جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 502)

احتياج إلى رعايـة العلاقـة والعنايـة ، كما اعترف بذلك في مبحث الاشتغال ; حيث قال : إنّ استعمال الرفع مكان الدفع أو با لعكس إنّما هو بضرب من العنايـة والتجوّز(1) .
والتحقيق في المقام أن يقال: إنّ الرفع في الحديث الشريف قد اُسند إلى نفس الأفعال التي يتعلّق بها التكليف ، ولم يكن مسنداً إلى نفس الحكم ، حتّى يحتاج إلى دعوى كون المراد من الرفع هو الدفع ، فإنّ الرفع قد اُسند إلى نفس الخطأ والنسيان ونظائرهما . نعم ، لا ننكر أنّ هذا الإسناد يحتاج إلى ادعاء أنّـه إذا كانت تلك الاُمور ممّا لايترتّب على فعلها المؤاخذة ، أو أظهر آثارها أو جميعها فكأنّها لاتكون متحقّقـة في صفحـة الوجود .
وبالجملـة: فا لرفع قد استعمل في الحديث بمعناه الحقيقي ، وهي إزا لـة الشيء بعد وجوده ; لأنّـه قد نسب إلى العناوين المتحقّقـة في الخارج ، وهي موجودة ثابتـة ، وإسناد الرفع إليها إنّما هو بأحد الوجوه المحتملـة . هذا ، ولو قلنا بأنّ التقدير هو رفع الأحكام والآثار المترتّبـة على تلك العناوين فيمكن أن يقال بأنّ الرفع حينئذ أيضاً قد استعمل في معناه الحقيقي ، وهو إزا لـة الحكم بعد ثبوتـه ; لأنّ أدلّـة الأحكام شاملـة با لعموم أو الإطلاق صورة الخطأ والنسيان والاضطرار والإكراه والجهل ، فا لرفع إنّما يتعلّق بتلك الأحكام في خصوص تلك الصور ، فهو بمعنى إزا لـة الحكم الثابت بالإرادة الاستعما ليـة في تلك الموارد ، وإن كان بحسب الإرادة الجدّيـة دفعاً حقيقـة .
كما أنّ التخصيص إنّما يكون تخصيصاً با لنسبـة إلى الإرادة الاستعما ليـة الشاملـة لمورد التخصيص . وأمّا با لنظر إلى الإرادة الجدّيـة المقصورة على غيره
  • 1 ـ نفس المصدر 4: 222.

(الصفحة 503)

فيكون في الحقيقـة تخصّصاً ، كما أنّ النسخ إنّما يكون نسخاً باعتبار ظهور الحكم في الاستمرار ، وإلاّ ففي الحقيقـة لايكون نسخاً ; لأنّ مورده إنّما هو ما إذا انتهى أمد الحكم ، وإلاّ فلايجوز ، بل يستحيل .
وبالجملـة: فاستعمال الرفع والتخصيص والنسخ إنّما هو باعتبار شمول الحكم المجعول قاعدة وقانوناً لموارد هذه الاُمور ، وإلاّ ففي الحقيقـة لايكون هنا رفع وتخصيص ونسخ ، بل دفع وتخصّص وانتهاء أمد . فظهر صحّـة استعمال الرفع في المقام على كلا التقديرين ; وهما تقدير إسناده إلى نفس العناوين ، كما هو الظاهر ، وتقدير إسناده إلى الأحكام المترتّبـة عليها ، كما لايخفى .

الأمر الثاني: في متعلّق الرفع

قد عرفت أنّ ظاهر الحديث إنّما هو إسناد الرفع إلى نفس تلك العناوين المذكورة فيـه ، ومن الواضح أنّ ذلك يحتاج إلى تقدير ; صوناً لكلام الحكيم من اللغويـة ; إذ لايمكن الحمل على ظاهره . وحينئذ فنقول : إنّـه قد وقع البحث في تعيين ما هو المقدّر ، فقيل : هي المؤاخذة ، وقيل : هو أظهر الآثار ، وقيل : هو جميع الآثار .
هذا، وذكر المحقّق النائيني ـ على ما في التقريرات ـ أنّـه لا حاجـة إلى التقدير أصلاً ، فإنّ التقدير إنّما يحتاج إليـه إذا توقّف تصحيح الكلام عليـه ، كما إذا كان الكلام إخباراً عن أمر خارجي ، أو كان الرفع رفعاً تكوينياً ، وأمّا إذا كان الرفع رفعاً تشريعياً فا لكلام يصحّ بلا تقدير ، فإنّ الرفع التشريعي كا لنفي التشريعي ليس إخباراً عن أمر واقع ، بل إنشاء الحكم يكون وجوده التشريعي بنفس الرفع
(الصفحة 504)

وا لنفي(1) ، انتهى ملخّصاً .
وأنت خبير بما فيـه، أمّا أوّلاً : فلأنّ ما ذكره من أنّ الرفع في الحديث إنّما هو رفع تشريعي ممنوع ، فإنّ الحديث يتضمّن إخبار النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) عن مرفوعيـة تلك الاُمور في الواقع ; ضرورة أنّ التشريع لايكون إلاّ شأناً لـه ـ تبارك وتعا لى ـ ، والنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكذا الأئمّـة (عليهم السلام) إنّما يخبرون با لحكم الذي شرع في الواقع ، كا لمفتي الذي يفتي بالأحكام . غايـة الأمر أنّهم عا لمون بالأحكام الواقعيـة ، بخلاف المفتي . وبا لجملـة : فا لحديث لايدلّ على الرفع التشريعي أصلاً .
وأمّا ثانياً : فلأنّ الفرق بين الرفع التشريعي وغيره ; من حيث عدم احتياج الأوّل إلى التقدير ، دون الثاني ممّا لايصحّ ، فإنّ كليهما يحتاج إلى تصحيح وادعاء ; لعدم صحّـة إسناده إلى نفس العناوين ، لا تشريعاً ولا تكويناً بلا ادعاء ، كما لايخفى .
والتحقيق أن يقال: إنّ المصحّح لإسناد الرفع إلى نفس العناوين المذكورة في الحديث إنّما هو كونها بلا أثر أصلاً ; لأنّ تقدير أظهر الآثار ، أو خصوص المؤاخذة يحتاج إلى ادعائين : أحدهما ادعاء كون ذلك الأثر بمنزلـة جميع الآثار المترتّبـة على ذلك الشيء ، ثانيهما ادعاء كون الشيء الذي لم يكن لـه أثر أصلاً ، فهو معدوم ومرفوع . وهذا بخلاف كون المراد رفع جميع الآثار ، فإنّـه لايحتاج إلاّ إلى ادعاء واحد . ومنـه يظهر ترجيحـه على الاحتما لين الأوّلين .
هذا ، ويدلّ على أنّ المراد رفع جميع الآثار روايـة صفوان بن يحيى والبزنطي جميعاً عن أبي الحسن(عليه السلام) في الرجل يستحلف على اليمين ، فحلف با لطلاق والعتاق وصدقـة ما يملك ، أيلزمـه ذلك ؟

  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3: 342 ـ 343.

(الصفحة 505)

فقال(عليه السلام) : «لا، قال رسول اللّـه(صلى الله عليه وآله وسلم): رفع عن اُمّتي ما اُكرهوا عليـه وما لايطيقون وما أخطأوا»(1) .
وا لحلف با لطلاق والعتاق والصدقـة وإن كان باطلاً عند الإماميـة في حال الاختيار أيضاً إلاّ أنّ استشهاد الإمام(عليه السلام) على عدم لزومها في صورة الإكراه دليل على عدم اختصاص حديث الرفع برفع خصوص المؤاخذة . هذا ، ويمكن أن يقال بأنّ المقصود من الروايـة : أنّـه إذا اُكره الرجل على الحلف بأن يطلّق أو يعتق أو يصدّق فهل يجب عليـه العمل على مقتضى حلفـه أم لا ؟ وحينئذ فلايكون هذا الحلف باطلاً مع الاختيار ، بل يجب عليـه مع وجود شرائطـه أن يطلّق أو يعتق أو يصدّق .
ويؤيّد كون المقصود من الروايـة هو هذا المعنى التعبير بقولـه «يلزمـه» ، فإنّـه لايناسب كون المراد با لحلف با لطلاق ونظائره هو الحلف بكون امرأتـه مطلّقـة مثلاً ، كما لايخفى .
ثمّ لايذهب عليك: أنّ نسبـة الرفع إلى الاُمور التسعـة المذكورة في الحديث ليس على نسق واحد ; ضرورة أنّ المراد برفع الخطأ والنسيان ليس هو رفع الآثار المترتّبـة على نفس الخطأ والنسيان ; لأنّـه لايعقل ذلك ، كما صرّح بـه الشيخ في «ا لرسا لـة»(2) ، بل المراد با لخطأ والنسيان هو ما أخطأ وما نسي . فالآثار المترتّبـة على الفعل لايترتّب عليـه إذا وقع خطأً أو نسياناً .
وا لسرّ في التعبير عنـه بذلك إنّما هو وضوح أنّ المتفاهم من هذين العنوانين بحسب نظر العرف ليس نفسهما مستقلاّ ، بل من حيث كونهما طريقاً ، وهذا بخلاف
  • 1 ـ المحاسن: 339 / 124، وسائل الشيعـة 23: 226، كتاب الأيمان، الباب 12، الحديث12.
  • 2 ـ فرائد الاُصول 1: 320 ـ 322.

(الصفحة 506)

عنوان الحسد والطيرة ، فإنّـه لايكون طريقاً إلى شيء آخر ، بل المتبادر منـه إنّما هو نفس عنوانـه . ويدلّ على ذلك : التعبير عن الخطأ في الروايـة المتقدّمـة بكلمـة «ما أخطأوا» . هذا ، ويمكن أن يكون الوجـه في التعبير با لخطأ والنسيان في الحديث هو متابعـة الآيـة الشريفـة ; من حيث إنّـه قد عبّر فيها با لنسيان والخطأ .
وبالجملـة: لاينبغي الإشكال في أنّ المراد با لخطأ والنسيان في الحديث ليس ظاهرهما ، بل المراد هو ما أخطأوا وما نسوا ، وحينئذ فيصير مطابقاً لمثل «ما لايعلمون» ونظائره .
ثمّ إنّ ظاهر الحديث هو اختصاص رفع هذه الاُمور بهذه الاُمّـة ، مع أنّ المؤاخذة على الخطأ والنسيان وما لايعلمون وأشباهها مرفوعـة عقلاً ، ولا اختصاص لـه بهذه الاُمّـة ، ولكن هذا الإيراد إنّما يرد بناءً على أن يكون المرفوع هو المؤاخذة ، وقد عرفت أنّ المصحّح لإسناد الرفع إلى الاُمور المذكورة في الحديث إنّما هو كونها مرفوعـة بجميع آثارها . وعلى تقدير أن يكون المرفوع هو خصوص المؤاخذة يمكن أن يقال بمنع استقلال العقل بقبح المؤاخذة على هذه الاُمور بقول مطلق ، فإنّـه لايقبح المؤاخذة على الخطأ والنسيان الصادرين من ترك التحفّظ ، كما لايخفى .
ثمّ إنّ مقتضى كون الحديث امتناناً على العباد ليس إلاّ مجرّد رفع الأحكام والآثار عن تلك الاُمور المذكورة فيما إذا وقعت تلك الاُمور اتفاقاً ، فهو بصدد رفع الكلفـة والمشقّـة على ا لعباد ، وحينئذ فلادلالـة لـه على رفع الحكم فيما إذ أوقع المكلّف نفسـه اختياراً في الاضطرار إلى ترك واجب أو فعل محرّم أو شرب دواء ـ مثلاً ـ اختياراً ، فذهبت منـه القدرة على فعل المأمور بـه وأشباه ذلك ، كما هو واضح جدّاً .