جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 495)

حول



أدلّـة الاُصوليّين على البراءة



إذا عرفت ذلك ، فلنرجع إلى ما كنّا بصدده ، وهو التكلّم في البراءة ، فنقول : قد استدلّ على البراءة بالأدلّـة الأربعـة :

الدليل الأوّل: الآيات

منها: قولـه تعا لى : (وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(1) .
وقد اُورد على التمسّك بـه تارة: بأنّ ظاهره الإخبار بوقوع التعذيب سابقاً بعد البعث ، فيختصّ با لعذاب الدنيوي الواقع في الاُمم السابقـة(2) .
واُخرى: بأنّ نفي فعليـة التعذيب أعمّ من نفي الاستحقاق(3) .
وثالثـة: بأنّ مفادها أجنبي عن البراءة ، فإنّ مفادها الإخبار بنفي التعذيب
  • 1 ـ الإسراء (17): 15.
  • 2 ـ فرائد الاُصول 1: 317.
  • 3 ـ الفصول الغرويّـة: 353 / السطر 7.

(الصفحة 496)

قبل إتمام الحجّـة ، كما هو حال الاُمم السابقـة ، فلا دلالـة لها على حكم مشتبـه الحكم ; من حيث إنّـه مشتبـه ، فهي أجنبيـة عمّا نحن فيـه(1) .
وأنت خبير بعدم تماميـة شيء من هذه الإيرادات .
أمّا الأوّل: فلأنّ الآيـة إنّما وقعت في ذيل الآيات الواردة في القيامـة ، ولا اختصاص لها ، بل لا ارتباط لها بنفي العذاب الدنيوي با لنسبـة إلى الاُمم السا لفـة . وحينئذ فيكون المراد با لتعذيب المنفي هو العذاب الاُخروي ، كما أنّ المراد ببعث الرسول ليس مجرّد بعثـه ، ولو لم يكن مأموراً با لتبليغ ، كما يدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أنّـه هو المتفاهم منـه ـ ذكر الرسول ، لا النبيّ ، بل المراد بـه أنّ البعث لأجل التبليغ وإتمام الحجّـة إنّما يكون غايـة لعدم التعذيب .
ومن هنا يظهر : أنّـه لو بلغ بعض الأحكام دون بعض ، أو بلّغها إلى أهل بلد خاصّ دون سائر البلدان ، أو بلّغها إلى جميع البلدان في عصره ، ثمّ لم يبلغ إلى الأعصار المتأخّرة ; لأجل الموانع والحوادث يفهم من الآيـة عدم التعذيب با لنسبـة إلى التكليف الذي لم يبلّغـه أصلاً ، أو الشخص الذي لم يصل إليـه ، وحينئذ فالآيـة ظاهرة ، بل صريحـة في نفي العذاب با لنسبـة إلى ما لم يصل إلى المكلّف .
هذا ، ولو سلّم ظهورها في الإخبار بوقوع التعذيب سابقاً بعد البعث ، واختصاصها با لعذاب الدنيوي الواقع في الاُمم السابقـة فنقول : يستفاد منـه البراءة في المقام حينئذ بطريق أولى ; إذ لو كان التعذيب الدنيوي مع كونـه يسيراً محدوداً بمكان لايصدر منـه تعا لى إلاّ بعد بعث الرسول وإتمام الحجّـة فا لعذاب الاُخروي الذي لايمكن قياسـه مع العذاب الدنيوي ، لا من حيث الكمّ ، ولا من حيث الكيف
  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3: 333.

(الصفحة 497)

لايصدر منـه تعا لى إلاّ بعد ذلك بطريق أولى ، كما لايخفى .
وأمّا الثاني: فلأنّـه ليس المقصود في المقام إثبات نفي الاستحقاق ، بل يكفينا مجرّد ثبوت المؤمّن عن العذاب ، وإن كان أصل الاستحقاق ثابتاً .
وأمّا الثالث: فيظهر الجواب عنـه ممّا ذكرناه في الجواب عن الإيراد الأوّل .
هذا ، ويبقى في الآيـة أنّـه لو ثبت بدليل وجوب الاحتياط لايكون التعذيب حينئذ تعذيباً قبل بعث الرسول ، حتّى لايناسب مقامـه ـ جلّ شأنـه ـ كما لايخفى .
ومنها: قولـه تعا لى : (لا يُكَلِّفُ اللّـهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها)(1) .
ويقع الكلام فيـه في مقامين : أحدهما في إمكان دلالتـه على المقام ، ثانيهما فيما هو ظاهره .
أمّا المقام الأوّل: فلا إشكال في أنّـه لو كان المراد من التكليف هو التكليف الفعلي ، ومن الموصول هو التكليف الفعلي أيضاً أو أعمّ منـه ومن المال وغيره يلزم المحال ; لأنّـه يصير معناه حينئذ : أنّ التكليف الفعلي لايتحقّق إلاّ بعد إيصال التكليف الفعلي ، فيكون اتصافـه با لفعليـة مشروطاً بإيصا لـه متصفاً بها ، وهذا دور صريح .
وكذا يلزم ذلك لو كان المراد من كليهما هو التكليف الشأني ، وأمّا لو كان المراد بالأوّل هو التكليف الفعلي وبا لموصول هو التكليف الشأني فلايلزم المحال بوجـه ، كما أنّـه لو كان المراد من قولـه : (لا يُكَلِّفُ اللّـهُ) هو عدم إيقاعـه تعا لى نفساً في الكلفة والمشقّة ، لا التكليف المصطلح فلا مانع من أن يكون المراد با لموصول هو التكليف الفعلي . وحينئذ يصير معنى الآيـة : أنّـه تعا لى لايوقع نفساً
  • 1 ـ الطلاق (65): 7.

(الصفحة 498)

في المشقّـة إلاّ من قبل التكا ليف الواقعيـة الفعليـة التي بلّغها إلى المكلّف .
وحينئذ فيدلّ على نفي وجوب الاحتياط أيضاً ; لأنّـه لو فرض وجوب الاحتياط يلزم إيقاع المكلّف في الكلفـة من قبل التكا ليف المجهولـة التي لم تصل إلى المكلّف ; ضرورة أنّ إيجاب الاحتياط ليس إلاّ لرعايـة حفظ الواقع ، ولايكون وجوبـه إلاّ طريقياً ، فلايقال بأنّ الآيـة لاتنافي وجوب الاحتياط ; لأنّـه تكليف واصل إلى المكلّفين ، فلا مانع من وقوع المكلّف في المشقّـة من ناحيتـه ، فتدبّر .
ثمّ إنّـه لو اُريد با لموصول في الآيـة أعمّ من التكليف فا لظاهر أنّـه ممّا لايمكن ; لأنّـه لايعقل أن يتعلّق التكليف با لتكليف إلاّ على وجـه تعلّق الفعل با لمفعول المطلق ، كما أنّ تعلّقـه با لمال أو بمطلق الشيء إنّما يكون على وجـه تعلّقـه با لمفعول بـه ، وهذان الوجهان ممّا لايمكن فرض الجامع القريب بينهما ; لأنّ المفعول بـه لابدّ وأن يكون مفروض التحقّق قبل ورود الفعل عليـه ، والمفعول المطلق إنّما هو من شؤون الفعل وأنواعـه ، ولا جامع بين ما يقع عليـه الفعل وبين ما هو مأخوذ من نفس الفعل . وإن شئت قلت في المقام بعدم الجامع بين التكليف والمكلّف بـه .
هذا، واُجيب عن ذلك بوجوه:
منها: ما أفاده المحقّق النائيني على ما في التقريرات من أنّ إرادة العموم من الموصول لايستلزم أن يكون المراد من الموصول الأعمّ من المفعول بـه والمفعول المطلق ، بل يراد منـه خصوص المفعول بـه .
وتوهّم أنّ المفعول بـه لابدّ وأن يكون لـه نحو وجود وتحقّق في وعائـه قبل ورود الفعل عليـه ممنوع بأنّ المفعول المطلق النوعي والعددي يصحّ جعلـه مفعولاً بـه بنحو من العنايـة ، مثلاً الوجوب وإن كان وجوده بنفس الإيجاب
(الصفحة 499)

وا لإنشاء إلاّ أنّـه باعتبار ما لـه من المعنى الاسم المصدري يصحّ تعلّق التكليف بـه . نعم ، الوجوب با لمعنى المصدري لايصحّ تعلّق التكليف بـه(1) .
هذا ، ولايخفى ما فيـه ، فإنّ المعنى الاسم المصدري هو ما يحصل من المصدر ، ويتحقّق منـه ، فيكون في الرتبـة المتأخّرة عن نفس المصدر ، وحينئذ فكيف يعقل فرض وجود لـه قبيل المصدر ، ثمّ إيقاعـه عليـه ، كما هو واضح .
ومنها: ما أفاده المحقّق العراقي من أنّ هذا الإيراد إنّما يرد في فرض إرادة الخصوصيات المزبورة من شخص الموصول ، وإلاّ فبناءً على استعمال الموصول في معناه الكلّي العامّ ، وإرادة الخصوصيات من دوالّ اُخر خارجيـة فلايتوجّـه محذور ، لا من طرف الموصول ، ولا في لفظ الإيتاء ، ولا في تعلّق الفعل با لموصول ; لأنّـه لم تستعمل الموصول والإيتاء إلاّ في المعنى الكلّي ، وإفادة الخصوصيات إنّما هي بدوالّ اُخر . وكذلك تعلّق الفعل با لموصول ليس إلاّ نحو تعلّق واحد . ومجرّد تعدّده با لتحليل لايقتضي تعدّده با لنسبـة إلى الجامع(2) ، انتهى ملخّصاً .
وأنت خبير بأنّـه بعد فرض عدم وجود الجامع القريب بين خصوصيات الموصول كيف يمكن أن يقال بأنّها مستعملـة في المعنى العام .
نعم ، الإيتاء مستعمل في معناه ، وهو الإعطاء ، وهو أمر كلّي جامع بين الإعطاء والإقدار والإعلام ، وبعد عدم وجود الجامع لايكون النسبـة أيضاً متعلّقـة بـه ، حتّى يقال بأنّ تعدّدها إنّما هو با لتحليل .
أمّا المقام الثاني: ـ بحسب مقام الإثبات والاستظهار ـ فدعوى ظهور
  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3: 331 ـ 333.
  • 2 ـ نهايـة الأفكار 3: 202.