جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة النجاسات
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 211)

النجاسة والقذارة في كلمات الشارع ـ خصوصاً في القرآن الكريم ـ ليس إلاّ المعنى العرفي لهما وهو الأمر المستكره عند العقلاء ومورد التنفّر بينهم، نعم لا تنبغي المناقشة في انّه قد تصرّف الشارع في بعض المصاديق بالتوسعة والتضييق فأدخل بعض ما ليس في نظر أهل العرف قذراً في النجاسات والقذارات كالمشرك والخمر والخنزير ونحوها وإخراج بعض ما كان بنظر العرف قذراً عنهما كالنخامة والوذي ونحوهما.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ حمل النجس ـ بالفتح ـ الذي يكون بمعنى النجاسة على المشركين يفيد انّ المشركين لا يكون لهم شأن وحقيقة إلاّ النجاسة بالمعنى المصدري وحيث إنّ النجاسة في كلام الشارع تكون بالمعنى العرفي لها على ما مرّ، والعرف لا يفهم من النجاسة إلاّ الظاهرية منها فتدلّ الآية الكريمة على انّ المشركين نجس بالنجاسة الظاهرية ولا يناسب كونهم نجاسة مع كونهم طاهراً ظاهراً ونجساً باطناً كما هو شأن المشرك من حيث كونه مشركاً.

وبهذا يندفع ما قد يقال من انّ الآية تدلّ على انّ المشركين نجس معنى وقذر باطناً لا يصلح قربهم إلى المسجد الحرام الذي هو محل العبادة الخالصة لله تعالى فانّ الشرك لا يلائم العبادة الخالصة، فانّه من بشاعة القول أن يقال: إنّ الكافر ليس إلاّ عين النجاسة والقذارة لكنّه طاهر ونظيف في ظاهره كسائر الأعيان الطاهرة.

وقد تحصّل من جميع ما ذكرنا انّ الآية الكريمة تدلّ على نجاسة المشركين بالنجاسة الظاهرية العرفية فلابدّ وأن لا يقربوا المسجد الحرام لعدم مناسبة الموجود النجس القذر مع البيت الحرام والمسجد الحرام الذي لابدّ وأن يكون طاهراً كما إذا قيل: إنّ الكلب نجس فلا يقرب المسجد.

وقد يستدلّ على نجاسة الكافر بقوله تعالى: (كذلك يجعل الله الرجس على

(الصفحة 212)

الذين لا يؤمنون)(1) بتقريب انّ الرجس فيها بمعنى النجاسة.

ولكنّه يرد عليه انّ الرجس في هذه الآية كسائر الموارد التي استعمل فيها في الكتاب يكون بمعنى القذارة الباطنية التي يعبّر عنها في الفارسية بـ «پليدى» والإجماع المدّعى على كونه في الآية بمعنى النجاسة غير حجّة لأنّه لا معنى لحجّية الإجماع في اللغة إلاّ أن يرجع إلى الإجماع في الحكم.

المقام الثاني: في أنّه هل الكافر نجس بجميع أقسامه فيشمل الحكم بالنجاسة أهل الكتاب أيضاً كما هو ظاهر المتن أم لا؟ ولابدّ من النظر ـ أوّلاًـ في الآية الكريمة المذكورة، و ـ ثانياً ـ إلى الأقوال الواردة من أصحابنا الإمامية في أهل الكتاب، و ـ ثالثاً ـ في الروايات الكثيرة المختلفة الواردة في أهل الكتاب بعمومهم أو بعض أقسامهم فنقول:

امّا الآية الكريمة فيبحث فيها في هذا المقام من جهتين:

الاُولى: في كلمة «انّما» التي هي من أداة الحصر وان مفادها في الآية الشريفة هل هو حصر المشركين في النجاسة وانّه ليس لهم شأن ولا حقيقة سوى النجاسة فلا ينافي نجاسة غيرهم أيضاً، أو انّ مفادها حصر النجاسة في المشركين وانّه ليس غير المشرك نجساً فتصير الآية دليلاً على طهارة غير المشركين؟

الظاهر هو الأوّل وانّ سياق الآية يعطي كونها في مقام بيان حصر المشركين في النجاسة ولذا فرع عليه قوله: «فلا يقربوا المسجد الحرام...» وبعبارة اُخرى الظاهر كون الآية في مقام بيان حال المشركين ووصفهم وهذا لا يلائم إلاّ مع كون الحصر على النحو الأوّل ضرورة انّه على النحو الثاني لابدّ من الالتزام بكونها مسوقة

  • 1 ـ الأنعام : 125 .

(الصفحة 213)

لإفادة نفي نجاسة غير المشرك ـ كما هو شأن الحصر على هذا النحو ـ وهو لا يلائم ظاهر الآية أصلاً، مع انّه يمكن أن يقال بأنّ الحصر على النحو الثاني لا دلالة له على عدم كون غير المشرك نجساً ـ بالكسر ـ فانّ مقتضى الآية على هذا التقرير حصر النجس ـ بالفتح ـ الذي هو بمعنى النجاسة في المشرك فلا يكون غيره نجساً ـ بالفتح ـ وهذا لا ينافي أن يكون نجساً ـ بالكسر ـ لأنّ النجاسة لها مراتب ومن الممكن أن تكون المرتبة الكاملة من النجاسة ثابتة للمشرك بحيث يصحّ أن يقال إنّه نجاسة، وامّا غيره من فرق الكفّار فلا يكون لها هذه المرتبة بل المرتبة المتوسطة أو الضعيفة ولا ينطبق عليه النجاسة بل يطلق عليهالنجس ـ بالكسر ـ فتأمّل.

الثانية: في المراد من المشركين في الآية الكريمة وانّه هل يكون للمشرك معنى وسيع يشمل أهل الكتاب أيضاً فنقول:

المشرك في الحقيقة من يعتقد بثبوت الشريك لله تعالى امّا في الذات ووجوب الوجود وامّا في الفعل، وامّا في العبادة والخضوع لديه كالمشركين الذين كانوا يعيشون في عصر البعثة وزمان نزول الوحي والقرآن الكريم فانّهم كانوا يعتقدون بأنّ الله خالق السماوات والأرضين لقوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنَّ الله)(1) ومع ذلك كانوا يعبدون غير الله من الأصنام والآلهة ليقرّبوهم إلى الله زلفى قال الله تعالى ـ حكاية عنهم ـ : (ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى)(2) ومن المعلوم انّ اليهود والنصارى ليسا بما هم كذلك بمشركين.

نعم قد يقال إنّ مقتضى بعض الآيات الواردة فيهم انّهم من المشركين وعليه

  • 1 ـ لقمان : 25 .
    2 ـ الزمر : 3 .

(الصفحة 214)

فتشملهم الآية الدالّة على نجاستهم كقوله تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ـ إلى قوله سبحانه ـ وما اُمروا إلاّ ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلاّ هو سبحانه عمّا يشركون)(1).

وفيه: انّ قوله تعالى: (سبحانه عمّا يشركون) قد وقع عقيب قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما اُمروا)الآية والمراد من اتخاذهم أرباباً ليس ما هو ظاهره لعدم قولهم بإلوهيتهم لما روى عن الثعلبي عن عدي بن حاتم في حديث قال: انتهيت إليه ـ يعني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)ـ وهو يقرأ سورة البراءة هذه الآية: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم الآية حتّى فرغ منها فقلت له: لسنا نعبدهم؟ فقال: أليس يحرِّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه ويحلّون ما حرّم الله فتستحلّونه؟ قال: قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم. فانّ المستفاد من الرواية انّ إطلاق المشرك على النصارى انّما كان بنحو من العناية والتسامح لا بنحو الحقيقة فانّ تبعيتهم في التحليل والتحريم لا تكون عبادتهم حقيقة فلا يتحقّق الشرك في العبادة كذلك. ومن المعلوم انّ المراد من المشركين في الآية الكريمة ـ التي هي محلّ البحث ـ هو المشركون بالمعنى الحقيقي فلا تشمل الآية من يطلق عليه المشرك مجازاً ومسامحة.

مع انّ النصارى ـ على ما يستفاد من الآيات الواردة فيهم ـ طوائف مختلفة، قال الله تعالى مخاطباً لعيسى: (ءأنت قلت للناس اتخذوني واُمّي من دون الله)(2)وقال تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة)(3) وقال: (لقد كفر الذين

  • 1 ـ البراءة : 31 .
    2 ـ المائدة : 116 .
    3 ـ المائدة : 73 .

(الصفحة 215)

قالوا انّ الله هو المسيح بن مريم)(1) وغير ذلك من الآيات الواردة فيهم ولا يمكن لنا إثبات الشرك لجميع طوائفهم ولا إثباته أيضاً لليهود مطلقاً وإن كان اليهود والنصارى بأجمعهم كفّاراً قاتلهم الله أنّى يؤفكون.

مضافاً إلى انّ محطّ النظر في آية (انّما المشركون نجس) انّما هو المشركون في ذلك العصر لا اليهود والنصارى وبعبارة اُخرى: عنوان «المشرك» في الآية عنوان مشير إلى المشركين المعاصرين للنبي (صلى الله عليه وآله) الواقعين في مقابل اليهود والنصارى وإن كان الحكم ثابتاً لمن كان مشركاً اصطلاحياً ولو لم يكن في ذلك العصر.

أضف إلى ذلك كلّه انّ توجّه اليهود والنصارى وقربهم إلى المسجد الحرام والكعبة المعظّمة ودخولهم فيهما غير معلوم بل مظنون العدم وعليه فلا وجه لشمول الآية لهم لأنّها مسوقة لبيان حكم المشركين الذين كانوا يتوجّهون إلى المسجد الحرام كما هو مقتضى قوله تعالى: (فلا يقربوا المسجد الحرام).

وقد انقدح من جميع ذلك انّ الآية الكريمة الدالّة على نجاسة المشركين لا تشمل اليهود والنصارى بما هم كذلك، نعم يشمل المشركين منهم في إحدى الجهات المتقدّمة.

هذا بالنظر إلى الآية الكريمة.

وامّا بالنظر إلى أقوال علمائنا الإمامية ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ فلم يقل بطهارة أهل الكتاب منهم إلاّ القليل، والنجاسة هي المشهورة بين المتقدّمين والمتأخّرين بل لعلّها تعدّ من الاُمور الواضحة عندهم حتّى ألحقها بعضهم بالبديهيات، وقال بعضهم إنّ نجاسة الكفّار بأجمعهم من شعار الشيعة أو من

  • 1 ـ المائدة : 72 .