جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 156 )

هذه الأعصار ـ لم يكن محلاًّ لحاجتهم وابتلائهم في زمان السؤال، ومنشأ الشكّ لهم إمّا اختلاط أهل الذمّة بالمسلمين في السوق، أو غلبة العامّة في أسواقهم المستحلّين لذبائح أهل الكتاب، والقائلين بطهارة الجلد بالدباغ، أو عدم المبالاة في بعض من القصّابين والبائعين.

وعليه: فهذه الروايات لا إطلاق لها تشمل صورة عدم وجود أمارة شرعيّة على تحقّق التذكية.

وثالثاً: أنّه على تقدير الإطلاق لابدّ من تقييد هذه الروايات بما ورد ممّا يدلّ على أنّ المشكوك إذا اُخذ من سوق المسلمين يجوز التصرّف والصلاة فيه، وهي كثيرة:

منها: صحيحة فضيل، وزرارة، ومحمد بن مسلم أنّهم سألوا أبا جعفر (عليه السلام) عن شراء اللحوم من الأسواق ولا يدرى ما صنع القصّابون؟ فقال: كل إذا كان ذلك في سوق المسلمين، ولا تسأل عنه(1).

والظاهر أنّ المراد من سوق المسلمين هو السوق الذي كان أكثر أهله مسلماً وإن كان منعقداً في بلد الكفر، لا السوق المنعقد في البلد الذي يكون تحت سلطنة الإسلام وحكومة المسلمين ولو كان جميع أهله
أو أكثره مشركاً.

وأيضاً الظاهر أنّ اعتبار السوق إنّما هو بالنسبة إلى من كان مجهول الحال، ولا يعلم أنّه مسلم أو كافر; فإنّه يبنى على إسلامه لمكان غلبة المسلمين فيه،


  • (1) الكافي 6: 337 ح2، الفقيه 3: 211 ح976، تهذيب الأحكام 9: 72 ح306 و 307، وعنها وسائل الشيعة 24: 70، كتاب الصيد والذبائح، أبواب الذبائح ب29 ح1.

( صفحه 157 )

ويكون إسلامه أمارة على وقوع التذكية الشرعيّة على الحيوان، وإلاّ فلو علم بكفر البائع والذابح، أو بكفر الأوّل فقط مع الشكّ في كفر الثاني، فلا يؤثّر في حلّية اللحم المشترى منه كون أكثر أهل السوق مسلماً.

وعليه: فيرجع اعتبار السوق إلى اعتبار يد المسلم، غاية الأمر أنّه لا فرق بين ما إذا اُحرز إسلامه بالقطع، أو بني عليه للغلبة ونحوها.

ومنها: صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الخفاف التي تباع في السوق؟ فقال: اشتر وصلِّ فيها حتى تعلم أنّه ميتة بعينه(1).

والظاهر أنّ السوق إشارة إلى المعهود; وهو سوق المدينة، الذي كان سوق المسلمين.

ومنها: صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبّة فرا لا يدري أذكيّة هي أم غير ذكيّة، أيصلّي فيها؟ فقال: نعم، ليس عليكم المسألة، إنّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: إنّ الخوارج ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم، إنّ الدين أوسع من ذلك(2).

ومنها: صحيحته الاُخرى عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخفّ لا يدري أذكيّ هو أم لا، ما تقول في الصلاة فيه وهو لا يدري، أيصلّي فيه؟ قال: نعم، أنا أشتري الخفّ من السوق ويصنع لي


  • (1) تهذيب الأحكام 2: 234 ح920، الكافي 3: 403 ح28، وعنهما وسائل الشيعة 3: 490، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب50 ح2، وج4: 427، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب38 ح2.
  • (2) تهذيب الأحكام 2: 368 ح1529، الفقيه 1: 167 ح787، وعنهما وسائل الشيعة 3: 491، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب50 ح3، وج4: 456، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب55 ح1.

( صفحه 158 )

واُصلّي فيه، وليس عليكم المسألة(1).

والظاهر اتّحاد الروايتين وإن جعلهما في الوسائل متعدّداً، والاختلاف في بعض الاُمور لا يضرّ بالوحدة.

ومنها: مرسلة الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : اعترض السوق فأشتري خفّاً لا أدري أذكيّ هو أم لا؟ قال: صلِّ فيه. قلت: فالنعل؟ قال: مثل ذلك. قلت: إنّي أضيق من هذا، قال: أترغب عمّا كان أبو الحسن (عليه السلام) يفعله؟!(2).

إذا عرفت ما ورد في السوق من الروايات المتقدّمة، فالكلام فيه يقع من جهات:

الاُولى: أنّه لا إشكال في أنّ المستفاد من روايات السوق أنّ المراد به هو سوق المسلمين بالمعنى الذي ذكرنا، الذي مرجعه إلى أنّ المراد به هو مركز التجمّع للكسب والتجارة، الذي كان أكثر أهله مسلماً.

ويشهد به إضافة السوق إليهم في رواية الفضلاء الثلاثة المتقدّمة الظاهرة في الاختصاص، خصوصاً مع ملاحظة كون مورد السؤال فيها أيضاً ذلك; فإنّ الظاهر أنّ المراد من «الأسواق» فيه هي الأسواق المعهودة الموجودة في المدينة، ومثلها من البلاد الإسلاميّة، ومع ذلك لم يكتف الإمام (عليه السلام) في الجواب


  • (1) تهذيب الأحكام 2: 371 ح1545، قرب الإسناد: 385 ح1357، وعنهما وسائل الشيعة 3: 492، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب50 ح6، وفي بحار الأنوار 80 : 82 ح1.
  • (2) الكافي 3: 404 ح31، تهذيب الأحكام 2: 234 ح921، وعنهما وسائل الشيعة 3: 493، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب50 ح9.

( صفحه 159 )

بهذا الظهور، بل صرّح بإضافة السوق إلى المسلمين وعلّق الحكم بجواز الأكل عليه.

وأمّا إطلاق «السوق» في سائر الروايات أو ترك الاستفصال، فمضافاً إلى ما عرفت من كونه إشارة إلى الأسواق المعهودة، يكون تقييده بسبب رواية الفضلاء متعيّناً، فالمستفاد من المجموع اعتبار سوق المسلمين وقد مرّ معناه.

الثانية: الظاهر أنّ المستفاد من أدلّة اعتبار السوق أنّ السوق بنفسه لا تكون أمارة على التذكية، وكاشفة عن الطهارة والحلّية، بل هو كاشف عن الأمارة الحقيقيّة; وهي يد المسلم، فالسوق أمارة على الأمارة; نظراً إلى أنّ الغالب في أسواق المسلمين إنّما هم المسلمون، وقد جعل الشارع هذه الغلبة معتبرة، وألحق من يشكّ في إسلامه في أسواقهم بالمسلمين، فالسوق إنّما هو كاشف عن كون البائع مسلماً.

وبهذا يظهر ما في كلام بعض(1) من الاكتفاء بمجرّد الأخذ من سوق المسلمين ولو أخذ من يد الكافر، في قبال الأخذ من يد المسلم، كما أنّه يظهر الخلل فيما اختاره في «المستمسك» من أنّ الظاهر منه خصوص ما لو كان البائع مسلماً، وأنّ الداعي لذكر السوق كونه الموضع المعتاد لوقوع المعاملة فيه، لا لخصوصيّة فيه في قبال الدار والصحراء ونحوهما، فالمراد من الشراء من السوق الشراء من المسلم الذي هو أحد التصرّفات الدالّة على التذكية،


  • (1) كتاب الطهارة للإمام الخميني (قدس سره) 4: 247 ـ 248، وفي جواهر الكلام 8 : 90 ذكر بعنوان «التوهّم».

( صفحه 160 )

ولا خصوصيّة له، فهو راجع إلى الاستعمال المناسب للتذكية(1).

وجه الخلل: أنّ مقتضى ما أفاده خروج عنوان السوق عن المدخليّة رأساً، وهو خلاف ظاهر أدلّة اعتباره جدّاً.

الثالثة: أنّه لا فرق في المسلم الذي يؤخذ من يده، ويكون السوق أمارة على إسلامه، بين ما إذا كان عارفاً بالإمامة، أو لم يكن; لأنّه ـ مضافاً إلى كون أكثر المسلمين في تلك الأزمنة غير عارفين، وإلى أنّ الجمع المحلّى باللاّم في المسلمين، الذي اُضيف إليه السوق في رواية الفضلاء(2)، يقتضي العموم لكلّ مسلم على ما هو المشهور(3) ـ يدلّ عليه رواية إسماعيل بن عيسى قال:

سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن جلود الفرا يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل، أيسأل عن زكاته إذا كان البائع مسلماً غير عارف؟ قال: عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك، وإذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه(4).

وعليه: فالحكم باعتبار يد المسلم ليس لكونه أمارة شرعيّة على كون الحيوان مذكّى بالتذكية المعتبرة عند العارف، وذلك لاختلافنا معهم في بعض الاُمور المعتبرة في التذكية، كاجتزائهم في الصيد بإرسال غير الكلب


  • (1) مستمسك العروة الوثقى 5: 302 ـ 303.
  • (2) تقدّمت في ص156.
  • (3) روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان 2: 570، مدارك الأحكام 3: 159 ـ 160، جواهر الكلام 8 : 95، كتاب الصلاة، تقريرات بحث المحقّق النائيني للآملي 1: 132.
  • (4) تهذيب الأحكام 2: 371 ح1544، الفقيه 1: 167 ح788، وعنهما وسائل الشيعة 3: 492، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات ب50 ح7.