جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 167)

شاء الله أن يتغيّر مسار الإمامة التي كانت إليه ـ طبعاً ذكرنا مسألة البداء في محلّهاـ ولمّا حضرت إسماعيل الوفاة طرح أبو عبدالله جعفر بن محمّد (عليهم السلام) عليه رداءً ، ثمّ وضعه في لحده مع عدد من كِبار الشيعة ليوقن الجميع بموت إسماعيل .
12 ـ إشارته إلى حكومة بني بويه بقوله: يخرج من الديلم من «بني صيّاد» ، يذكر أنّ والده كان يصيد السمك ويبيعه ، كما أخبر بأنّ بني بويه يسيطرون على الزوراء ويعزل الوزراء ، وهنا قام له رجل فسأله: ما مدّة حكومتهم؟ فقال (عليه السلام) : مائة عام أو أقلّ بقليل .
13 ـ إخباره عبدالله بن العباس بأنّ الحكومة ستؤول إلى ولده ، فقد ولد لابن عباس ولد يُدعى «علي» فأتى به إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فجعل شيئاً من لعابه في فمه ومضغ تمرة فجعلها في فمه وقال: خذه فإنّه أبو الملوك (1).

الروايات وعلم غيب الأئمّة (عليهم السلام) :

تتّضح بجلاء الشخصية العلمية للإمام من خلال البحث في الأخبار والآيات القرآنية في أنّه لا ينطق سوى عن الغيب ، وأنّ ذلك ممّا علّمه إيّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو أفاضه عليه الحقّ تبارك وتعالى .
فأدنى نظرة إلى القرآن تفيد أنّ أهل البيت صفوة حظيت بعناية الله ، الأمر الذي جعل بصيرتهم تخترق حجب الحوادث الكونية ، بل تقف على كنه العالم وتحيط بأسرار القرآن وخفايا الحوادث والقصص المُستقبلية ، وأنّ القرآن قد رسم صورتهم العلمية الحقيقيّة .
ورد في الخبر أنّ زرارة سأل الإمام الباقر (عليه السلام) عن الآية: {وَكَانَ رَسُولا نَبِيّاً}(2)الإمام مامنزلته ؟قال:«يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك» ثمّ استدلّ (عليه السلام) بقوله

  • (1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7: 48 ـ 50.
  • (2) سورة مريم: الآيتان 51 و 54.

(الصفحة 168)

تبارك وتعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُول وَلاَ نَبِىٍّ وَلاَ مُحدَّث»(1)،(2) .
وروى الحسن بن محبوب ، عن الأحول ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث قال: «أمّا المحدّث فهو الذي يحدّث فيسمع ، ولا يعاين ولا يرى في منامه»(3) .
وأجاب الإمام الرضا (عليه السلام) الحسن بن العباس قائلا: «والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص»(4) .
فمضمون هذه الروايات المتواترة يفيد أنّ للإمام (عليه السلام) أُذُناً تجعله يطّلع على الأسرار والإحاطة العلمية ، وهذه غير ظواهر الكتاب وتعليم رسول الله (صلى الله عليه وآله)  .
أجل ، فالقرآن يعتبر الأئـمّة (عليهم السلام) شُهداء على الناس يوم القيامة ، وأنّى لهم الشهادة على الآخرين ما لم يطّلعوا على أعمالهم؟ فقد روى بريدة العجلي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه تلا: {لِيَكُونَ الْرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} فقال: فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله تبارك وتعالى ، ونحن الشُهداء على الناس ، فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه ومن كذّب كذّبناه»(5) . فما الذي يفيده هذا الخبر؟ فالإمام شاهد على الأعمال ، والنبيّ شاهد على الأئـمّة (عليهم السلام)  ، النبيّ يشهد أنّه علّم الأئـمّة الغيب وأوامر الله ، فالنبيّ شاهد والأئـمّة شهداء على الناس في محكمة العدل الإلهي ، وأنّ أعمال الاُمّة ليست بخافية عليهم ، وعلى هذا أفلا ينبغي التصديق بعلمهم بالغيب وكافّة الحوادث وأعمال الاُمّة؟

  • (1) اقتباس من سورة الحج: الآية 52.
  • (2) الكافي 1: 176 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث ح1 . لم ترد في القرآن كلمة «ولا محدّث» . الأمر الذي يلزم أن يقال: إنّ هذا من باب تأويل الآية .
  • (3) الكافي 1: 176 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث ح3 .
  • (4) الكافي 1: 176 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث ح2 .
  • (5) الكافي 1: 191 الرواية الرابعة : باب أنّ الأئمّة شُهداء الله على خلقه ذ ح 4 .

(الصفحة 169)

بحث مختصر حول آية قرآنية :

صرّحت آخر آية من سورة الحج قائلة: {وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْوَمَاجَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}(1) .
فظاهر الآية يفيد أنّها خطاب لصفوة من زُعماء الدين ، ويؤيّد ذلك:
1 ) عبارة {هَوَ اجْتَبَيكمْ} التي تدلّ على الاختيار والامتياز .
2 ) كلمة {أَبِيكُمْ} لأ نّ إبراهيم هو أب الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام) لا جميع المسلمين .
3 ) عبارة {هَوَ سَمَّيكُمُ الْمُسْلِمِينَ} وذلك لأنّ إبراهيم سأل الله صفوة من ذرّيّته مسلمة منقادة لله ، وقد تناولنا ذلك مسبقاً خلال شرح الآية الكريمة {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسِلمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}(2) .
وبناءً على هذا فإنّ العبارة: {لَيَكُونَ الْرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} خطاب لزعماء الدين ولا سيّما الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، مضافاً إلى أنّ «الشاهد» غير المدّعي والمنكر ، فالمنكر أو المدّعي هم «الناس» . وحقّاً لابدّ أن يكون الشاهد أُناساً آخرين عالمين بأعمال كافّة الناس ، وإذا تعاملنا مع كلمة «الناس» على ظهورها فإنّها تعني جميع العالمين ، فنستطيع القول بأنّه ليس هنالك عمل لأيّ فرد يخفى على زعماء الدين وأئـمّة المسلمين . وهكذا يتّضح ـ على ضوء هذا الاستدلال ـ قول الإمام الباقر (عليه السلام) : «ونحن الشُهداء على الناس» .
نعم ، فالأئمة الأطهار (عليهم السلام) هم الصفوة من وجهة نظر القرآن التي اُختيرت من أجل زعامة الأُمّة: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} (3). قال سورة

  • (1) سورة الحجّ: الآية 78 .
  • (2) سورة البقرة: الآية 128 .
  • (3) سورة فاطر: الآية 32.

(الصفحة 170)

بن كليب: قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) : «والله إنّا لخزّان الله في سمائه وأرضه ، لا على ذهب ولا على فضّة إلاّ على علمه»(1) .
تسند هذه الرواية المعتبرة ـ التي تؤيّدها عشرات الروايات ـ إلى أبي جعفر الذي أسماه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالباقر ; لأنّه يبقر علم الأوّلين والآخرين ، ونرى كيف أنّه يقسم ثمّ يؤكّد قسمه بحرف (إن) وحرف اللام: إنّا لخُزّان العلم! فهل علم الله محدود؟ وعليه : فعلم الأئـمّة (عليهم السلام) هو الآخر ليس بمحدود ، فلو قلنا: إنّ جميع الحوادث وما خلف الحُجب معلومة عند أئـمّة المسلمين ، لما كان ذلك جزافاً ، ولكن ينبغي التعامل مع هذا الأمر ببصيرة القلب للتعرّف على خاصة عباد الله .
لقد جعل الله الأئـمّة (عليهم السلام) أنواراً وطهّر قلوبهم وأرواحهم ، فهل من اجتماع بين الظلمة والنور؟ وهل لمن كان نوراً محضاً أن يكون جاهلا؟ نعم ، إنّما هم نور من ذلك النور ، ولذلك أوجب القرآن الاقتداء بشعاع هذا النور: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْنُّورِ الَّذِى أَنْزَلْنَا}(2) .
لقد قال الإمام الباقر (عليه السلام) ـ طبقاً لرواية أبي خالد الكابلي ـ : «النور والله الأئـمّة من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة ، وهم والله نور الله الذي أنزل ، وهم والله نور الله في السموات وفي الأرض ، والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار ، وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين ، ويحجب الله ـ عزّوجلّ ـ نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ، والله يا أبا خالد لا يحبّنا عبد ويتولاّنا حتّى يطهّر الله قلبه ، ولا يطهّر الله قلب عبد حتّى يسلّم لنا ويكون سلماً لنا ، فإذا كان سلماً لنا سلّمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر»(3) .

  • (1) الكافي 1: 192 باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) ولاة أمر الله ح2 .
  • (2) سورة التغابن : الآية 8  .
  • (3) الكافي 1: 194 باب أنّ الأئمّة (عليهم السلام) نور الله عزّوجلّ ح1 .

(الصفحة 171)

علل الزعامة :

لقد تعرّضت الرواية السابقة إلى الفصول المميّزة للإمامة في الإسلام ، كما أشارت إلى علل اتّباع زعامتهم وإمرتهم وأنّ زعامتهم نور إلى يوم القيامة ، فهم زعماء إلى الأبد ، والاُمّة تستضيء بنور علمهم على الدوام ، والزعيم من يستطيع التغلّب على المشاكل والصعوبات ويبعث الأمل في قلوب أفراد الاُمّة .
فمثل الذين ينكرون علم الإمام التام كمثل خفافيش الليل التي لا تطيق رؤية الشمس ، فليس للقلوب المدنّسة والنفوس المريضة أن تدرك شأن الإمام ، فمعرفة الإمام تتطلّب قلباً طاهراً ، ولا يطهر القلب إلاّ بتسليمه واستسلامه لهذه الزعامة ، والتسليم لهم لا يتمّ إلاّ من خلال الإقبال عليهم والاستفادة من أفكارهم العظيمة ونهجهم القويم ، الأمر الذي يبعث على سعة الصدر وانشراح القلب ، وهذا بدوره يميط عن الإنسان رذائل الأخلاق ويحلّ عقد الحياة ويبعث الأمل في النفوس .
ولا  يرتجى من الزعيم سوى إيصال الأُمّة إلى كمالها المنشود وإزالة المشاكل عن طريقها ، وطالما كانت هذه الاُمور متوفّرة في الأئـمّة الأطهار (عليهم السلام)  ، فهم قادة الدين وأئـمّة الخلق لا محالة .
وبناءً على هذا فإنّ الإمام الباقر (عليه السلام) وبذكره للعلل السابقة قد لفت الانتباه إلى ضرورة زعامة آل محمّد (صلى الله عليه وآله)  . وهو ذات الأمر الذي قاله الإمام الصادق (عليه السلام) للمفضّل بن عمر: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) باب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وكذلك يجري لأئـمة الهدى واحداً بعد واحد(1) .

  • (1) الكافي 1: 196 باب أ نّ الأئمّة (عليهم السلام) هم أركان الأرض ح 1 . هذه الرواية ضعيفة السند ، غير أنّه هنالك عدّة روايات وردت بهذا المضمون فهي مؤيدة لهذه الرواية .