جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 250 )

المعلوم أنّ أصالة الحلّية لا تجدي في إثبات الحلّية الواقعيّة، كما هو الشأن في غيرها من الاُصول الشرعيّة(1).

فهذا الوجه من التقريب غير تامّ.

الوجه الثاني: ما أفاده المحقّق النائيني (قدس سره) ممّا ملخّصه: أنّ الشرطيّة إنّما تنتزع من تقييد المأمور به بوجود شيء، والمانعيّة منتزعة من تقيّده بعدمه، وكلا التقيّدين يكونان من أجزاء المأمور به، فكما أنّ الصلاة مثلاً لها أجزاء من الأفعال والأقوال المخصوصة، كذلك لها أجزاء هي مجموع التقيّدات; بمعنى أنّ كلّ تقيّد جزء مستقلّ.

غاية الأمر أنّه جزء اعتباريّ، ولكنّه يشترك مع الأجزاء الحقيقيّة في الجهات والأحكام، فكما أنّ الأمر المتعلّق بمثل الصلاة من المركّبات الاعتباريّة ـ مع كونه واحداً حقيقة ـ له أبعاض كثيرة يتعلّق كلّ بعض منه
بجزء من أجزاء متعلّقه، كذلك يتعلّق بعضه بالتقيّد الذي هو جزء للمأمور به على ما عرفت(2)، وحيث إنّه لا وجود للتقيّد إلاّ بوجود القيد، بل هو عينه، فيكون نفس الشرط وعدم المانع معروضاً لذلك البعض.

فظهر أنّ عدم المانع ـ الذي هو محلّ البحث والكلام في هذا المقام ـ يكون كسائر الأجزاء متعلّقاً لبعض الأمر بالكلّ، وحيث إنّ النهي ليس إلاّ طلب الترك، فيكون وجود المانع منهيّاً عنه; لأنّ المفروض كون عدمه متعلقاً للطلب، غاية الأمر أنّ النهي المتعلّق بوجود المانع نهي ضمنيّ لا استقلاليّ،


  • (1) نهاية التقرير 1: 381 ـ 383.
  • (2) في ص234.

( صفحه 251 )

ولكن ذلك لا يقدح في اتّصاف المانع بالحرمة بعد تعلّق النهي به، فاللباس له أفراد: فرد حلال حقيقة; وهو ما علم عدم كونه من أجزاء محرّم الأكل، وفرد حرام حقيقة; وهو ما علم كونه كذلك، وفرد مشكوك يجري فيه قوله (عليه السلام) : «كلّ شيء فيه حلال وحرام...»(1).

ودعوى أنّ الظاهر منه لزوم كون المنع المشكوك حكماً مستقلاًّ ناشئاً عن المبغوضيّة الذاتيّة، فيختصّ اعتبار هذا الأصل بالشبهات التحريميّة النفسيّة، واضحة الفساد; إذ لا دليل على صرف لفظ الحلال والحرام إلى بعض أفرادهما.

ويشهد لذلك ـ أي لعموميّة لفظ «الحلال والحرام»، وعدم اختصاصهما بالنفسيّين ـ الاستعمالات الكثيرة في ألسنة الرواة وأجوبة الأئمـّة (عليهم السلام) :

منها: مكاتبة محمد بن عبد الجبّار قال: كتبت إلى أبي محمّد (عليه السلام) أسأله هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه، أو تكّة حرير محض، أو تكّة من وبر الأرانب؟ فكتب: لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض، وإن كان الوبر ذكيّاً حلّت الصلاة فيه إن شاء الله(2).

ومنها: مرسلة موسى بن أكيل النميري، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الحديد: أنّه حلية أهل النار، والذهب إنّه حلية أهل الجنّة، وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء، فحرّم على الرجال لبسه والصلاة فيه، الحديث(3).


  • (1) تقدم في ص245.
  • (2) تقدّمت في ص181.
  • (3) تهذيب الأحكام 2: 227 ح894 ، وعنه وسائل الشيعة 4: 414، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب3 ح5.

( صفحه 252 )

ومنها: غير ذلك من الروايات الواردة في الموارد الكثيرة(1)، التي يستفاد منها عموم لفظ الحلال والحرام، انتهى(2).

ويرد عليه أوّلاً: أنّ انتزاع المانعيّة من التقيّد بالعدم ممنوع; لأنّ العدم ليس بشيء حتى يمكن تقيّد المأموربه به، بل المانعيّة حكم شرعيّ مجعول مستفاد من دليلها وموضوعها الوجود; لتضادّه مع المأمور به.

وثانياً: أنّ الحكم بتبعّض الأمر وانبساطه، واختصاص كلّ جزء من أجزاء المأمور به ببعضه، أمر لا يساعده العرف والعقلاء، ولعلّ منشأ الالتزام به ملاحظة أنّ الأمر بالكلّ يكفي في الداعويّة إلى الأجزاء من دون افتقار
إلى شيء آخر، مع أنّ الكفاية لا تستلزم التبعّض; فإنّ الداعي إلى الأجزاء كما عرفت هو الأمر المتعلّق بالكلّ بعين داعويّته إليه، ولا يلزم من ذلك أن يكون الأمر داعياً إلى غير متعلّقه; لأنّ الأجزاء هي نفس الكلّ، فالتبعّض ممّا لا يساعده العقلاء، وعلى تقديره، فتوسعة دائرة الانبساط بحيث تشمل الأجزاء الاعتباريّة العقليّة ممنوعة، فتدبّر.

وثالثاً: أنّه على تقدير التبعّض في المقام أيضاً، فالأمر المتعلّق بالتقيّد لا يكاد يسري من متعلّقه إلى غيره، ومجرّد كون وجود التقيّد عين وجود القيد لا يسوّغ التسرية ـ لعدم كون الأمر متعلّقاً بالوجود، بل بالمفهوم والماهيّة والعينيّة في الوجود ـ فضلاً عن الاتّحاد، والملازمة والمقارنة لا توجب سراية الأمر من متعلّقه إلى غيره ممّا هو عينه، أو متّحد معه،


  • (1) تقدّمت في ص244 ـ 245.
  • (2) رسالة الصلاة في المشكوك للمحقّق النائيني: 315 ـ 374.

( صفحه 253 )

أو مقارن أو ملازم له، مع أنّ لازم ذلك كون الشرائط متعلّقة لبعض الأمر النفسي، فلا يبقى مجال للاتّصاف بالوجوب الغيري فيها أيضاً، كما لا يخفى.

ورابعاً: أنّ تعلّق الأمر بالتقيّد بالعدم في باب الموانع لا يستلزم تعلّق النهي بها; لعدم كون حقيقة النهي عبارة عن طلب الترك، بل هي كما عرفت(1)عبارة عن الزجر عن الوجود، كما أنّ معنى الأمر هو البعث إلى إيجاد الفعل المأمور به، وكما أنّ تعلّق بعض الأمر إلى وجود الشرط لا يقتضي تعلّق النهي
بعدمه، كذلك تعلّقه إلى عدم المانع لا يوجب تعلّق النهي بوجوده.

وخامساً: أنّه على تقدير صحّة دعوى تعلّق النهي بالمانع نقول:

إنّ مناط جريان أصالة الحلّية في المقام هو تحقّق عنواني الحلال والحرام، لا ثبوت النهي وعدمه، ولا ملازمة بين تعلّق النهي بالمانع، وثبوت عنوان التحريم بالإضافة إليه.

واستعمال العنوانين في الروايات في الموارد الكثيرة(2) في باب الشروط والموانع وإن كان ممّا لا مجال لإنكاره، إلاّ أنّ كون الوجه فيه هو ثبوت الأمر والنهي التكليفيّين بالنحو الذي أفاده لم يقم عليه دليل; لاحتمال أن يكون الوجه فيه هو كون المراد بالحليّة والحرمة فيها هي الحليّة والحرمة الوضعيّتين، كما عليه يبتني الوجه الثالث من وجوه الاستدلال بأصالة الحلّية على ما يأتي، فلا دلالة لتلك الروايات على ما أفاده (قدس سره) ، وقد تحصّل ممّا ذكرنا أنّ هذا الوجه أيضاً غير تامّ.


  • (1) في ص224 ـ 226.
  • (2) تقدّمت في ص244 ـ 245.

( صفحه 254 )

الوجه الثالث: ما يظهر من المحقّق القمّي (قدس سره) من أنّ المراد من الحليّة والحرمة في قوله (عليه السلام) في رواية ابن سنان: «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال...»(1) ليس خصوص الحلّية والحرمة التكليفيّتين; أي ما يكون مبغوضاً بنفسه لأجل المفسدة الملزمة الباعثة على الزجر عنه لنفسه، أو غير مبغوض كذلك، بل يعمّ الحلّية والحرمة الوضعيّتين; أي ما يكون مبغوضاً; لكونه مانعاً مثلاً عن حصول مطلوب المولى، أو غير مبغوض كذلك.

فكما أنّه إذا تردّد مائع بين كونه خمراً أو ماءً، يكون مقتضى الرواية جواز شربه وعدم وجوب الاجتناب عنه، فكذا إذا تردّد أمر الثوب بين صحّة الصلاة الواقعة فيه; لعدم كونه من أجزاء غير المأكول، وبين بطلانها فيه;
لكونه من أجزائه، يكون مدلول الرواية حليّة الصلاة فيه; لكون الثوب أيضاً شيئاً فيه حلال باعتبار عدم كونه مانعاً عنها، وحرام باعتبار كونه مانعاً، فالصلاة فيه حلال إلى أن تعرف الحرام منه بعينه فتدعها(2).

ونفى البعد عن الاعتماد على هذا الوجه سيّدنا الاُستاذ (قدس سره) مع تتميمه; بأن يقال: إنّ التتبّع والاستقراء في كلمات العرب واستعمالاتهم لفظي الحلال والحرام في النثر والنظم، يقضي بأنّ هذه المادّة ـ أي مادّة «حرم» في ضمن أيّة صيغة كانت ـ يراد منها الممنوعيّة والمحدوديّة الثابتة للشيء بتمام الجهات أو بعضها، كما يظهر بالتدبّر في قولهم: «حرم الرجل» أو «حريم البيت»، أو القرية، أو البلد، أو المسجد الحرام، أو الشهر الحرام، أو محروميّة الرجل في مقابل


  • (1) تقدّمت في ص245.
  • (2) جامع الشتات 2: 776 ـ 777.