جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 90)

والمستحسنة لما ثبت من استعمالاته القرآنية في عدّة موارد اُخرى(1) . هكذا يثبت أنّ الآيات محلّ البحث قسمت عائلة الرسول(صلى الله عليه وآله) إلى قسمين: زوجاته وذريّته ، وثبت أنّ المقصود من «أهل البيت»(عليهم السلام) هم الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله عليهم أجمعين .

  • (1) عدّ صاحب جواهر البلاغة الاستطراد من المحسنات المعنوية ، وقال: الاستطراد هو أن يخرج المتكلّم من الغرض الذي هو فيه إلى غرض آخر لمناسبة بينهما ، ثمّ يرجع فينتقل إلى إتمام الكلام الأوّل ، كقول السمؤل:
  • وإنّا لقوم لا نرى القتل سبة إذا ما رأته عامر وسلول
  • يقرّب حبّ الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطول
  • فسياق القصيدة للفخر بقومه ، وانتقل منه إلى هجو قبيلتي عامر وسلول ، ثمّ عاد إلى مقامه الأوّل وهو الفخر بقومه . جواهر البلاغة للسيّد أحمد الهاشمي : 358 .

(الصفحة 91)

النكتة الثالثة:



المقصود من الإرادة



في قوله تعالى : {إنّما يريد الله  . . .}

في هذا الفصل سنتناول دراسة معنى «الإرادة» والمقصود منها في الآية الشريفة ، وسنعرض في البداية لتوضيح معنى الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية ، ثمّ نبحث هل جاء في القرآن الكريم نوعا الإرادة هذان أم لا؟

الإرادة التكوينية

الإرادة التكوينية ـ كما هو ظاهر من اسمها ـ عبارة عن حقيقة الإرادة والحمل الشائع لها(1) ، بمعنى أنّ ذات الباري سبحانه وتعالى أو الفاعل المريد من البشر له إرادة واقعية على إنجاز عمل ما .
فالشخص له إرادة لتناول الطعام ، ومنشأ هذه الإرادة هو تصوّر الشيء المراد والتصديق بالفائدة والنتيجة ، ووجود الميل والرغبة ثمّ النيّة
  • (1) الشائع الصناعي: أي المتعارف في المحاورات والعلوم والصناعات ، مثل «الإنسان كاتب» ويكون عند اتحاد الموضوع والمحمول في المصداق وتغايرهما من جهة المفهوم ، ويقابله الحمل الذاتي الأوّلي: فالاتحاد بين الموضوع والمحمول في المفهوم ، لكن المغايرة اعتبارية كالإجمال والتفصيل ونحوه ، مثل «الإنسان حيوان ناطق» . . .

(الصفحة 92)

والعزم ، وبعد ذلك الاندفاع وإرادة الشيء . فهو عندما تخطر في ذهنه فكرة تناول الطعام يستحضر فائدة هذا العمل ، من شبع أو لذّة أو غرض صحيّ وطبّي ، ثمّ يصدّق على صحّة ذلك أي يتحقّق من سلامة الفكرة ، وتأتي النيّة والعزم على إثر هذه الرغبة النفسية ، وحينما تبلغ الرغبة قمّتها ويصل الشوق(1) مداه فهو «يريد» الأكل . فـ «الإرادة» أمر يظهر بعد المقدّمات الخمسة المذكورة التي بعضها جزء من المبادئ التصوّرية ، والبعض الآخر هو جزء الغايات .
وحقيقة هذه الإرادة التكوينية أمر ممكن على الباري تعالى(2) ، ومن صفات تلك الذات المقدّسة . ونقول: إنّ الله مريد ، ولكن لا على تلك المقدّمات التي ابتنت عليها إرادة البشر ، إذ يلزم ترتّب الإرادة الإلهية على تلك المقدّمات إنفعال ذاته المقدّسة وتأثّرها ، وهو ممّا مردّه إلى النقص تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ، ولكن حقيقة الإرادة التي هي عين العلم وعين الذات ـ على حدّ تعبير المحقّقين ـ فهي من صفات ذاته المقدّسة .

  • (1) وقد يتعلّق الشوق بنتيجة الفعل لا به ، كما في تناول الدواء المرّ جدّاً أو في تحمّل عملية جراحية خطرة .
  • (2) ذكر العلاّمة الطباطبائي في نهاية الحكمة ص361 : «وقد تحقّق أنّ كلّ كمال وجودي في الوجود فإنّه موجود للواجب تعالى في حدّ ذاته ، فهو (تعالى) عين القدرة الواجبية ، لكن لا سبيل لتطرّق الشوق عليه ، لكونه كيفية نفسانية تلازم الفقد ، والفقد يلازم النقص ، وهو تعالى منزّه عن كلّ نقص وعدم . (ثمّ يقول): وكذلك الإرادة التي هي كيفية نفسانية غير العلم والشوق ، فإنّها ماهية ممكنة والواجب تعالى منزّه عن الماهية والإمكان» .

(الصفحة 93)

وفي الإرادة التكوينية تتعلّق الإرادة بفعل المريد والطالب نفسه لا الغير ، فالله يريد خلق العالم ، أو إحداث زلزال ، أو إفاضة الوجود على إنسان . والشخص يريد أن يأكل ، أو يمشي ، أو يتعلّم أو . . . ولكن هناك تفاوت بين إرادة الله وإرادة الإنسان ، ففي الإرادة الأزليّة للبارئ تعالى لا يتخلّف المُراد عن الإرادة ، ولابدّ من تحقّق كلّ ما أراده المريد ، أمّا في الإنسان فالإرادة والمراد قابلة للتفكيك ، وقد يتخلّف المراد عن الإرادة ولا يتحقّق لعلّة ما .

الإرادة التشريعية

الإرادة التشريعيّة هي إرادة شخص إنجاز عمل ما وفقاً لرضاه واختياره ، كأن يريد الأب من ابنه أن يدرس ، وحتّى يبلغ هذا الأمر مرحلة التطبيق والتنفيذ ، فإنّه يطوي مقدّمات ، فالأب تحكمه رغبة وشوق مؤكّد لأن ينشغل ابنه بالدرس ، أو يعيش هاجس المحافظة على ابنه من التسكع واللهو وبالتالي الفساد ، وصنع مستقلّ جيّد له ، هذه الرغبة تدفعه لإصدار أمر الانشغال بالدراسة والنهي عن التسكع واللهو المنجرّ إلى الفساد .
هذه الرغبة الملحّة وهذا الشوق المؤكَّد الذي يستتبعه الأمر والنهي هو الإرادة التشريعية ، وفي ضوء الدراسة التي تمّت حول الإرادة التكوينية للباري تعالى نقول: إنّ الإرادة التشريعية لله سبحانه هي الأوامر والنواهي الشرعية .

(الصفحة 94)

الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية في القرآن الكريم

نلمح في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تضمّنت الإرادتين ، نستعرض بعضها باختصار ، ونذكر أوّلاً بعض التي تشير إلى الإرادة التكوينية:
1 ـ {إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}(1) . والإرادة في لفظة «يريد» في الآية الكريمة من قبيل الإرادة التكوينية ، والمعنى أنّ إرادة الباري غير قابلة للتخلّف ، وأنّ كلّ ما يريده الله سبحانه وتعالى متحقّق لا محالة .
2 ـ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(2) . وهذه الآية في غاية الوضوح على الإرادة التكوينية ، وكيف أنّ الشيء يرتدي حلّة الوجود ، والمراد يكتسب نور التحقّق بمجرّد توجّه العناية والرغبة الربّانية إليه .
3 ـ { . . . إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}(3) ، {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}(4) . وجملة «فعّال لما يريد» من مصاديق الإشارة إلى الإرادة الربانية التكوينية ، إذ بمجرّد انبعاثها يتحقّق المراد ، وما يريده الباري فهو ما سيقع ويتحقّق .
كانت هذه نماذج من آيات مستفيضة تشير إلى وجود إرادة لله سبحانه ، وأنّ هذه الإرادة مُنجزّة ومُتحقّقة قطعاً .

  • (1) الحج : 14  .
  • (2) يس : 82  .
  • (3) هود : 107  .
  • (4) البروج : 15 ـ 16  .