جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 182)

وبناءً على هذا التعليم والتعلّم من مصادر الغيب قد بلغ الإمام تلك الذروة من السموّ والكمال ، وعليه فليس هنالك من تناقض بين صدر الرواية وذيلها .

روايتان :

1 ـ قال جابر: قال الإمام الباقر (عليه السلام) : ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الأوصياء(1) .
2 ـ قال عبدالأعلى مولى آل سام: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «والله إنّي لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره ، كأنّه في كفّي ، فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن . قال الله عزّوجل: «فيه تبيان كلّ شيء(2)»(3) .

ملاحظة :

لا ينبغي أن يتبادر إلى الذهن بأنّ القرآن المتداول غير ذلك القرآن الذي كان آنذاك بيد الأئـمّة (عليهم السلام)  ، وأنّ الروايات تؤيّد مسألة التحريف ، بل المقصود هذا القرآن مع كافّة التفسيرات والتأويلات والأسرار والمكنونات ، وقد كان ذلك القرآن الذي بيد أمير المؤمنين (عليه السلام)  ، فالروايتان تُشيران إلى مطلبين ، هما:
1 ـ معنى أنّ علم الكتاب عند الأئمّة ، هو أنّ الأئـمّة (عليهم السلام) محيطون بالكتاب السماوي بجميع ما ينطوي عليه من حقائق وتأويل وتفسير .
2 ـ ما تتناقله الألسن وتؤيّده الروايات من أنّ الإمام عالم بما كان وما يكون ،

  • (1) الكافي 1: 228 ح2 .
  • (2) اقتباس من سورة النحل: الآية: 89 .
  • (3) الكافي 1: 229 ح4 .

(الصفحة 183)

إنّما يعني أنّ الكتاب الذي يعتمده الأئـمّة (عليهم السلام) ينطوي على كافّة الحوادث الماضية والآتية وجميع الحقائق ، وأنّ علم الأئـمّة إنّما يستند في بعض عناصره إلى الإحاطة بهذا القرآن المفصّل .

تكرار وتذكير :

لقد تعرّفنا من خلال الأبحاث التي أوردناها في الروايات والآيات على علم الإمام  (عليه السلام) ، ولعلّ تكرار الدليل ـ بصفته فهرسة للأُمور المذكورة سابقاًـ يمكنه أن يوضّح الجوانب العلمية للإمام بصورة أفضل . وإليك هذه الأدلّة:

الدليل الأوّل :

الدليل الأوّل على علم الإمام وإحاطته بالمغيّبات هو أنّ الزعيم الإسلامي ـ الإمام ـ هو الفرد الذي يستند إلى الغيب في زعامته ، فلابدّ أن تكون هناك صلة مباشرة له بمكنونات العالم وخفاياه وإفاضة الحقائق عليه ، فإن كان الزعيم هو النبيّ فالإفاضة بواسطة الوحي ، وإن كان الزعيم هو الإمام فبتعليم النبي أو الطرق الاُخرى كالإلهام والعلم بتفصيلات الكتاب السماوي ، والذي سيأتي بيانه قريباً . ويمكن الاستشهاد ببعض الآيات لإثبات هذا الأمر:
1 ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}(1) .
2 ـ {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الاَْحَادِيثِ}(2) .
3 ـ {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ}(3) .

  • (1) سورة النساء : الآية 105  .
  • (2) سورة يوسف : الآية 101  .
  • (3) سورة البقرة : الآية 251  .

(الصفحة 184)

4 ـ {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الْصَّلَوةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَوةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}(1) .
لقد أفادت هذه الآيات أنّ الزعيم هو صاحب الملك المصطفى من الله والذي يحظى بعنايته الخاصّة وإرشاده وتوجيهه من أجل الإحاطة والعلم بالمغيّبات ، وحيث ثبت في محلّه أنّ الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) هم زُعماء الأُمّة إلى الأبد ، فلابدّ من الإذعان بأنّهم مشمولون بلطف الله وفضله ; ليتمكّنوا بزعامتهم من الأخذ بيد الناس إلى السعادة والفلاح ، ويزيلوا بقدرتهم العلمية ما يعترض سبيلهم من مشاكل وصعوبات وأزمات .

الدليل الثاني:

دلّ القرآن الكريم على أنّ زعماء الدين المنصّبون يسلكون الصراط المستقيم ويهدون إليه {أَفَمَنْ يَهدِى . . .} وأنّهم يهدون إلى الواقع الذي لا يتسلّل إليه الخطأ والزلل ، وأنّ استهلال الآية الكريمة بالاستفهام هو تقرير واضح بأنّ هداية هؤلاء الزعماء مطابقة للواقع وتامّة كاملة لا يشوبها الخطأ ، واستنتجنا أنّ من لوازم الهداية الواقعية الصائبة استناد الزعماء إلى العلم الغيبي والإحاطة بالحوادث الخفيّة المحجوبة عن أنظار الناس ، وعليه : فالأئـمّة الأطهار زعماء كِرام من وجهة نظر القرآن ، والصواب ما يقولونه وليس للخطأ من سبيل إلى زعامتهم ، ولمـّا كانت زعامتهم أبديّة فإنّهم مطّلعون على جميع الأحداث إلى الأبد .
وعلى ضوء ذلك بحثنا رواية الإمام الباقر (عليه السلام) ـ التي قال فيها: «الإمام يسمع الصوت ولا يرى ولايعاين الملك»(2) ـ التي تفيد استناد الإمام إلى الغيب في زعامته .

  • (1) سورة الأنبياء : الآية 73 .
  • (2) تقدمت في ص 167 .

(الصفحة 185)

الدليل الثالث :

ويدور حول محور الاستنباط القرآني أيضاً ، حيث يفيد القرآن وجود صفوة مجتباة من الناس تتمتّع برؤية وبصيرة ثاقبة لآفاق العلم ، وأنّ الله قد أفاض عليهم من فضله ورحمته ما نوّر به قلوبهم ، بحيث خرقوا الحُجب وأحاطوا بجميع الأحداث والأسرار .
وكانت أهمّ آية طالعتنا في هذا الفصل هي الآية الأخيرة من سورة الحجّ {لِيَكُونَ الْرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى الْنَّاسِ}(1) فقد كانت هذه الآية إلى جانب القرائن الثلاث القطعية صريحة في أنّ الُمخاطب بها صفوة من أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) أبناء إبراهيم الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) وقد مرّ شرح ذلك . فالآية تفيد إبلاغ الوحي للنبي بآفاق الغيب ، وهو ينقلها بدوره إلى الأئـمّة بما لا يدع مجالا للشكّ بعلمهم بأعمال الخلائق والإدلاء بالشهادة عليهم في محكمة العدل الإلهي .
وقد تعرّضنا(2) لرواية الإمام الباقر (عليه السلام) التي تناولت الآية الشريفة ، والرواية سالمة السند ولا بأس بذكر رجالها: علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد العجلي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام)  . . . فالرواية موثوقة السند والرواة من الثقات ، ونوكل الخوض في التفاصيل ـ الخارجة عن بحث الكتاب ـ إلى اُصول الكافي باب «إنّ الأئـمّة شُهداء على خلقه» .
فقد جاء في الرواية: قلت قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ، قال: إيّانا عنى ونحن المجتبون {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} إيّانا عنى خاصّة و {سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} الله سمّانا المسلمين {مِن قَبْلُ} في الكتب التي مضت {وَفِى هَذَا}

  • (1) سورة الحجّ، الآية: 78 .
  • (2) في ص 168 .

(الصفحة 186)

القرآن {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}(1) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله تبارك وتعالى ، ونحن الشُهداء على الناس ، فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه ، ومن كذّب كذّبناه (2).
فالأئـمة (عليهم السلام) على رؤية واسعة وبصيرة ثاقبة بحيث لا تخفى عليهم خافية من أعمال الناس ، وما هذه إلاّ عناية ورحمة إلهية .
واستناداً لما تقدّم يمكن الجزم بأنّ الأئـمّة (عليهم السلام) عالمون بالغيب ، محيطون بخفايا الحوادث ، بصيرون بشؤون الأُمّة ، وهذا ما يستشفّ بوضوح من دلالة الآية ولا  سيّما من خلال تأييدها بقول الإمام .
أمّا الآية الأُخرى التي تدلّ على أنّ هذه الصفوة مشمولة بلطف الله وعنايته فهي: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}(3) .
لقد مررنا سابقاً مرور الكِرام على هذه الآية ، وهي تكشف بعمق عن مدى عظمة الإمام ، بحيث خشينا من كثرة الاستعراض فيها أن نكون في زمرة «فمنهم ظالم لنفسه» .

دراسة الآية :

سبقت هذه الآية بقوله سبحانه: {وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ* ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}(4) . نفهم من الآية أنّ المُراد بالكتاب هو «القرآن» ; لأنّ

  • (1) سورة الحجّ: الآية 78 .
  • (2) الكافي 1: 191 ح 4 .
  • (3) سورة فاطر: الآية 32 .
  • (4) سورة فاطر : الآيتان 31 ـ 32 .