جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 157)

الأدوار وتقسيم المسؤوليات الذي يجعل من الزوج والأبناء أئمّة وقادة للدين يفرض على الزوجة والاُمّ دوراً متناسباً مع هذا الوضع ، فالأسرة التي يجب أن يكون ربّها زعيماً والأولاد كذلك كلّ في عهده ، يجب أن تتّحدّد مسؤولية سيّدة تلك الاُسرة وربّة ذلك البيت ـ التي تتمتّع بنفس الفضائل والكمالات ـ بإعداد أبنائها للدور المنتظر ، والوقوف خلف الزوج والتعاون معه وتوفير الأجواء الروحية والنفسية التي يتطلّبها النهوض بذلك الدور .
فاطمة هي اُمّ أئمّة الهدى الذين هم الآيات الربانية العظمى التي تتحلّى بأعلى الكمالات البشرية وتتمتّع بقمّة المعنويات الإلهية ، والمفترض أن يحافظوا على هذه المراتب إلى الأبد ، فلابدّ من درع واقية تحافظ عليهم وتشكّل الحماية الطبيعية لهم ، فكانت اُمّهم الزهراء صلوات الله عليها .
فاطمة(عليها السلام) هي زوج عليّ(عليه السلام) ، زعيم الإسلام وإمام المسلمين الأوّل ، ولابدّ من سنخيّة وتقارب في الرتبة المعنوية والروحية بين الزوجين; لتكون الاسرة ناجحة وتتمكّن من العيش السليم وأداء الدور الربّاني والمسؤولية الرسالية على أكمل وجه ، من هنا كانت الطهارة والعصمة وما خلع الله على الزهراء(عليها السلام) من كمال ، ضرورة طبيعية لنصرة الدين وتحقيق أهداف الخلافة الإلهية الممتدّة في ذراريها(1) .

  • (1) من الواضح أن الكاتب ليس في معرض بيان مقامات أهل البيت(عليهم السلام) والبحث في مراتبهم ، وأنّه يتناول الأمر على طريقة الاُصوليين في القول بحجّية أقوال المعصومين(عليهم السلام) ، وقد دخله مدخل الكلاميين في ضرورة العصمة للحجّة ، وعموماً ،

(الصفحة 158)


فهو يسعى لطرح يوفر معالجة عقلية للقضية ، أمّا ما يتعلّق بمقامات هذه الأنوار وحقيقة مراتبهم فتجدها في روايات «أهل البيت»(عليهم السلام) التي تخلو من إشارة للتعليل المذكور هنا ، أو تعليق حصول الزهراء(عليها السلام) ، وهكذا بقيّة الأئمّة(عليهم السلام)على المقامات المعنوية لرسالة سينهضون بها ، أو دور سيُناط بهم ، بل هي من متعلّقات ذواتهم وضرورات وجودهم .
وللتبرّك بكلامهم وللمزيد من النورانية في معرفتهم نذكر بعض الأحاديث الشريفة ، من ذلك ما روي مرفوعاً إلى سلمان الفارسي ، قال: كنت جالساً عند النبيّ(صلى الله عليه وآله)في المسجد ، إذ دخل العبّاس بن عبد المطّلب فسلّم فردّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)السلام ورحّب به ، فقال: يارسول الله بِمَ فضّل الله علينا عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)والمعادن واحدة؟
فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): إذن اُخبرك ياعمّ: إنّ الله خلقني وخلق عليّاً ولا سماء ولا أرض ، ولا جنّة ولا نار ، ولا لوح ولا قلم ، فلمّا أراد الله عزّوجلّ بدو خلقنا تكلّم بكلمة فكانت نوراً ، ثمّ تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً ، فمزج فيما بينهما واعتدلا فخلقني وعليّاً منهما ، ثم فتق من نوري نورَ العرش ، فأنا أجلّ من العرش ، ثم فتق من نور علي(عليه السلام) نورَ السماوات ، فعليّ أجلّ من السماوات ، ثم فتق من نور الحسن(عليه السلام) نورَ الشمس ومن نور الحسين(عليه السلام)نورَ القمر ، فهما أجلّ من الشمس والقمر ، وكانت الملائكة تسبِّح الله تعالى وتقدّسه وتقول في تسبيحها: سبّوحٌ قدّوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى .
فلمّا أراد الله أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة ، وكانت الملائكة لا تنظر أوّلها من آخرها ولا آخرها من أوّلها ، فقالت الملائكة: إلهنا وسيّدنا منذ خلقتنا ما رأينا مثل ما نحن فيه ، فنسألك بحقّ هذه الأنوار إلاّ ما كشفت عنّا .
فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي لأفعلنّ ، فخلق نور فاطمة(عليها السلام) يومئذ كالقنديل ، وعلّقه في قرط العرش ، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع ، من أجل ذلك سُمّيت فاطمة الزهراء . وكانت الملائكة تسبِّح الله وتقدّسه ، فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي لأجعلنّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها .
(الصفحة 159)


قال سلمان: فخرج العبّاس فلقيه عليّ(عليه السلام) ، فضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه ، وقال: بأبي عترة المصطفى من أهل بيت ما أكرمكم على الله تعالى . (إرشاد القلوب للديلمي 2: 403 ، البحار للمجلسي 43: 17 ح16) .
وعن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: لمّا خلق الله تعالى آدم أبو البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم إلى يمنة العرش ، فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً ، قال آدم: ياربّ هل خلقت أحداً من طين قبلي؟ قال: لا يا آدم ، قال: فمَنْ هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك ، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، لولاهم ما خلقت الجنّة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجنّ ، فأنا المحمود وهذا محمّد ، وأنا العالي وهذا عليّ ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين ، آليت بعزّتي أنّه لا يأتيني أحد بمثقال ذرّة من خردل من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري ولا اُبالي . يا آدم ، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم اُنجيهم وبهم أهلكهم ، فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسّل .
فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): نحن سفينة النجاة ، من تعلّق بها نجا ومن حادَ عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت . (فرائد السمطين 1: 36 ، فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى; الرحماني الهمداني: 39) .
وهذا قول للإمام الخميني قدّس الله نفسه الزكية ، أورده بمناسبة ميلاد الزهراء(عليها السلام)يذكر فيه: «لم تكن الزهراء امرأة عادية ، بل كانت امرأة روحانية ، امرأة ملكوتية ، إنساناً بكلّ ما للإنسان من معنى ، إنّها موجود ملكوتي ظهر في عالمنا على صورة إنسان ، بل موجود إلهي جبروتي ظهر بصورة امرأة ، لقد تجسّدت كلّ الهويات الكمالية التي يمكن تصوّرها في الإنسان في هذه المرأة .
غداً تحلّ ذكرى ميلاد امرأة تحوي جميع خصائص الأنبياء وخصوصيّاتهم ، امرأة لو كانت رجلاً لكانت نبيّاً ، ولكانت في مقام رسول الله(صلى الله عليه وآله)!
إنّها تحمل وتجمع جميع المعنويات والتجلّيات الملكوتية والإلهية
(الصفحة 160)

إنّ الإرادة الربّانية في طهارة الأئمّة(عليهم السلام) لابدّ لها من أسباب ، وإحدى أهمّ أسباب تفوّق الإنسان هو طيب مولده وطهارة الحجر الذي ينشأ فيه . أراد الله لهم(عليهم السلام) الطهارة ، ولكنّه أراد أيضاً أن يكون منطلقهم في هذا الطريق هو حجر الاُمّ الطاهرة ، فطهّرها وعصمها .
من هذا البيان ندرك مكانة الاُمّ ، ونرى كيف أنّ وجود الاُمّ مؤثّر حتّى في أولئك الذين يريد الله لهم الطهارة والعصمة ، فكان حتماً أن ينشأوا في الأرحام الطاهرة والحجور المطهّرة ، وأن يحظوا برعاية واُمومة قمّة في الشرف والعفّة والعلم والمعرفة ، وأن يطووا مراحل الرقي

والجبروتية والملكية والناسوتية ، إنّ هذه النشئة والخلقة الصورية الطبيعية هي أدنى مراتب الإنسان ، الرجل والمرأة ، ولكن الحركة نحو الكمال تبدأ من هذه المرتبة النازلة ، فالإنسان موجود متحرّك من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغيب ، ومنها إلى الفناء في الألوهية ، هذه المعاني كانت متحقّقة في الصدِّيقة الطاهرة ، انطلقت من مرتبة الطبيعة وبلغت مرتبة قصر وعجز عنها الجميع» (صحيفة النور 6 : 185) .
ومن ذلك ما ذكره العلاّمة المقرّم في عصمة الزهراء(عليها السلام) : «ولو أعرضنا عن البرهنة العلمية فإنّا لا ننسى مهما ننسى شيئاً ، أنّها صلوات الله عليها مشتقّة من نور النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، المنتجب من الشعاع الإلهي ، فهي شظيّة من الحقيقة المحمّديّة ، المصوغة من عنصر القداسة ، فمن المستحيل ـ والحالة هذه ـ أن يتطرّق الإثم إلى أفعالها ، أو أن توصم بشيء من شية العار ، فلا يهولنّك ما يقرع سمعك من الطنين أخذاً من الميول والأهواء المردية ، بأنّ العصمة الثابتة لمن شاركها في الكساء لأجل تحمّلهم الحجّية من رسالة أو إمامة ، وقد تخلّت الحوراء عنهما ، فلا تجب عصمتها ، فإنّا لم نقل بتحقّق العصمة فيهم(عليهم السلام) لأجل تبليغ الأحكام ، وإنّما تمسّكنا لعصمتهم بعد نصّ الكتاب العزيز باقتضاء الطبيعة المتكوّنة من النور الإلهي المستحيل فيمن اشتق منه مقارفة إثم ، أو تلوّث بما لا يلائم ذلك النور الأرفع حتّى في مثل ترك الأولى» (وفاة الصدّيقة الزهراء(عليها السلام): 54) .
(الصفحة 161)

ويتمكّنوا من الانتصار في السير على الصراط المستقيم ببركة تلك الاُمّ الفاضلة .
وهكذا نستنتج أنّ العناية الربانية التي شملت الزهراء(عليها السلام) في آية التطهير كانت أكثر من تلك التي هبطت على بقية المجتمعين تحت الكساء! ولعلّ في الروايات ما يرمز إلى هذا المعنى ، إذ إنّ أكثر الأخبار تشير إلى أنّ فاطمة(عليها السلام) كانت أوّل الحضور تحت الكساء ، وأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)طلب منها استدعاء زوجها وابنيها(عليهم السلام)  .
نعم ، إنّ آية التطهير سجّلت الإفاضة الربانية على أهل الكساء ، وهذا ممّا ترتّب عليه واجبات ومسؤوليات تجاه الله والدين والناس ، ونعلم أنّ هذه الواجبات الملقاة على عاتق «أهل البيت»(عليهم السلام) تختلف وتتفاوت من فرد إلى آخر ، ممّا يعني تنوّع الأدوار وإن اتّحدت المسؤولية والتقى الهدف ، إذن دور فاطمة(عليها السلام) الذي تؤدّي من خلاله رسالتها في حفظ الدين والدفاع عن حياضه هو أن تكون زوجة صالحة لزوجها العظيم ، وأن تؤمِّن له الأجواء المعنوية وتقف خلفه ليتمكّن من أداء دوره على أحسن وجه . وأن تكون اُمّاً حنوناً ، تفيض عطفاً على أولادها ، وليكونوا وهم في حجرها ، في المكان المناسب والصحيح لتلقوا الفيض الإلهي من التربية الصالحة التي تمكِّنهم من بلوغ الغاية في الفضيلة والقمّة في الأخلاق ويحقّقوا ما يريده الله لهم .
«والسلام على اُمّ الأئمّة النقباء النجباء فاطمة الزهراء وعلى أبيها وبعلها وبنيها» .