جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 144 )

فإنّه على كلا التقديرين تكون التذكية من الاُمور الوجوديّة بلا إشكال.

وأمّا الميتة، فلا ينبغي الإشكال في أنّ معناها بحسب اللغة هو الحيوان الذي فقد وصف الحياة بعدما كان واجداً له، وهو بهذا المعنى يشمل المذكّى أيضاً.

والظاهر أنّ قوله ـ تعالى ـ : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ى وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ... )(1) ناظر إلى هذا المعنى اللغوي، بناءً على رجوع الاستثناء إلى جميع المذكورات التي منها الميتة ما عدا الدم ولحم الخنزير، كما لعلّه الظاهر من الآية، وقد حكي عن عليّ (عليه السلام) وابن عبّاس(2).

وكيف كان، فلا ينبغي الإشكال في أنّ الميتة بحسب المعنى اللغوي مقابل الحيّ، لا المذكّى، وهذا يدلّنا على أنّ استعمالها في مقابل المذكّى في لسان الروايات إنّما هو لأجل ثبوت الحقيقة الشرعيّة لها، فانظر إلى موثّقة سماعة قال: سألته عن جلود السباع ينتفع بها؟ قال: إذا رميت وسمّيت فانتفع بجلده، وأمّا الميتة فلا(3). حيث جعلت الميتة مقابلة للمذكّى; أي ما رمى وسمّى به.

وبعد ذلك يقع الكلام في أنّ الميتة هل هي عنوان وجوديّ أو عدميّ; وهو غير المذكّى؟ وتظهر الثمرة فيما لو شكّ في شيء أنّه ميتة، أم لا، فعلى تقدير كونها أمراً وجوديّاً لا يثبت باستصحاب عدم التذكية، بناءً على جريانه،


  • (1) سورة المائدة 5: 3.
  • (2) مجمع البيان 3: 261، التفسير الكبير للفخر الرّازي 4: 284.
  • (3) تهذيب الأحكام 9: 79 ح339، وعنه وسائل الشيعة 3: 489، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب49 ح2.

( صفحه 145 )

ولا يترتّب عليه أحكام الميتة، بخلاف ما لو كانت أمراً عدميّاً.

والظاهر أنّ المتبادر من الميتة عند المتشرّعة عنوان وجوديّ، وهو ما مات بسبب غير شرعيّ.

ثمّ إنّه على تقدير كون الميتة أمراً عدميّاً لا مجال لاحتمال كونها مانعة; لأنّ المانعيّة من شؤون وجود المانع وأوصافه.

وأمّا على تقدير كونها أمراً وجوديّاً كما استظهرناه، يقع الكلام في أنّها هل هي مانعة، أو أنّ التذكية شرط، كما اختاره صاحب الجواهر(1)، ولا مجال لاحتمال كلا الأمرين; للزوم اللغويّة ضرورة، والظاهر اختلاف الروايات، فمن بعضها يستفاد المانعيّة، ومن البعض الشرطيّة.

أمّا الأوّل: فكصحيحة محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميّت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ قال: لا، ولو دبغ سبعين مرّة(2).

ومرسلة ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الميتة قال: لا تصلِّ في شيء منه ولا شسع(3).

والشِسع ـ بالكسر ـ ما يشدّ به النعل(4)، وجه الاستفادة: ظهور النهي الوارد فيهما في الإرشاد إلى المانعيّة، كما هو شأن النواهي الغيريّة


  • (1) جواهر الكلام 8 : 83 ـ 84 .
  • (2) تهذيب الأحكام 2: 203 ح794 و 795، الفقيه 1: 160 ح750، وعنهما وسائل الشيعة 3: 501، كتاب الطهارة أبواب النجاسات ب61 ح1، وج4: 343، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب1 ح1.
  • (3) تهذيب الأحكام 2: 203 ح793، وعنه وسائل الشيعة 4: 343، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب1 ح2، وص377 ب14 ح6.
  • (4) لسان العرب 3: 432، مجمع البحرين 2: 950.

( صفحه 146 )

المتعلّقة بالموانع.

وأمّا الثاني: فكموثّقة ابن بكير المعروفة، الواردة في عدم جواز الصلاة في أجزاء ما يحرم أكل لحمه من الحيوانات، المشتمل ذيلها على قوله (عليه السلام) : فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلّ شيء منه جائز إذا علمت انّه ذكّي قد ذكّاه الذبح، إلخ(1).

ورواية عليّ بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبدالله وأبا الحسن (عليهما السلام) عن لباس الفراء والصلاة فيها؟ فقال: لا تصلِّ فيها إلاّ فيما كان منه ذكيّاً. قال قلت: أو ليس الذكي ممّا ذكّي بالحديد؟ قال: بلى إذا كان ممّا يؤكل لحمه، الحديث(2).

فإنّهما ظاهران في شرطيّة التذكية واعتبارها، ولكن ظهور أدلّة المانعيّة فيها أقوى من ظهور أدلّة الشرطيّة فيها; وذلك لاستناد الاُولى إلى النهي الذي له ظهور قويّ في الإرشاد إلى المانعيّة فيما إذا كان غيريّاً. وأمّا الثانية، فليس لها مثل هذا الظهور، خصوصاً مع اشتمال رواية ابن أبي حمزة على النهي أيضاً.

وعليه: فالتعبير بما هو ظاهر في الشرطيّة يحمل على العرضيّة، بلحاظ ما عرفت من أنّ المذكّى والميتة من قبيل ما لا ثالث لهما، كما لا يخفى.

ومنها: أنّ مانعيّة جلد الميتة مثلا هل هي لنجاستها، فتختصّ بما إذا كانت الميتة نجسة، فيجوز الصلاة في ميتة السمك ونحوه ممّا ليس له نفس سائلة، أو لأجل كونها مانعة بعنوانها، فتعمّ ما إذا لم تكن نجسة، كما في المثال


  • (1) تأتي بتمامها في ص175 ـ 176.
  • (2) وسائل الشيعة 4: 348، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب3 ح3، وتأتي بتمامها في ص206.

( صفحه 147 )

المذكور؟ وجهان بل قولان، ظاهر كلام الأصحاب هو الثاني(1)، حيث لم يقيّدوا الميتة المانعة بالنجسة، ولم يتعرّضوا لاستثناء غير ذي النفس.

مضافاً إلى أنّ التعرّض لاعتبار هذا الأمر ـ بعد التعرّض لاعتبار الطهارة في لباس المصلّي ـ ممّا يؤيّد عدم ارتباطه بمسألة الطهارة، وعدم الاختصاص بالميتة النجسة، وعن البهائي ووالده التصريح بالتعميم(2).

وكيف كان، فوجه التعميم ـ مضافاً إلى ما ذكر ـ إطلاق أدلّة المانعيّة، وعدم وقوع التقييد فيها بالنجسة، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بينها، وبين الطاهرة.

وأمّا وجه الفرق، فاُمور:

الأوّل: انصراف الأخبار المانعة(3) عن الصلاة في جلد الميتة عن ميتة غير ذي النفس; لأنّ مورد السؤال في أكثرها هو المصنوع منها، كالجلد والفرو والخفّ ونحوها. ومن المعلوم بحسب الارتكاز أنّ مثل ذلك إنّما يكون مأخوذاً من جلود ذي النفس; لعدم تعارف أخذ اللباس من جلد السمك ونحوه حتّى في زماننا هذا أيضاً.

مضافاً إلى أنّ الظاهر هو كونها مسوقة في مقام الردّ على العامّة القائلين بطهارة جلد الميتة بالدباغ، وجواز الانتفاع به مطلقاً معه، كما يدلّ عليه التعبير بحرمة استعمالها ولو دبغ سبعين مرّة (4) . ومن المعلوم أنّ ما هو


  • (1) مفتاح الكرامة 5: 457، جواهر الكلام 8 : 83 و 104 ـ 105، ويراجع ص142 هنا.
  • (2) الحبل المتين 2: 192 ـ 193.
  • (3 ، 4) تقدّمت في ص145 ـ 146.

( صفحه 148 )

المتعارف فيه الدباغ من الجلود غير جلد الميتة التي لا نفس لها، مع أنّ التعرّض لفرض الدباغ إنّما هو بملاحظة تغيّر الحكم بسببه.

ومن الواضح: أنّ ما يجري فيه احتمال التغيير بالدباغ هي الميتة النجسة بدونه; لأنّ الميتة الطاهرة لا معنى لأن يكون الدباغ مغيّراً لحكمه أصلا.

الثاني: الإجماع المنقول عن المعتبر على ما حكاه المحقّق الثاني(1)، وإن لم يوجد ذلك في المعتبر; لعدم قدحه بعدما كان الناقل مثله، ويمكن أن يكون اشتبه في تعيين الكتاب، ولكنّه لا يشتبه في النقل عن كتاب معتبر وإن لم يكن كتاب المعتبر.

الثالث: دعوى السيرة القطعيّة على الصلاة في نحو القمّل، والبقّ، والبرغوث، كما ادّعاها صاحب الجواهر (قدس سره) (2).

أقول: هذه الوجوه وإن كانت مردودة من جهة منع دعوى الانصراف; لأنّ منشأه كثرة الاستعمال لا كثرة الوجود، فعدم تعارف أخذ اللباس من جلد مثل السمك، لا يصحّح دعوى الانصراف بالإضافة إلى المطلقات على تقدير وجودها.

والإجماع المنقول ـ مع قطع النظر عن عدم ثبوت النسبة ـ لا يكون بحجّة، والصلاة في مثل القمَّل خارجة عن محلّ البحث; لأنّ مورده ميتة غير ذي النفس من الحيوان الذي يقع عليه التذكية وتؤثّر في حلّية لحمها كالسمك، لا الحشرات التي لا تقبل التذكية; لعدم صدق كونها ذات لحم، إلاّ أنّ العمدة


  • (1) جامع المقاصد 2: 77، وكذا حكى عنه أيضاً في ذكرى الشيعة 3: 36.
  • (2) جواهر الكلام 8 : 104.