جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 136)

وردت بدل من آل إبراهيم وآل عمران ، أي أ نّ آل إبراهيم وآل عمران ذرّية واحدة ; لأنّ والد الآلين هو إبراهيم . أمّا {بَعْضُهَا مِنْ بَعْض} فمعناه انفصال وتفرّع البعض من ذريّة والبعض الآخر من ذريّة أُخرى .
وبعبارة أيسر: أنّ معنى العبارة رغم أنّ آل إبراهيم وآل عمران ذرّية واحدة ، غير أنّ آل عمران من ولد وآل إبراهيم من ولد آخر ، وعليه فآل عمران من يعقوب بن إسحاق وهو إسرائيل ، وآل إبراهيم من إسماعيل بن إبراهيم .

هدف سام :

لِمَ عبّر القرآن الكريم عن ذريّة إسماعيل بآل إبراهيم ، وعن أولاد إسحاق بآل عمران؟
لعلّ المغزى في هذا التعبير رغم أنّ الاثنين هما آل إبراهيم ، هو هدف سام وبقصد إفادة مطلب أساسي . فآل إسحاق قد انقطعوا عن مقام النبوّة السامي وسيحلّ اليوم الذي يزول فيه دين إسحاق ، وبالتالي فإنّ الدين الإسلامي العالمي سيستوعب جميع القوانين السماوية .
إذن ، فالذرّية الحقيقية لإبراهيم الحافظة لهدفه السامي القائم على أساس التوحيد والتسليم لله إنّما تنحصر في ولد إسماعيل ، وبالنهاية فإنّ النبي العربي محمّداً (صلى الله عليه وآله) هو الحافظ لدعوة إبراهيم (عليه السلام)  ، وقد لفت القرآن الأنظار لهذه الحقيقة ، حيث قال: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ}(1) .
وبناءً على هذا يمكن القول بأنّ آل إبراهيم منحصرون في الصفوة من ولد إسماعيل ، إضافة إلى أنّ أتباع سائر الأديان كالنصرانية واليهودية قد أحدثوا من

  • (1) سورة آل عمران : الآية 68  .

(الصفحة 137)

الخرافات والخزعبلات والتحريفات في الدين الأصيل لموسى وعيسى ، بحيث زالت معالم الدين بالمرّة ولم يبق منه سوى الأوهام والخرافات ، وذهبت الجهود المضنية لإبراهيم (عليه السلام) والتوحيد الخالص لله أدراج الرياح .
ولذلك فصل الحقّ سبحانه عنواني النصرانية واليهودية عن أتباع عيسى وموسى (عليهما السلام)  ، وسلخ إبراهيم (عليه السلام) عنهما ، فقال عزّوجل: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(1) . ونوكل الخوض في التفاصيل إلى محلّ آخر .
الأمر الرابع : الأمر المهمّ الذي يمثّل الهدف الأساسي في الآية هو كيفيّة تعبير القرآن الكريم ، فقد نسب الاصطفاء لشخصين وطائفتين {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} . فقد ذكر الله إسم هؤلاء المنتخبين من بين عباده ، فالفرد المخلص الأوّل هو آدم ، والفرد المخلص الثاني هو نوح ، والطائفة الخالصة الأُولى هي آل إبراهيم ، والثانية آل عمران .
فنرى إسم نوح قد ذكر بعد آدم رغم قدوم عدّة أنبياء ، كما اقتصر الحديث على آل عمران من بين آل إسحاق ، فآدم أوّل أنبياء الله ، وقد ركّز القرآن عليه حتّى أسهب في الحديث عنه في سورة البقرة ، كما أنّ لنوح عدّة مزايا ، ربّما منها كونه يمثّل آدم الثاني بالنسبة للبشرية إثر انقراض البشرية في زمانه وتجديد الحياة ثانية .
أمّا السؤال المهمّ هنا هو لِمَ هذا الاهتمام بآل عمران؟ ولعلّ سبب ذلك يعود إلى ظهور أنبياء عظام في هذه الآل ، بحيث ما زال أغلب الناس ينسب نفسه إليهم ، فمنهم موسى وعيسى (عليهما السلام)  ، وقد راعى القرآن جانب الاختصار في تعبيره بآل عمران عن نبوّات ولد إسحاق ، الأمر الذي يطول شرحه .
والسؤال الأهمّ: ما السبب في التعبير بآل إبراهيم؟

  • (1) سورة آل عمران : الآية 67  .

(الصفحة 138)

وكأنّ التعبير بآل إبراهيم الذي يسلّط الضوء على نبوّة إبراهيم ـ وبالالتفات لما ذكرنا من أنّ آل إبراهيم مختصّة بذريّة إسماعيل ـ يشير إلى زعماء الإسلام وعلى رأسهم زعامة محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) وخلفه الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، فهم من آل إبراهيم ، وأنّهم حقّاً جديرون بهذا الانتساب ، أي الانتساب بصفتهم آل إبراهيم إلى هذه الطائفة من زعماء الدين للعالم .
وبناءً على ما تقدّم فإنّ القرآن قد طرح أساس الزعامة العالمية للبشرية منذ بدء الخليقة على الأرض حتّى انتهائها ، فقد تزعّم آدم (عليه السلام) العالم في بدايته ، ثمّ تجدّد هذا الأساس من قبل نوح بعد انقراض البشرية في الطوفان ، كما أنّ الزعماء الأصليين لعالم الأمس واليوم والغد هم آل عمران وآل إبراهيم . وأنّ زعيم طائفة آل إبراهيم في العالم منذ ألف وثلاثمائة وبضع سنوات قبل إلى القيامة هو محمّد (صلى الله عليه وآله) ومن بعده زعماء الإسلام من آل محمّد وآل إبراهيم; وذلك لأنّه كما ذكرنا سابقاً أنّ آل إبراهيم الذين ينتمون إلى ذريّة إسماعيل ، وآل محمّد الذين ينتمون إلى آل إبراهيم ليسوا إلاّ الصفوة من بني هاشم .

هدف الآية :

تهدف هذه الآية إلى تثبيت أصالة الإسلام وأئمّة المسلمين ، فقد أوضح القرآن بإعجازه في آية قصيرة زعامة العالم منذ نشوء الخليقة إلى القيامة . فكما انتخب الله آدم ونوحاً ، فإنّه انتخب واصطفى آل عمران وآل إبراهيم ، وقد جمع الزعامة العالمية في ذانك النبيّين العظيمين وهاتين الطائفتين .
وعليه : فإنّ عالم المسيحية واليهودية وإن نظر إلى آدم ونوح وآل عمران على أنّهم مصطَفون من قبل الله ، لابدّ أن ينظر أيضاً إلى أنّ آل إبراهيم وأئمّة الإسلام ـ الذين ينسبون إلى محمّد ـ على رأس هذه السلسلة من الزعماء ، ومع هذا
(الصفحة 139)

الفارق وهو أ نّ إبراهيم يمثّل منشأ التوحيد الخالص ، وأنّ استمرار هذا الهدف السامي سينتهي إلى ولد إسماعيل .
وبناءً على هذا فإنّ ذريّة إسماعيل هي الحافظة لمركز التوحيد الذي بناه إبراهيم وإسماعيل ، وأنّ صفوة هذه الذريّة هم محمّد وآل محمّد .

نتيجة هذه الأبحاث :

كنّا نروم من هذه الأبحاث الدلالة التامّة للآية على الزعامة المطلقة لأئمة بني هاشم ، فالآية تدلّ على أنّ الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) هم الزعماء بلا منازع ، كما دلّت ضمنياً على أنّ زعماء الإسلام وأئمّة الهدى مصطَفون من قِبل الله ، وأنّ البشرية تحتاج إلى أولياء الله من زعماء آل إبراهيم والأئمّة الأطهار في عرض النبوّة وكونهم يمثّلون الإمتداد الحقيقي لهذه النبوّات .
وفي الآية دلالة ضمنية في أنّ هؤلاء الأئمّة إنّما يواصلون تحقيق هدف إبراهيم في إشاعة التوحيد والعبودية الخالصة لله ، وأنّهم صفوة مصطفاة على غرار مصطفي الوحي من الأنبياء ، وأنّ الله قد رجّحهم على ما سواهم ; لاشتمالهم على الكمالات التي تميّزهم عن غيرهم .
إذن ، فهؤلاء ممّن جمعت فيهم شرائط الإمامة من قبيل الطهارة والبصيرة بالأوضاع الاجتماعيّة والعلم بأسرار القرآن والوحي وخفايا عالم الخليقة ، وبُعدهم عن الظلم والشرك والخرافات والجهل ، بل هم على درجة من الاقتدار والعلم والإحاطة بعالم الآخرة ، بحيث اتّصفوا بجدارتهم وصلاحيتهم لزعامة وحفظ دعوة إبراهيم ، وبالتالي فقد جمعوا ما يؤهّلهم لاصطفائهم من قِبل الله على الناس ، فقد كانوا الصفوة الطاهرة التي اصطفاها الله لزعامة الأُمّة .

(الصفحة 140)

الحسين (عليه السلام) والآية الكريمة:

لقد تلا الإمام الحسين (عليه السلام) هذه الآية المباركة: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً . . .}(1) لمّا برز ولده علي الأكبر للقتال . لقد سمعنا مقالة الإمام أو قرأناها في المقاتل(2) ، إلاّ أنّنا لم نلتفت لسبب استشهاد الإمام (عليه السلام) بها ، فقد طرح الإمام حقّانيته في زعامة الأُمّة والهدف من نهضته تجاه حكومة وزعامة يزيد الفاجر ، ليعلم الناس بأنّ حركة الإمام ودعوته في إمامة المسلمين إنّما تستند لمنطق القرآن الكريم . وليدرك العرب بأنّ القرآن الكريم هو الذي صرّح ونصّ على زعامته ، فإذا تعرّض إلى ما تعرّض له من جور يزيد وظلمه فليس له من ذنب سوى ذلك! وليعلم سلطة اليزيدية الحاكمة وجلاوزتها بأنّ الحقّ مع الإمام ، وأنّ الفرد المصطفى من آل إبراهيم لزعامة الأُمّة هو الإمام المظلوم سيّد الشهداء (عليه السلام)  ، وليعلم الباحثون والمحقّقون الضالعون في القرآن الكريم أ نّ إمامة المسلمين إنّما تعيّن من قِبل الله لا الشورى والانتخابات . وليعلم العالم بأنّ الحسين (عليه السلام) صفوة المخلصين لله الحائز على شرائط إمامة المسلمين والجدير بهذا المنصب . هذه هي الحقائق التي رام الإمام إيصالها إلى الآخرين بتلاوته للآية الشريفة .

الآية المُباركة وأحاديث الإمامية:

لقدجمع الفيض الكاشاني ـ العالم والمحقق الجليل ـ عدّة روايات مُعتبرة وأطلق عليها إسم «نوادر الأخبار في ما يتعلّق باُصول الدين» . ومن بينها رواية مفصّلة هي عبارة عن حديث دار بين ابن عباس وأمير المؤمنين (عليه السلام) بشأن وصيّة النبي (صلى الله عليه وآله) بعلي (عليه السلام)  ، جاء فيها : إنّ علياً (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «ثمّ أنت يا عليّ من أئمّة

  • (1) سورة آل عمران: الآية 33 .
  • (2) لواعج الأشجان  ، للعلاّمة العاملي ص 136 .