جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 37)

والتعاليم القرآنية; لأنّ ظاهر الآية {أُولى الأمر} يقول: وأطيعوا أُولي الأمر ، ولو اقتصرت طاعتهم على الأحكام التعبديّة لما كان هناك من انسجام بين هذا الأمر والتعبير عنهم بولاة الأمر ، فالأمر الذي يُعنى به الشأن أو ذلك المعنى الاصطلاحي لايمكن الاقتصار به على أحكام الإسلام ، بل يمكن القول: إنّهم ليسوا آمرين في تفسير أحكام القرآن وبيان السُنّة النبويّة ، إنّما هُم مفسّرون وشارحون .
ومن هنايتبيّن أنّ ولاية الأمر تشتمل على معنى أكثر شمولية من تفسير القرآن الكريم وتبيين الحلال والحرام . وعليه : فإنّ طاعة ولاة الأمر تعني الانقياد لهم في كافّة الشؤون الاجتماعية والمهامّ السياسية للبلاد الإسلامية ، وإذا أصبحوا هم القادة والزعماء وجب أن تكون للإسلام مؤسّساته وجمعياته وحكومته التي تستند إلى القرآن والسُنّة النبويّة ، فالأئمّة الأطهار هم رؤوساء هذه الحكومة ، وكما استطاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يشكّل الحكومة الإسلامية ويدير شؤون البلاد، فقد تزّعمها كذلك أمير المؤمنين علي (عليه السلام) معتمداً نفس الاُسس والخطط التي اعتمدها النبي (صلى الله عليه وآله)  .
ولدينا بعض الروايات التي تؤكّد هذا الأمر:
فقد صرّحت بعض الروايات المعتبرة في كتاب الكافي وغيره بهذا المضمون: «نزلت: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول . . . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي  (عليه السلام) : ألا من كنت مولاه فعليّ مولاه»(1) .
إذن فالآية «أطيعوا الله . . . .» بانية دعامة الوحدة الإسلامية والحكومة الإسلامية ، ومعتبرة الأئمّة الأطهار زعماء هذه الحكومة .

الحديث الثاني:

محمّد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن

  • (1) الكافي 1: 286 ح 1، وعنه تفسير كنز الدقائق 3: 496 ـ 497.

(الصفحة 38)

يونس ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عيسى بن السري قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : حدّثني عمّا بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أنا أخذت بها زكى عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده ، فقال: «شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله  (صلى الله عليه وآله) ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وحقّ في الأموال من الزكاة ، والولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمّد  (صلى الله عليه وآله) ـ إلى أن قال: ـ قال الله عزّوجل: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الْرَّسُولَ وَأُوْلِى الاَْمْرِ مِنْكُمْ} فكان عليّ (عليه السلام)  ، ثمّ صار من بعده حسن ، ثمّ من بعده حسين ، ثمّ من بعده علي بن الحسين ، ثمّ من بعده محمّد بن علي ، ثمّ هكذا يكون الأمر ، إنّ الأرض لا تصلح إلاّ بإمام» (1).

الحديث الثالث:

محمّد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّوجل : {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}(2)جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمّة ، فكيف يقرّون في آل إبراهيم (عليه السلام) وينكرونه في آل محمّد  (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: قلت: {وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}؟ قال: الملك العظيم أن جعل فيهم أئمّة ، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم(3) .
وهنا لابدّ من الالتفات إلى أنّ «الملك» بمعنى البلاد بضمّ الميم وبكسرها يعني المال ، كما يُقال: المَلِك لصاحب البلاد; والمالك لصاحب المال; ولذلك فالله سبحانه هو ملك الوجود ومالكه {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ . . .}(4) وحيث كانت مالكيّة الحقّ

  • (1) الكافي 2: 21 ح 9.
  • (2) سورة النساء: الآية 54.
  • (3) الكافي 1: 206 ح 5، وعنه تفسير كنز الدقائق 2: 482 ـ 483.
  • (4) سورة آل عمران: الآية 26.

(الصفحة 39)

تبارك وتعالى على الإطلاق مالكية حقيقية لا اعتبارية; لذلك يُقال له: «مالك الملك» .
إذن فقولنا: صاحب المُلك وصاحب المِلك لا يتنافى والآية القرآنية الكريمة ، وهناك الآيات القرآنية الأُخرى التي تؤيد هذا المعنى في أنّ الملك بالضمّ يعنى به البلاد ، فقد صرّحت الآية قائلة: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}(1) إلاّ أنّ هذه الآيات التي تتحدّث عن الملك لا تقتصر على الإشارة إلى البلاد ، بل الأهمّ من ذلك: أنّها تتحدّث عن صاحب البلاد ، فمثلا هذه الآية التي تقول بخصوص نبي الله داود: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} تفيد أنّ البلد الذي يقوده داود (عليه السلام) قد أصبح بلداً قوياً إثر زعامته وقيادته ، وكأنّ الذي يتبادر من الآية أنّ قوّة البلاد إنّما تكمن في قيادته وزعامته القويّة والعالمة المقتدرة ، إذن فالملك العظيم هو البلد القوي الذي يحكم من قبل زعيم قوي ومقتدر وعالم ، بحيث إذا قيل: البلد الفلاني هو بلد قوّي وواسع وعامر ، كان لابدّ من الإذعان إلى أنّ هذه المَنَعة والقوّة إنّما تعود إلى زعامة ذلك البلد .
إذن فالملك العظيم من وجهة نظر القرآن إشارة إلى امتلاك الزعامة الناجحة ، وهذا بدوره يزيح السِتار عن أمر عظيم في العثور على بلد عامر وقوي ومستقلّ من شأنه أن يلعب دوراً عالمياً من خلال اِعتماده على ذاته ومقوّماته ، أي أنّ رمز ظهور مثل هذه البلدان ليس سوى امتلاكها لزعيم قوي مقتدر .
وبناءً على هذا فإنّ قول الباقر (عليه السلام) هو عين الصواب ، وحقاً إنّه لباقر علوم الأوّلين والآخرين إذ قال (عليه السلام) : «الملك العظيم أن جعل فيهم أئمّة . . .» ومن هذه الجهة فإنّ هذه الآية دليل واضح على وجوب كون الأئمّة الأطهار هُم زعماء البلاد وقادة الأُمّة ، فإذا ما كانوا قادة الأُمّة كانت بلاد المسلمين قويّة مقتدرة .

  • (1) سورة ص: الآية 20 .

(الصفحة 40)

الحديث الرابع:

من الروايات المشهورة والمعروفة بين الفريقين التي لا يشكّ أحد في تواتُر صدورها عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) رواية الثقلين ، والتي يمكن الجزم بأنّ دلالتها صريحة في وجوب طاعة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)  .
وقد صرّح العالم النحرير شيخ المشايخ واُستاذ الفُقهاء الشيخ مرتضى الأنصاري في كتاب الرسائل ـ الذي يعدّ من الكتب النفيسة في أُصول الفقه ـ في فصل حجيّة ظواهر الكتاب(1) قائلا: «ليس لخبر الثقلين من ظهور سوى في وجوب طاعة القرآن والعترة وحرمة مخالفتهما» .
وهنا لابدّ من القول: بأنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) إنّما قال حديث الثقلين تأييداً وبياناً لقوله سبحانه: { أَطِيعُوا اللهَ } وعلى ضوء الخبر فإنّ العترة لابدّ أن تكون في عرض القرآن الكريم ، فالقرآن مُطاع والعترة مُطاعة كذلك . والقرآن كتاب سماوي محيط عليم بكافّة الحوادث والوقائع التي يعيشها المسلمون ، وقوانينه جارية إلى يوم القيامة ، وهي أساس تشكيل الحكومة الإسلامية على مدى التأريخ ، والعترة المُرادفة للقرآن كذلك ، ولذلك حين تطالعنا الأخبار المتظافرة التي تصف أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بأنّه القرآن الناطق(2) والكتاب السماوي هو القرآن الصامت فبالالتفات إلى آية { أَطِيعُوا اللهَ } وحديث الثقلين ، ولا ينبغي أن يكون هناك شكّ وترديد في هذا الأمر .
ورغم كون هذا الأمر غنيّاً عن التوضيح وأنّ مفاد خبر الثقلين هو ذات مفاد آية { أَطِيعُوا اللَّهَ } ولحصول المزيد من الاطمئنان ، لابأس بتسليط الضوء على هذا الأمر، فنقول:هناك نوع من تجريد الفرد المطيع من الاختيار في حياته في ظلّ الطاعة

  • (1) فرائد الاُصول، المعروف بـ«الرسائل» 1: 119.
  • (2) بحار الأنوار: 39 / 272.

(الصفحة 41)

المطلقة ، وذلك لأنّ المطيع إنّما يجعل فكره وإرادته وعمله تحت تصرّف المُطاع ، وقد ذكرنا بأنّ علّة طاعة المُطاع بنحو مطلق هي كون المُطاع يمتلك علماً مطلقاً ، وبصيراً وذا دراية بكافّة سبل الهداية وطرق السعادة والفلاح ، وهو عارف بنمط الحياة التي يسودها الأمن والاستقرار والسكينة ، والتي لا تعرف القلق والاضطراب ، كما أنّه خبير بكلّ ما يؤدّي إلى السعادة والشقاوة ، وحيث تحكم الفطرة بضرورة التسليم لمثل هذا الفرد ، كان لابدّ من القول بأنّ الآية { أَطِيعُوا اللهَ } إنّما توجب على الناس الانقياد والتسليم إلى الله والرسول وولاة الأمر ، بالشكل الذي تكون فيه إرادة الناس تابعة إلى إرادة ذلك الفرد ، فلم تعد لهم من إرادة ، وهذا ما يمثّل منتهى الإدراك والعقل والدراية بحيث يكون الإنسان على هذا النوع من التسليم تجاه معلّميه من ذوي العلم والبصائر ليظفر بسعادته وفلاحه .
هذا هو المعنى الذي نفهمه من الآية الشريفة ، وهو نفس المعنى الذي يفيده حديث الثقلين ، لاسيّما بالالتفات إلى كلمة «التمسّك» الواردة في الحديث «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً : كتاب الله ، وعترتي . . .»(1) فالتمسّك يعني التسليم والانقياد للمتمسّك به ، فهي لا تفيد سوى الطاعة المطلقة للمُطاع التي صرّحت بها الآية الشريفة .
وأخيراً فإنّا نرى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خلّف للمسلمين ثقلين: الأوّل هو القرآن الكريم الذي يُعتبر دستور الحكومة الإسلامية وركنها الركين وقائدها ، فإنّ الأئمّة الأطهار هم أساس الحكومة وزعماؤها وليس للأُمّة من سبيل سوى الانصياع لقيادتهم والانقياد لهم .

خلاصة التحقيقات:

على ضوء الرواية المنقولة عن ابن بابويه القمي فإنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد عيّن

  • (1) بحار الأنوار 23: 104 ـ 205 ب 7.