جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 20)

العامّة ، ولا التدخّل في القضايا السياسية للمسلمين ، بل عليهنّ التزام بيوتهنّ وإطاعة الله ورسوله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة .{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ}(1) .
إذن فالآيات الموجّهة إلى نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) لا تثبت لهنّ أيّة فضيلة بل تحرّضهنّ على كسب الفضائل ، وتقوم بتعريفهنّ بما يجب على امرأة مسلمة تريد أن تكون زوجة للنبيّ(صلى الله عليه وآله) وتتمتّع إلى يوم القيامة بهذا الشرف ، وقد جاءت هذه الإرشادات لتقطع الطريق على تماديهنّ وتدخّلهنّ في القضايا الإسلامية العامّة والحسّاسة ممّا أوكله الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) إلى رجال الإسلام في مستقبله ، فلا تذهب بهنّ الظنون وتسوِّل لهنّ أنفسهنّ أنّهنّ ورثن الملك وحقّ سياسة الدولة الإسلامية لكونهنّ أزواج النبيّ(صلى الله عليه وآله)  .
وهذه الآيات لا تعني بأيّ حال تعلّق الإرادة التكوينية(2) للباري عزّوجلّ بطهارة نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو عصمتهنّ أو نزاهتهنّ واستقامتهنّ ، حيث دفعت كلمة «تُردن» في الآية أي احتمال للإرادة الإلهية التكوينية بهذا الصدد ، وألقت عبء اكتساب الكمالات التي وعدت بها الآيات على عواتقهنّ وسعيهنّ ، إذ عرضت عليهنّ: إن كنّ يردن عَرَض الدنيا المهلك فعليهنّ الانفصال عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فإنّهنّ لا يلقن بشرف الاقتران به ، وإن كنّ يردن الله ورسوله فإنّ لهنّ أجراً عظيماً ، فالذات
  • (1) الأحزاب : 33  .
  • (2) سيأتي البحث مفصّلاً في معنى الإرادة التكوينية في ص91 .

(الصفحة 21)

الإلهية المقدّسة إذن ليست لها إرادة استثنائية بالنسبة إلى نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، والأمر راجع إليهنّ وإرادتهنّ الخاصّة في الوضع والحال الذي يكن عليه من السعادة أو الشقاء ، بل أرشدهنّ إلى اتّباع سبيل الخير والصلاح ليحظين بالأجر المضاعف ، وحذّرهنّ إن سلكن طريق الإعوجاج فإنّ لهنّ عقاباً مضاعفاً ، فالأمر إذن إليهنّ في تحديد المنهج الذي يبنين حياتهنّ على أساسه .
وعلى ما سبق نستخلص من هذه الآيات الشريفة نتيجتين مهمّتين:
1 ـ فصل وعزل نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) عن أيّ دور في القضايا الاجتماعية الحسّاسة وشؤون المسلمين العامّة ، وأمرهنّ بانتهاج خطّ سلمي يمضي بالتي هي أحسن ، واتّخاذهنّ دور ربّة البيت المنصرفة إلى شؤون بيتها وتهذيب نفسها بالفضائل بعيداً عن الأهواء الدنيوية الشيطانية .
2 ـ انتفاء الدلالة على تعلّق الإرادة الإلهية بنزاهة نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وكونهنّ حالة متميّزة ومتفوّقة ، ففي هذا المضمار لهنّ الخيار ، إلاّ أنهنّ إن أرَدْنَ الاحتفاظ بشرف اللقب فعليهنّ اتّخاذ طريق الصلاح .

الآية الخاصّة ، آية التطهير:

في معرض هذه الآيات نلتقي بجملة معترضة تحكي تعلّق المشيئة والإرادة الربّانيّة بأمر عظيم ، فيتغيّر أسلوب الحديث وشكل الخطاب الإلهي في هذه الجملة ، فالحديث يدور حول مشيئة الباري تعالى وإرادته التكوينية ، ومفاد هذه الجملة هو: حَتَم القضاء وحَكَم بوجود بيت وأسرة تسمّو فوق قمم الفضيلة والطهارة وأعلى مراقي الإنسانية
(الصفحة 22)

والقدرة والكفاءة . . .
ففي جملة قصيرة ـ تغيّر فيها ضمير جمع المؤنث إلى جمع المذكر «كُم» ـ يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} .
فقد قضت إرادة الله أن يكون أهل البيت(عليهم السلام) ـ الصفوة من بيت النبوّة ـ هم الوحيدين المنزّهين عن كلّ نقص وعيب وسوء ورجس ، وأن تشع في نفوسهم وأرواحهم أنوار الطهارة والصفاء التي لا تزول ، نزاهة وطهارة تمكن الدين القيم من العطاء النقي الخالص إلى الأبد .
إذن نحن هنا أمام الكلام في الإرادة التكوينية والقضاء المحتوم ، إرادة انبعاث بيت وأسرة ، في أعلى مستويات الإنسانية البعيدة عن الزلل والخطأ والانحراف والتحريف والأمراض النفسية والخصال القبيحة ، وكلّ عيب أو نقص . . . المتحلّية بجميع الكمالات من الصفاء والطهارة والتقى والزهد ، وكلّ فضيلة وكمال نفسي وروحي . . .
ومن البديهي أنّ قضاء الله وإرادته الأزلية لم تتعلّق بهذا الأمر عبثاً ولغواً ، بل هي مقدّمة لإعداد هذه الوجودات القدسية لدور إسلامي خطير ما هو إلاّ قيادة المسلمين وهدايتهم(1) .

  • (1) لا يخفى بأنّ المقصود هو النهوض بدور رسالي في هداية الاُمّة ، وهو أعمّ من الإمامة والقيادة السياسية ، وهذا الدور يتطلّب العصمة والطهارة ، فالزهراء(عليها السلام)لم تكن إماماً ولكن الآية شملتها للدور الذي أوكل بها على صعيد الدفاع عن الإمام بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله)والنهوض بمخاصمة القوم ومحاججتهم ، أو بلحاظ كونها الوعاء الطبيعي لاستمرارية خط الهدى عبر الأئمّة(عليهم السلام) من ولدها . . . وسيشير المؤلِّف ـ حفظه الله ـ إلى شيء من خصوصيات الزهراء(عليها السلام)وموقعها في الآية الشريفة في آخر الكتاب .

(الصفحة 23)

وعلى هذا ، فإنّ هذا الخطاب لا يمكن أن يشمل نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)بدليلين ـ فضلاً عن الأدلّة الأخرى التي سيأتي بيانها لاحقاً ـ هما:
1 ـ لا دلالة في الآيات المتعلّقة بنساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) على إرادة الله سبحانه تنزيههنّ ، بل إنّها صرّحت من خلال كلمة «تُردن» بأنّ أمر بلوغ مرتبة الأجر المضاعف أو نيل العقوبة المضاعفة منوط بهنّ وبإرادتهنّ الخاصّة ، فإنّ إرادتهنّ لها المدخلية التامّة في مصيرهنّ ، ومع ثبوت هذا الأمر لا يعود لفرض دور في تدخّل الإرادة الربّانية بشكل تكويني خصوصاً لصالح نزاهتهنّ وطهارتهنّ أيّ معنى .
وبعبارة أوضح: كيف يمكن أن تتعلّق الإرادة الإلهية المحتومة بنزاهة نساء النبي(صلى الله عليه وآله) وطهارتهنّ من كلّ الخبائث والأرجاس ، مع أنّ الآيات صرّحت باحتمال انصرافهنّ إلى الدنيا وسقوطهنّ في حبائل زينتها ممّا لا يجتمع وشأنية الاقتران برسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ بحيث طالبتهنّ تلك الآيات الشريفة بالتخلّي عن رداء الفخر والاعتزاز ، الذي نلنه بمقام الزوجية إذا ما اخترن طريق الدنيا; ليصبح شأنهنّ كسائر نساء المسلمين دون امتياز وفخر يضفيه لقب «اُمّ المؤمنين» ، هل يتوافق هذان الأمران ويقبلان الاجتماع والالتقاء في موضوع واحد؟ كلاّ  . . . ومن هنا يُعلم أنّ نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) خارج دائرة إرادة الباري التكوينية ، التي قضت بطهارة أهل البيت(عليهم السلام) ، وأنّ مصيرهنّ يتعلّق بإرادتهنّ الخاصّة وسلوكهنّ الشخصي لا غير .
2 ـ إنّ رسالة هذه الآيات الشريفة من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النبي
(الصفحة 24)

قُلْ لاَِزْوَاجِكَ} حتّى قوله: {وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ}(1) هي بيان واجب وتكليف نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) وانحصاره بدور ربة البيت المتديّنة العفيفة ، لا التدخّل في أمور المجتمع والخوض في القضايا السياسية ، أمّا آية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} فهي حاكية عن إرادة الباري عزّوجلّ في خلق وإيجاد بيت وأسرة طاهرة مطهّرة ليُوكّل إليها دور وتُناط بها وظيفة اجتماعية سياسية غاية في الأهمّية ، كيف يمكن إذن أن يكون هذا القسم من الآية شاملاً لزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؟ مع أنّنا نلاحظ تغيّراً واضحاً في أسلوب الخطاب الذي تحوّل فجأةً إلى ضمير «عنكم» بعد تتالي عشرين ضميراً لجمع المؤنّث!
كانت هذه إشارة موجزة إلى أن آية التطهير لا تدلّ على طهارة زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ونزاهتهن .
وهذه النتيجة تنسجم مع رؤية العارفين بالقرآن الكريم وأسلوبه ومنهجه ، فقد خلصوا إلى أنّ دور زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) لا يتجاوز مدلول هذه الآيات التي بحثناها من التزام بيوتهنّ والقيام بشؤونها والتحلّي بلباس التقوى .
وسنتناول هنا بعض النماذج من آراء هذه الطبقة الممتازة ، ومن الأنسب أن تكون الرؤية الأولى لواحدة من هذه النسوة أنفسهنّ اللاتي توجّه إليهنّ الخطاب في تلك الآيات ، ونرى أن نقدّم شيئاً في ترجمة شخصية هذه المرأة العظيمة .

  • (1) الأحزاب : 28 ـ 33 .