جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه حماة الوحی
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 22)

موقناً وثابت الجنان منقاداً للحق مسلماً للذات الإلهية المقدّسة .
2 ـ إنّ إبراهيم كان يعتمد على علم جمّ في إثبات مفهوم التوحيد ووجود واهب الوجود بحيث بهت خصمه ولفّته الحيرة من منطق إبراهيم وأدلّته وبراهينه المحكمة .
3 ـ كانت شخصية إبراهيم لا تعرف للقومية والوطنية والقبلية من معنى في قبال الذوبان والفناء في الله والثبات على العقيدة .
4 ـ أبدى إبراهيم غاية الصبر والصمود والمقاومة من أجل عقيدته ودافع عنها مستميتاً .
5 ـ كان خلع حبّ الدنيا عن قلب إبراهيم ـ وعدم اغتراره بزبرجها ـ هيناً عليه في جنب طاعة الله والتسليم لأوامره .
6 ـ كشف إبراهيم عن مدى شجاعته وعمق شخصيته الذاتيّة في إطار مواجهته لطاغوت عصره نمرود .
7 ـ أثبت إبراهيم باستجابته لذبح ابنه مدى زهده في الدنيا وعشقه للجمال الإلهي المطلق ، وأنّه لا يملك لنفسه من خيرة تجاه أمر الله سوى الطاعة والتسليم ، وليس هناك من علاقة أسمى من العلاقة بالله والرغبة بامتثال أوامره ، وليس هنالك من أثر يمكنه الحدّ من هذه العلاقة حتّى رابطة الأب بابنه وإن كان وحيده ، فقد ملئ قلبه بحبّ الله ولم يدع فيه مثقال حبّة من خردل لحبّ غيره .

مواد التمحيص :

يتبيّن من النقاط آنفة الذكر أنّ المواد التي مُحّص فيها إبراهيم ، وقد اجتازها بنجاح هي عبارة عن: اليقين التامّ والإدراك الكامل للحقّ والحقيقة وخالق العالم ،
(الصفحة 23)

والصبر والاستقامة لإثبات وجود الله ، وامتلاكه الحجّة القاطعة والعلم الذي يدعو للحيرة والذهول ، والحلم والتضحية والزهد والتغاضي عن زخارف الدنيا وزبرجها ، والشجاعة والمروءة واحتمال الصعاب ، ومحاربة الأفكار الضالّة وعدم التأثّر بعواطف العوامّ إلى آخر ما هنالك .
أجل لقد مُحّص إبراهيم بهذه المواد وقد وفّق فيها جميعاً ، وهو نبيّ ، فلمّا مُحّص بهذا التمحيص وكُتب له النجاح والتوفيق جعله الله إماماً مُفترض الطاعة على الناس .
إذن: فالإمامة لا تتوقّف على قوميّة الشخصية أو روابطها النسبية ، وهي ليست تفويضية ، كما أنّها ليست خاضعة لآراء الأمّة ووجهات نظرها من أجل تحديد مصير البلاد والإسلام ، ولا يمكن لرأي أفراد الأمّة أن يعيّن الزعامة على الأمّة على ضوء النظرة الإسلامية ، بل الإمامة في عرض النبوّة وتابعة للإرادة الإلهية وهي منصب ربّاني رفيع لا يشغله إلاّ من كان له علم كاف ودراية بالأحكام والتعاليم الإلهية وإشاعة روح التوحيد ، ليتسنّى له الردّ على الشبهات والإشكالات التي تثيرها سائر الأديان ضدّ الله والدين ، وتفنيد النظريات والفرضيات الجديدة التي تهدف إلى زعزعة أساس التوحيد .
وعلى هذا فلابدّ أن يكون عالماً بأفكار الناس وعقائدهم واُسلوب تفكيرهم ، إلى جانب وقوفه على العلوم التي من شأنها تهديد الدين الإسلامي الحنيف .
بل الإمام هو الشخص الذي لا تأخذه في الله لومة لائِم ولا يخشى القِتال من أجل الإسلام ، وألاّ يُكلّف سوى نفسه في هذا الشأن .
والإمام هو الشخص الذي لا تزحزحه الشدائد والويلات والمصائب المروّعة عن الاستقامة والثبات على الحقّ ، فهو مثال الصبر والحلم .

(الصفحة 24)

والإمام هو الشخص الذي ليس لزخارف الدنيا وزينتها من سبيل إلى روحه الآمنة ونفسه المطمئنّة .
والإمام هو الشخص المُستقيم والصامد المضحّي الذي ليس لأفكار العامّة وخرافاتها وانصياعها للأراجيف والأوهام أن تبعده عن الدفاع عن العقيدة ، ويعيش الاستقامة والصلابة تجاه العواطف الطائشة البعيدة عن التعقّل والمنطق .
وأخيراً فالإمام هو الشخص الذي يمتلك الشجاعة والإقدام الذي لا يدعه يصمت مقابل القوّة الجبّارة التي تناهض الله والحقّ ، بل تدفعه شجاعته لإحقاق الحقّ والإفصاح عن حقائق الدين .
ما مرّ معنا كان قبسات مقتضبة من شرائط الإمامة ، وسنخوض بصورة أكثر تفصيل في هذا الموضوع من خلال دراسة الآيات الأُخرى الواردة بهذا الشأن .

(الصفحة 25)

الدليل الثاني من القرآن



قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الْرَّسُولَ وَأُولِى الاَْمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالْرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأوِيلاً}(1) .
كلمة «أمر» لفظ عامّ يشمل جميع الأقوال والأفعال ، ويمكن اعتباره هنا بمعنى أعمال المجتمع وشؤوناته .
ولا يُستبعد هنا أن يكون المُراد بالأمر المعنى الاصطلاحي ، فيكون المُراد بأولي الأمر في هذه الحالة الأفراد الذين لهم صلاحية الآمرية أو إصدار الأوامر ، وكأنّ أوامرهم على درجة من الاعتبارية ووجوب الاتّباع بحيث عرفوا في القرآن بهذه الصفة «اُولي الأمر» أي الأفراد المطاعون في كلّ ما يأمرون به ، فالصفة المذكورة ملازمة لهم ، وهي من قبيل الصفة التي ينعت بها بعض الناس الذين ينشطون في مجال الصناعة والاستثمار ، حتّى صارت صفتهم التي يعرفون بها فيطلق

  • (1) سورة النساء: الآية 59  .

(الصفحة 26)

عليهم أصحاب الصناعة .
وبناءً على ما تقدّم فإنّ هناك جماعة من الناس تميّزت في إسلاميتها بحيث وجبت طاعتهم فيما يأمرون وينهون ، ومنصبهم هو منصب إلهي يتميّز بالإمرة حتّى عرفوا بأنّهم «اُولي الأمر» .
وبالطبع فإنّ هنالك مسألة لم يلتفت إليها البعض من أولئك الذين خاضوا في مِصداق اُولي الأمر أو استغرقوا في مفهومه ، فذهبوا إلى أنّ الأمر بمعنى شأن من الأفعال والأقوال ، ففسّروا اُولي الأمر على أنّهم الأفراد الذين تكون كافّة الشؤون والاُمور تحت تصرّفهم وولايتهم .

بحث في الآية المباركة:

الطاعة هي اتّباع الأمر ، إذن فمفهومها يفيد صدور الحكم والأمر من المطاع ، طبعاً الأصل الأوّلي هو عدم وجود حكومة وإمرة لفرد على فرد آخر . فالإنسان كائن خُلِق حرّاً ، وينبغي أن يعيش الحرية في الفكر والعمل ، فالحرية جزء من فطرة الإنسان والأصل الابتدائي لخلقته الإنسانية ، وذلك لأنّه مجهّز بالفكر والعقل والإرادة ، ولا معنى لسلبه حرية التفكير والإرادة ، فهو إنّما يستطيع اتّخاذ القرار في تقرير مصيره وأعماله وأفعاله على ضوء العقل ، الفصل المميّز للإنسان ، فهو يشخص الأمور بقوّة العقل ثمّ تأتي إرادته في تحقيق الصالح من الطالح من الأعمال .
وبناءً على هذا فهو حرٌ ومختار في تقرير مصيره وأعماله وأفعاله على ضوء إدراكه وعقله ، وليس للآخرين من سبيل لأن يجرّدوه من حريته في الفكر والعمل واتخاذ القرار وأن يفرضوا قوّتهم على إرادته . أضف إلى ذلك أنّ الفرد الذي يرى نفسه خاضعاً لتشخيص الآخرين وامتثال أوامرهم ونواهيهم إنّما هو فرد ذليل ; لأنّه ليس هنالك من امتياز لأحد على آخر في الخلقة الاُولى حتّى يستسلم فرد