جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 143)

فهم الصفوة المختارة من آل إبراهيم ، إبراهيم رائد التوحيد والعبودية المحضة لله ، بل هم صفوة الله إلى الأبد وحملة علمه الذي لا يعرف الانقطاع .

ملاحظة :

الأُسلوب الذي درجنا عليه في الكتاب يتمثّل بالدراسة والتحقيق في القرآن الكريم من أجل إثبات أصالة الإمامة وشرائطها ، فالنهج هو التعمّق في الآية من أجل التعرّف على هذه الاُمور ، الأمر الذي يجعل الكلام يطول أحياناً شئنا أم أبينا ، وقد تجنبنا التعرّض لسائر الآيات التي أوردها علماء الإسلام في مصنّفاتهم بشأن الإمامة خشية التطويل والملل ، وإلاّ فهناك عدّة شواهد معتبرة بشأن الإمامة وشرائطها في القرآن ، ولعلّ من المفيد التعرّض إليها ، غير أنّ طريقتنا في البحث تركّزت على لفت انتباه العلماء إلى المضامين القرآنية .
وهناك ملاحظة أُخرى يجدر الالتفات إليها ، وهي أنّنا قد طرحنا سابقاً سؤالاً في أنّ قيود الإمامة هل هي قيود مفروضة تنسجم والفطرة السليمة في الإقرار بها أم لا؟
وقد اتّضحت الإجابة خلال الأبحاث ، حيث كان البحث يختصّ بشرائط الإمامة من وجهة نظر القرآن ، وهي الشرائط التي تستسغيها الفطرة السليمة والعقل السليم ، بل أنّ العالم ليتعطّش إلى زعامة مثل هؤلاء الأئمّة ، ولذلك لا نرى حاجة لبحث هذا الأمر بصورة مستقلّة .
وأمّا دراسة عدد الشرائط فلا نرى له من ضرورة ، ويبدو أنّ ما أشار إليه القرآن كاف بهذا الشأن ، ولذلك لم نتطرّق إلى هذه الشرائط بصورة مستقلّة ، وهل أنّ القرآن صدّق أو لم يصدّق ما أورده علماء الكلام بهذا الخصوص . ونتناول الآن بالبحث في علم الإمام .

(الصفحة 144)

(الصفحة 145)

علم الإمام (عليه السلام)


الزعامة في الإسلام:

اتّضح ممّامرّ سابقاًأنّ الزعامة في الإسلام ليست وليدة الاستفتاء والصراعات السياسية والقفز على المواقع من أجل السيطرة على مقدّرات المسلمين ، بل أنّ الرئاسة الإسلامية منصب إلهي قد فوّضه الله سبحانه في إطار النظام الإسلامي المتكامل إلى الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) بعد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)  ، وأنّ اشتمالهم على الشرائط جعلت الله يفيض عليهم هذا المقام العظيم الذي لا يسع الآخرين النهوض به .
كما أشرنا إلى طائفة من شرائط الإمامة ، أمّا البحث المهمّ الذي يشغل الأذهان ويحظى باهتمام الجميع فيكمن في علم الإمام والزعيم الإسلامي ، الذي سنسلّط الضوء عليه في هذا البحث ، وهنا تواجهنا بعض الأسئلة بهذا الشأن ، منها:
1 ـ هل الإمام عالم بالغيب ، أم أنّ هذا العلم مختصّ بالذات الإلهية المقدّسة؟ وإن كان عالماً بالغيب ، فما كيفية هذا العلم ، وهل يتوصّل إلى هذا العلم بمجرّد بلوغه مقام الإمامة بحيث يدرك الغيب والخفاء ، أم أنّه يعتمد بعض الوسائط لبلوغ مثل هذا العلم؟

(الصفحة 146)

وبعبارة أُخرى : فهل مجرّد بلوغ ذلك المقام يستلزم الوصول إلى مقام معنوي رفيع بحيث لا يمكن أن يخفى عليه شيء ، أم هنالك من المغيّبات ما ليس له إليها من سبيل رغم بلوغه ذلك المقام بغضّ النظر عن الوحي أو الإلهام أو سائر الوسائط؟
2 ـ هل تنحصر علوم زعماء الإسلام وأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) في إطار العلم بالقرآن والأحكام القرآنية والتعاليم الإسلامية في حين ليس لهم مثل هذا العلم بالحوادث المستجدّة ومستقبل المسلمين ومصير الإسلام ، أم أنّ علمهم واسع شامل بخصوص القرآن والأحكام والتعاليم الإسلامية ومستقبل الاُمّة و . . .؟
3 ـ هل للأئمة علم بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة أم لا؟ وعلى فرض وجود مثل هذا العلم ، فهل علمهم بالأشياء حضوري أم حصولي؟ وبعبارة أُخرى : هل «إذا شاءوا علموا» كما يقول المتكلّمون بحيث ليس لهم مثل هذا العلم دون هذه المشيئة ، أم أنّ علمهم فعليّ بجميع هذه الأشياء؟
ونتناول الآن دراسة القسم الأوّل ، أي علم غيب الأئـمّة والأنبياء (عليهم السلام) من وجهة نظر القرآن الكريم .

القرآن وعلم الأنبياء (عليهم السلام) :

ليس لأيّ من الأنبياء من إحاطة بأسرار الخلق وتعاليم الدين بصورة تلقائية ، وأنّهم إنّما يتعلّمون كلّ شيء من خلال الوحي والنفحات الربّانيّة ، وقد صرّح القرآن بتعليمه آدم الأشياء ـ ضمن سرد قصّته ـ وأنّ الملائكة أعربوا عن عجزهم العلم بالأشياء دون رفدهم بها من الله {وَعَلَّمَ آدَمَ الاَْسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِى بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا}(1) . وقال بشأن عيسى (عليه السلام) : {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ

  • (1) سورة البقرة : الآية 31 ـ 32 .

(الصفحة 147)

وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالاِْنجِيلَ}(1) .
وقد ذكرنا سابقاً أنّ علم الأنبياء (عليهم السلام) يستند إلى الوحي ، بينما يستند الأوصياء في علمهم إلى الأنبياء . وعليه : فهم ليسوا فقط لا يطّلعون على الغيب تلقائياً ، بل حتّى علمهم بأسرار النبوّة إنّما هو من تعليم الله ، حتّى علمهم بقصص الاُمم الماضية والأنبياء لا يتأتّى من بذل الجهود والتعرّف عليها من خلال الطرق المتداولة . والوحي هو سبيلهم في الإحاطة بهذه الاُمور ، وقد أفصح القرآن الكريم كراراً عن هذه الحقيقة بشأن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله)  ، فعلى سبيل المثال يستعرض القرآن قصّة يوسف من أجل استنباط بعض الدروس والعبر التي لم يكن النبيّ (صلى الله عليه وآله) على علم بتلك الأحداث {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}(2) .
وبناءً على ما تقدّم فسبيل الأنبياء إلى العلم هو الوحي ، وبغضّ النظر عن الوحي فهم كسائر الناس في التعرّف على الحقائق وتشخيص الاُمور والتعامل مع الحوادث ، كما يبدون أحياناً دون الوحي أفراداً عاديين من حيث العلم ببعض الاُمور وكأنّهم لا يحسنون معرفة الأشياء المحيطة بهم . فنوح (عليه السلام) ـ وهو من أنبياء أولي العزم ، وطبق النظرة الابتدائية دون الاستناد إلى الوحي ـ يرى صلاح ولده ، فيستغيث بالله من أجل إنقاذه من بلاء الطوفان {رَبِّ إِنَّ ابْنِى مِنْ أَهْلِى}(3) ، فأتاه الخطاب الإلهي الحاسم الذي يتضمّن المنع عن مثل هذا الطلب {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}(4) .

  • (1) سورة آل عمران : الآية 48  .
  • (2) سورة يوسف : الآية 3  .
  • (3) سورة هود : الآية 45  .
  • (4) سورة هود : الآية 46  .