جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 201 )

والتحقيق في هذا الباب يقتضي البحث من جهات:

الجهة الاُولى: في أنّ المستفاد من الأدلّة المانعة عن الصلاة في غير المأكول هل هي المانعيّة، أو الشرطيّة، أو هما معاً؟ فنقول:

أمّا ما يستفاد منه المانعيّة فعدّة تعبيرات واقعة في تلك الأدلّة:

منها: التعبير بفساد الصلاة في أجزاء غير المأكول، كما في موثقة ابن بكير، حيث إنّه وقع التعبير فيها في كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله) بقوله: فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكلّ شيء منه فاسد، وفي كلام الإمام (عليه السلام) بقوله: وإن كان غير ذلك ممّا قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كلّ شيء منه فاسدة... (1); فإنّ معنى الفساد يرجع إلى عدم تحقّق المأمور به، وعدم انطباقه على ما أتى به بقصد حصوله، وترتّب الأثر المترقّب منه، فهو أمر عدميّ مستند إلى أمر وجوديّ; وهي ظرفيّة أجزاء غير المأكول للصلاة; ضرورة أنّ الظرفيّة أمر متحقّق.

ومن الواضح: أنّ استناد العدم إلى أمر وجوديّ لا ينطبق إلاّ على المانع; لأنّه هو الذي بوجوده يمنع عن تحقّق المأمور به، فالتعبير بالفساد مستنداً إلى الظرفيّة التي هي أمر وجوديّ لا يجتمع إلاّ مع المانعيّة.

ومنها: التعبير بعدم جواز الصلاة فيه، كما في مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إليه: يسقط على ثوبي الوبر والشعر ممّا لا يؤكل لحمه من غير تقيّة ولا ضرورة، فكتب: لا تجوز الصلاة فيه(2).


  • (1) تقدّمت في ص175 ـ 176.
  • (2) تقدّمت في ص181.

( صفحه 202 )

فإنّ معنى عدم الجواز ـ بعد كون المراد منه هو عدم الجواز وضعاً لا تكليفاً ـ هو عدم الصحّة. ومن الظاهر أنّ المؤثّر فيه هو ثبوت الظرفيّة للصلاة بالإضافة إلى غير المأكول، فالأمر الوجودي صار موجباً للعدم، وهو شأن المانع كما عرفت.

ومنها: التعبير بالنهي عن الصلاة فيه، كما فيما رواه الصدوق بإسناده، عن حماد بن عمرو، وأنس بن محمد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) في وصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) قال: يا عليّ لا تصلِّ في جلد ما لا يشرب لبنه ولا يؤكل لحمه(1).

فإنّ النهي في مثله إنّما هو للإرشاد إلى المانعيّة، كما أنّ الأمر فيه للإرشاد إلى الجزئيّة والشرطيّة، والسرّ أنّ النهي إنّما هو للزجر عن الوجود، وهو لا يجتمع إلاّ مع المانعيّة، والأمر إنّما هو للبعث إلى الإيجاد، وهو لا يلائم إلاّ مع الشرطيّة أو الجزئيّة.

فانقدح ظهور هذه التعبيرات في المانعيّة، كما هو ظاهر المشهور(2) في هذا المقام.

وأمّا ما استند إليه للشرطيّة فروايات، أظهرها روايتان:

إحداهما: موثقة ابن بكير(3) بلحاظ قوله (صلى الله عليه وآله) فيها: «لا تقبل تلك الصلاة


  • (1) الفقيه 4: 265 ح824 ، وعنه وسائل الشيعة 4: 346، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب2 ح6.
  • (2) اُنظر مصباح الفقيه 10: 248، ورسالة الصلاة في المشكوك للمحقّق النائيني: 120، ومستمسك العروة الوثقى 5: 332، والمستند في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 12: 224.
  • (3) تقدّمت في ص175 ـ 176.

( صفحه 203 )

حتّى يصلّي في غيره ممّا أحلّ الله أكله»; لظهوره في إناطة القبول
ـ الذي هو بمعنى الصحّة ـ بوقوع ظرفيّة وجوده، وهي الصلاة فيما أحلَّ الله أكله. ومن المعلوم أنّ تعليق الصحّة على أمر وجوديّ ظاهر في شرطيّة ذلك الأمر الوجودي.

وأظهر منه التعليق الواقع في كلام الإمام (عليه السلام) تفريعاً على كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله) بقوله (عليه السلام) : «فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلّ شيء منه جائز إذا علمت أنّه ذكيّ قد ذكّاه الذبح...»; فإنّ تعليق الجواز المساوق للصحّة على تحقّق الظرفيّة الوجوديّة، ووقوع الصلاة في أجزاء المأكول بصورة القضيّة الشرطيّة ظاهر جدّاً في مدخليّة الشرط في ترتّب الجزاء، وشرطيّة تلك الظرفيّة للجواز والصحّة، كما لا يخفى.

فالموثّقة بلحاظ التعبيرين ظاهرة الدلالة على الشرطيّة.

وقد نوقش في هذا الاستدلال بوجهين:

أحدهما: ما أفاده في المستمسك من أنّ الظاهر من قوله (صلى الله عليه وآله) : «لا تقبل تلك...» أنّه خبر للصلاة بعد خبر، ويكون بياناً لمضمون الخبر الأوّل; أعني قوله (صلى الله عليه وآله) : «فاسدة» بقرينة كون موضوعه اسم الإشارة، الراجع إلى الصلاة فيما لا يؤكل لحمه، فكأنّه قال (صلى الله عليه وآله) : الصلاة فيما لا يؤكل لحمه فاسدة غير مقبولة، وأين هو من الدلالة على الشرطيّة، وإنّما تتمّ الدلالة لو قيل ابتداء: لا تقبل الصلاة إلاّ فيما يؤكل لحمه. وحينئذ يكون الظاهر من قوله (صلى الله عليه وآله) : «حتّى يصلّي في غيره» أنّ الوجه في القبول انتفاء المانع.

وأمّا قول الإمام (عليه السلام) في الذيل: «فإن كان ممّا يؤكل لحمه...» فالظاهر أنّه

( صفحه 204 )

إنّما سيق تمهيداً لبيان اعتبار التذكية وإناطة الجواز بها، فيكون شرطاً لإناطة الجواز بالتذكية، لا شرطاً للجواز كالتذكية، ويكون مقيّداً للإطلاق المستفاد من قوله (صلى الله عليه وآله) : «حتّى يصلّي في غيره»، فهو أجنبيّ عن الدلالة على الشرطيّة(1).

أقول: أمّا ما أفاده بالإضافة إلى الذيل المشتمل على كلام الإمام (عليه السلام) فهو تامّ لا خدشة فيه; لظهوره في أنّه لم يكن غرض الإمام (عليه السلام) مجرّد تكرار كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو توضيحه بأمر لا حاجة إلى التوضيح به، بل غرضه بيان الحكم وتفسير مراد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وأنّ الحكم بالجواز فيما يحلّ له قيد آخر وهو التذكية، والحكم بعدم الجواز فيما لا يحلّ عامّ ثابت لصورة التذكية وعدمها.

فالذيل إنّما هو مسوق لإفادة إناطة الجواز بالتذكية التي لا يستفاد من كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله) ; لإطلاقه، كما أنّه مسوق لإثبات الإطلاق في ناحية غير المأكول.

وأمّا ما أفاده بالإضافة إلى الصدر، فيمكن المناقشة فيه بأنّ جعل الغاية هي الصلاة في غيره، مع التصريح بقوله (صلى الله عليه وآله) : «ممّا أحلّ الله أكله» ظاهر في الشرطيّة; ضرورة أنّه بدونه لم تكن حاجة إلى التصريح بهذا القول، خصوصاً مع كونه موهماً للخلاف. وأمّا كون الموضوع اسم الإشارة، الراجع إلى الصلاة فيما لا يؤكل لحمه، فلا دلالة له على المانعيّة; ضرورة أنّ تلك الصلاة مع وصف كونها واقعة فيما لا يؤكل لا يمكن أن تقع صحيحة، من دون فرق بين المانعيّة والشرطيّة.

فاللاّزم الالتزام بكون مرجع الضمير هي الصلاة التي أراد المكلّف إتيانها


  • (1) مستمسك العروة الوثقى 5: 330 ـ 331.

( صفحه 205 )

في الخارج امتثالاً للأمر المتعلّق بها، وعليه: فلا فرق بين هذا التعبير، وبين التعبير الذي اعترف بدلالته على الشرطيّة، فتدبّر.

ثانيهما: ما أفاده المحقّق النائيني (قدس سره) على ما في تقريرات بحث صلاته; من أنّ قوله (صلى الله عليه وآله) في الموثقة: «لا تقبل تلك الصلاة...» مسوق لبيان حكم تأسيسيّ; وهو عدم الإجزاء إذا وقعت الصلاة في غير المأكول نسياناً أو جهلاً; نظراً إلى أنّ المشهور أفتوا بذلك في النسيان، مع أنّ حديث «لا تعاد»(1) يقتضي الصحّة; وليس لهم دليل ظاهر إلاّ هذا القول في الموثّقة.

ووجه دلالته عليه ـ مضافاً إلى أنّ التأسيس خير من التأكيد ـ : كلمة «تلك» الواقعة فيه; لأنّ الظاهر كونها إشارة إلى الصلاة الواقعة في الخارج في غير المأكول، خصوصاً بقرينة قوله (صلى الله عليه وآله) : «حتّى يصلّي في غيره»; إذ لو لم تكن صلاة في الخارج لما كان للتعبير بالإشارة وجه، ولما كان الحكم بعدم القبول مغيّى بوقوعها في غير المأكول، بل الحكم بعدم القبول أبدي ما لم ينسخ.

فالتعبير بـ «تلك»، وجعل الوقوع في غير المأكول غايةً لعدم القبول، قرينتان على أنّه (عليه السلام) في مقام بيان حكم آخر; وهو عدم إجزاء ما وقع في غير المأكول، فالعموم المستفاد من حديث «لا تعاد» مخصّص بصورة النسيان في المقام(2).

ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ تفسير الرواية بذلك مخالف لما هو ظاهرها ـ : أنّ فرض وقوع الصلاة في أجزاء غير المأكول نسياناً أو جهلاً، إنّما يصحّ


  • (1) تقدّم في ص83 ، 87 ، 104 و 132.
  • (2) كتاب الصلاة، تقريرات بحث المحقّق النائيني للآملي 1: 167 ـ 168.