جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 198)

حول التضادّ بين الأحكام الخمسـة

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ مقتضى التحقيق هو القول با لجواز ولو سلّم ثبوت التضادّ بين الأحكام ، كما هو الشائع ، مضافاً إلى أ نّـه لا نسلّم ذلك أصلاً .
توضيحـه : أنّ الضدّين عبارة عن الماهيّتين النوعيتين المشتركتين في جنس قريب مع ثبوت الاختلاف والبُعْد بينهما ، كما في تعريف المتقدّمين من الحكماء ، أو غايـة البعد والاختلاف ، كما في تعريف المتأخّرين منهم ، وحينئذ فنقول : إن كان الحكم عبارة عن الإرادة المظهرة ، فلاينطبق عليـه تعريف الضدّين أصلاً ; لأنّـه حينئذ ماهيـة واحدة ، وهي حقيقـة الإرادة المتحقّقـة في جميع الأحكام ، ضرورة أ نّها بأجمعها أفعال للمولى مسبوقـة بالإرادة بلا فرق بين الحكم التحريمي والوجوبي من هذه الجهـة وإن كان متعلّق الإرادة في الأوّل هو الزجر ، وفي الثاني هو البعث ، إلاّ أنّ ذلك لايوجب الاختلاف بينهما ; لأنّ قضيّـة تشخّص الإرادة با لمراد هو كون اختلاف المرادات موجباً لتحقّق أشخاص من الإرادة ، ولايوجب ذلك تعدّد حقيقـة الإرادة وماهيّتها ، كما هو واضح .
فاعتبار كون الضدّين مهيّتين يخرج الإرادة وأمثا لها من الحقائق با لنسبـة إلى أفرادها عن التعريف كما لايخفى .
وإن كان الحكم عبارة عن نفس البعث والزجر المتحقّقين بقول : إفعل ولا تفعل ، مثلاً ، فهو أيضاً خارج عن التعريف ; لأنّـه ـ مضافاً إلى أنّ البعث في الوجوب والاستحباب على نهج واحد ، غايـة الأمر ثبوت الاختلاف بينهما في إرادتـه حيث إنّ الوجوب عبارة عن البعث الناشئ من الإرادة القويـة ، والاستحباب عبارة عن البعث الناشئ عن الإرادة الضعيفـة ، وكذا الزجر في الحرمـة والكراهـة ، فإنّـه فيهما على نحو واحد والاختلاف إنّما هو في إرادتـه ،
(الصفحة 199)

وحينئذ فكيف يمكن القول با لتضادّ بين الوجوب والاستحباب ، وكذا بين الحرمـة والكراهـة ؟ ! مع أنّ القائل يدّعي تضادّ الأحكام بأسرها ـ نقول : إنّـه لو سلّم الاختلاف في جميع الأحكام وقطعنا النظر عن عدم اختلاف حقيقـة الوجوب والاستحباب وكذا الحرمـة والكراهـة ، فلا نسلّم التضاد بينها ; لأنّ ثبوتـه مبنيّ على أن يكون متعلّق البعث والزجر هو الوجود الخارجي ; إذ لو كان متعلّقهما هي الطبائع والماهيّات الكلّيـة ، كما عرفت بما لا مزيد عليـه أ نّـه هو مقتضى التحقيق ، فهما لايكونان بمتضادّين أيضاً ; لأنّ الماهيّـة قابلـة لاجتماع العناوين المتضادّة فيها ، ولاتّصافها بكل واحد منها في زمان واحد .
ألا ترى أنّ ماهيـة الإنسان موجودة ومعدومـة في زمان واحد ، كما عرفت ، وكذا ماهيّـة الجسم متّصفـة با لسواد والبياض معاً في زمان واحد .
فظهر أ نّـه لو كان متعلّق البعث والزجر هي طبيعـة واحدة ، فاستحا لتـه ليس من جهـة لزوم اجتماع المتضادّين على شيء واحد ، بل من جهـة أمر آخر ، وهو لزوم التكليف با لمحال من جهـة عدم القدرة على الامتثال ، وإلاّ يلزم عدم إمكان تعلّق البعث والزجر بطبيعـة واحدة ولو من ناحيـة شخصين ، كما أ نّـه لايعقل تحقّق البياض والسواد واجتماعهما على موجود خارجي مطلقاً ولو كان لـه علّتان ، ومن الواضح في المقام خلافـه .
وبا لجملـة ، فعلّـة ثبوت التضادّ بين شيئين إنّما هو عدم اجتماعهما على الموجود الخارجي الواحد ، وإلاّ يلزم عدم تحقّق التضادّ أصلاً ; لما عرفت من أنّ الماهيّـة قابلـة للاتّصاف بجميع العناوين المتضادّة في زمان واحد ، وقد عرفت أنّ متعلّق البعث والزجر ليس هو الوجود الخارجي بمعنى أ نّـه لايعقل أن يصير الموجود في الخارج مبعوثاً إليـه ومزجوراً عنـه أصلاً .
وإن كان الحكم عبارةً عن الأمر الاعتباري المنتزع عن البعث والزجر ،
(الصفحة 200)

فعدم ثبوت التضادّ بينها أظهر من أن يخفى .
ومن جميع ما ذكرنا ظهر بطلان المقدّمـة الاُولى التي مهّدها في الكفايـة(1)لإثبات التضادّ بين الأحكام الخمسـة بأسرها ، وظهر أيضاً أنّ إثبات القول الامتناع من طريق التضادّ بين الأحكام لايتمّ أصلاً ، مضافاً إلى ما عرفت من أ نّـه لو سلّم التضادّ بين الأحكام ، فاختلاف المتعلّقين وتعدّدهما يخرج المقام عن مسأ لـة التضادّ فتأمّل جيّداً .

تنبيهات


التنبيـه الأوّل: بعض أدلّـة المجوّزين

قد استدلّ المجوّزون بأ نّـه لو لم يجز ، لما وقع نظيره ، وقد وقع ، كما في الصلاة في الحمّام ، التي اجتمع فيها الوجوب والكراهـة ، وصوم يوم عاشوراء الذي اجتمع فيـه الاستحباب والكراهـة ، والصلاة في المسجد ، التي اجتمع فيها الوجوب والاستحباب ، ونظائرها ممّا لايحصى .
بيان الملازمـة: أنّ المانع ليس إلاّ التضادّ بين الوجوب والحرمـة ، وعدم كفايـة تعدّد الجهـة في رفع غائلتـه ، ومن المعلوم أنّ هذا المانع موجود في اجتماع الوجوب مع الكراهـة أو الاستحباب ، واجتماع الاستحباب مع الكراهـة أو الاستحباب ; لأنّ الأحكام الخمسـة متضادّة بأجمعها ، ومن الواضح بطلان التا لي ; للوقوع في تلك الموارد وأشباهها ، فيكشف عن بطلان المقدّم ، وهو امتناع اجتماع الوجوب والحرمـة .

  • 1 ـ كفاية الاُصول : 193 .

(الصفحة 201)

وا لتحقيق في ا لجواب أن يقال : إنّ ا لعبادات ا لمكروهـة على ثلاثـة أقسام :
أحدهما: ما تعلّق ا لنهي بعنوان ا لعبادة ، ولايكون لها بدل ، كصوم يوم ا لعاشور ، وا لنوافل ا لمبتدأة في بعض ا لأوقات .
ثانيها: ما تعلّق ا لنهي بعنوانها أيضاً ، ولكن يكون لها بدل ، كا لصلاة في ا لحمّام .
ثالثها: ما تعلّق ا لنهي بعنوان آخر يكون بينـه وبينها نسبـة ا لعموم من وجـه ، كا لصلاة في مواضع ا لتهمـة ، بناء على أن تكون كراهتها من جهـة كراهـة ا لكون فيها ا لمتّحد مع ا لصلاة .
إذا عرفت هذا ، فنقول :
أمّا القسم الثالث: فلا إشكال فيـه بناءً على ا لقول با لجواز ، كما عرفت أ نّـه مقتضى ا لتحقيق .
وأمّا القسم الثاني: فكذلك أيضاً لو قلنا بدخول ا لعامّين مطلقاً في محل ا لنزاع أيضاً ، كما نفينا ا لبُعْد عنـه سابقاً في مقدّمات ا لمبحث ، وأمّا لو قلنا بخروجـه عنـه ، فسيأتي ا لجواب عنـه .
إنّما المهم هو القسم الأوّل: ا لذي لابدّ أن يجيب عنـه كلٌّ من ا لمجوّز وا لممتنع ; لعدم تعدّد ا لجهـة ا لمجدي بناءً على ا لقول با لجواز ; لأنّ ا لنهي إنّما تعلّق بعنوان ا لعبادة ا لتي تكون متعلّقةً للأمر ا لاستحبابي .
وقد أجاب عنـه في ا لكفايـة بما حاصلـه : أنّ ا لكراهـة إنّما هو لانطباق عنوان راجح على ا لترك ا لذي يكون أرجح من ا لفعل ، فيكون ا لفعل وا لترك من قبيل ا لمستحبّين ا لمتزاحمين ، أو لملازمـة ا لترك على عنوان كذلك(1) ، ولكن
  • 1 ـ كفايـة الاُصول: 198 ـ 199.

(الصفحة 202)

لايخفى أنّ هذا ا لمعنى ممّا لايمكن ا لالتزام بـه ; لأنّ ا لترك أمر عدمي ، وا لعدم ليس بشيء حتّى ينطبق عليـه عنوان ويتّحد معـه أو يلازمـه شيء ، فإنّ ذلك من ا لاُمور ا لمعروضـة للموجودات ، وا لعدم ليس منها .
والذي يمكن أن يقال في حلّ الإشكال: إنّ ا لمستفاد من ا لأخبار أنّ كراهـة صوم يوم ا لعاشور إنّما هي لكونـه تشبّهاً ببني اُميّـة وبني مروان لعنهم ا للّـه جميعاً ، حيث إنّهم يتبرّكون بهذا ا ليوم ويعاملون معـه معاملـة ا لأعياد ويصومون فيـه تبرّكاً بـه ، بل لعلّـه كان من أعظم ا لأعياد ، كما يشعر بذلك بعض ا لأخبار ، فا لنهي إنّما يكون متعلّقاً با لتشبّـه بهم في ا لأعمال ا لتي كانوا يعملونها في ذلك ا ليوم لأجل ا لتبرّك بـه ومنها : ا لصوم ، فتعلّق ا لنهي ا لتنزيهي بـه إنّما هو لكونـه مصداقاً للتشبّـه بهم ، ومن ا لمعلوم أنّ نسبـة عنوان ا لتشبّـه إ لى طبيعـة ا لصوم ـ ا لتي تكون مطلوبةً في كلّ زمان ومتعلّقةً للأمر ا لوجوبي أو ا لاستحبابي في جميع ا لأيام عدا ا لعيدين ـ نسبة ا لعموم وا لخصوص من وجـه ، وقد عرفت أنّ مقتضى ا لتحقيق جواز ا لاجتماع فيـه ، فكون طبيعـة ا لصوم مأموراً بها لاينافي تعلّق ا لنهي بعنوان ا لتشبّـه بهم ، ا لذي ربّما يجتمع معها في ا لوجود ا لخارجي ، ونظير هذا ا لمعنى يمكن أن يقال في ا لنوافل ا لمبتدأة في بعض ا لأوقات ، فتدبّر .
وأمّا ا لقسم ا لثاني فجوابـه ما أفاد في ا لكفايـة ممّا ملخّصـه : كون ا لنهي إرشاداً إ لى ترك إيجاد ا لصلاة مع خصوصيّـة كونها في ا لحمّام لحصول منقصـة فيها معها ، كما أنّ ا لأمر با لصلاة في ا لمسجد إرشاد إ لى إيجادها فيـه ; لحصول مزيّـة فيها معـه ، ومَنْ أراد ا لتفصيل فليرجع إ لى ا لكفايـة(1) .
  • 1 ـ نفس المصدر: 199 ـ 200.