جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 383)

تعا لى :(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَهُ)(1) ، فيشترك العاصي والمتجرّي في هذا المعنى ، بلا تداخل في العاصي أصلاً ، كما لايخفى .
ثمّ لايذهب عليك : أنّ الفعل المتجرّى بـه الذي يكون مصداقاً لبعض العناوين الغير المحرّمـة حقيقةً لايتصف با لقبح أصلاً ; لعدم كونـه مصداقاً للتجرّي على المولى ـ الذي قد عرفت أنّـه قبيح عند العقل ـ ضرورة أنّ الجرأة على المولى إنّما تكون من الصفات النفسانيـة والأحوال العارضـة للنفس ، ولايكون لها مصداق في الخارج أصلاً ، بل هو نظير العلم والإرادة وغيرهما من الصفات التي محلّها النفس . نعم ، يكون الإتيان با لفعل المتجرّى بـه كاشفاً عن تحقّقـه فيها ، ومظهراً لثبوتـه ، ولايكون مصداقاً لـه ، كما هو واضح . وحينئذ فلا وجـه لسرايـة القبح إليـه ، بعد كونـه مصداقاً حقيقياً لبعض العناوين الغير المحرّمـة .

نقد كلام صاحب الكفايـة

ثمّ إنّ المحقّق الخراساني(قدس سره) بعد أن اختار قبح التجرّي ; مستدلاّ بشهادة الوجدان ، وذهب إلى أنّـه لايوجب تفاوتاً في الفعل المتجرّى بـه ، بل هو باق على ما هو عليـه من الحسن والقبح والوجوب أو الحرمـة ـ لعدم كونـه بما هو مقطوع الحرمـة اختيارياً ـ أورد على نفسـه بقولـه : إن قلت : إذا لم يكن الفعل كذلك فلا وجـه لاستحقاق العقوبـة على مخا لفـة القطع ، وهل كان العقاب عليها إلاّ عقاباً على ما ليس بالاختيار .
ثمّ أجاب بأنّ العقاب إنّما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان ، لا
  • 1 ـ الزلزال (99): 7 ـ 8.

(الصفحة 384)

على الفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار .
وأورد على ذلك أيضاً بأنّ العزم والقصد إنّما يكون من مبادئ الاختيار ، وهي ليست باختياريـة .
وأجاب بما حاصلـه : إنّـه ـ مضافاً إلى أنّ الاختيار وإن لم يكن بالاختيار إلاّ أنّ بعض مبادئـه غا لباً يكون وجوده بالاختيار ـ يمكن أن يقال : إنّ صحّـة المؤاخذة والعقوبـة إنّما هي من آثار بعده عن سيّده بتجرّيـه عليـه ، فكما أنّ التجرّي يوجب البعد عنـه فكذلك لا غرو في أن يوجب حسن العقوبـة ، فإنّـه وإن لم يكن باختياره إلاّ أنّـه بسوء سريرتـه بحسب نقصانـه ذاتاً ، ومع انتهاء الأمر إليـه يرتفع الإشكال ، وينقطع السؤال بلِمَ ، فإنّ الذاتيات ضروري الثبوت للذات .
ومن هنا أيضاً ينقطع السؤال عن أنّـه لِمَ اختار الكافر الكفر والعاصي العصيان والمؤمن الإيمان ؟ فإنّـه يساوق السؤال عن أنّ الحمار لِمَ يكون ناهقاً ؟ والإنسان لِمَ يكون ناطقاً ؟ وبا لجملـة فتفاوت أفراد الإنسان بالأخرة يكون ذاتياً ، والذاتي لايعلّل .
ثمّ قال : إن قلت : على هذا فلا فائدة في بعث الرسل وإنزال الكتب والوعظ والإنذار .
وأجاب بما حاصلـه : أنّ ذلك لينتفع بـه من حسنت سريرتـه ، ويكون حجّـة على من ساءت سريرتـه ; ليهلك من هلك عن بيّنـة ، ويحيي من حيّ عن بيّنـة(1) ، انتهى .
وفيـه وجوه من الخلل:
الأوّل: أنّـه من الواضح أنّ الجواب عن الإيراد الثاني بأنّ بعض مبادئ
  • 1 ـ كفايـة الاُصول: 298 ـ 301.

(الصفحة 385)

ا لاختيار غا لباً يكون وجوده بالاختيار ممّا لايتمّ ; لأنّـه ينقل الكلام إلى المبادئ الاختياريـة ، ويقال : إنّ اختياريتها هل هي بالاختيار ، فيلزم التسلسل ، وإلاّ فيعود المحذور .
وا لتحقيق في باب اختياريـة الإرادة أن يقال : إنّـه لا إشكال في أنّ الأفعال الصادرة من الواجب تعا لى إنّما تكون صادرة بالإرادة والاختيار ، ولا معنى لاختياريتها إلاّ ذلك ، لا كون إرادتها أيضاً بإرادة اُخرى ، وإلاّ يلزم أن لاتكون إرادتـه تعا لى عين ذاتـه ، وأن تكون إرادتـه حادثـة ، مع أنّـه مستحيل بداهـة ; ضرورة أنّ الإرادة من الصفات الكما ليـة ، والواجب مستجمع لجميعها ، وإلاّ يلزم النقص فيـه .
مضافاً إلى أنّـه لو كانت الإرادة حادثـة فيـه تعا لى لكان حدوثها كاشفاً عن قابليتـه واستعداده لأن يحدث فيـه هذه الصفـة ، وقد قرّر في محلّـه أنّ القابليـة والاستعداد إنّما يكون محلّها المادّة والهيولى(1) فيلزم أن يكون مركّباً من الجهـة ا لفعليـة والمادّة ، والتركيب مساوق للاحتياج الذي هو عين ذات الممكن ، فا لواجب تعا لى يكون مريداً للأفعال الصادرة منـه ، قادراً عليها ، بمعنى أنّـه يصدر منـه بالإرادة ، لا أنّـه يصدر إرادتها أيضاً بالإرادة ، وإلاّ يلزم ما ذكر .
ونظير ذلك يمكن أن يقال في الإنسان ، بمعنى أنّ الأفعال الاختياريـة الصادرة منـه إنّما تصدر منـه مع سبق الإرادة ، وهي قائمـة با لنفس ، مخلوقـة لها ، موجودة بإيجادها ، فهي أمر اختياري صادرة عن إرادة واختيار ، لابإرادة اُخرى .
مضافاً إلى أنّـه لايعتبر في صحّـة العقوبـة والمؤاخذة على الفعل أزيد من كون الفعل صادراً عن علم وإرادة ، كما يظهر بملاحظـة سيرة العقلاء ، فإنّهم
  • 1 ـ الحكمـة المتعاليـة 3: 49 ـ 56، شرح المنظومـة، قسم الحكمـة: 77 ـ 79.

(الصفحة 386)

يحكمون باستحقاق عبيدهم للعقوبـة بمجرّد ما إذا صدر منـه فعل مخا لف للمولى اختياراً ، ولايستندون في ذلك إلاّ إلى مجرّد صدوره منـه كذلك ـ أي عن علم وإرادة ـ ولايلتفتون إلى كون مبادئ الإرادة هل هي تكون اختياريـة أم لا ؟
كيف ولو كان الفعل الاختياري عبارة عمّا يكون مبادئـه اختياريـة فلا وجـه لاختصاص الاختياريـة بالإرادة ، بل لابدّ من القول بلزوم أن يكون جميع ما لـه دخل في وجود الفعل اختيارياً ـ كوجود الفاعل وعلمـه وشوقـه ـ فيلزم أن لايتحقّق فعل اختياري ، حتّى من الواجب تعا لى ، وهو ضروري البطلان .
الثاني: أنّ القرب والبعد با لنسبـة إلى اللّـه تعا لى قد يكون المراد منـه هو كمال الوجود ونقصـه ، بمعنى أنّ كلّ ما كان وجوده تامّاً كاملاً يكون قريباً من مبدء الكمال ، كا لعقول المجرّدة ، وكلّ ما كان ناقصاً يكون بعيداً عنـه ، كا لموجودات المادّيـة ; حيث إنّ كما لها عين النقص وفعليتها عين القوّة ، ومن الواضح أنّ القرب والبعد بهذا المعنى لايكونان مناط الثواب والعقاب .
وقد يكون المراد منهما هما الأمرين اللذين ينتزعان من استكمال العبد بسبب الطاعـة وفعل القربات ، وانحطاطـه وبعده بسبب العصيان ، فهما وإن كانا مناطين للثواب والعقاب ـ بمعنى أنّ فعل القربات يوجب استحقاق الجنان ، وارتكاب المبعّدات يوجب استحقاق النيران ـ إلاّ أنّـه ليس استحقاق المثوبـة والعقوبـة من تبعات نفس القرب والبعد ، بل هما ينتزعان من الطاعـة والمعصيـة ، والعقل إنّما يحكم باستحقاق العاصي للعقاب والمطيع للثواب ، من دون توجّـه إلى القرب والبعد .
وبا لجملـة : القرب والبعد ، وكذا استحقاق المثوبـة والعقوبـة كلّها منتزعات من الطاعـة والمعصيـة في رتبـة واحدة ، بلا تقدّم لأحدهما على الآخر ، كما لايخفى .

(الصفحة 387)

الثالث: أنّ ما ذكره من انتهاء الأمر بالأخرة إلى الذاتي ، وهو لايعلّل ممّا لايتمّ أصلاً ، وذلك يتوقّف على بيان المراد من قولهم : «ا لذاتي لايعلّل» ليظهر الحال ويرتفع الإشكال .
فنقول: المراد با لذاتي المذكور في هذه الجملـة ـ قبالاً للعرضي ـ هو الذاتي المتداول في باب البرهان ، وهو ما لايمكن انفكاكـه عن الذات ، سواء كان من أجزاء الماهيـة أو خارجاً عنها ملازماً لها .
وا لوجـه في عدم كونها معلّلـة وكونها مستغنيـة عن العلّـة هو أنّ مناط الافتقار والاحتياج إليها هو الإمكان المساوق لتساوي الطرفين ، من دون ترجيح لأحدهما على الآخر ; ضرورة أنّ الواجب والممتنع مستغنيان عن العلّـة ; لكون الوجود للأوّل والعدم للثاني ضرورياً لايمكن الانفكاك عنهما .
وبالجملـة: فا لمفهوم إذا قيس ولوحظ مع شيء آخر فإمّا أن يكون ذلك الشيء ضروري الثبوت لـه ، أو ضروري العدم لـه ، أو لا ضروري الثبوت ولا ضروري اللاثبوت لـه ، فإذا فرض كونـه ضروري الثبوت لـه ـ كا لوجود با لنسبـة إلى الواجب تعا لى ، وكأجزاء الماهيـة ولوازمها با لنسبـة إليها ـ فلايعقل أن يكون في اتصافـه بذلك الشيء مفتقراً إلى العلّـة ، وكذلك لو فرض كونـه ضروري اللاثبوت لـه ـ كا لوجود با لنسبـة إلى شريك الباري ـ وأمّا لو فرض كون ثبوتـه لـه وعدمـه متساويـين بلاترجيح لأحدهما على الآخر فهو الذي يحتاج إلى علّـة مرجّحـة ; لأنّ ترجّح أحد الطرفين على الآخر بذاتـه مستحيل بداهـة ، ولايقول بـه أحد ، حتّى القائلين بجواز الترجيح من دون مرجّح .
فانقدح: أنّ مناط الافتقار هو الإمكان ، ومن الواضح أنّ جميع الموجودات عدا واجب الوجود ـ عزّ شأنـه ـ لا مناص لهم من الاتصاف بالإمكان ، فا لوجود فيهم وجود إمكاني معلول ، فلايكون ذاتياً لهم ; للاحتياج إلى العلّـة .