام لزهير لما ودّع قومه وقال: إنّه آخر العهد ، فالواقع هو أنّ الإمام (عليه السلام) قد أخبره بواقع الأمر .
إذن ، فالإمام كان عالماً بعواقب الأُمور وقد أخبر بها زهير ووعده بالشهادة ، وهذا هو الأمر الوحيد الذي من شأنه تفسير حديث زهير ، ولم يكتف الرجل بهذا المقدار ، بل تطرّق إلى معركة بلنجر وحديث سلمان ، وعليه : فسلمان كان يعلم بهذه الحادثة أيضاً ، سلمان الفارسي(1) الذي تربّى على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله)  .
ولا اُريد أن أقول بأنّ سلمان كان على علم بكلّ تفاصيل الحادثة ، إلاّ أنّه كان على يقين بتلك الواقعة المريرة على الحسين  (عليه السلام) ، وكان يعلم أنّ زهيراً أيضاً سيشارك فيها ، وكان زهير أيضاً على يقين بأنّ المراد بالحديث كربلاء وشهادته هناك . فهل ما زال الإمام يفكّر بتحقيق النصر والقضاء على الحكومة الظاهرية ليزيد وتسلّم مقاليد الحكم؟ فسلمان كان يعلم بتلك الحادثة التي سيحصل فيها زهير على الشهادة دفاعاً عن إمام الإسلام والمسلمين ، بينما ليس للحسين (عليه السلام) مثل هذا العلم وتفاصيل الحركة مجهولة بالنسبة له ، وليس لديه ما يقوله سوى: «لا ندري على ما تتصرّف بنا وبهم الاُمور» .

  • (1) ذكر ابن الأثير في الكامل 4: 42 أنّه سلمان الفارسي، وكذا المفيد في الإرشاد 2: 73 وغيرهما .