جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 418)

كانت مصلحـة التعبّد با لعمل على طبق الأمارات أقوى ، كما أنّ الأمر كان كذلك في زمان الانفتاح ; ضرورة أنّـه لو كان كلّ من الناس مكلّفاً با لمراجعـة إلى الإمام ، والسؤال من شخصـه يلزم بطلان أساس الشريعـة ; لأنّ مع عدم مراجعـة الشيعـة إليهم إلاّ قليلاً منهم كانوا (عليهم السلام) في أعلى مراتب المحدوديـة من طرف الخلفاء الاُمويـة والعبّاسيـة ; بحيث لايمكن لهم بيان الأحكام إلاّ في الخفاء با لنسبـة إلى أشخاص معدودة ، فكيف إذا كان تكليف الشيعـة تحصيل العلم بالأحكام من طريق السؤال عن الإمام(عليه السلام) ؟
وحينئذ فيجوز للشارع أن يجعل الأمارات الغير العلميـة حجّـة ; نظراً إلى بقاء الشريعـة ، ومن المعلوم أنّ المصلحـة الفائتـة من عدم إيجابـه تحصيل العلم با لسؤال عنهم (عليهم السلام) با لنسبـة إلى جماعـة من المتشرّعين بها فانيـة في مقابل مصلحـة بقاء الشريعـة ، كما هو واضح .
وأمّا في زمان الانسداد فلا إشكال في أنّ طريق تحصيل العلم ينحصر بالاحتياط التامّ ، كما ذكرنا . والتفويت المتوهّم إنّما يلزم من عدم إيجاب الشارع ذلك الاحتياط ; ضرورة أنّـه لوأوجبـه ـ كما هومقتضى حكم العقل ـ لم يلزم تفويت أصلاً .
فلنا أن نقول : إنّ عدم إيجاب الشارع يمكن أن يكون لأجل علمـه بأنّـه لو أوجب ذلك ، مع تعسّره ـ كما لايخفى ـ لكان الناس يرغبون عن أصل الشريعـه ، ويخرج الدين عن كونـه سمحـة سهلـة ، كيف فنحن نرى با لوجدان أنّ في هذا الزمان ـ مع سهولـة العمل بالأحكام ـ لايعملون بأكثرها ، كما لايخفى .
وقد عرفت : أنّ مجرّد الإمكان بمعنى الاحتمال يكفينا في هذا المقام ; إذ لسنا بصدد إثبات الإمكان الوقوعي ; لعدم الاحتياج إليـه ، كما تقدّم .
(الصفحة 419)

دفع المحذور بناءً على المصلحـة السلوكيّـة

ثمّ إنّـه أجاب الشيخ العلاّمـة الأنصاري(قدس سره) عن الإشكال با لتزام المصلحـة السلوكيـة(1) ، وفصّل ذلك المحقّق النائيني ـ على ما في التقريرات ـ فقال ما ملخّصـه : إنّ سببيـة الأمارة لحدوث المصلحـة تتصوّر على وجوه :
الأوّل: أن تكون الأمارة سبباً لحدوث مصلحـة في المؤدّى ، تستتبع الحكم على طبقها ، بحيث لايكون وراء الأمارة حكم في حقّ من قامت عنده الإرادة فتكون الأحكام الواقعيـة مختصّـة با لعا لم بها . وهذا هو التصويب الأشعري الذي قامت الضرورة على خلافـه .
الثاني: أن تكون الأمارة سبباً لحدوث مصلحـة في المؤدّى أيضاً أقوى من مصلحـة الواقع ; بحيث يكون الحكم الفعلي في حقّ من قامت عنده الأمارة هو المؤدّى ، وإن كان في الواقع أحكام يشترك فيها العا لم والجاهل على طبق المصا لح والمفاسد النفس الأمريـة ، إلاّ أنّ قيام الأمارة على الخلاف يكون من قبيل الطوارئ والعوارض والعناوين الثانويـة المغيّرة لجهـة الحسن والقبح ، نظير الضرر والحرج ، وهذا هو التصويب المعتزلي الذي يتلو الوجـه السابق في الفساد والبطلان ; لقيام الإجماع على خلافـه .
الثالث: أن يكون قيام الأمارة سبباً لحدوث مصلحـة في السلوك ، مع بقاء الواقع والمؤدّى على ما هما عليـه من المصلحـة والمفسدة ، من دون أن يحدث في المؤدّى مصلحـة بسبب قيام الأمارة ، بل المصلحـة إنّما تكون في تطرّق الطريق ، وسلوك الأمارة ، وتطبيق العمل على مؤدّاها ، والبناء على أنّـه الواقع .
  • 1 ـ فرائد الاُصول 1: 44.

(الصفحة 420)

وبهذه المصلحـة السلوكيـة يتدارك ما فات على المكلّف من مصلحـة الواقع بسبب قيام الأمارة على خلافـه(1) ، انتهى ملخّصاً .
وفيـه أوّلاً: أنّـه لا معنى لسلوك الأمارة وتطرّق الطريق إلاّ العمل على طبق مؤدّاها ، فإذا أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعـة مثلاً فسلوك هذه الأمارة وتطرّق الطريق ليس إلاّ الإتيان بصلاة الجمعـة ; إذ التصديق الغير العملي لايصدق عليـه السلوك على طبقها ، بل يتوقّف ذلك على جعل العمل مطابقاً لها ، الذي هو عبارة اُخرى عن الإتيان بمؤدّاها . ومن الواضح أنّ التغاير بين المؤدّى والإتيان بـه ليس إلاّ بالاعتبار ; لتغاير بين الإيجاد والوجود . وحينئذ فلم يبق فرق بين الوجـه الثا لث والوجـه الثاني الذي قامت الضرورة والإجماع على خلافـه .
وثانياً: أنّ الأمارات الشرعيـة غا لبها ، بل جميعها أمارات عقلائيـة يعمل بها العقلاء في معاملاتهم وسياساتهم ، ومن الواضح أنّ الأمارات العقلائيـة طرق محضـة ، لا مصلحـة في سلوكها أصلاً ; إذ ليس المقصود بها إلاّ مجرّد الوصول إلى الواقع ، من دون أن يكون في سلوكها مصلحـة ، كما هو واضح لايخفى .
هذا ما يتعلّق با لجواب عن محذور التفويت والإلقاء .

الجواب عن محذور اجتماع المثلين أو الضدّين

وأمّا اجتماع المثلين أو الضدّين أو النقيضين ، فلايخفى أنّـه يمكن توجيهـه بنحو لايرد عليـه ما حقّقناه في مبحث اجتماع الأمر والنهي ، من عدم ثبوت التضادّ بين الأحكام أصلاً ، بأنّـه كيف يجتمع الإرادة الحتميـة من المولى بفعل شيء أو تركـه ، مع جعلـه قول العادل حجّـة ، الراجع إلى الترخيص في الترك أو
  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3: 95 ـ 96.

(الصفحة 421)

ا لفعل ، إذا قام على نفي الوجوب أو الحرمـة .
وبعبارة اُخرى: معنى كون الشيء واجباً في الواقع أنّـه أراد المولى بالإرادة الحتميـة أن يوجده المكلّف في الخارج ، وبعثـه إليـه با لبعث الفعلي ، ومعنى حجّيـة قول العادل جواز تطبيق العمل على طبق إخباره ومتابعـة قولـه ، فإذا أخبر بعدم وجوب ما يكون واجباً في الواقع فمعنى حجّيـة قولـه يرجع إلى كون المكلّف مرخّصاً في تركـه ، وحينئذ فكيف يجتمع البعث الحتمي إلى الفعل والإرادة الحتميـة مع الترخيص في الترك .
ومن هذا التوجيـه يظهر: أنّ أكثر الأجوبـة التي أوردها الأعاظم في كتبهم ممّا لايرتبط بالإشكال ; ضرورة أنّ دعوى عدم كون المقام مشتملاً على حكمين ; لأنّ الحجّيـة غير جعل الحكم ، أو دعوى كون الحكم المجعول هو الحكم الطريقي الغير المنافي للحكم الواقعي ، أو غيرهما من الأجوبـة التي سيأتي التعرّض لبعضها ممّا لايرتبط بالإشكال ; لأنّ بعد تسليم تلك الأجوبـة يبقى الإشكال بحا لـه ، كما لايخفى .
والتحقيق في الجواب أن يقال: إنّـه لا إشكال في كون الأحكام الواقعيـة الفعليـة مجعولـة على جميع المكلّفين ، من دون أن يكون للعلم دخل في فعليتها ; لما عرفت في بعض المباحث السابقـة من أنّ المراد با لحكم الفعلي ليس إلاّ الأحكام التي اُعطيت بيد الإجراء ، وكان المقصود بها أن يأخذها الناس ، ويعملوا بها .
وهذا لا فرق فيـه بين أن يكون المكلّف عا لماً بها أو جاهلاً ، مضافاً إلى أنّ أخذ العلم با لحكم في موضوعـه مستحيل بداهـة .
فالأحكام الفعليـة ثابتـة با لنسبـة إلى جميع المكلّفين ، كما أنّها ثابتـة با لنسبـة إلى القادر والعاجز ، ولا اختصاص لها بخصوص القادر . نعم ، حيث
(الصفحة 422)

يكون الجهل والعجز من الأعذار العقليـة ; لعدم إمكان الانبعاث با لبعث مع الجهل بـه ، أو عدم القدرة على الإتيان با لمبعوث فلا محا لـة لايكون المكلّف معاقباً على المخا لفـة ومذموماً عليها ، وقد حقّقنا في مبحث الترتّب من مباحث الألفاظ أنّ التكليفين باقيان على فعليتهما في صورة التزاحم . غايـة الأمر : أنّ عجز المكلّف صار سبباً لكونـه معذوراً في مخا لفـة أحدهما ; لعدم قدرتـه على امتثا لهما .
نعم ، بينـه وبين المقام فرق ، وهو أنّ مخا لفـة المكلّف في المقام ـ إذا أخطأت الأمارة ـ لا تكون مستندة إلى عذر عقلي ; لأنّـه لو لم تكن الأمارة حجّـة من قبل الشارع لما وقع المكلّف في مخا لفـة الواقع ; لأنّـه كان يعمل بمقتضى الاحتياط الواجب بحكم العقل في موارد العلم الإجما لي . وحينئذ فتكون المخا لفـة مستندة إلى اعتبار الشارع قول العادل ، وأمثا لـه من الأمارات .
وحينئذ فيمكن أن يقال: بمثل ما مرّ في الجواب عن محذور التفويت والإلقاء من أنّ جعل الشارع واعتباره للأمارات يمكن أن يكون بملاحظـة أنّـه لو لم تكن الأمارة حجّـة من قبل الشارع لكان مقتضى حكم العقل وجوب الاحتياط على الناس ، وحينئذ فيلزم الحرج الشديد ، والاختلال العظيم ، الموجب لرغبـة أكثر الناس عن الشريعـة ، وخروجها عن كونها سمحـة سهلـة ، وذلك يوجب انتفاء المصلحـة العظيمـة ; وهي مصلحـة بقاء الشريعـة .
فاعتبار قول العادل الراجع إلى الترخيص فيما لو أدّى على خلاف الواقع ، وقام على نفي وجوب الواجب الواقعي ليس إلاّ لملاحظـة حفظ الشرع الذي يكون ذا مصلحـة عظيمـة ، فيرخّص في ترك صلاة الجمعـة الواجبـة واقعاً القائمـة على نفي وجوبها الأمارة ، لا لعدم كونها ذا مصلحـة ملزمـة ، بل لرفع اليد عن مصلحتها في مقابل المصلحـة التي هي أقوى منها بمراتب .
فوجوب صلاة الجمعـة وإن كان حكماً فعلياً إلاّ أنّ الشارع يرفع اليد عن