جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 235 )

مع الوحدة على ما قرّر في محلّه(1)، يعدّ له أبعاض، بل قد يكون بعضه معروضاً لعرض كالحمرة، وبعضه الآخر معروضاً لضدّ ذلك العرض كالصفرة مثلاً فلا منافاة بينهما أصلاً(2).

فانقدح من البحث في المقامين أنّ الأقوى جريان البراءة العقليّة في كليهما، وهل يكفي ذلك في الذهاب إلى جريانها في مسألة اللباس المشكوك، أو أنّه لا يكفي ذلك; لوجود عنوان ثالث في المقام مانع عن التمسّك بالبراءة، وهو الشكّ في المحصّل، كما اختاره سيّدنا الاُستاذ المذكور (قدس سره) ؟ حيث إنّه بعد الحكاية عن الشيخ الأعظم (قدس سره) (3) القول بالبطلان في المقام، مع ذهابه إلى البراءة في المسألتين المذكورتين(4)، وبعد نقل اعتراض بعض من أجلاّء تلامذة الميرزا الشيرازي (قدس سره) عليه(5); بأنّه لا مجال للبطلان مع اختيار البراءة فيهما، قال ما ملخّصه: إنّ ظاهر الأدلّة المانعة عن الصلاة في أجزاء غير المأكول، أنّ المعتبر في الصلاة أن لا تقع في شيء من أجزاء كلّ فرد من أفراد ما لا يؤكل لحمه.

وبعبارة اُخرى: المعتبر هو عدم تحقّق هذه الطبيعة المتوقّف على عدم وجود شيء من أفراده، وينتزع منه مانعيّة كلّ فرد لا بنحو يكون كلّ فرد مانعاً مستقلاًّ حتّى يلازم ذلك كون القيد هو عدمه بنحو الاستقلال، بحيث


  • (1) الشفاء (الالهيّات): 98 ـ 99، الحكمة المتعالية 2: 95 ـ 97، موسوعة كشّاف اصطلحات الفنون والعلوم 2: 1774، كفاية الاُصول: 463، حقائق الاُصول 2: 454.
  • (2) نهاية التقرير 1: 368 ـ 370.
  • (3) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 2: 319 و 352 ـ 353.
  • (4) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 2: 121 ـ 122 و 322 ـ 323، المتقدّمتين في ص220 و 230.
  • (5) فوائد الاُصول 4: 165 ـ 181، رسالة الصلاة في المشكوك للمحقّق النائيني 261 ـ 272.

( صفحه 236 )

كانت هناك قيود متعدّدة حسب تعدّد الوجودات المانعة، بل بمعنى أنّه حيث كان القيد هو عدم تحقّق الطبيعة، فوجودها مانع عنه.

ومن المعلوم أنّ تحقّق الطبيعة إنّما يكون بوجود كلّ فرد منها، فمانعيّة
وبر الأرانب إنّما هي لتحقّق الطبيعة به، وكذا مانعيّة وبر الثعالب
وغيره ممّا لا يؤكل لحمه. وهذا بخلاف عدم الطبيعة; إذ هو ليس شيئاً حتّى يكون له مصاديق وأفراد، بل هو أمر واحد باعتبار من العقل بعد إضافته
إلى طبيعة خاصّة.

ومن الواضح: لزوم إحراز هذا القيد; وهو عدم تحقّق الطبيعة المذكورة، ومع الإتيان بالصلاة في اللباس المشكوك لا يعلم بحصول الشرط، فلا يعلم بتحقّق المشروط، وهذا من دون فرق بين أن نقول برجوع الشرائط
الشرعيّة إلى الشرائط العقليّة، كما اختاره المحقّق الخراساني (قدس سره) ، وبين أن نقول بأنّ الشرطيّة والمانعيّة إنّما تنتزعان من تقييد المأمور به بوجود شيء، أو بعدمه; فإنّه على كلا المذهبين لابدّ من إحراز وجود القيد بعد كونه أمراً واحداً مبيّناً مفهوماً(1).

ويرد عليه ـ مضافاً إلى ما عرفت(2) من أنّ عدم الطبيعة لا يكون إلاّ كوجودها، فكما أنّ وجودات الطبيعة متعدّدة متكثّرة، كذلك أعدام الطبيعة; فإنّها أيضاً متعدّدة، فعدم الطبيعة بعدم زيد يغاير عدمها بعدم عمرو، وهكذا، ولا مانع من اتّصاف الطبيعة في آن واحد بالوجود والعدم معاً، كاتّصافها


  • (1) نهاية التقرير 1: 370 ـ 372.
  • (2) في ص226.

( صفحه 237 )

بالسواد والبياض، وبالطول والقصر، وغيرهما من المتضادّين.

وإلى أنّ التقيّد بالعدم الراجع إلى شرطيّة العدم غير معقول; فإنّ الشرطيّة من الأوصاف الوجوديّة المفتقرة إلى موصوف متحقّق، والعدم ليس بشيء حتّى يتصف بالشرطيّة، ويؤثّر في تأثير السبب والمقتضي ـ :

أنّه على تقدير إمكانه خلاف ظاهر الأدلّة الواردة في الصلاة في أجزاء غير المأكول; فإنّ ظاهرها ـ كما عرفت(1) في بعض الجهات المتقدّمة ـ ثبوت المانعيّة التي هي أيضاً أمر وجوديّ معروضها وجود المانع، ومرجعها إلى كونه حائلاً بين الطبيعة المأمور بها، وبين وجودها، ويمنع عن تحقّقها في الخارج، والتعبيرات التي يستفاد منها المانعيّة، بين ما ظاهره النهي عن الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه، وبين ما ظاهره الحكم بالفساد في الصلاة في أجزائه، وبين ما ظاهره نفي الجواز الظاهر في الحكم الوضعيّ الراجع إلى الفساد.

أمّا ما يدلّ على النهي، فحكمه حكم النواهي الواردة في التكاليف النفسيّة، من جهة جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّة، فكما أنّ قوله: «لا تشرب الخمر» مع كونه حكماً واحداً; وهو الزجر عن وجودات الطبيعة ـ غاية الأمر له إطاعات متعدّدة وعصيانات متكثّرة ـ لا ينافيه جريان البراءة في الشبهة الموضوعيّة; لعدم تماميّة الحجّة المتوقّفة على ثبوت الكبرى والصغرى معاً، وليس المراد من البيان في القاعدة هو خصوص البيان الذي يكون من وظيفة المولى، بل الحجّة المتوقّفة على ما ذكر.


  • (1) في ص201 ـ 202.

( صفحه 238 )

كذلك قوله (عليه السلام) : «لا تصلّ في جلد ما لا يؤكل لحمه»(1) زجر واحد عن وجودات الطبيعة، ويجري فيه جميع ما ذكر، والفرق إنّما هو في النفسيّة والغيريّة، وأنّ الزجر عن وجود الشرب إنّما هو لجهة في نفسه، وعن الصلاة في أجزاء غير المأكول إنّما هو لجهة فيها، كما لا يخفى، فلا فرق في جريان البراءة العقليّة بينهما أصلاً.

وأمّا ما يدلّ على الفساد، فحكمه حكم النهي، بل أظهر; لاحتمال كونه من القضايا الحقيقيّة الموجبة للانحلال إلى التكاليف المتعدّدة حسب تعدّد وجودات الموضوع. وعليه: فيصير جريان البراءة في مورد الشكّ أوضح; لرجوع الشكّ فيه إلى الشكّ في حكم مستقلّ على ما هو المفروض.

ثمّ إنّه على تقدير تسليم كون المانعيّة منتزعة من تقييد المأمور به بعدم شيء، فهل تجري البراءة العقليّة في الشبهات الموضوعيّة للمانع، أم لا؟ صريح المحقّق النائيني (قدس سره) الأوّل، حيث إنّه بعد بيان أنّ قيديّة العدم في المقام تتصوّر على وجوه ثلاثة:

أحدها: أن يكون القيد نعتاً عدميّاً مساوقاً لمحمول المعدولة.

ثانيها: أن يكون من باب سلب المحصّل، لكن بنحو يكون السلب الكلّي بوحدته الشاملة لمجموع وجودات الموضوع قيداً واحداً.

ثالثها: أن يكون من هذا الباب، لكن بنحو يكون منحلاًّ إلى عدم وجود كلّ فرد، وكان القيد آحاد ذلك العدم، قال ـ بعد استظهار الوجه الثالث من الأدلّة الواردة في الباب ـ ما ملخّصه:


  • (1) تقدّم في ص202.

( صفحه 239 )

إنّه أيّ فرق يعقل بين موضوعيّة الخمر لحرمة شربه، وبين موضوعيّة المانع لتقيّد الصلاة بعدم وقوعها فيه؟ فكما تجري البراءة في الأوّل على ما عرفت، لا ينبغي الإشكال في جريانها في الثاني(1).

وأورد عليه سيّدنا الاُستاذ (قدس سره) ـ بعد حمل الوجه الثاني على خلاف ظاهره، والدالّ على أنّ المانع هو مجموع وجودات الموضوع لا كلّ فرد منها، فيستلزم عدم تحقّق المانع في زمان أصلاً، وكذا صحّة الصلاة فيما إذا صلّى في بعض أفراده، وأنّ المراد منه هو كون نفس السلب الكلّي قيداً واحداً ـ بأنّ المستفاد من الأدلّة المانعة أنّ المطلوب للشارع هو عدم وقوع الصلاة في شيء من أجزاء غير المأكول، والعدم أمر واحد عند اعتبار العقل بخلاف الوجود; فإنّ الطبيعة توجد بوجود فرد مّا، ولا تنعدم إلاّ بعدم جميع الأفراد، فالقيد أمر واحد لابدّ من العلم بتحقّقه، وحصول اليقين بوجوده، فلا مجال لجريان البراءة في صورة الشكّ(2).

أقول: قد ذكرنا(3) أنّ الأعدام تتكثّر حسب تكثّر الوجودات، وأنّ كون القيد أمراً واحداً لا يقدح في جريان البراءة العقليّة أصلاً، مضافاً إلى ظهور بعض الروايات(4) في كون الحكم ثابتاً في المقام على نحو القضيّة الحقيقيّة، مع أنّ حمل الوجه الثاني في كلامه (قدس سره) على خلاف ظاهره لا وجه له بعد كونه في


  • (1) رسالة الصلاة في المشكوك للنائيني: 268 ـ 272.
  • (2) نهاية التقرير 1: 373 ـ 374.
  • (3) في ص226 و 236.
  • (4) تقدّمت في ص237.