جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 152)

به ، وأنّ آية التطهير التي تخلّلت تلك الآيات في مقام التدوين وضّحت موقع «أهل البيت»(عليهم السلام) ، وهذه الصيغة الصريحة في البلاغ تعكس أهمّية الموقف وخطورته ، فمستقبل الإسلام يفرض أن تعلم زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله)بتكاليفهنّ ويعملن ويتقيّدن بها ، وفي المقابل أن يعلم عموم المسلمين موقع «أهل البيت»(عليهم السلام) وخصوصيّتهم والدور المناط بهم .
إذن هذه الآيات كانت تلحظ وتضع الخطة لمستقبل الإسلام ، وهي تحسم أمر عائلة الرسول(صلى الله عليه وآله) ككلّ في موقع واحد ، فقسم عليه أن يبقى في الخدر وراء الحجاب ، بعيداً عن شؤون السياسة والدولة ، وثلّة خاصّة اُنيط بها حفظ الإسلام وقيادته وهداية المسلمين وإمامتهم ، وقد أولاهم البارئ المدبِّر عزّوجلّ المنزلة الرفيعة وبلغ بهم حدّاً محيّراً وعجيباً من الطهارة والعصمة في سبيل أن يبقى الدين منزّهاً عن الزلل والخطأ ، بعيداً عن التلوّث والانحراف ، الذي قد يلحقه به أدعياء الإمامة ومغتصبو الخلافة من عبدة الشهوات .
وقد زوّدهم سبحانه وتعالى بصدور رحبة وهمم عالية وقلوب منيعة ، ليتمكّنوا من الاستقامة والصمود أمام ما ينتظرهم من حوادث مرعبة ، ومقاومة الأحداث القاهرة التي ستأتي على الإسلام والمسلمين ، فلا ينثنوا عن مسؤوليّتهم ولا يستسلموا . لقد حباهم الله علماً جمّاً وبصيرة نافذة ليمكِّنهم من الدفاع عن حياض دينه والنهوض باحتجاجات ومخاصمات الأعداء ويردّوهم على أعقابهم خائبين مفحَمين ، وبما يمكِّنهم من وضع منهج ديني متوافق مع مبادئ القرآن الكريم ، وبوقوفهم على أسرار الوحي يمكنهم أن يحيلوا كلّ عسير من مشاكل الاُمّة سهلاً يسيراً ، ويخرجوا الناس من متاهات الحيرة
(الصفحة 153)

والأوهام إلى نور الحقّ والصواب ، ويقدّرهم الله سبحانه بما أطلعهم عليه من غيبه من معالجة الحوادث والقضايا برؤية عميقة وبصيرة نافذة تحيط بالحيثيّات الظاهرة والخفيّة; ليأمن الناس ويسكنوا إلى قيادة واعية تحقّق لهم الأمن والاستقلال عن السقوط في مهاوي الغرباء والأجانب ، والسلامة والحفظ من ويلات الجهل وعواقب الانحراف ، وينهلوا من العطاء المتجدّد الذي يتجلّى في كلّ عصر وفق مقتضيات الزمان بما لا يمسّ أصالة الدين ونقاء الإسلام المبين . لقد نزّههم الله وطهّرهم من جميع الآفات النفسية والأغراض والأهواء ، وحصّنهم من جميع الأمراض الروحية والأخلاقية حتّى لا يسري شيء من هذه الأخطار إلى الأمّة ويجرّها إلى الفساد فيضمحلّ الإسلام وتزول الشريعة ، وحتّى لا يتحوّل قادة المسلمين وزعماء الدين إلى طغاة متعطشين للحكم والتسلّط على الرقاب ، تحدوهم الشهوات وتدفعهم الملذّات لنيل السلطة بالبطش وملئ الزنزانات بالمظلومين .
نعم ، لم يردها الله دكتاتورية منمّقة بأسماء رنّانة واستبداداً يستمدّ ظلمه وطغيانه من عناوين مزخرفة ، فتنصب المشانق وتفتح السجون ويُسلب الناس الحرية الفكرية التي هي من أوّليات الحياة الكريمة . فمنح القادة الحقيقيّين العصمة وطهّر قلوبهم من الغلّ والحسد والحرص ومن جميع بواعث الظلم ودوافع الاستبداد .

ملاحظة

يجب أن نُعيد إلى الأذهان أن ما تناولناه بالبحث حول دور النساء إنّما يتعلّق بزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) على الخصوص ، وذلك في الآيات المعيّنة
(الصفحة 154)

التي صدّرنا بها البحث ، فقلنا: إنّها ناظرة إلى دور نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)والمنهج الذي عليهنّ اتّباعه من لزوم الخدر والحجاب ، والبقاء في البيت بعيداً عن القضايا السياسية والاجتماعية ، وهكذا عرضنا لخصوصيّتهن بلحاظ الأجر المضاعف الذي ينتظر المحسنة منهنّ ، والعذاب والعقوبة المضاعفة التي اُعدّت للمسيئة منهنّ ممّا صرّحت به الآية: {لَسْتُنَّ كَأَحَد مِنَ النِّسَاءِ}(1) .
من هنا فإنّ البحث تعلّق بزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) دون غيرهنّ من النساء ، أمّا بخصوص دور المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية الإسلامية فهذا ما لم نتعرّض له ، وهو بحث مستقلّ خارج عن نطاق الكتاب ولا تتحمّله هذه العجالة .

ماذا عن الزهراء(عليها السلام) ، ودورها وموقعها ؟

وهنا نختم البحث بسؤال يطرح نفسه: إنّ آية التطهير تحدّثت عن خمسة أشخاص من أولياء الله ، اتّخذهم الله وأعدّهم وهيّأهم بالعلم والعصمة والتطهير ورشّحهم لمقام قيادة المسلمين وإمامتهم ، وإنّ موضوع بحث الآية هم «أهل البيت»(عليهم السلام) ، وهم خمسة أشخاص ، والسيّدة الزهراء صلوات الله عليها وحيدة أبيها وعزيزته هي من هؤلاء الخمسة ، فهل كان لها أن تشارك في أعمال الدولة الإسلامية وشؤون إمامة المسلمين وأن تتولّى زعامتهم؟

  • (1) الأحزاب : 32  .

(الصفحة 155)

الجواب :

يبدو أنّ السؤال ما كان ليُثار لو أنّ التدقيق التامّ كان قد اُعمل في البحوث السابقة ، إنّ الدراسة لم تطرح ولم تدّع وجود دلالة مطابقية(1) بين آية التطهير ولزوم القيادة والزعامة لهذه الثلّة المباركة(عليهم السلام) ، بل أنّنا فهمنا من معاني تعابير: الإرادة ، الرجس ، التطهير ، التي وردت في الآية ، أنّ هناك مشيئة ربّانية في انبعاث وظهور نماذج بشرية خاصّة تتمتّع بمواصفات وخصائص متميّزة ، كالعصمة والطهارة وسعة الصدر والعلم ، فصّل الله بينهم وبين الأرجاس والرذائل ، ثم حلّلنا القضيّة على أنّ إرادة البارئ لا تتعلّق بمثل هذا الأمر جزافاً ، فلابدّ من حكمة ومصلحة عُليا ، ورأينا أنّ ذلك لحفظ الإسلام من التحريف والتزييف وصَون تعاليمه وأحكامه عن التشويه واللبس ، وأنّ ذلك لا يكون إلاّ عن طريق اُناس يتمتّعون بصفات ومواهب خاصّة ، يجب أن يكون لهم مقام الصدارة وتُسلّم إليهم مقاليد الزعامة لتأدية هذا الدور .
ولم نقل على أيّ نحو: إنّ آية التطهير من أدلّة إمامة «أهل البيت»(عليهم السلام) بالمفهوم المطابقي حتّى يكون كلّ فرد ممّن ذُكر في الآية مُرشحاً للإمامة ومندوباً للزعامة في مستقبل الإسلام ، بل كانت الدعوى أنّ مفاد الآية الكريمة يتناسب ومنصب الزعامة والإمامة ، من
  • (1) الدلالة المطابقية أو التطابقية: أن يدلّ اللفظ أو العنوان على تمام معناه الموضوع له ويطابقه، كدلالة لفظ الكتاب على تمام معناه، فيدخل فيه جميع أوراقه وما فيه من نقوش وغلاف. وليس الفرض في البحث أنّ آية التطهير لها دلالة على نحو المطابقة مع موضوع الإمامة... .

(الصفحة 156)

باب أنّ تحلّي تلك الثلّة بكلّ هذه الكمالات لا يصحّ أن يخلو من حكمة وعلّة ترتبط بالإسلام ومسيرته ومستقبله ، ودون أن تنعكس هذه الهبات والعطايا الإلهية الجزيلة لـ «أهل البيت»(عليهم السلام) على عموم المسلمين وعلى المجتمع الإسلامي ككلّ ، فكان ممّا استفدناه أنّ مسألة الإمامة والقيادة أحد معطيات هذه الآية الكريمة .
ولكن هل يفترض في عائلة كاملة طهّرت ومُلئت علماً وفضيلةً في سبيل خدمة الدين وحفظ الإسلام ، أن يكون جميع أفراد هذه الاُسرة زعماء وقادة ، أم أنّ الفرض الصحيح في هكذا حالة أن تكون الاُسرة ككلّ مشتركة في حفظ الدين ومصير الإسلام ، مع انفراد كلّ عضو بواجب مستقلّ يتناسب ويُلائم وضعه وحاله؟
إذن علينا أن نتبيّن الدور والمسؤولية الملقاة على عاتق كلّ من هؤلاء الخمسة(عليهم السلام)  .
إذا كان البارئ تعالى يريد لكلّ فرد من هذه الاُسرة العظيمة المكوّنة من زوجين وابنين ـ أمّا النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقد كان يقضي الأيّام الأخيرة لعهده وزعامته ، إذ نزلت آية التطهير في أواخر حياته الشريفة(صلى الله عليه وآله) ـ دوراً معيّناً وألقى على عاتقهم مسؤولية خاصّة لحفظ الدين ، ووهبهم تلك الصفات والخصائص في سبيل تنفيذها وتمكينهم من حسن أدائها ، فإنّ دور الأب والابنين تحدّد واتّضح: القيادة والإمامة ، كلّ في عصره وزمانه ، وقد ذكروا هذا الأمر وأشاروا إليه بأنفسهم في أحاديثهم استدلالاً بالآية الشريفة ، وبقيت مهمّة هذه المرأة العظيمة والدور الملقى على عاتقها .
إنّ دور الزهراء(عليها السلام) قد أفرزته وصنّفته الآية الكريمة أيضاً ، فتوزيع