جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 72)

يطّلعوا عليه ، بل إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أوصى عليّاً(عليه السلام) وأمره بالاحتفاظ به عنده وتسليمه إلى ابنه الحسن(عليه السلام) من بعده ، ومن ثمّ إلى الحسين(عليه السلام)وهكذا حتّى آخر الأئمّة والأوصياء ، أي الإمام المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
بعد بيان هذه الأوصاف ، هل يمكن لأحد الزعم بأنّ هذا الكتاب هو ذاته القرآن الواقعي المنزّل على رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ من الواضح أنّ جواب هذا السؤال منفيّ ـ بناءً على قول أمير المؤمنين(عليه السلام)ـ لأنّ في هذه المجموعة تفصيل كلّ حكم ، أعمّ من الخاصّ والعام ، الكلّي والجزئي ، فأنت لا تشاهد في هذا الكتاب الآيات المنزلة على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فحسب ، بل تجد تأويلها أيضاً ، إنّه وديعة يجب أن تبقى بأيدي أوصياء النبيّ; ليكونوا محيطين مطّلعين على جميع أسرار الدين ومآل الأمور ونتائجها .
فالقرآن هو مجموع الآيات التي نزلت على قلب النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، بينما كتاب عليّ(عليه السلام) يحوي إضافة إلى ذلك تأويل الآيات ، وهو شيء آخر غير الآيات نفسها بطبيعة الحال ، والقرآن ينبغي أن يكون في متناول عامّة الناس ، حيث كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يتلوه ويعلّمه الناس ، كما أخبر القرآن نفسه بذلك في قوله تعالى: {يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ . . .}(1) ، بينما يجب أن تبقى آيات الكتاب المستودع عند عليّ(عليه السلام) وأحكامه محفوظة لديه ولدى الأوصياء من ولده(عليهم السلام) ، بعيدة عن تناول الناس . وعلى هذا لا يمكن القول: إنّهما كتاب واحد ، ولا مناص من القول: إنّ
  • (1) آل عمران: 164 .

(الصفحة 73)

مقصود أمير المؤمنين(عليه السلام) من «القرآن» شيء آخر غير كتاب الله المعهود والمجموع بين الدفتين .

خلاصة هذه الاستدلالات :

قلنا : إنّ كتّاب الوحي قاموا بجمع وبتدوين الآيات وتأليف المصحف على عهد رسول الله وبأمره وإشرافه ، وتعرّضنا في ضمن مسألة ودليلين إلى إثبات صحّة رأي من ذهب من العلماء والمحقّقين إلى أنّ القرآن اُلّف وجمع كاملاً مرتّباً في السور والآيات في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهو القرآن الفعلي المتداول بين المسلمين .
وعلى هذا ، فإنّ ما نراه اليوم من مواقع السور وترتيب الآيات في المصحف الشريف المتداول بأيدي المسلمين هو نفسه الذي كان في زمن النبيّ(صلى الله عليه وآله) كلّ آية في مكانها وكلّ سورة في موضعها ، الذي عيّنه النبيّ(صلى الله عليه وآله) ودوّنه كتّاب الوحي بأمره وإشرافه . إذن فإنّ آية التطهير يجب أن تكون في ذيل الآية الثالثة والثلاثين من سورة الأحزاب ، ومحلّها هذا كان بأمر من رسول الله(صلى الله عليه وآله) مع ما أثبتناه من كونها آية مستقلّة منفصلة في دلالتها وشأن نزولها والمخاطبين والمعنيين فيها ، لكنّها يجب أن تكون في هذا الموضع ويجب أن تتخلّل آيات النساء!

شبهة وتساؤل :

إنّ الأدلّة والبراهين التي ساقها البحث حتّى الآن إنّما أثبتت أنّ القرآن جُمع ودوّن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبإشرافه ورقابته ، ولكن يبقى هنا سؤال عن القرآن الموجود بين ظهرانينا اليوم ، هل هو ذاك
(الصفحة 74)

الذي جمعه النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؟ ألا يحتمل أنّ الأيدي عبثت وتصرّفت في ترتيب الآيات ومواقع السور خلال هذه الفاصلة الزمنية الممتدّة ، خصوصاً وأنّ المشهور اليوم هو أنّ عثمان هو الذي جمع كتاب الله ، حتى أصبح يُشار ويُقال: «المصحف العثماني»؟ فإذا فرضنا أنّ عثمان بن عفّان قام أيضاً بجمع القرآن ، فمن أين نعلم أنّ القرآن الموجود بين أيدينا اليوم هو الذي نهض رسول الله(صلى الله عليه وآله) بجمعه لا الذي جمعه عثمان؟ وعليه فإنّ الاستدلال على عدم التصرّف في ترتيب الآيات من منطلق تصدّي النبيّ(صلى الله عليه وآله) لهذه المهمّة وانجازها في حياته يبقى ناقصاً!

ردّ الشبهة :

يتسالم المحقّقون ويتّفقون على أنّ دور عثمان كان منحصراً في معالجة قراءات القرآن المختَلَف فيها ، لعلل وأهداف لا داعي لذكرها ، فهو جمع القرآن لا بمعنى جمع الآيات والسور في مصحف واحد ، بل جمع الناس على قراءة واحدة ، وقد اختار عثمان القراءة المشهورة المتواترة بين المسلمين ، القراءة التي أخذوها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) فكتب القرآن على تلك الصورة .
إذن ، ما فعله عثمان هو أنّه أشاع ونشر نفس الكتاب الذي ألّف رسول الله بين آياته ، وفق القراءة المعروفة المتداولة ، وثبّتها من بين بقيّة القراءات الاُخرى المختلفة ـ ويرجع سبب اختلاف القراءات إلى حدّ كبير إلى تفاوت اللهجات وبيئات القبائل ـ وقد كان أمير المؤمنين(عليه السلام)يحوط العملية بالرقابة اللازمة كما جاء في رواية سُويد بن غفلة: أنّ عليّاً(عليه السلام) قال: «والله ما فعل ـ عثمان ـ الذي فعل في المصاحف إلاّ عن
(الصفحة 75)

ملأ منّا»(1) ، إذن فعثمان لم يجمع المصحف على هواه ووفق رغبته ، وقد أقرّه الجميع على ذلك ، ولم يعترض عليه أو ينتقد فعلته أحد من المسلمين(2) .
ولعمري ما كان عثمان ولا غيره قادراً على مس القرآن ، وتبديل مواضع السور والآيات فيه ، إذ كان المسلمون يحوطون القرآن الذي جمعه ونظّمه رسول الله(صلى الله عليه وآله) باهتمام وعناية ما كانت تسمح بإسقاط «واو» أو تغيير مكانها في الآية! ففي «الدرّ المنثور»: أخرج ابن الضريس ، عن علباء بن أحمر أنّ عثمان بن عفّان لمّا أراد أن يكتب المصاحف أرادوا أن يلقوا الواو التي في براءة {والذين يكنزون الذهب والفضة} قال لهم اُبي (بن كعب): لتلحقنّها أو لأضعنّ سيفي على عاتقي ، فألحقوها(3) .
نعم ، إنّ وجود حماة أشدّاء يقفون كالليوث مترصدة مراقبة ، على رأسهم أمير المؤمنين(عليه السلام) ، يحوطون القرآن بالرعاية والمتابعة لم يكن ليسمح بالعبث والتحريف ، أو بتغيير الترتيب والنظم .
ويبقى الحكم التاريخي ، كما ذهب بعض المحقّقين ، على فعلة عثمان هذه يتأرجح بين إثبات حسنة له واُخرى سيّئة: فهو من جهة أنهى النزاع والاختلاف في القراءات ، وجمع المسلمين على قراءة واحدة متواترة . ولكنّه من جهة اُخرى أقدم على إحراق بقيّة المصاحف ، وأمر
  • (1) كنز العمّال 2: 583 ح4777 ، الميزان في تفسير القرآن 12: 123 .
  • (2) البيان في تفسير القرآن: 277 .
  • (3) الدرّ المنثور 3: 232 ، الميزان في تفسير القرآن 12: 123 .

(الصفحة 76)

أهالي الأمصار بإحراق ما عندهم من المصاحف ، وقد اعترف على عثمان في ذلك جمع من المسلمين حتّى سمّوه «حرّاق المصاحف»!(1) .
وعلى أيّ حال فهو لم يُدخل ميوله ويُعمل أهواءه في عملية الجمع هذه ، وعلى تقدير إقدامه على شيء من هذا فإنّ عمله كان سيُرفض تماماً ، وكان سيُواجه خصوصاً من قبل أهل الخبرة والمعرفة بالقرآن الكريم ، وكانوا كثيرين ، وعلى الأخصّ مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) ، الذي كان محيطاً بجميع خصائص وجزئيات القرآن ، منها ترتيب آياته ومواقعها . إذن فإنّ عمل عثمان لم يتعدّ إحياء ذلك المصحف الخالد نفسه الذي خلّفه النبيّ(صلى الله عليه وآله)  .
من هنا يتقرّر: أنّ الكتاب الموجود بين ظهرانينا هو نفسه الذي وضعه النبيّ(صلى الله عليه وآله) وخلّفه بيد المسلمين قبل ما يربو على ألف وأربعمائة عام ونيف ، وهكذا يتقرّر أنّ آية التطهير جاءت في سياق آيات سورة الأحزاب المشار إليها ، وأنّ محلّها هو نفسه الذي نعهده في المصاحف الشريفة .

مؤيّد آخر لموضع الآية

يدعم كون آية التطهير جاءت تلو آيات النساء ، وأنّ موقعها هذا كان بأمر خاصّ من النبيّ(صلى الله عليه وآله)  . فبعدما فرغنا من إثباته من استقلالية الآية وانفصالها من حيث شأن النزول و . . .  ، يتّضح أنّ تدوين هذه الآية في هذا الموقع ينطوي على سرّ لا يحيط به إلاّ من خوطب بالقرآن
  • (1) البيان في تفسير القرآن: 277 .